تعرضت المسيرة الأخيرة التي نظمها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الأحد الماضي لسيل من النقد والاستهجان سواء وسط عموم المواطنين أو وسط الإعلاميين والمثقفين والمفكرين والسياسيين، واستنكرت عدد من الجرائد الوطنية الصادرة يوم الثلاثاء في افتتاحياتها المستوى المتدني الذي ظهرت فيه المسيرة خاصة فيما يتعلق بتوظيف الحمير وطغيان الخطاب المنحط وغير اللائق. الزميلة "الأحداث المغربية" في افتتاحيتها بركن "من صميم الأحداث" في ذات اليوم اعتبرت أن "حشد الناس بمناسبة وبدونها وتلقينهم ما سيقولونه، وأحيانا الاعتماد على فطنتهم وإن غابت من أجل أن يرفعوا الشعارات والتوسل بالحمير والدواب في مشهد مخجل للغاية وترديد عبارات السباب بشكل ساقط في حق الحكومة، لا بل تشبيه رئيسها بحيوان أمور لم يعد لها مكان في المغرب اليوم". و أضافت أن هذه الأمور يجب "أن يحاسب عليها حقا من دعوا لها ومن وقفوا وراءها"، قائلة "ونعتقد هنا جازمين بعيدا عن أي مزايدات سياسوية أن حزبا كبيرا مثل الاستقلال هو في ملكية المغاربة كلهم قبل أن يكون في ملكية شباط، اليوم هو حزب يجب أن يراعي قيمته الاعتبارية بين المغاربة"، مضيفة ويجب أن يستحضر دوما أنه كان قاطرة الاستقلال والتنظيم الذي تحلق حوله الشعب من أجل حريته والمطالبة بها. وتساءلت ذات اليومية كيف تحول "الاستقلال" من حزب كبير إلى حزب يستعين في المظاهرات بالحمير؟، "هذا هو سؤال السياسة المغربية كلها اليوم". من جهتها الزميلة " المساء" اعتبرت هي الأخرى في "مع قهوة الصباح" أن ما حدث في شوارع الرباط الأحد المنصرم، حين استعان شباط ومناصروه بالحمير لإيصال رسائل الاحتجاج إلى حكومة بنكيران، "صفاقة غير مقبولة"، خاصة من حزب له تاريخ وإرث ومواقف وطنية، ولسنا ندري أي رسالة يريد شباط وحواريوه أن يوصلوا إلينا من خلال استقدام حمير بربطات عنق ولافتات فيها كثير من السباب لرئيس الحكومة إلى مسيرة شبيبة الحزب؟ تتساءل اليومية، "وهي مسيرة يفترض أنها مسيرة شعبية محترمة في بلد محترم موجهة إلى حكومة محترمة كانت، إلى وقت قريب، تضم وزراء ينتمون إلى حزب الاستقلال". وأكدت "المساء" أن ما حدث الأحد المنصرم تصرف غير حضاري ورط فيه شباط حزبه "العريق"، مضيفة "ولا نظن زعيم الاستقلاليين إلا مصرا على أن يدق آخر مسمار في نعش مشهد سياسي، يريد له البعض أن يبقى في الحضيض، بدليل إشراك الحمير في معركة الكرامة". توفيق بوعشرين، مدير نشر الزميلة " أخبار اليوم المغربية" أكد في افتتاحية عدد الثلاثاء أنه لو كان رئيس جمعية للرفق بالحيوان لرفع دعوى قضائية ضد شباط، "بتهمة الإساءة إلى الحمير، وجرها في يوم عطلة إلى شوارع محمد الخامس بطريقة بدائية للمشاركة في تظاهرة بئيسة ضد الحكومة...". مضيفا في مقاله المعنون ب" جريمة تسييس الحمير" أن الذي فكر في دعوة الحمير إلى المشاركة في تظاهرة سياسية ضد الحكومة يجب أن يرجع إلى صفوف الدراسة ليتعلم أن الحيوانات لها قيمة كبيرة في الحياة، لا تقل عن قيمة الإنسان، بل إن الحيوانات لم تفرط في شيء من طبيعتها.. مازالت كما خلقها الله، وهذا درس للبشرية جمعاء...". وأبرز بوعشرين أن حجم وشكل التظاهرة فضح البنية التنظيمية الهشة للحزب، وعجزه عن التعبئة والتنظيم، كما