يقدم الملف رصدا لخريطة ونوعية الصحافة الإلكترونية بالمغرب ومجموعة من التحديات التي تواجه العاملين على النهوض بأوضاعها وتطويرها، استنادا إلى ورقة تشخيصية أنجزها الباحث بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة علي الباهي والتي خلصت إلى أن جل الصحف الإلكترونية المغربية موطنة خارج المغرب باستثناء موقع واحد وأن أمريكا وكنداوفرنسا تصدر قائمة الدول المستضيفة. ويستند الملف أيضا إلى رأي الخبير في مجال الإعلام والاتصال يحي اليحياوي الذي شرح واقعها بنوع من التفصيل ودقق في مفاصل الداء وأصله وقدم توصيفا له ولمضاعفاته قبل أن يقترح مسالك للعلاج في أفق صحافة إلكترونية قوية وفي صحة جيدة. الورقة التشخيصية التي همت واقع الصحافة الإلكترونية بالمغرب أكدت أن الموارد البشرية لل 20 موقعا إخباريا الأولى بالمغرب هو خمسة بمن فيهم التقنيون والصحفيون والإداريون، فيما تتراجع هذه النسبة إلى معدل 3.5 في 60 موقعا الأولى، وهي النسبة التي تتضاءل كلما ارتفع عدد المواقع. الورقة اعتبرت أن تاريخ الصحافة الإلكترونية بالمغرب يعود لسنة 2007 بدءا بمواقع «منارة» و»النبراس» و»هسبريس» ومرايا بريس إلى لحظة ميلاد موقع «لكم» والذي شكل ترسيخا لنوع من خطوط التحرير، ثم مرحلة الهجرة من المكتوب إلى الإلكتروني والتي برزت مع مواقع «كيفاش» «كفى بريس»و «فبراير كوم» و»كود». عن خريطة الصحافة الإلكترونية تشير الدراسة إلى أن الأرقام المتداولة هي بين 500 و400 و250 لكن تم تصنيفها إلى درجة أولى وثانية وثالثة كما تقف الدراسة عند الصحافة المحلية وعكسها لمفهوم إعلام القرب. وتطرح الوثيقة أيضا عددا من الخلاصات والاستنتاجات كما تتناول عددا من التحديات التي تواجه تطور الصحافة الإلكترونية بالمغرب. أخلاقيات المهنة تعتبرالورقة أن أخلاقيات المهنة تشكل إحدى الإشكاليات الأساسية المطروحة على صعيد وظيفة الإعلام بمختلف قطاعاته، وباعتبار أن الصحافة الإلكترونية صحافة تفاعلية تجمع بين استحضار جوانب من اشتغال الصحافة المكتوبة، وأجناس صحفية من اختصاص الإعلام السمعي البصري، فإن مجال الأخلاقيات في مجال النشر الإلكتروني الإخباري ذات خصوصية وتطرح في كل دول العالم. كما أن واقع اشتغال الصحافة الإلكترونية في المغرب راهنا، وفي ظل هشاشة القطاع، يطرح بقوة ملف أخلاقيات المهنة بين مهنيي القطاع أنفسهم ( يستحضر الموضوع حين التطرق لمسألة سرقة المواد دون الإحالة على المصدر، التعرض للحياة الخاصة للبعض، عدم التقيد بأدبيات مهنة الصحافة أثناء تحرير خبر أو التطرق لموضوع حساس اجتماعيا أو سياسيا، نقل أخبار كاذبة أو إشاعات تتحول إلى أخبار دون التحري واعتماد الدقة في نقل الأخبار، كما يسجل الاستناد في الكثير من الأحيان إلى رؤية أو وجهة نظر واحدة دون الاتصال بالطرف أو الأطراف الأخرى المعنية...)