صادق المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في تونس ليلة الاحد بأغلبية ساحقة وبشكل نهائي على الدستور الجديد للبلاد الذي صاغه المجلس المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011. وصوت 200 نائب من أصل 216 نائبا شاركوا في عملية الاقتراع, ب`"نعم" على الدستور المتكون من "توطئة" (ديباجة) و149 فصلا في حين صوت ضده 12 نائبا وامتنع 4 عن التصويت. وفي الاصل فانه في حال لم يصوت ثلثا اعضاء المجلس التاسيسي (145 نائبا من أصل 217) على الدستور في "قراءة أولى", يعرض مجددا بعد شهر على التصويت "في قراءة ثانية". وإن لم يحظ الدستور بألاغلبية ذاتها في "القراءة الثانية" يتم طرحه على استفتاء شعبي. وكان المجلس التاسيسي شرع في التصويت على الدستور "فصلا فصلا" في الثالث من كانون الثاني/يناير الحالي لينتهي من هذه العملية في 23 من الشهر نفسه. ووصف مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التاسيسي التصويت على هذا الدستور بأنه "لحظة تاريخية". وأورد ان كل التونسيين "يجدون انفسهم في الدستور" الجديد للبلاد قائلا انه دستور "يحافظ على المكتسبات (الحداثية التي حققتها البلاد) ويبني أسس دولة مدنية ديمقراطية". وسادت اجواء من التأثر والفرح الكبيرين المجلس التاسيسي بعد المصادقة على الدستور. وتبادل النواب الذين رفعوا اعلام تونس التهاني بمناسبة هذا "الانجاز التاريخي" على حد تعبير مصطفى بن جعفر, ورددوا النشيد الوطني وشعارات مثل "بالروح بالدم نفديك يا تونس" و"أوفياء..أوفياء..لدماء الشهداء" في اشارة الى القتلى الذين سقطوا خلال "الثورة" التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين. والاثنين سيوقع محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية, ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التاسيسي, وعلي العريض رئيس الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية, على الدستور الجديد الذي سيحل محل دستور سنة 1959 الذي تم تعليق العمل به بعد الإطاحة في 14 يناير/ كانون الثاني 2011 بنظام بن علي. وبعد انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 , وقعت أبرز الاحزاب الممثلة في المجلس التاسيسي ومن بينها حركة النهضة الاسلامية الفائزة في الانتخابات وصاحبة اغلبية المقاعد في المجلس (90 مقعدا من إجمالي 217) على التزام بالانتهاء من صياغة الدستور خلال عام واحد من تاريخ الانتخابات. لكن المجلس التاسيسي لم يلتزم بذلك بسبب التجاذبات السياسية بين الاسلاميين والعلمانيين, والازمة السياسية الحادة التي فجرها في 2013 اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي وقتل نحو 20 من عناصر الجيش والامن في هجمات نسبتها وزارة الداخلية الى جماعات "تكفيرية".