احتضنت مدينة أكادير على مدى ثلاثة أيام 27 و28 فبراير وفاتح مارس 2003 أوراش للتشاور بشأن المدينة من خلال المذكرة 21 المحلية التي تهدف بالأساس إلى تحسين الظروف البيئية والسوسيو اقتصادية للفئات المحرومة من السكان بتشخيص ووضع خطط عمل مندمجة للتنمية المستدامة، وتحسين قدرات الفاعلين المحليين مع وضع أنشطة نموذجية في إطار مقاربة تشاركية بين مختلف المتدخلين في هذه العملية التي ترتكز على التشخيص الذي سيسمح بصياغة برنامج عمل على شكل ميثاق حضري للمدينة، وهذا ما تم إقراره والمصادقة عليه بعد نهاية أشغال الأوراش التي حضرها وبشكل مكثف ممثلو هيآت المجتمع المدني والجامعة والمصالح الخارجية ووسائل الإعلام، مع تسجيل حضور باهت جدا لممثلي القطاع الخاص والجماعات المحلية. وقد مكنت هذه المشاورات من الوقوف على تشخيص الوضعية الراهنة للمدينة وجرد الطاقات والإكراهات التي تعاني منه، وكذا مشاريع الأعمال المستقبلية في إطار مؤسساتي مع متابعة لنتائج هذه الأوراش. وهذا تلخيص لأهم بنود الميثاق الحضري لمدينة أكادير الذي تمخض عن الورشات: تشخيص الوضعية الراهنة مكنت هذه التشاورات بشأن المدينة من الوصول إلى أن مدينة أكادير تواجه عددا من المشاكل والاختلالات المرتبطة بتنميتها وبيئتها، لاسيما فيما يتعلق بالإدماج الحضري والاجتماعي للأحياء الأقل تجهيزا والسياحة والتنمية المستدامة وتحسين الخدمات وإطار العيش. وسجل المشاركون أن الهياكل المؤسساتية يمكن أن تعمل بطريقة أنجع من خلال اعتماد منهجية ترتكز على الشراكة وإشراك المجموعات المعنية بشكل خاص بهذه المشاكل، أو المجموعات التي يمكنها المساهمة في حلها، وذلك من أجل خلق الشروط الملائمة لتنسيق أفضل على مستوى اتخاذ القرار وتنفيذ الأعمال. التذكير بأن المذكرة 21 المحلية (وهي مذكرة وضعت وزارة إعداد التراب والبيئة والإسكان والتعمير بتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية) تشكل أداة مبتكرة للتنمية المحلية تعتمد على التشاور والشراكة، وترمي إلى تيسير بروز فضاءات اقتصادية واجتماعية مندمجة وإلى تطوير الديمقراطية المحلية. التذكير بالتزام الفاعلين المحليين ببلورة المذكرة 21 المحلية على مستوى مدينة أكادير بمساهمة كافة القوى الحية، وخاصة الجماعات المحلية ومرافق الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والجامعة ووسائل الإعلام المحلية. وفي إطار هذا المنهجية الجماعية لخدمة المدينة، تم التذكير أيضا بالدور الأساسي للمنتخبين، باعتبار أن الجماعة المحلية تحتل مكانا مركزيا في التدبير الحضري وفي إشكالية المذكرة 12 المحلية. الاعتراف بأهمية تبني ميثاق المدينة من طرف كل الفاعلين المحليين كأداة لتفعيل المذكرة 21 المحلية والتي تهدف إلى تقوية أساليب اتخاذ القرار على أساس المشاركة والشراكة، وذلك من أجل العمل بكيفية جماعية لحل القضايا ذات الأولوية بالمدينة، كما تم التأكيد على أن هذه الثقافة الجديدة للشراكة والمشاركة المحلية ترمي إلى حث كل الأطراف المعنية بالتنمية المحلية على تحمل مسؤولياتها وتشجيع المشاركة