مفتي القدس يشيد بدعم المغرب تحت قيادة جلالة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد خروبات ل«التجديد»: الخصوصيات لا تبرر العجز الدعوي -1
نشر في التجديد يوم 12 - 07 - 2013

قال الدكتور محمد خروبات أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش إن الأمور الشرعية مشتركة بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، وثوابت الإسلام هي مشتركة بين الجميع، مضيفا أن تعاليم الدين حاولت أن تصهر جميع الشعوب مهما اختلفت تقاليدها وأعرافها وأنماط عيشها، تصهرها في بوثقة الوحدة بفعل التوحيد، الكل على صفة وعلى صبغة معينة، واستدرك خروبات بقوله «تبقى بعض الخصوصيات، في مجال اختلاف بعض العادات وبعض التقاليد، ولا يجب تبرير العجز الدعوي بالخصوصيات، لأن معرفة الخصوصيات شرط في النجاح، وعلى الداعية أن يعرف الناس وطبائع الناس وأصنافهم».
بداية كيف يمكن أن تقدموا أنفسكم لقراء التجديد؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وبارك وسلم على سيدنا محمد أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
محمد خروبات أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض شعبة الدراسات الإسلامية، فاعل جمعوي سابقا، شغل رئيسا لجمعية السبيل للتربية والثقافة بمراكش، رئيسا لشعبة الدراسات الإسلامية سابقا، عضوا في جمعية إحياء جامعة ابن يوسف، عضو الأمانة العامة لندوة الحديث الشريف بدبي، عضوا بمعهد المصاحف والقراءات بموريتانيا، مشرفا على عدد من الأطروحات في الماستر والدكتوراه والإجازة، ودرس عددا من المواد داخل الشعبة وخارجها وفي مختلف الأسلاك، وكان منسقا لمسلك الدراسات الإسلامية سابقا.
كيف ترون تجربتكم الدعوية؟
الكلام في هذا الموضوع كلام يطول، لأن مجال الدعوة هو مجال مهم وحيوي، العلم بلا دعوة هو كالجسد بلا روح، الدعوة إلى الله هي أمر واجب على كل من لمس في نفسه استعدادا لذلك، وانخراطي في الدعوة كان منذ وقت مبكر أعني بذلك منذ صلتي بالعلوم الشرعية، فالمدخل إلى الدعوة تم من جهة العلم والمعرفة ومن جهة التخصص في العلوم الإسلامية، ثم من جهة اعتلاء منابر الدعوة، ومنابر الدعوة عندي مختلفة أولها الجمعيات التي كنا فيها مثل جمعية السبيل للثقافة، ومنبر تدريس الثقافة الإسلامية عبر المحاضرات والدروس التلقينية والتكوينية، لأني أعتبر أن للعلوم الشرعية دورا كبيرا في تنوير الفهوم وتطوير المعارف، وهذا ميزة تتميز بها الثقافة الإسلامية، وكل من طلب مني شيئا فلا أتردد في ذلك، لأنني اعتبر هذا واجبا سواء في العمل الجمعوي داخل إطار القانون أو على منابر أخرى وبصفة خاصة المنابر التابعة لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، أنا الآن اشتغل بالخطابة في مسجد الرحالي الفاروق، وأعطي دروسا في الوعظ والإرشاد في مسجد القدس، ومشارك في عملية تأطير الأئمة والخطباء، وحاصل على شهادة التكوين من معهد أهل الكهف التابع لوزارة الأوقاف الأردنية ومشارك في تأطير أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج خلال شهر مضان الفضيل. أحسب أن كل ذلك داخل في باب الدعوة إلى الله بما في ذلك تأليف الكتب ونشرها والتي تساهم بشكل واضح في هذا المجال.
 كيف يمكن تكييف الخطاب الدعوي حسب تعدد هذه المنابر؟
الدعوة إلى الله لا تكون بأسلوب واحد، ولا تتم بلغة واحدة ولا بمستوى منهجي واحد، فلابد من مراعاة الظروف والمواقف والحالات، فحينما تكون في خطبة جمعة فلا شك أن الخطاب يكون متزنا ومؤطرا في موضوع واحد وتراعى فيه ظروف البلد وقضايا المجتمع، ومثلا في الخارج تكون هناك دروس تسير حسب حاجة المتلقين، خاصة في قضايا الهوية والاندماج والعمل وغير ذلك، لأنه في بعض الأحيان وعنما تكون في أوربا تكون مضطرا إلى التنازل عن الحديث باللغة العربية الفصحى لأن الكثير من الناس لا يفهمونها، فأنت تنزل إلى اللهجة التي يمكن أن تتواصل بها وفي بعض الأحيان تترجم ذلك إلى اللغة الأجنبية مثل الفرنسية مثلا.
