يرى إبراهيم الحمداوي أن المشكلة في مجتمعنا أننا لا نعمل على تربية أجيال مستقلة قادرة على الإبداع قادرة على الابتكار. ويؤكد البشير أصواب أنه إذا لم تبدع وإذا لم تفكر فستصل متأخرا لأن التاريخ والزمن غير متوقف، فيما يحث الحسين الموس على المسارعة إلى أعمال الخير والدعوة والنفع للأمة. فما هي روح المبادرة؟ وكيف السبيل إلى حفز الفعالية الاجتماعية في روح المجتمع؟ وما هي الأسباب التي تخلد الإنسان إلى الأرض؟ هذا ما ستحاول هذه النافذة من جريدة «التجديد» الإجابة عنه مع نخبة من الأساتذة والباحثين. معنى المبادرة يقول البشير أصواب أستاذ التربية الإسلامية، بأن المبادرة بصفة عامة في الفكر الإنساني وفي الفكر الإسلامي استنادا إلى نصوص الوحي تعني المسابقة والمسارعة والاجتهاد، مشيرا إلى أن الإنسان في أي شيء وأي فعل لابد أن يكون مبادرا مقتحما غير منتظر وأن يكون مسارعا. مضيفا في تصريح ل»التجديد» بأنه لا يمكن الحديث عن فاعل اجتماعي مؤثر في محيطه إلا إذا كان مبادرا لأنه إذا غاب فعل المبادرة والمسارعة فلا يمكن الحديث إلا عن تأخر مقارنة بفعالين آخرين. ويؤكد الداعية الحسين الموس، بأن «المسارعة» وردت في القرآن صريحة بألفاظ مختلفة من قبيل سارعوا، ويسارعون، ونسارع، كما وردت بمرادفتها سابقوا، يسابقون، فاستبقوا، ووردت بألفاظ تحتمل معنى المسارعة، موضحا في تصريح ل»التجديد» بأن ابن عطية في «المحرر الوجيز» يقول: «المسارعة المبادرة وهي مفاعلة، إذ الناس كأن كل واحد يسرع ليصل قبل غيره، فبينهم في ذلك مفاعلة». ليخلص الموس قائلا: «فهي إذن المبادرة إلى الطاعات والسبق إليها والاستعجال في أدائها وعدم الإبطاء فيها أو تأخيرها. عوائق المبادرة وروح الفعالية يرى إبراهيم الحمداوي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، بأن المشكلة في مجتمعنا أننا لا نعمل على تربية أجيال مستقلة قادرة على الإبداع قادرة على الابتكار بقدر ما ننمط ونعطي مواقف جاهزة. مضيفا في تصريح ل«التجديد» بأن الإبداع غائب في الأسرة غائب في المدرسة وغائب في الإعلام وغائب في الشارع، مضيفا بأن كل من حاول أن يستقل برأيه يواجه بوصم من الثقافة الشعبية «خالف تعرف» وكأن قدرنا يحتم علينا أن نتخندق جميعا في نفس الخندق وأن نتخذ نفس المواقف هذه إذن مسألة تربية ومسألة تنشئة اجتماعية. مؤكدا على أن الفرد يجب أن تكون عنده القدرة لكي يتموقع وأن يتخذ المبادرة التي يراها لصالحه. موضحا بأن الثقافة الاجتماعية السائدة تتدخل في تكوين شخصية الفرد وبالتالي هي التي تحدد كيف يجب أن يسلك لأنه يتوقع ردود فعل معينة من المجتمع، قائلا: لهذا ينبغي أن نغير من ثقافتنا وأن نغير من مواقفنا وأن نغير من موقعنا لكي نتخذ دور المبادر والمبتكر ودور المبدع وألا نكتفي بالدور الاحتجاجي فقط أو أن ننتظر قضية لكي نسجل مواقفنا عليها. لماذا المسارعة والمبادرة؟ يتساءل الموس هل الفرص تتكرر؟ والعمر قصير فكيف نغتنمه قبل فوات الأوان؟ وكيف حال الأمة اليوم؟ وهل الواقع يقبل الانتظارية والتكاسل في طلب الخيرات؟ مجيبا بأن هناك آيات تدعو إلى المسارعة في الخيرات، قال الله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(البقرة: 148)، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ . وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(المؤمنون: 60 – 62). وقوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران : 133. ويضرب الموس المثال بمجموعة من الأنبياء ذكر القرآن الكريم أنهم يسارعون في الخيرات مثل زكرياء وإبراهيم وإسماعيل وموسى ومحمد عليهم السلام، مضيفا بأن السنة النبوية فيها نماذج أخرى من الصحابة كانوا يسارعون إلى الخيرات. مؤكدا أنه يجب المسارعة إلى أعمال الخير والدعوة والنفع للأمة، مستندا على قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)(التوبة: 38)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الحج:77) خطوات عملية يقترح الباحث السوسيولوجي الحمداوي بأن أول شيء يجب أن يبدأ به التحول لحفز روح المبادرة هو بالثورة الداخلية على الذات من أجل الانتصار على مجموعة من المواقف ومجموعة من الآراء ومجموعة من الأشياء التي نعتقد بخطئها ومن تم نعمل على التغيير في كل المؤسسات (الأسرة الإعلام المدرسة). مضيفا بأن مسؤولية الأسرة أن تنمي في أبنائها مسألة الإبداع ومسألة الخلق، ومسألة عدم التبعية والإمعة، قائلا: كذلك مؤسساتنا التعليمية يجب أن تكون برامجها مبنية على الهدف كذلك المربين والبرامج إلى غير ذلك بإعطاء الفرصة لهذا التلميذ وهذا الطفل لكي يبدع ويتفنن في صنع مستقبله، وإعلامنا كذلك يجب أن يشجعه على الخلق أو تشجيع بعض النماذج المبدعة كذلك الشارع. معتبر أن ذلك هو مشروع مجتمعي يبنى بشكل جماعي ويبنى بشكل تشاوري، قائلا: كذلك الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة يجب أن تكون جريئة وديمقراطية وأن تكون فعالة نحو ترك الفرص للأفكار الجديدة والأفكار الخلاقة والأفكار المبدعة. ويرى أصواب بأن المطلوب من المسلم أو الداعية باعتباره فاعلا اجتماعيا في المجتمع أن يفكر وأن يبدع وأن يقتحم مجالات ربما كانت حكرا على غيره فلا ينتظر أن يأتيه الناس إلى المسجد فلابد أن يبادر إلى التفكير في اقتراح آليات لإيصال خطابه وإيصال دعوته وإيصال التوعية إلى الآخر، وكذلك التفكير في اقتحام مجالات أخرى. موضحا بأن الفاعل الاجتماعي ينبغي أن يبادر ويسارع قائلا: لذلك ورد في القرآن الكريم: (سارعوا)، وقال (سابقوا) وهذا الحث على المسارعة والمسابقة والمبادرة أمر أساسي إذا أردنا أن نتكلم عن فعل اجتماعي لأي فاعل. قائلا: وإذا لم تبدع وإذا لم تفكر فستصل متأخرا لأن التاريخ والزمن غير متوقف فإما أن تسارع وتبادر وإما أن تكون متأخرا بالنظر إلى ما يقوم به الآخرون في المحيط والفاعل الاجتماعي وخاصة الدعوي يجب أن يقتحم المجالات وان يبادر ويسارع.