فشل قبل ذلك في تبرير خروجه المسرحي من الحكومة بعدما فشل في رمي العار على القصر لدفعه إلى الضغط على بنكيران من أجل إعطاء شباط جزءا من قيادة الحكومة. وأضاف بوعشرين أن "الاستقلال" تائه في عباءة رجل شعبوي مغامر نسي أن حزبه مسؤول عن جزء من المشاكل التي يعيشها المغرب اقتصاديا وسياسيا، فشباط يتجاهل أن حزبه كان في الحكومة لمدة 15 سنة متوالية ولم يحقق شيئا مما كان يروجه من شعارات. الاعلامي يونس دافقير، صحافي بجريدة "الأحداث المغربية"، قال هو الآخر في مقال له بعنوان "سياسة مرفوضة" الاستهجان الذي لقيته «مسيرة» حميد شباط الأحد الماضي بالرباط، وسط قطاع عريض من الرأي العام، يتضمن رسالة واضحة مفادها أن المغاربة قد يستمتعون بالتقشاب وخفة الدم كتوابل للممارسة السياسية، لكنهم يرفضون «التاحيماريت» أسلوبا في السياسة، ويعترضون على تجييش «الطبالة والغياطة» للاعتداء على كرامة الخصوم مهما بلغ مستوى الاختلاف معهم، إنهم باختصار شديد، يريدون ممارسة سياسية حتى إن لم تكن في القمة، فعلى الأقل أن ترتفع عن السقوط في الحضيض. و أضاف دافقير قد يكون الوقت قد حان ليقوم الاستقلاليون بتقييم نوع المعارضة التي يمارسها حميد شباط منذ انتخابه أمينا عاما للحزب، "لأنه وإلى حدود اللحظة على الأقل، مازال كثيرون يميزون بين حزب الاستقلال بتاريخه ورموزه ونضالاته، وبين حميد شباط بشعبويته وخرجاته المثيرة للغثيان وليس فقط الجدل". واعتبر دافقير أن المعارضة بالشكل التي يمارسها حميد شباط اليوم، تشبه أسلوب الميليشيات، وهي بعيدة جدا حسبه عن نوع الممارسة السياسية التي ينشدها المغاربة". من جهته أشار أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس في تصريح لجريدة "هيسبريس" الإلكترونية أن ما حدث يوم الأحد الماضي بالرباط، عندما استقدم أنصار حزب الاستقلال لبعض الحمير للمشاركة في المظاهرة الاحتجاجية ضد الحكومة، "يخالف تماما الأعراف الديمقراطية، ويمس بشكل مباشر بكرامة الأشخاص، ويعبر عن اندحار السياسة بالمغرب". وأوضح مفيد "أن النقد مشروع وواجب، ولكن تشبيه رئيس مؤسسة دستورية، هي الحكومة، بالحمار يعتبر أمرا غير أخلاقي وغير قانوني، ومهينا وحاطا بالكرامة، مهما بلغت درجة الاختلاف مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران". وأضاف مفيد "كيفما كانت الظروف والأحوال يجب أن تتم المعارضة بالطرق المنصوص عليها في الدستور، والمتعارف عليها في الأنظمة الديمقراطية، كما ينبغي أن تمارس بالأسلوب الذي يمكن أن يرجع الثقة في السياسة والسياسيين، لا بالأسلوب الذي يدفع لكره السياسة والسياسيين". هذا وعرفت الشبكة الاجتماعية الفايسبوك بدورها انتقادات واسعة من طرف نشطائها لما وصفوه بالمهزلة التي أقدم عليها شباط، عندما استقدم الحمير للمشاركة في مسيرة ضد الحكومة، وسخر كثير منهم من شباط بإبداعات فنية منها قصيدة تحت عنوان حمار شباط للشاعر الشاب عبد الصمد برنوسي يقول فيها: "إذا الشعب يوما أراد الحوار ...فلا بد أن يستشير الحمار فهذا الزمان زمان الحمير... تساق تباعا ولا تستشار رأيت شباط يحب النهيق ...نهيق الأتان إذا تستثار ومن عجب أن ترى في الرباط ...زعيما يناضل جنب الحمار شباط الزعيم أهان الحمير...وأقحمها في حروب الفجار"