الإرادية والمواطنة. الطاقات والإكراهات انطلاقا من المعطيات الواردة في التقرير التشخيصي، والتي تم إغناؤها من طرف المشاركين في الأوراش، اطلع المشاركون على الأنشطة الجارية أو المبرمجة بالنسبة لمدينة أكادير والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر مايلي: عمليات الإسكان والتنمية الحضرية. برامج محاربة السكن غير اللائق. فتح مناطق جديدة للتعمير. دراسات نموذجية للتشخيص الاجتماعي لبعض أحياء سكن الصفيح. مكافحة التلوث بخليج أكادير. دراسة إعادة تأهيل مركز المدينة. عمليات نموذجية لاقتصاد الماء في الوحدات الفندقية. أنشطة المركز الجهوي للسياحة لإنعاش هذا القطاع. دراسة جارية لوضع تصور لاستغلال المطرح البيجماعي الجديد. دراسة إعادة تأهيل موضع المطرح الحالي. وسجل المشاركون الإكراهات والاختلالات التي تعاني منها مدينة أكادير وتدارسوا الموضوعات التالية: الإدماج الحضري والاجتماعي للأحياء الأقل تجهيزا. السياحة والتنمية المستدامة. تحسين الخدمات وإطار العيش. وتجد هذه الموضوعات مرجعيتها في ملخصات الحوارات التي أجريت مع الفاعلين المحليين، حيث مكنت المشاركين من تحليل هذه الإكراهات: أسبابها وآثارها والأهداف والوسائل المحددة للتقليص منها، الأعمال الواجب القيام بها بطريقة تشاورية وجماعية على المدى القصير والمتوسط وكذا الفاعلين المطالبين بإنجازها. مشاريع الأعمال أوصى المشاركون في أوراش التشاور حول مدينة أكادير في نهاية أشغالهم بإدراج الأعمال المقترحة والمضمنة لائحتها على سبيل الاستئناس ضمن إطار للتدخل يعتبر أولوية بالنسبة لكل الأطراف المشاركة التي أقرتها، ولهذا الغرض يتعين على الفاعلين في المدينة القيام بهذه الأعمال في تعاون وثيق بينهم، مع الحرص على تنفيذها بطريقة تشاورية وتوافقية، وهي: أ الإدماج الحضري والاجتماعي للأحياء الأقل تجهيزا: بإنجاز تدخلات ذات أسبقية بالمواقع المعرضة للأخطار والشروع في عملية نموذجية للقضاء على سكن الصفيح وإشراك الفاعلين الخواص في عمليات القضاء على سكن الصفيح وربط الأحياء غير المجهزة بشبكة الماء الشروب وكذا تعزيز التشاور في إطار المخطط المحلي للإسكان والتنمية الحضرية وتبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف الضرائب والرسوم على السكن والتجهيز، وتبسيط مساطر تأسيس التعاونيات السكنية. ب السياحة والتنمية والمستدامة: بإحداث إطار للتفكير والتشاور حول مستقبل السياحة بإشراك كل الفاعلين المحليين وخلق مرصد للسياحة وإنعاش وتنويع منتوج سياحي موجه للطلب الوطني والدولي وكذلك حماية خليج أكادير وغابة أدمين ومسكينة كتراث طبيعي، وترشيد استعمال الماء بالوحدات السياحية، وتنشيط المدينة من خلال التظاهرات الثقافية الموسمية (فضاءات الترفيه والمتاحف والمهرجانات والمؤتمرات والمعارض...)