الداعية الناجح هو الذي يتكيف حسب الوقائع وحسب الظروف، وهذا أمر لا بد منه، وعلى الداعية أن يكيف نفسه ليكون داعية ناجحا لكل الناس ولكل الوقائع ويتكيف مع الظروف، لأن طبيعة ما يحمله من علوم ومعارف أنها صالحة لكل الوقائع ولجميع الناس.
تحدثتم عن تكييف الدعوة بظروف البلد، إذن إذا عدنا لمدنية مراكش، نسمع أن لها طابعا خاصا، وأن الخطاب الدعوي يجب أن يساير هذا الطابع الخاص، خصوصا وأن المدينة هي مدينة تاريخية، فهل يكمن أن نسقط كلمة الطابع الخاص على مدينة مراكش، وكيف نتعامل مع الخطاب الدعوي في مراكش؟
الأمور الشرعية مشتركة بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، وثوابت الإسلام هي مشتركة بين الجميع، ولاشك أن تعاليم الدين حاولت أن تصهر جميع الشعوب مهما اختلفت تقاليدها وأعرافها وأنماط عيشها، تصهرها في بوتقة الوحدة بفعل التوحيد، الكل على صفة وعلى صبغة معينة، ولكن تبقى بعض الخصوصيات فقط، في مجال اختلاف بعض العادات وبعض التقاليد، ولا يجب تبرير العجز الدعوي بالخصوصيات، لأن معرفة الخصوصيات شرط في النجاح، وعلى الداعية أن يعرف الناس وطبائع الناس وأصنافهم، معروف عن مدينة مراكش أنها مدينة عتيقة، فهي عاصمة أولى للمغرب، وهي المدينة التي كانت فيها أعرق جامعة في العالم وهي جامعة ابن يوسف والتي كانت تجمع بين شنقيط موريتانيا وبين المغرب وبين الأندلس، ودرس فيها ابن طفيل وابن رشد، وجاء العلماء من الأندلس، وأثرها على المدينة لا ينكر، كان لهذه الجامعة انعكاس إيجابي حتى أصبحت مدينة محافظة، وبالقياس نتكلم على فاس أيضا، فهي مدينة عريقة ومدينة العلم والمعرفة، المطبوعة بطابع أعرق جامعة، وهي جامعة القرويين. ولذلك، هذا الجانب الموجود في مدينة مراكش من الأصالة، يعني مدينة أصيلة، وأهلها المراكشيون الأصلاء هؤلاء محافظون بطبعهم، يعني أن المبادئ الإسلامية والقيم التربوية موجودة فيهم تربية وخلقا وسلوكا، وليسوا محتاجين أن يدرسوها في الجامعة، فهي فيهم في التربية وتلقوها في البيوت، ولذلك فهؤلاء يحتاجون إلى تعميق هذه المعرفة وتطعيمها بالجانب النظري ولا سيما مبادئ العلوم، ويتوافد أبناء الأسر من مراكش والضواحي والنواحي على شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب وكلية اللغة العربية التابعة للقرويين، يأتي هؤلاء بأرضية لا بأس بها من الأخلاق والقيم وحفظ المتون والنصوص، لذلك تجد أن مستواك يجب أن يصعد شيئا ما، فتجد أن طلبة الدراسات الإسلامية بمراكش متميزون من هذه الناحية، فهذه الأصالة ساعدتنا كثيرا.
نحن بحمد الله، لنا فئة كبيرة من الطلاب يواكبون، ولما تدخل الجامعة وترى وثيرة الثقافة، تجد أنهم يبذلون جهدا أكبر بفعل المحاكاة والتقليد، ونحن نتكلم عن التقليد، فالطالب يتأثر بأخيه، والطالبة تتأثر بأختها، فإذا كان المجال العام يتجه إلى قصد معين، فالكل يتجه إلى ذلك القصد، ولا تكون هناك شروط، وهذا لامسناه في طلابنا هنا في هذه المدينة.
