حذرت مصادر طبية من داخل المعهد الوطني للأونكولوجيا، فضلت عدم الكشف عن اسمها، من خطورة خوصصة شركة التبغ وتحرير القطاع على صحة المواطنين، اعتبارا لتأثير هاتين الآليتين على الرفع من وتيرة استهلاك الدخان، ومن ثم الرفع من عدد المرضى بداء السرطان والمصابين بأمراض الشرايين والقلب، وانعكاساتهما السلبية على الوضع الصحي بشكل عام. وقالت المصادر ذاتها "إننا كأطباء نرفض بيع التبغ، لأن هذا الأخير، بالإضافة إلى الكحول، يخلقان مشاكل صحية عويصة للعنصر البشري"، وأضافت في اتصال ب"التجديد" عقب مصادقة مجلس المستشارين على مشروع قانون رقم 02 46 المتعلق بنظام التبع الثلاثاء المنصرم "إن إنهاء احتكار الدولة لقطاع التبغ وخوصصة شركته لن يعطي أي دفعة للاقتصاد الوطني". وأوضحت المصادر نفسها أن الدولة في حاجة إلى بلورة سياسة اقتصادية واضحة ومحكمة في قطاعات أخرى أكثر إنتاجية، علاوة على حسن تدبير الإمكانات التي تتوفر عليها المملكة لتحقيق عدالة اجتماعية قوية، بدل إنفاق الجهود في قطاعات تهدد الصحة العامة للمغاربة. وأبرزت هذه المصادر أن مشروع قانون رقم 02 46 لن يدعم الاقتصاد الوطني بقدر ما سيمنح دفعة قوية للمستثمرين الكبار لتحصيل مزيد من الأموال الطائلة على حساب صحة المواطنين، واستغربت عزم الحكومة على الاتجاه توا نحو تحرير قطاع التبغ في وقت يشهد الوضع الصحي بالمغرب ضعفا كبيرا، مشيرة إلى أن نسبة المصابين بداء السرطان من جراء استهلاك التبغ بلغت حوالي 25% إلى 30% من مجموع المصابين بداء السرطان بالمغرب. وكان وزير المالية والاقتصاد أشار، في المذكرة التقديمية حول مشروع قانون رقم 02 46، إلى الدور الأساسي الذي يلعبه قطاع التبغ على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حيث يدر حسب الوزير على خزينة الدولة أزيد من ستة ملايير درهم سنويا على شكل عائدات ضريبية، كما يوفرالآلاف من مناصب الشغل! وفي السياق ذاته قال سعيد خيرون عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب إنه "على عكس ما يروج له من أهمية تجارة التبغ في الاقتصاد الوطني (6 مليار درهم كعائدات)، تسبب هذه التجارة خسائر مهمة للاقتصاد والفرد والمجتمع بشكل عام. وأضاف في تدخل له في أثناء مناقشات مشروع قانون 02 46 >إلى جانب الخسائر المادية المباشرة الناتجة عن علاج الأمراض التي يتسبب فيها التدخين، هناك خسائر غير مباشرة ترجع بالأساس إلى نقص الإنتاجية الناجم عن كثرة الغياب المرضي والوفيات المبكرة<، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تكلفة العلاج والوفيات والعجز الذي يتسبب فيه التدخين على الصعيد العالمي تتجاوز 200 مليار دولار في السنة. وتؤكد مختلف الدراسات أن ثمن 5 سيجارات في اليوم يؤدي إلى نقص غذائي شهري لحوالي 8000 وحدة حرارية، فضلا عن تأثيراته السلبية على البيئة عبر قطع الأشجار، حيث يلزم 350 ألف طن من الورق سنويا لصنع ورق السجائر، و8 كيلوغرامات من الخشب لتجفيف 1 كلغ من ورق التبغ. جدير بالذكر أن حجم مبيعات شركة التبغ من السجائر بلغ سنة 2001ما يناهز 12,4 مليار سيجارة يضاف إليها ملياري سيجارة مستوردة من الخارج، و50 مليون علبة سيجارة مهربة، مما يعني تسويق أكثر من 43 مليون سيجارة يوميا! محمد أفزاز