من الواضح أن الإنجاز الأساسي الذي سيسجل للدكتور إياد علاوي في رئاسته للحكومة التي عينها الاحتلال هو توحيده للدم الأمريكي والعراقي في معارك المواجهة مع المقاومة التي ترفع شعار خروج قوات الاحتلال من العراق. فمن خلال ترؤسه لكافة الأجهزة الأمنية العراقية قرر السيد علاوي أن على عناصر الشرطة العراقية والحرس الوطني أن يصطفوا جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية في مهاجمة النجف ومدينة الصدر والفلوجة وبعقوبة وسامراء ومختلف المناطق التي تواجه القوات الأمريكية فيها شكلاً من أشكال المقاومة. وإذا كانت بعض قطاعات الشرطة العراقية والحرس الوطني قد رفضت توجيه الرصاص إلى أبناء شعبها في النجف ومدينة الصدر ومناطق أخرى، فإن قطاعات أخرى قد شاركت بالفعل في الهجمات على جيش المهدي وعناصر المقاومة. ولعل ذلك هو ما يفسر الفتوى التي أصدرتها هيئة علماء المسلمين التي تشكل صوت العرب السنة، والتي تحرم تقديم أي شكل من أشكال المساعدة لقوات الاحتلال. هكذا يتقدم علاوي خطوات إلى الأمام في سياق اندماجه مع مشروع الاحتلال، وهو الذي أعلن منذ البداية أن المهمة الأساسية لحكومته هي المهمة الأمنية، ممثلة فيما أسماه محاربة الإرهاب، والتي تعني مطاردة المقاومة. والحال أن قراءة موضوعية لنتائج المهمة التي أوكلها الاحتلال بعلاوي لا بد أن تشير إلى قدر كبير من الفشل، ذلك أن عهد الرجل الذي مر عليه ما يقرب من ثلاثة شهور لم يشهد أي تحسن في الوضع الأمني الذي يخص حياة الناس، فيما شهد المزيد من التصاعد في عمليات المقاومة، أكان منها ذلك اللون المشروع الذي يستهدف قوات الاحتلال، أم ذلك اللون الإشكالي الذي يستهدف رجال الشرطة، والذي قدم له علاوي المزيد من الذرائع بعد أن دفع قوات الشرطة والحرس الوطني إلى المشاركة في قمع المقاومة، وتحديداً في مدينة النجف. لا شك أن علاوي سيدفع الكثير من الاستحقاقات، ومعه الأمريكان لقاء وقف معارك النجف، والسبب الرئيس هو أنها تدور مع طرف شيعي أخذ يستقطب المزيد من الأنصار، في ذات الوقت الذي يتحرك فيه على أسس من العداء للحكومة وعدم الاعتراف بالخطوات السياسية التي ترعاها. وبالطبع فإن الإيرانيين سيكونون الأكثر حضوراً على طاولة المفاوضات، ومعهم الصدريون الذين يزداد حضورهم بدعم الخارج الشيعي، أكان بمباركة إيرانية أم بخطوات ذاتية دافعها خروج الشيعة من إشكالية تعاون قواهم السياسية أو أكثرها مع الاحتلال. من إنجازات علاوي التي يشكر عليها ما يتعلق بمنح المقاومة مزيداً من الأنصار في الطرف الشيعي، ودفع العراقيين نحو مزيد من الوحدة الشعورية في مواجهة الاحتلال، وهم الذين تتوحد دماؤهم في النجف ومدينة الصدر مع دماء إخوانهم في الفلوجة والرمادي وبعقوبة وسامراء. يوماً إثر آخر تتعمق الهوة بين العراقيين والمحتلين الأمريكان، ومعهم كل المتعاونين مع الاحتلال، حتى لو لبسوا العمائم وأطلقوا اللحى وسردوا على العراقيين وقائع نضالهم ضد نظام الحكم الصدامي، فالأعمال بخواتيمها، ليس عند الله عز وجل فحسب، بل وعند الجماهير أيضاً، تلك التي لا ترى أن من حق البعض أن يرتكب باسم التاريخ النضالي ما يشاء من منكرات. تحية للنجف والفلوجة وكل شبر في العراق ينتفض في وجه الاحتلال، وتحية للعلماء والمجاهدين الذين يعرفون كيف يتعاملون مع الغزاة وأذنابهم. ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني