سجلت الأحداث الدرامية في مصر تطورات استثنائية متزامنة، حيث أقدمت سلطات الانقلابيين على تنفيذ مجزرة جديدة في حق معتقلين إسلاميين موازاة مع إعلان محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل حسني مبارك، رمز النظام الذي أسقطه الشعب المصري عقب ثورة 25 يناير 2011 بعد أن برأته النيابة في قضية فساد. واعتبر ملاحظون أن تلك التطورات تؤكد من جهة طبيعة مرامي الانقلابيين ذات الصلة بإسرائيل ودول عربية خادمة للمصالح الأمريكية التي تضع مصالح إسرائيل على رأس أولوياتها، على اعتبار ما يمثله مبارك في هذا الصدد، ومن جهة أخرى ، إصرار الانقلابيين على تقويض مسار ثورة الشعب المصري والإجهاز عليها والعودة إلى مربع الاستبداد والفساد وما رافق وسيرافق ذلك من جرائم خطيرة تتعلق بسفك دماء الأبرياء حرق الجثت وإحراق أماكن العبادة وسحل للمتظاهرين السلميين بدم بارد وعلى الهواء مباشرة، ولم يستبعد هؤلاء الملاحظون أن تمهد مختلف التطو?ات في مصر لعودة مبارك كفاعل أساسي في المشهد السياسي المصري من جديد. وقال خالد الشكراوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح ل«التجديد» إن السراح المحتمل لحسني مبارك يجل الوضع أكثر تعقيدا بمصر، ويعني أن هناك رجوعا قويا لأصدقاء مبارك من الجيش والأمن وهو ما يفسر الكثير من الأحداث التي عرفتها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011. وتابع الأستاذ المتخصص في الدراسات الإفريقية بالقول «إن ما حصل من تطورات أخيرة تؤكد الفشل الذريع للعسكر في الابتعاد عن السياسة والعودة للثكنات ورغبته في التدخل في السياسة كما كان منذ القدم وأيضا ليتحكم في الاقتصاد والسياسة والعلاقات الخارجية». وتابع الشكراوي، أن ما يحدث يعبر أيضا عن تناقضات خطيرة بين المؤسسات السياسية والعسكر بمصر وفشلهما في بناء دولة مدنية ديمقراطية. و نفذ سفاحو الأمن المصري مجزرة بشعة أول أمس بسجن «أبو زعبل» حيت تم تعذيب وقتل 36 من السجناء ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين. وقال حقوقيون مصريون إن المعتقلين الذين قتلوا في سجن «أبو زعبل» تعرضوا للتعذيب والحرق بهدف إخفاء الأدلة، مطالبين بلجنة تحقيق دولية وليست مصرية في ظل غياب منظومة العدالة. وأوضح الحقوقيون خلال مؤتمر لمنظمات مجتمع مدني مصرية أول أمس أن هناك عمليات قتل ممنهج في ظل غياب المحاسبة. وأضافوا أن الأهالي رفضوا استلام الجثث من مشرحة «زينهم» قبل تحقيق دولي، بعد أن أصبحت منظومة العدالة غائبة في ظل سلطة الانقلاب. وبهذه المجزرة الجديدة يكون عدد القتلى في حق الشعب المصري قد تجاوز 6000 قتيل منذ إعلان الثورة المضادة في 30 من شهر يوليوز الماضي في سابقة في تاريخ الإجرام السياسي، وذلك في مجازر بمحافظات مختلفة، أبشعها ماحدث بمجازر منصة رمسيس وما تم يوم فض الاعتصام بكل من ميداني النهضة ورابعة العدوية وكذا المجازر التي تمت في اقتحام المساجد وحرقها بمن فيها، فضلا عن عمليات القنص من السطوح وطائرات «الهيلكوبتر» التي تمت خلال مختلف التظاهرات التي خرجت للتنديد بتقتيل الجيش المصري للمواطنين العزل وأيضا بما تم من فرض لحالة الطوارئ.