ولهذا نقول إن العطاء في مجال الدعوة في مراكش، يجب أن يكون عميقا أكثر، وصحيح أن مراكش لم تبق تلك المدينة المحافظة على تقاليدها وأعرافها، ونعرف جميعا أنها أصبحت مدينة سياحية، وأن ظاهرة السياحة أثرت فيها سلبا، وهي تسعى أن تؤثر فيها أكثر، ولكن نقول يجب أن تواكب عملية الدعوة إلى الله هذه التحديات، فإذا كانت السياحة مفروضة على البلد، ولا يمكن أن تسد الأبواب، والعالم كما يقولون أصبح قرية صغيرة، فكل قرية وكل مدينة في العالم إلا وهي قبلة للسياح، فنقول إن هذه السياحة هي الأخرى يجب أن تدخل في باب الدعوة، يجب أن نفكر في الدعوة السياحية أو شيء من هذا، وكيف نكيف الدعوة مع هذا المجال، لماذا لا نضع معاهد سياحية متزنة، ولماذا لا نلجها بدون حرج لنعطي فيها دروسا ومواعظ وتوجيهات.
كثير من الذين يقودون أو يوجهون السياح، لا يرشدونهم ولا يعلمونهم، فكيف سيؤثرون في السائح، الذي يجب أن يتعلم ويأخذ فكرة عن البلد وعن مدينة مراكش، مراكش ليست مدينة الجبال والسهول والعمران فحسب بل هي مدينة الإنسان، مدينة الحضارة، مدينة القيم، مدينة التقاليد العريقة وهذه الأمور غائبة للأسف الشديد لا تعلم ولا تلقن، وهناك في الكلية ماسترات ومجموعات بحث ودكتوراه في السياحة، يعني يجب أن نفكر كيف يمكن أن نرشد هاته السياحة حتى ترفع منارة هذا البلد، حتى إذا جاء السائح إلى مراكش يتأثر، ولله الحمد نجد الكثير من السياح يدخلون للإسلام، ويأتون سياحا ويرجعون مسلمين، وأذكر أنه نطق بالشهادة رجلان هنا بمراكش، وهو شيء إيجابي ونريد أن نطوره إلى ما هو أفضل وما أحسن.
بخصوص أناس مراكش، ما هي أبرز السمات التي تميز سكان مراكش دعويا وأخلاقيا يمكن تقويتها وتعميقها ونعمل عليها أكثر؟
في مجال استثمار ما في مراكش، فيجب أن نستثمر هذه الأصالة الموجودة في مراكش، للعراقة فائدة كبيرة جدا، لحفظ القرآن ومعرفة السنة بأسبابها العلمية دور كبير في هداية الإنسان وتوجيهه، في ترسيخ القيم، في تحفيظ كتاب الله سبحانه وتعالى للناس، وللتلاميذ والطلاب وحتى الكبار، وهذا شيء يجب أن نستثمره.
أيضا ما تقوم به وزارة الأوقاف في مجال الوعظ والإرشاد في المساجد، ويؤسفني حقيقة، وأنا أشتغل بالوعظ والإرشاد أن المساجد لا تمتلئ، فتجد صفوفا قليلة من الناس، ولا أدري هل هناك عزوف، أن الناس فهموا الدين حتى النخاع، وهذا أمر لا أجزم به ولكن ملهاة الناس وانصرافهم إلى مشاغلهم تجعلهم لا يواظبون، لكن الداعية عليه أن يفعل ما عليه،
وهاته القنوات الفضائية وهي كثيرة جدا لا أعلم كيف يستثمرها الناس في حياتهم، ويجب أن ننبه الناس إلى القنوات الجادة التي تعلم، فمن فاته الدرس في المسجد يجب أن يسمعه في قناة من القنوات، وقناة محمد السادس للقرآن الكريم فيها دروس طيبة، وإذاعة القرآن الكريم كذلك، وهي أمور كثيرة يجب أن نستثمرها نحن، ويجب على الداعية أن يعرف أنه حلقة من هاته الحلقات، فدوره مكمل، ويجب أن يتعاون مع غيره، فالدعوة ورش كبير. ويجب أن يعرف أن الدعوة ليست طريقا واحدة ولا هي جهة واحدة، بل هي جهات وجبهات، كل ينطلق فيها من موقعه، من يعلم القرآن جزاه الله خيرا، ومن يعلم السنة جزاه الله خيرا، من يعلم العلوم الإسلامية والمناهج جزاه الله خيرا، ومن يعلم العربية جزاه الله خيرا، ونحن نبحث عن الإنسان المتكامل ولا أقول الإنسان الكامل، بل المتكامل الذي يعطي، ولله الحمد بزغ في مراكش طلبة باحثون مجدون، نحن نعتز بهم، وأمامي أسماء لامعة كثيرة، وهم الآن يشتغلون في وظائف، وهذا الدين ببركته والدعوة إلى الله ببركتها، ولله الحمد والشكر.
