الواقع مرير، والألم كبير... تتملكنا الحيرة، وتلهبنا الغيرة... استبداد وظلم، يقتلان الحلم... مصرنا كسيرة، فما العمل ؟ هل من أمل؟ وعد الله عز وجل المؤمنين بالنصر في آيات كثيرة من كتابه الكريم. ويكفي تدبرنا لإحداها لنوقن يقينا جازما لا يعتريه ريب ولا شك ولا ظن بأن الخير آت لا محالة لهذه الأمة. إذ يقول جل وعلا : {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} [غافر : 51] وإذا تأملنا في السيرة الزكية لخير البرية، صلى الله عليه وسلم، سنتوقف أمام أحداث كثيرة غابت فيها أسباب النصر والتمكين عن أعين الصحابة وأذهانهم. بل إن الله العلي القدير قد نزع تلك الأسباب ليختبر المؤمنين في ثقتهم بربهم ويقينهم بقدرته. فالدعوة المحمدية لم تكن طريقها مفروشة بالورود. فقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش لمحن كثيرة وقاسية. وفي عز الأزمات نزع الله عز وجل أسباب النصر بموت عمه أبي طالب الذي ظل يؤيده ويصد صناديد قريش عن ابن أخيه. ثم توفيت زوجته خديجة أول من آمنت برسالته وكانت تسانده في دعوته. كما تعرض صلى الله عليه وسلم لأشد المحن طيلة مسيرته. من تعرض أهل الطائف له بالطرد رجما. ومن تآمر كفار قريش على قتله. كما عانى الصحابة من أشد أنواع العذاب والأذى من ضرب وتضييق وحصار. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل يحثهم على الأمل ويزرعه في نفوسهم وينهاهم عن القنوط واليأس. وقد روى مسلم عن أبي هريرة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا قال الرجل هلك الناس. فهو أهلكهم". فلنتعظ بكلام الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبسيرته العطرة. ولنملأ قلوبنا بالأمل في صبح قريب وغد مشرق. فالنصر آت لا محالة. والحق ظاهر بإذن الله. والباطل زهوق بمشيئة الله.