، الباحثون والمهتمون يراهنون على خروج مدونة الصحافة والنشر الجديدة بما يشكل ويدشن لمرحلة جديدة في التعاطي المهني للصحافة الإلكترونية مع الأخبار وطرق تحريرها إلى جانب التعامل مع المصادر ومتطلبات التحري والدقة في نقل الخبر. هشاشة الموارد البشرية بالمواقع الإخبارية بخصوص معطى الموارد البشرية قالت الورقة إن معدلها ب ال 20 موقعا إخباريا الأولى بالمغرب هو خمسة بمن فيهم التقنيون والصحفيون والإداريون، في ما تتراجع هذه النسبة إلى معدل 3.5 في ال 60 موقعا الأولى، وهي النسبة التي تتضاءل كلما ارتفع عدد المواقع. وتابعت الورقة القول «تعكس أوضاع المشتغلين في قطاع الصحافة الإلكترونية هشاشة القطاع ككل من حيث البناء المؤسساتي والتنظيمي. ويتبين أن أغلب المواقع تشتغل من منطلق «الهواية» والنضالية. كما أن عدد المتفرغين أو الذي يعيشون فقط من العمل داخل الصحافة الإلكترونية يبقى ضعيفا. من الخلاصات التي استنتجتها الورقة من خلال خريطة الموارد البشرية بالإعلام الإلكتروني الإخباري، سواء من حيث العدد، أو نوعية العاملين في قطاع الصحافة الإلكترونية إذا استحضرنا 20 موقعا إخباريا من حيث أهمية عدد المشتغلين فيه، فإن الأرقام تشير إلى أن متوسط عدد المشتغلين في المواقع الإخبارية المغربية لا يتجاوز في المجموع 6 أفراد (صحافيين وتقنيين و إداريين) حين الانتقال إلى احتساب الموارد البشرية على قاعدة 60 موقعا، يتقلص متوسط العاملين في المواقع الإلكترونية إلى 4 أفراد. بل إن عددا من الموقع الإلكترونية الإخبارية تشتغل بدون طاقم إداري وصحفي قائم الذات، وأغلب المواقع لا توظف موارد بشرية بحكم هشاشة تلك المؤسسات. جل المواقع موطنة خارج المغرب على مستوى توطين المواقع الإلكترونية المغربية كشفت الورقة أن جل الصحف الإلكترونية المغربية موطنة خارج المغرب باستثناء موقع «مينارا» التابع لشركة «اتصالات المغرب»، وأن أمريكا وكنداوفرنسا تأتي في مقدمة الدول التي تضم أكبر عدد من توطينات المواقع الإلكترونية المغربية. وقالت الورقة إنه وباستثناء موقع واحد فإن كل المواقع الإخبارية مستضافة من قبل شركات أجنبية. بالنسبة للدول التي تمنح « السيرفير» للمواقع الإخبارية المغربية، فإنها تشمل أساسا الولاياتالمتحدةالأمريكية، ابريطانيا، كندا، ثم فرنسا. وقالت الورقة إن هذا الواقع يفترض التساؤل عن أمن المعلومات المتجهة من المغرب إلى الخارج، وصيغة التعامل معها من قبل شركات الاحتضان، كما يرجع متتبعون موضوع الهجرة الجماعية هذه للمواقع الإلكترونية خاصة الإخبارية إلى الخارج بالبحث عن الحماية المعلوماتية التي توفرها هذه الدول بشكل جيد في مقابل خدمات نظيرتها المغربية. تحديات الصحافة الإلكترونية ترتيب المواقع الإلكترونية الإخبارية ارتكزت الورقة في تحديد ترتيب للمواقع الإخبارية الأكثر مقروئية على مؤشر عدد الزيارات المسجلة لدى كل موقع. واعتبرت أن قياس مدى نجاح موقع ما على شبكة الإنترنت يقاس بعدة مقاييس أهمها أعداد الزائرين لهذا الموقع، كما قالت بأن أعداد الزائرين لأي موقع على الشبكة يتناسب طردياً مع أهمية وحجم المعلومات