 في مجال التدريس في الإطار الدعوي، هناك من يقول إن التعلم بالقدوة أو الخطاب الدعوي بالقدوة يكون أكثر أهمية للمجال الدعوي من التدريس، هل تقومون به في إطار عملكم؟
نعم يا أخي، قضية القدوة هي أمر مهم، وهي سمة الإسلام، فقدوتنا في دين الله هو الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما قبض الرسول بقي الصحابة قدوة للتابعين، وجاء الصالحون من التابعين فكانوا قدوة لأتباعهم، القدوة والأسوة لا تتوقف، فلابد منها ولابد للداعية أن يكون قدوة يحتذى به. لماذا، لأنه إذا كانت أمور الثقافة العامة خاصة في مجال العلوم الإنسانية، سواءً في الفلسفة أو التاريخ أو علم الاجتماع والجغرافيا واللغات الحية.. لا يشترط فيها القدوة إلا لماما فالقدوة في الثقافة الإسلامية أمر أساسي، لأن الداعية حينما يجلس ليعطي العلم يجب أن يكون في مستوى ما يعطي، وأن ينتفع بما يقول، وهؤلاء طلاب، وتطبيقك لما تقول هو نصف نجاحك بالنسبة للطلاب، ولذلك فما يفتش عنه الناس اليوم هو القدوة والأسوة، وثقافتنا الإسلامية كلها سلوك وتربية عملية وليست تنظيرا مجردا.. الثقافة الإسلامية كلها مرتبطة بالسلوك ومرتبطة بالعمل وبالتطبيق، والذي لا يطبق مشروعه في الحياة فاشل، وهذا يجب حقيقة أن نؤكد عليه ، الله سبحانه وتعالى يقول : (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم).
بالنسبة للوسائل الدعوية الحديثة، تكلمت عن القنوات الفضائية، ولكن هناك كذلك وسائل دعوية أخرى، كالأنترنيت الذي أصبح عند الشباب بديهيا، والإطلاع على القنوات وما يريد، فكيف للداعية أن يكيف حديثه مع الوسائل الحديثة، فكيف يمكن أن يتعامل مع الوسائل الحديثة لتصل الدعوة إلى أكبر شريحة من الشعب خصوصا الشباب؟
والله هذا السؤال مهم جدا، واستغلال الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله أمر مفروض، لم يعد الإنسان الآن إذا أراد أن يقرأ القرآن مثلا يقرؤه في المصحف، يمكن أن يقرأه على الشاشة عبر المصحف الالكتروني وهو موجود، والدروس التي تنشر على الأنترنيت هي نعمة من الله، يجب أن نشكره عليها.
