أنهت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب أول أمس الإثنين مناقشاتها العامة بشأن مشروع قانون 02 46 يتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع في سياق التهييء لخوصصة شركة التبغ وتحرير القطاع. ويتضمن المشروع حسب المذكرة التقديمية لوزير المالية والاقتصاد أحكاما تمكن قطاع زراعة التبغ من تفادي الآثار السلبية لعملية التحرير. كما يلزم مشروع القانون المذكور الصناع المستقرين بالمغرب بإدماج كمية دنيا سنويا بمعدل 20% من التبغ الخام المحلي في إنتاجهم الموجه إلى السوق الداخلية. ورافق مسلسل تحرير إنتاج التبغ المصنع مقتضيات ترمي إلى الحيلولة دون تكاثر الوحدات الإنتاجية الصغيرة التي تصعب مراقبتها، سواء من ناحية المتطلبات الصحية أو تلك المتعلقة بتحصيل الضرائب. هكذا سينتهي احتكار الدولة لاستيراد التبغ الخام وصنع وتصدير التبغ المصنع ابتداء من فاتح يناير 2005، بينما سينتهي احتكارها لاستيراد التبغ المصنع وتوزيعه بالجملة ابتداء من فاتح يناير 2008. وستنسخ مقتضيات هذا المشروع، في حال المصادقة عليه، أحكام الظهير الشريف لسنة 1932 المتعلق بنظام التبغ بالمغرب، والأحكام المرتبطة بالتبغ المنصوص عليها في الظهير الشريف لسنة 1954، وأحكام الظهير الشريف الصادر في 1970 في شأن احتكار التبغ، والنصوص الصادرة لتطبيقه. وتنبني "استراتيجية تحرير قطاع التبغ وخوصصة شركة التبغ" على حتمية تحرير القطاع وفاء بالتزامات المغرب تجاه المنظمة العالمية للتجارة وتجاه الاتحاد الأوروبي على وجه التحديد، والعمل على خوصصة شركة التبغ قبل تحرير القطاع لضمان استمراريتها وتأهيلها لمواجهة المنافسة الدولية، علاوة على إسناد الشركة إلى شريك استراتيجي لضمان تحصينها وتأهيلها بوتيرة أسرع، والعمل على تحرير قطاع التبغ تدريجيا "حماية" لمصالح الاقتصاد الوطني، وحفاظا على مصالح الفاعلين في الميادين المرتبطة به. وبلغ حجم مبيعات شركة التبغ من السجائر ما يناهز 12,4مليار سيجارة سنة 2001، يضاف إليها 2 مليار سيجارة مستوردة من الخارج بمعدل مليار و160 مليون سيجارة شهريا، أي تسويق أكثر من 38 مليون سيجارة يوميا، وهو رقم يفوق تعداد ساكنة المغرب (سيجارة يومية لكل مواطن مغربي). وحتى نقف على حجم المخاطر التي تهدد المواطن فإن مجموع السجائر المهربة التي تم حجزها سنة 2001 بلغ مليار و50 مليون سيجارة، وهي كمية لا تمثل سوى 1,3% من إجمالي السجائر المهربة خلال نفس السنة حسب معطيات أوردتها الشركة نفسها، والتي تقيم السوق الموازية أي سوق التهريب بأكثر من 50 مليون علبة سجائر سنويا. ووصل رقم معاملات شركة التبغ سنة 2001 حوالي 8 مليار و886مليون درهم بزيادة نسبتها 5,6% مقارنة مع سنة 2000، شكلت فيها الاقتطاعات لصالح خزينة الدولة ما يقارب 6 مليار و280 مليون درهم كضريبة على الاحتكار فضلا عن عمولة الباعة. وسيؤدي تحويل شركة التبغ من منشأة عمومية إلى شركة خاصة في سياق دولي يدفع إلى مزيد من تحرير سوق التبغ، إلى الرفع من الإنتاجية وإغراق السوق المغربية بمزيد من السجائر، كما أنه سيؤدي في إطار من التنافسية الشديدة إلى تخفيض أثمان السجائر، وهو ما يعني تبعا لذلك ارتفاع عدد المدخنين وبالتالي عدد المصابين بمرض السرطان. وكان فريق العدالة والتنمية اقترح خلال مناقشات مشروع قانون المالية 2003 تخصيص 8% من مداخيل الدولة في هذا القطاع لإعادة تأهيل وتطوير المعهد الوطني للأونكولوجيا المخصص للبحث وتطوير علاجات داء السرطان، علاوة على تقديم مقترح يقضي برفع نسبة الضريبة على الاستهلاك من 52% إلى60%. وإذا كانت الأرقام المشار إليها قد سجلت في ظل احتكار مطلق للدولة، فإن خوصصة شركة التبغ تنذر بارتفاع مهول في عدد السجائر المنتجة على خلفية السباق نحو تحصيل مزيد من الأرباح وتحقيق السيطرة على السوق من لدن الشركات المتنافسة، وهو ما يفرض اللجوء إلى الحملات الإشهارية والدعائية كوسيلة لإثارة المستهلك، وبالتالي ممارسة مزيد من الضغط على الدولة لإلغاء قانون رقم 15/91 أو إجبارها على عدم سن قوانين أخرى أكثر احتياطا وصرامة. يشار إلى أنه تم إدراج شركة التبغ ضمن لائحة المنشآت العمومية التي ستخضع للخوصصة بموجب قانون رقم 01 47 بتاريخ 24 يناير 2002. محمد أفزاز