لقد دعا الله تعالى عباده المؤمنين إلى الإسراع إلى أسباب المغفرة والمسابقة إلى الخيرات. قال تعالى: "وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين"سورة آل عمران:133، وقال عز وجل:" سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض اعدت للذين ءامنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم"سورة الحديد:20. وقال سبحانه:" ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات اين ما تكونوا يات بكم الله جميعا ان الله على كل شىء قدير"سورة البقرة:147. إن الإقدام على الطاعة خير، ولكن الإسراع إليها خير إضافي حتى صار من الأقوال المشهورة التي تكاد تلتبس على الناس بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أن خير البر عاجله. وقد امتدح الله تعالى الأنبياء والصالحين على مسارعتهم في الخيرات. قال الله تعلى في حق موسى عليه السلام: "وما أعجلك عن قومك ياموسى، قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى"سورة طه: 81 82، وقال في شأن سحرة فرعون "انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطيانا ان كنا اول المومنين" سورة الشعراء:51. قال ابن كثير: " أي: بسبب أنا بادرنا قومنا من القبط إلى الإيمان". وقال الطاهر بن عاشور: وعلّلوا ذلك الطمع بأنهم كانوا أول المؤمنين بالله بتصديق موسى عليه السلام. أولا: دواعي المبادرة إلى الخيرات إن من دواعي المبادرة إلى الخيرات نجد: امتثال أمر الله تعالى بذلك والتعرض لثنائه كما سبق آنفا. والخوف من فواتها، ففرص الخير قد لا تتكرر، ومن الشواهد الشرعية ما وقع للصحابي الجليل عكاشة بن محصن. فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ أُمَّتِي قَالَ لَا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ.(البخاري). قَالَ السُّهَيْلِيُّ: الَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا أَنَّهَا كَانَتْ سَاعَة إِجَابَة عَلِمَهَا صلى الله عليه وسلم وَاتَّفَقَ أَنَّ الرَّجُل قَالَ بَعْدَمَا اِنْقَضَتْ. ثانيا: فوائد المسارعة في الخيرات من فوائد المسارعة في الخيرات: - المسارعة في الخيرات والأعمال الصّالحة مرضاة للرّبّ عزّ وجلّ ومغضبة للشّيطان. - المسارعة في الخيرات ترفع صاحبها إلى جنّات عدن حيث النّعيم المقيم والفضل العظيم. - المبادرة إلى العمل الصّالح توجد نوعا من التّنافس الحميد الّذي يرقى بالمجتمع. - المبادرة إلى الصّلاة في أوقاتها وعدم التّخلّف عن الجماعة الأولى تجعل لصاحبها من الفضيلة ما يسبق به المتخلّفين بما هو أبعد ممّا بين المشرقين والمغربين. - المبادرة بالأعمال الصّالحة تجعل صاحبها في مأمن من الفتن أو الأمور الّتي قد تشغل الإنسان وتلهيه مثل المرض أو الفقر أو الغنى المطغي أو الهرم. - المسارعة إلى صلاة الجمعة والذّهاب إليها في السّاعة الأولى يعظّم الأجر ويجزل الثّواب.