تصاعدت حوادث الإجرام وسفك الدماء وإزهاق الأرواح بيننا في هذه الأيام. تصاعدت حتى فرضت نفسها على صدارة الأخبار اليومية المتداولة، وألقت بظلماتها البئيسة على النفوس والقلوب. فهذا يقتل أسرة كاملة في شفشاون، وهذا يقتل زوجته وابنته وحماته رميا في قاع البئر، وهذه أجسام مقطعة أشلاء متناثرة في الدارالبيضاء.. وهؤلاء أطفال صغار اغتصبوا ثم قتلوا أو رجموا وأرهبوا، وهذه قتلت هي الأخرى وحققت المساواة مع الذكر في هذا الأمر بل تجاوزته في القدرة على الذبح والتقتيل... وكيف لا تكون كذلك وثقافة النوع تعلمها ذلك وأكثر منه... ومع القتل وسفك الدماء حوادث الفساد الأخلاقي المرتكبة سلما وعنفا، وبلغت درجة الظهور والقبول حتى أصبحت سلوكا يوميا يتحرك بكل تبجح وتحد ليلا ونهارا، في الشوارع والمؤسسات والشاشات التلفزية والقاعات السينمائية وفي الصحف الوطنية وهل من الوطنية الفساد والإفساد؟ وتجرأ على ذلك بعض الفنانين المغاربة وهل بقي فيهم شيء من الانتماء لهوية المغرب؟ أما الفحش والتفحش في الحديث فقد صار لغة عامة متداولة لها أساتذتها المنظرون وخبراؤها المؤطرون، وإذا خرجت من أهلك وبيتك إلى وجهتك وعملك انهالت عليك القذائف من بين يديك ومن خلفك وعن اليمين وعن الشمال، ولا تجد أكثرهم متخلقين. وسواء عليك أكنت راجلا أم طائرا في السماء أم سابحا في الماء عبرالبحار والمحيطات أم على متن قطار يسرع أو يبطئ، فلن تسلم من الأذى الكثير... أما سرقات الأموال العامة والخاصة طوعا وكرها فقد أصبح مكتسبا لعصابات كبيرة وصغيرة لا رادع لها ولا محقق في أمرها وخيوطها، وإذا أراد أصحاب القرار إنزال بعض العقوبات على أحد اختاروا أضعف الناس قوة وأقلهم حماية ليكون كبشا للفداء والاعتبار، أما علية اللصوص فتحميهم مكانتهم السياسية أو الاجتماعية أو الحزبية أو الاقتصادية. أما الحريات العامة فالاختطافات والاعتقالات والمداهمات والحملات السريعة تكشف حالها ومآلها، ويراد اليوم اصطناع قانون يبررها ويخرجها من دائرة الضوء الأحمر إلى دائرة الضوء الأخضر تحت ضغط الحملة الأمريكية الغاشمة على ما تسميه إرهابا، والحال أنها زعيمة الإرهاب الأكبر. فأي حياة هذه التي نحياها اليوم؟ وأي هوة شقية سحيقة سقطنا فيها؟ فيا قومنا اتقوا الله مالكم من إله غيره، ومالكم من دين غير دينه ولا شريعة غير شريعته، فمن أعرض عن ذكره فإن له معيشة ضنكا. يا قومنا أجيبوا داعي الله إذا دعاكم لما يحييكم... يا قومنا استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يخرجكم من الشقاء إلى السعادة، ومن التخلف إلى التقدم ومن الخوف إلى الأمن والأمان. يا قومنا اتقوا الله وارجوا اليوم الآخر يزدكم هدى على هدى ونورا على نور. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.