ارتفع عدد الشهداء في المظاهرات السلمية التي خرجت في مختلف ميادين وشوارع مصر للتنديد بالانقلاب العسكري وجرائم الطغمة الحاكمة في حق الشعب المصري والمطالبة بعودة الشرعية والديمقراطية، أول أمس، إلى 51 شخصا، في حين جرح المئات في اعتداءات قوات الأمن التي اعتقلت أكثر من 600 متظاهر.. جاء ذلك في إطار «الاحتفال» بذكرى حرب 6 أكتوبر التي انتصرت فيه مصر على الكيان الصهيوني، وسط دعوات للتظاهر مجددا طيلة الأسبوع الجاري. ووفقا لما أكدته «وكالة أنباء الأناضول»، فقد وصل عدد شهداء مجازر «6 أكتوبر» إلى 51 شهيدًا، و268 مصابا وفقا للأرقام الرسمية، كلهم تقريبا من مؤيدي الشرعية والديمقراطية الذين اعتدت عليهم ميليشيات الانقلاب من قوات الجيش والشرطة. فيما أعلنت وزارة الصحة المصرية ارتفاع حصيلة القتلى والمصابين، الذين سقطوا خلال الذكرى ال40 لحرب أكتوبر، لتصل إلى 53 قتيلا و271 مصابا، في جميع المحافظات. وقال خالد الخطيب، رئيس الإدارة المركزية للرعاية العاجلة والحرجة بوزارة الصحة والسكان إن عدد القتلى الذين سقطوا برصاص الشرطة والجيش، أول أمس، «في فعاليات السادس من أكتوبر، وصل إلى 53 والمصابين إلى 271 شخصا». وأوضح فى تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط «أ ش أ» الرسمية أن القتلى ال53، أغلبهم فى محافظتى القاهرةوالجيزة، بالإضافة إلى قتلى في محافظتي المنيا وبني سويف (وسط). رقص على الأشلاء واستخدمت ميليشيات الانقلاب الدموي، الشرطة والجيش، الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المدمع ضد المتظاهرين الرافضين للانقلاب في عدة مناطق بالقاهرة، خاصة ميدان رمسيس والمهندسين والدقي والمنيل، مما أسفر عن سقوط الشهداء والجرحى. وبينما كان مؤيدو وأنصار الشرعية والديمقراطية يرفعون أشلاء أصدقائهم الذين لقوا حتفهم برصاص قاتل في رؤوسهم، وهي الصور التي انتشرت بشكل كبير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كان هناك من يرفع «العلم» المصري على أنغام أغنية «تسلم الأيادي» التي تمجد جنرالات الانقلاب الدموي الذين فرضوها على المدارس ليرددها التلاميذ بديلا عن النشيد الوطني وبعض آخر يرفع صور قائد الانقلاب «عبد الفتاح السيسي» على أنغام الموسيقى مع الرقص والغناء في «ميدان التحرير»، في قلب القاهرة. المشهدان على تباينهما الشديد شهدتهما مناسبة واحدة، وهي الاحتفال اليوم بالذكرى ال40 لحرب أكتوبر 1973 العربية الصهيونية، الذي يعد عيد «النصر» الرئيسي للمصريين، ولكن فصلتهما مسافة تقل عن 2 كيلو متر، حيث كان ميدان «التحرير» على موعد مع مشهد البهجة والرقص، وكان ميدان «الدقي» في منطقة ليست ببعيدة عن التحرير على موعد مع مشهد الدم الأحمر والأشلاء. هذا التضارب بين المشهدين «المأساة والملهاة» هو «أقرب للتراجيديا اليونانية القديمة، وينبىء بوضع كارثي وبائس ويائس»، وفق إبراهيم البيومي غانم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة. وقال غانم في تصريحات لوكالة «الأناضول»: «ما شهدناه اليوم (الأحد) من مأساة في مكان، وملهاة في مكان ليس عنه ببعيد، يضرب في ما نسميه في علم الاجتماع ب»المشترك الاجتماعي» الذي بناه المصريون سويا واحترموه جميعا». ومن بين أهم مبادئ وقيم وأخلاقيات هذا المشترك «التي كانت» هو «التضامن والإحساس بآلام الجيران»، وهو ما تم هدمه اليوم، فكان الرقص والغناء في مكان ليس ببعيد عن القتل ومشهد الدماء، بحسب غانم. وتابع: «لعن الله السياسة، مثلما قال الإمام محمد عبده من أكثر من مائة عام، إذا كانت ستقود لهذا التحطيم المنظم للروابط الاجتماعية بين المصريين». تحقيق دولي وبينما اتهم مصدر في وزارة داخلية حكومة الانقلاب مؤيدي الرئيس الشرعي المختطف محمد مرسي، بارتكاب أعمال عنف، دعا حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها الرئيس «مرسي»، بتحقيق دولي في ضحايا مظاهرات يوم 6 أكتوبر. وحمّل الحزب قادة الانقلاب، وفي مقدمتهم وزيرا الدفاع عبد الفتاح السيسي والداخلية محمد إبراهيم، كامل المسؤولية الجنائية والسياسية المباشرة نحو ما سماها الحزبُ «جرائم