المخزنة بداخله. ومن خلال التصنيف الوطني والتصنيف عالميا يسجل أن موقع «هيسبريس» يشكل أهم موقع إخباري في المغرب، يحتل المرتبة السادسة في لائحة أهم المواقع التي يلجها المغاربة. وبعده تأتي لائحة من المواقع بدأ تأثيرها يتزايد، وهو مرشح للتصاعد، بفعل التحولات التي يعرفها التطور التكنولوجي، وكذا بفعل تصاعد اندماج المغاربة مع التطور الحاصل في آليات استخدام الانترنيت حسب نفس الورقة ، وأيضا بفعل التوسع الحاصل في بيئة الخبر الإلكتروني في المغرب، وسعي عدد من الفاعلين إلى الاستثمار في مجال النشر الإلكتروني. ونتوقف عند ترتيب أهم المواقع الإلكترونية الخبرية وطنيا وعالميا من خلال الاستناد إلى مؤشرات موقع «أليكسا» المتعارف عليه دوليا. وذكرت الورقة أن مواقع الصحافة الإلكترونية التي تحتل أقل من المرتبة 500 من حيث الولوج في لائحة المواقع الأكثر ولوجا في المغرب هي 14 موقعا إخباريا شاملا وهي: - هسبريس - هبة بريس - لكم كوم - منارة - كود - أخبارنا - كيفاش أنفو - فبراير كوم - تيليكسبريس - الشعب بريس - صحراء بريس - مغاربة بريس - اشتوكة بريس - أكادير24 . ويتضح حضور البعد الوطني في المواقع ، وبالمقابل حضور الصحافة الإلكترونية الجهوية ضمن المواقع الأكثر زيارة ضمن لائحة 500 موقع يزورها المغاربة عبر الانترنيت. تأثير متزايد مع اختلاف الانتشار من خلال جرد أولي للمواقع ذات التأثير المتنامي في الرأي العام، توقفت الورقة عند أبرز المواقع المؤثرة في المشهد، علما أن عدد المواقع الإخبارية في المغرب يقارب 400 موقع إخباري بين الوطني والجهوي والمحلي. وقسمت هذه المواقع إلى عدة أصناف، مواقع إلكترونية إخبارية شاملة ذات بعد وطني، ومؤثرة في الرأي العام بشكل متصاعد خلال السنوات الأخيرة، وهي مواقع تمتلك على العموم حدا أدنى من الاشتغال كمقاولة، وتشتغل عموما بشكل مهني في تناول الأخبار، وتمتلك نوعا من المصداقية. ومواقع إخبارية جهوية ذات بعد وطني. وسجلت الورقة أن جل جهات المغرب تتوفر فيها مواقع إخبارية تجعل اهتمامها الأساسي هو تتبع أخبار الجهة، لكن البعد الوطني يظل حاضرا. وأغلب هاته المواقع تعاني من عنصري ضعف الإمكانات وقلة المهنية الصحافية. لكن هذه النماذج حسب الورقة يمكن أن تشكل قاطرة لتنزيل ومواكبة مشروع الجهوية الموسعة التي تنتظر المغرب وورشا للاشتغال عليه. كما توجد حوالي 200 موقع محلي تتناول أساسا أخبار المدن والقرى، وتشتغل وفق منطق القرب، وتناول حاجيات المواطن. وتخلص الورقة على هذا المستوى إلى أن الصحافة الإلكترونية الإخبارية، على الرغم من كل الملاحظات التي يمكن أن تسجل من حيث خطوط التحرير و مهنية العمل والمضمون، فإنها تظل حاضرة على امتداد التراب الوطني. ومن المنتظر أن يتكرس هذا البعد، من خلال تعزيز وظيفة ودور الصحافة الإلكترونية مع تنزيل المغرب لورش الجهوية المتقدمة في الأفق المنظور. وهو ما يطرح رهانات أعمق وتحديات كبرى أمام الصحافة الإلكترونية في مستقبل المغرب.