ترأس الملك محمد السادس، الجمعة الماضية بالقصر الملكي بالرباط، مجلسا للوزراء، تمت خلاله المصادقة على مشروع قانون يتعلق بالقضاء العسكري، وعلى خمس اتفاقيات دولية. وأعطى الملك خلاله تعليماته لوزير الشؤون الخارجية والتعاون، قصد إنشاء لجنة مشتركة بين القطاع الخاص والحكومة، لتتبع حسن تفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها، وإنجاز المشاريع التنموية والاقتصادية والاجتماعية، التي تم إطلاقها، خلال الجولة التي قام بها لعدد من الدول الإفريقية. وقد لقيت خطوة المصادقة على القانون الخاص بالقضاء العسكري إشادات دولية ووطنية واسعة. وحسب تصريح للناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، فإن قانون القضاء العسكري صودق عليه في بداية المجلس وأنه يهدف إلى ملاءمة التشريع الوطني المتعلق بالقضاء العسكري مع مقتضيات الدستور، ومع المبادئ والمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال، كما أنه يجسد وفاء المغرب بالتزاماته الدستورية والدولية في مجال بناء دولة القانون وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها في كل أبعادها، وذلك بما ينسجم مع روح ومنطوق دستور المملكة، وترسيخ شروط وضمانات المحاكمة العادلة أمام جميع محاكم المملكة. التصريح ذاته، أكد أن المشروع الجديد يتضمن تغييرات عميقة تتوخى الارتقاء بالقضاء العسكري بفصله عن نموذج المحكمة الاستثنائية، وإدراجه ضمن المؤسسات القضائية المختصة، الضامنة للحقوق والحريات، وذلك من حيث الاختصاص والتنظيم والمساطر، وتركيبة الهيآت القضائية بالمحكمة العسكرية. وضمن أقوى مضامين هذا المشروع، حسب كثيرين، ما نص عليه من إخراج الأشخاص المدنيين من اختصاص المحكمة العسكرية، كيفما كانت الجرائم المرتكبة. وهو ما يجعل المغرب في مصاف الدول الديمقراطية الأكثر تقدما في هذا المجال وفق التصريح نفسه. كما ينص المشروع أيضا على استثناء العسكريين من اختصاص هذه المحكمة في حالة ارتكابهم لجرائم الحق العام. خطوة المصادقة على هذا القانون العسكري لقيت إشادات عدة منها تصريح رئيسة الجمعية المغربية للقضاة رشيدة أحفوظ، التي أكدت لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مشروع قانون إصلاح القضاء العسكري "قرار جيد للغاية " ويكرس انخراط المملكة في مسار تعزيز وحماية حقوق الإنسان. من جهته، قال مدير فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب، محمد السكتاوي، إن المصادقة على المشروع تعتبر "خطوة هامة في مجال التأكيد على معايير المحاكمة العادلة". وثمن السكتاوي، في تصريح لقناة البحر الأبيض المتوسط الدولية (ميدي 1) أول أمس السبت، هذه الخطوة، مؤكدا أنه "آن الأوان للعمل بصفة أكبر في مجال تقوية معايير المحاكمة العادلة في المغرب". وقال إن إلغاء متابعة المدنيين أمام المحاكم العسكرية خطوة "انتظرناها طويلا كمدافعين عن حقوق الإنسان ". المنظمة غير الحكومية البريطانية (الحرية للجميع)، من جهتها، أشادت بالمصادقة على المشروع. وأبرزت "تانيا واربيرغ"، رئيسة المنظمة الحقوقية البريطانية، في تصريح ل"ومع" بالقول إن مشروع القانون الذي يستبعد المدنيين من اختصاصات المحكمة العسكرية يشكل "دفعة جديدة" لزيادة تعزيز وترسيخ بناء دولة الحق والقانون. وأضافت الفاعلة الحقوقية ببريطانيا، أن الأمر يتعلق، بكل تأكيد، ب"تقدم ملحوظ وهام" على طريق تعزيز المكتسبات التي راكمتها المملكة في مجال حقوق الإنسان. في نفس منحى الإشادة اعتبر نقيب الهيئة الوطنية للمحامين في موريتانيا أحمد سالم بوحبيني أن عدم متابعة المدنيين أمام القضاء العسكري "يشكل خطوة هامة نحو إلغاء القضاء الاستثنائي " . الإشادة من فرنسا هذه المرة والكلام ل "كريستوف بوتان" أستاذ القانون وعضو الجمعية الفرنسية للنهوض بالحريات الأساسية الذي أكد يوم السبت المنصرم، أن مشروع القانون المتعلق بإصلاح القضاء العسكري الذي تمت المصادقة عليه أمس خلال مجلس الوزراء، يجعل من المغرب نموذجا في المنطقة. وقال بوتان، حسب "ومع"، إن العناصر الهامة لهذا الإصلاح عديدة ومنها أساسا أن متابعة المدنيين من اختصاص المحاكم العادية، وكذا إمكانية استئناف قرارات المحاكم العسكرية. يشار إلى أن أشغال المجلس الوزاري وفقا لتصريح الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، صادق على خمس اتفاقيات دولية مدعومة بقوانين، تتعلق بالتعاون الجمركي، وفي مجال الوظيفة العمومية، وكذا منع الازدواج الضريبي والتهرب الجبائي، فضلا عن إلغاء تأشيرات الدخول لجوازات السفر العادية بين المغرب والغابون