كم من شيء جديد أصبح مفيدا، هذه الشبكة على علاتها، فيها خير كثير جدا، فيمكن للإنسان أن يحمل 2000 كتاب في قرص وفي مفتاح، وكأنه حامل مكتبة. السلف كانوا يحملون الكتب على الدواب وكان ذلك شاقا عليهم، ونحن الآن نحمل آلاف الكتب في الأقراص، ويمكن أن نضيف عقلا إضافيا احتياطيا، ولكن أين الفائدة؟
لعل انشغالات الإنسان، ومزاحمات الزمن، والإنسان أصبح مفتونا، والإنسان أصبح مفتونا في الرزق وبالفتن العامة، والابتلاءات، والأمراض والمشاكل النفسية، فهاته الأمور تجاذبت الإنسان المسلم من كل جهة، ولم تتركه يشعر بتلك الراحة وذلك الاطمئنان النفسي الذي يخول له إذا قرأ صفحة يستفيد منها، فالآن تجد الإنسان يفتح الكتاب ويقرأ ويقرأ ولا يفهم، فالعقل مشغول، فكيف نزيل ذلك الانشغال في العقل وكيف نوفر للإنسان الراحة النفسية ليدرس ويقرأ، لذلك تجد الكثير منهم يحن إلى الأمور السهلة والميسرة، يشاهد ويسمع، أو يسمع فقط ولا يقرأ، فمن تجده الآن يحمل كتابا يقرؤه ؟
فظاهرة عدم القراءة أصبحت منتشرة في العالم الإسلامي، وأخطر شيء يهدد الأمة الآن هو «عدم القراءة»، وإذا كتب له أن يقرأ لا يفهم، وإذا فهم لا يعمل، والناس منقسمون على هذه الحالات.
الخطر الذي يأتي في المقدمة هو عدم القراءة، فمن تجده الآن يقرأ كتابا في ثلاثة شهور؟ اسأل طلاب العلم ستجدهم لا يقرؤون، وأول كتاب يجب أن يقرأ هو كتاب الله عز وجل ويجب المواظبة على قراءته، وما صح من المأثورات على الرسول صلى الله عليه وسلم بحسب الموضوعات والقضايا، لكن كتابا علميا في جزئية من الجزئيات ما بقي أحد يقرؤه، ولذلك تجد الناس تميل إلى السماع، وهذا أنتج على مر الأيام جيلا لا أدري كيف أصفه، جيل يجب أن تأتيه الفائدة بغير الطريقة التي تأتي بها...
أنت الآن يمكنك أن تقوم بمعادلة بسيطة جدا أو باستفسار لأي طالب، وتسأله هل قرأت البخاري كاملا، أو كم كتاب قرأت في العام، يمكن أن تسأل هذا السؤال فتحصل على نتائج مخيفة، كيف وأن الدروس تقطع، كيف وأن الطالب يتكلم معك لتنقص له من الدروس لأنه لا يحب أن يقرأ ولا يحب أن يطالع، ويشكو من الكثرة وهي قليلة.
ولذلك نقول إن الانسان يجب أن يتعود على القراءة والمطالعة، فنحن أمة «اقرأ»، وأول كلمة نزلت من السماء هي «اقرأ» بصيغة الأمر، وكان أول ما خلق الله تعالى هو «القلم» ، وقد أقسم الله به إجلالا لمكانته (ن ، والقلم وما يسطرون ) ، والحكمة من نزول القرآن على نبي أمي حتى لا يتذرع أحد بأميته، فميزة هذا الدين هو محاربة الأمية، وأول شيء قرأه الناس هو القرآن، وقد رأيت بعيني في بعض البلاد الإسلامية غير العربية أن المؤسسات تخصص ساعات في الأسبوع للقراءة، فعندما تصل تلك الساعة الكل يقرأ، تبدأ بالمدير وتنتهي بحارس المؤسسة، الكل يحمل الكتاب ويقرأ، هذه العملية التربوية تجعل الإنسان يستأنس بالقراءة ويعود نفسه عليها، ويستأنس بها فتصبح بعد ذلك عادة مترسخة حتى إذا لم يقرأ يحس أن شيئا ما ينقصه، فكيف نعيد هذا الأمر للطلبة والباحثين وللناس؟ هذا أمر نرجو أن يترسخ في النفوس ليصبح عادة مستحكمة، وتسود في المؤسسات، عبر إرغام التلاميذ والطلبة على القراءة، وأنا أقول «الإرغام»، وإلا سنحصل في المستقبل القريب على أجيال فارغة، ونحن ندرك جيدا أن الثقافة الإسلامية ثقافة نصوص، وليست ثقافة مشاهدة أو تسلية، بل ثقافة نصوص فيها : قال الله وقال الرسول، ونصوص يجب أن تحفظ، ويجب أن تكون في الصدور كما هي في السطور، وهي عادة يجب أن نتعود عليها ونعود أجيالنا عليها، ومن يحفظ كتاب الله والسنن يمكن أن يحفظ أشياء أخرى كثيرة، وهي عون له على الحفاظ على سلامة لغته، وعلى أصولها وعلى قواعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.