، وتقوية التكوين في ميدان المهن السياحية. ج تحسين الخدمات الحضرية وإطار العيش: بوضع مخطط شامل لتدبير النفايات الصلبة، ومخطط للنقل العمومي والسير، وتقليص مختلف مظاهر التلوث البيئي وتهيئة وتنمية مساحات خضراء ومجالات الترفيه وتقوية خدمات الصحة العمومية وأنظمة الوقاية من الأخطار الطبيعية وتعبئة وإشراك المجتمع المدني في عمليات تحسين إطار العيش. وباعتبار الإشكاليات المدروسة سجل المشاركون أن معالجة القضايا التي تطرحها لا يمكن القيام بها إلا في إطار حيز المجموعة الحضرية لأكادير الكبرى، وعبروا من هذا المنطلق عن رغبتهم في تحقيق مشروع وحدة تدبير المدينة ضمن الإصلاحات المؤسساتية. الإطار المؤسساتي اتفق المشاركون في الأوراش على تشكيل فرق عمل تمثل كل القطاعات حول القضايا الكبرى التي تمت معالجتها خلال التشاور حول المدينة، وأكدوا جدوى وضرورة هذه الهياكل وعبروا عن استعدادهم للتعبئة في هذا الاتجاه. وسيتمثل دور فرق العمل في تعميق تحليل القضايا التي طرحت خلال أوراش التشاور حول المدينة، وكذا وسائل معالجتها، والتعرف على الفاعلين المحليين المعنيين بالقضايا ذات الأولوية وتعبئتهم من أجل إشراكهم ومساهمتهم في تنفيذها، وإعداد استراتيجية للتدخل مع تحديد المحاور ذات الأولوية، وإعداد برنامج عمل مفصل بناءا على جدول محدد بالتشاور مع الفاعلين المعنيين يتضمن تحديد أدوارهم على المستويات المؤسسي التقني والمالي. وقد أجمع كل الشركاء على ضرورة تعبئة الموارد البشرية والتقنية والمالية والمادية داخل مؤسساتهم ومنظماتهم أو أي هيئة قادرة على المساهمة بفعالية في حل المشاكل المطروحة بالمدينة. وسيعملون أيضا على تعبئة الموارد المتوفرة على مستوى البرامج المحلية والوطنية والدولية وذلك من أجل إنجاح مخططات العمل المنبثقة عن فرق العمل السابقة الذكر. آليات المتابعة ستقدم فرق العمل نتائج أشغالها في ورشة تخصص لذلك، وستناقش هذه النتائج ويصادق عليها بحضور الفاعلين المحليين المعنيين مباشرة بالموضوعات المطروحة، وستأخذ هذه العروض بعين الاعتبار مسألة تعبئة الموارد الضرورية وكذا الهيئات التي يمكن أن تساهم في إنجاز هذه الأعمال. وسيكون على فرق العمل وضع آليات للمتابعة والتقويم من شأنها تعبئة مختلف الفاعلين المحليين، ولهذا الغرض ستؤدي فرق العمل دور هياكل للربط بين مختلف الأطراف المنخرطة في عملية المذكرة 21 المحلية. وقد اتفق المشاركون في أوراش التشاور على المصادقة على ميثاق المدينة، وباعتمادهم لهذه الوثيقة يؤكد الفاعلون المحليون إرادتهم في بلورة منهجية المذكرة 21 المحلية كأداة للتنمية المستدامة لصالح مدينة أكادير. خلاصة إذا كانت نتائج هذه الأوراش مهمة للغاية فإن تحقيقها على أرض الواقع يبقى بعيد المنال لعدم وجود ترسانة قانونية لتطبيق بنودها من جهة، وغياب ما يلزم الهيآت المسؤولة والجماعات المحلية بتطبيقها من جهة أخرى، ناهيك بالطبع عن الإمكانيات المحدودة، أضف إلى ذلك مشكل التقطيع الانتخابي المجزئ للنطاق الحضري لأكادير الكبير عوض وحدة المدينة، مما يعني مسبقا أنه في حالة تنزيلها فإن مجال الاستفادة منها لن يتجاوز نطاق أكاديرالمدينة هذا في حال تنزيلها، وما عدا ذلك فهي مجرد أوراش للاستئناس وأرضية ساهمت هيآت المجتمع المدني بشكل فعلي في صياغتها في انتظار موعد التنزيل الذي قد يأتي أو لا يأتي. أحمد الزاهدي