العنف والقتل المتعمد» التي ارتكبت بحق المتظاهرين السلميين. وناشد الحزب كل المنظمات الحقوقية في العالم إدانة هذه الجرائم، والسعي لإيقاف إراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء. كما طالب بفتح تحقيق دولي بشأن قتلهم على يد رجال أمن بزي مدني، وقناصة وبلطجية يحظون بحماية رجال الجيش والشرطة، وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، حسبما ورد في البيان. وفي الوقت نفسه، دعا إلى التظاهر الجمعة القادم في «ميدان التحرير» الذي أغلقته سلطات الانقلاب أمام المتظاهرين، وقال إن الميدان «ملك لكل المصريين». وأضاف: «لن يمنعنا أحد عنه مهما كانت التضحيات وسيعلن التحالف نقاط التحرك في اتجاه الميدان لاحقا»، كما دعا أنصاره للتظاهر طيلة الأسبوع. وتهدف المسيرات التي تأتي تحت شعار «القاهرة عاصمة الثورة» لإسقاط ما يصفه منظموها بالانقلاب العسكري للوصول إلى ميدان التحرير الذي كان القلب النابض لثورة 25 يناير 2011، والتظاهر داخله، في حين تحيطه قوات الأمن الميدان بإجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة. وكانت مسيرات مؤيدة للديمقراطية والشرعية قادمة من عدة مناطق بالقاهرة ومحافظة الجيزة المتاخمة لها قد حاولت الوصول إلى محيط ميدان التحرير بوسط العاصمة، حيث تعرض بعضها للمنع والمطاردة من قوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي والخرطوش والقنابل المدمعة بشكل مكثف غطى دخانها سماء القاهرة، مما أدى إلى سقوط ذلك الكم الهائل من الشهداء وإصابة العشرات بحالات اختناق. تنديد وتظاهر من جانبه، دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»، مساء أول أمس، طلاب مصر في جامعاتها ومدارسها إلى التظاهر اليوم الثلاثاء، تنديدا ب «استمرار المجازر ضد المصريين»، كما «دعا جماهير الشعب إلى التظاهر في ميدان التحرير (وسط القاهرة) الجمعة المقبل. وفي بيان له، قال التحالف: «يبدو أن السادس من أكتوبر سيظل دائما يوما يحمل الدلالة على عظمة الشعب المصري.. وقدرته الدائمة على التضحية والبذل من أجل قضاياه العادلة.. فكما قدم في (عام) 73 الشهداء من أجل تحرير تراب الوطن واستعادة كرامته.. فها هو يقدم اليوم شهداءه من أجل استعادة حرية الوطن وكرامة أبنائه». وأضاف التحالف في بيانه، الذي نشره «بوابة الحرية والعدالة»، أن «حشود الشعب المصري خرجت اليوم (الأحذ) لتلبي نداء التحالف والقوى الثورية والوطنية والطلابية والشبابية لتحتفل بذكرى نصر أكتوبر العظيم وتستلهم روحه من جديد في مقاومتها للانقلاب والقهر والظلم والطغيان.. خرجت في أعداد لم يسبق لها مثيل، فقابلتها سلطات الانقلاب بالرصاص يخترق القلوب ويفجر الرؤوس .. في مشهد دموي ألفته واعتادته القلوب القاسية المتحجرة لقادة الانقلاب الدموي الآثم». وتابع البيان أنه: «بات جليا أن هذا الانقلاب، يسعى بكل قوة من أجل تمزيق نسيج هذا الوطن»، حيث ينظم الانقلابيون «الاحتفالات والمهرجانات الاحتفالية لقسم من أبناء الوطن ويدعون فيها للرقص على جثث إخوانهم من بني وطنهم من المعارضين للانقلاب». وشدد «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» على أن «ما حدث إنما جاء ليؤكد أن هذه الثورة لن يرهبها قتل ولا اعتقالات ولا ترهيب ولا ترويع ولا قمع.. وأن كل هذه السياسات الفاشلة للانقلاب إنما تزيد هذه الثورة وأبنائها قوة وصلابة.. وأن الثورة تكسب في كل يوم أرضا جديدة وروحا متوهجة متجددة.. تدل عليها الأعداد المتزايدة.. والتضحيات المتوالية.. دون كلل أو ملل». ورأى أن ما حدث، أول أمس، يؤكد أن «الثورة تسير في طريقها تجمع أطياف شعب مصر باختلافها وتنوعها.. وليس كما يدعي الانقلاب أنها ثورة فصيل واحد بعينه.. بل هي ثورة شعب.. تمضي في طريق لا رجعة فيه.. ولا نهاية له إلا النصر». وطالب «جماهير الشعب المصري إلى استمرار التظاهر طوال الأسبوع تحت شعار، الشعب يستعيد روح أكتوبر، تقديرا للقادة الشرفاء الذين حققوا مع هذا الشعب انتصار أكتوبر، وتنديدا بالقادة الحاليين الذين شوهوا عقيدة الجيش المصري، وأصبح يصوب الرصاص على أهله بدلا من أعدائه».