الصراع الفلسطيني الصهيوني لا يمكن فهمه عبر القصاصات الإخبارية المستعجلة، أو عبر شريط "خبر عاجل" لأن المشكل أعمق من ذلك، ولابد من التسلح بالتاريخ والعودة المتعقلة إلى الدين الحق. لقد استطاع الصهيوني المتطرف "تودور هرتزل" عقد أول مؤتمر صهيوني لبناء الدولة اليهودية ببازل السوسرية سنة 1897 وتم انتخابه رئيسا للمؤتمر وللجمعية اليهودية، كما تم تصميم العلم الصهيوني والنشيد "الوطني". وهذا الحدث يعد منعطفا خطيرا في تاريخ الصراع بين الحق والباطل، وبداية العد التنازلي لقيام دولة"إسرائيل" التي أسسست بالفعل في سنة 1948، إذن فمن أسباب الانتصار معرفة كيف يعمل العدو ويخطط. إن أرض فلسطين بمسجدها الأقصى المبارك تعد مؤشرا على قوة الأمة الإسلامية وضعفها في نفس الوقت، كيف ذلك؟ ببساطة فعندما تكون الأمة في أوج قوتها الفكرية والعلمية وكذا العسكرية تكون جذيرة بتولي حكم فلسطين، أما عندما تكون متخلفة على جميع الأصعدة فلا تستحق حتى الحديث باسمها، واليوم هل تعتقدون أن حكام الدول المسمات "إسلامية" تستطيع تحرير فلسطين من النهر إلى البحر؟ الجواب مع الأسف "لا". لأن الأمة حاليا لا تملك قرارها بيدها، لأنها لا تنتج سلاحها وغذائها. الآن العرب يستجدون الحلول ويتباكون على أعتاب مجلس الأمن والأمم المتحدة، وهذه من صنائع وفخاخ الدول المسمات"عظمى" وهي تعمل على تأبيد سيطرة هذه الدول الاستعمارية على أراضي وخيرات الدول المسلمة. إن من أسباب اعتقال الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي هو تجرؤه على تجاوز الخطوط الحمراء، حيث أعلن عن بداية تصنيع الأسلحة والتوجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي فيما يخص الغذاء. فبعد اتخاذ هذه القرارات الشجاعة أمرت أمريكا بيدقها الجنرال"سوسو" وكان الانقلاب الفضيحة، إننا كمسلمين رغم هذه الصورة القاتمة لا يمكن أن نصاب باليأس، لأن هذا مخالف لدين"لا تقنطوا من رحمة الله.." فالإسلام دين الأمل. لقد استطاع الصليبيون احتلال فلسطين لمدة تقارب 100 عام، ثم دحرهم الناصر صلاح الدين الأيوبي، ففي يوم الجمعة 27 رجب سنة 583 هجرية استسلمت القدس تحت ضربات سيوف الرجال جزاهم الله خيرا عن جهادهم. إذن هل مرور ما يقارب قرن من الاحتلال أحبط عزيمة الفاتحين؟ النتيجة تثبت العكس بل ازدادوا إصرارا على تحرير فلسطين، فكلما فشلت محاولة إلا وأردفَها المجاهدون بأخرى، طبعا مع التخطيط وسد الثغرات إلى أن تمكن الناصر صلاح الدين الأيوبي من دخولها رحمه الله، وهو بالمناسبة ليس بعربي كما هو الآن أردوغان التركي الذي نتمنى أن يكون ملهما للقادة العرب والمسلمين في تحقيق الازدهار الاقتصادي -حرر بلاده من ديون صندوق النقد الدولي- واستطاع إذلال "إسرائيل" في قضية سفينة "مرمرة" كما استطاع الوصول للحكم بإرادة الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع. إن تحرير فلسطين يبدأ من تحرر إرادة الشعوب وتمكنها من اختيار حكامها بكل حرية، فالإسلام المعتدل الذي يقبل تداول الحكم بطريقة ديمقراطية يشكل كابوسا للكيان الصهيوني، لأن ذلك يشكل بداية العد التنازلي لسيطرته على حكام "مرتزقة"، وهو بالمناسبة يفضل حكم العسكر على حكم مدني ديمقراطي، فها هو السبب إذن؟ إن حكم العسكر ديكتاتوري بطبعه يحكم الفرد الذي يسهل إرشاؤه، والحاكم العسكري مزاجي في اتخاذ القرار، لكن الحكم المدني يصعب ترويضه لأنه يمثل الشعب، وهذا يفرض على الحاكم مراجعة الشعب في القرارات الكبرى، هذا مع وجود دستور ومجالس منتخبة مما يعقد الأمور على العدو للاستفراد بالحاكم. الآن يمكن فهم تفضيل الصهاينة استمرار حكم العسكر في تركيا وتأيدهم لحكم الجنرال "سوسو" في مصر، إضافة لدعم الصهاينة للانقلابات والانفصال في دول إفريقية مثل جنوب السودان. إنني أرى عبر هذه الظلمة الحالكة لليل الاحتلال خيوط فجر التحرير، وهذا الربيع الد يموقراطي يشكل البداية فقط. وابالمعطي أش ظهرليك فهذ الصراع؟ أولدي الحيلة أحسن من العار..