توقع محللون اقتصاديون أن تنخفض وتيرة انخراط المغرب في ميدان العولمة خلال السنة المنصرمة والسنة الحالية خلافا لسنة 2001 التي شهد فيها ترتيب المغرب الخاص بمؤشر العولمة تحسنا ملحوظا، إذ انتقل من المرتبة 46 عالميا إلى المرتبة 29 حسب ما أعلنت عنه مجلة فورينغ بوليسي (السياسة الخارجية). وقال إدريس بنعلي "إنه في ظل تراجع حجم تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وكذا معدل الاستثمارات الخارجية، فإن المغرب سيتراجع من حيث درجة مؤشر العولمة، ليعود إلى مراتب أخرى دون مرتبة 29 المسجلة خلال سنة 2001"، وأضاف في تصريح ل"التجديد": "لا يمكن أن يستمر حجم هذه التحويلات بنفس الوتيرة التي سجلت خلال السنتين الأخيرتين"، وعزا ذلك إلي دخول العملة الأوروبية الموحدة "الأورو" حيز التداول الرسمي في المنطقة الأوروبية وما تلا ذلك من إجراءات صارمة بخصوص الكشوفات والبيانات حول مصادر الأموال تفاديا لتبييض الأموال، مما أرغم المغاربة على تحويل أموالهم المخبأة في المنازل خوفا من المتابعة، علاوة على المراقبة المشددة التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على أرصدة العرب والمغاربة بعد أحداث 11 شتنبر 2001. وأشار بنعلي إلى أنه إذا كان المغرب قد انتقل من المرتبة 64 إلى المرتبة 29 نهاية 2001 مقارنة مع سنة 2000، فإن ذلك يعود إلى عوامل استثنائية ظرفية ارتبطت أساسا بخوصصة شركة اتصالات المغرب، وارتفاع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، مضيفا، وهي مداخيل لا تدوم ولا تتكرر، ومن تم فهي ليست هيكلية وقارة. ولاحظ بنعلي أن المغرب يعد البلد الأكثر انفتاحا في دول البحر الأبيض المتوسط الجنوبي إذ يحتل المرتبة الأولى في معدل الانفتاح. وخلص إلى أن الاقتصاد المغربي هش يتغير من سنة إلى أخرى ؛ فتارة يكون قويا وتارة يكون ضعيفا بسبب تخلفه، مشددا على ضرورة رسم رؤية اقتصادية لمدة عشرة سنوات على الأقل عوض سنتين كما هو الحال الآن. من جانبه قال محمد نجيب بوليف رئيس شعبة الاقتصاد بجامعة عبد المالك السعدي كلية طنجة >الترتيب الذي حصل عليه المغرب خلال سنة 2001 استثنائي اعتبارا للمداخيل الاستثمارية الاستثنائية المرتبطة بخوصصة اتصالات المغرب، والتي بلغت حوالي 2,3مليار درهم<، مضيفا >هذه المداخيل الاستثنائية هي التي ضخمت من حجم الأموال التي دخلت إلى المغرب قياسا بسنة 2000 ومن تم رفعت من قوة اندماج المغرب في العولمة<. وأكد بوليف في اتصال ب"التجديد" أن ترتيب المغرب في مؤشر العولمة سينتقل من المرتبة 29 المسجلة في سنة 2001، وهي مرتبة متوسطة، إلى ما بين 35 و40 بالنظر إلى التراجع المهول الذي سيعرفه حجم الاستثمارات الخارجية والقروض الخاصة بنسبة 80 إلى 90% خلال سنة 2002، معتبرا أن المرتبة المسجلة خلال سنة 2001 لا يمكن بأي حال أن تعد طفرة نوعية لأنها سنة استثنائية بكل المقاييس. وأشار محمد بوليف إلى أن الدول النامية والفقيرة بما فيها المغرب شهدت تراجعا في مؤشر العولمة بعد أحداث 11 شتنبر نظرا لتقلص تدفق الاستثمارات الخارجية بها وتوجهها نحو الدول المتقدمة التي تعرف استقرارا سياسيا. وأفادت مجلة فورينغ بوليسي حسب وكالة المغرب العربي للأنباء أن التقدم الذي سجله المغرب في مؤشر العولمة خلال سنة 2001 يعزى إلى الارتفاع الكبير في حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة وتحويلات المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. وتوجد سنغافورة وماليزيا في مقدمة البلدان السائرة في طريق النمو التي اندمجت أكثر في العولمة، حيث احتلت الأولى المرتبة الرابعة فيما احتلت الثانية المرتبة الثامنة عشرة، وتحتل إيران والمملكة العربية السعودية وفنزويلا والبيرو وأندونيسيا والبرازيل والهند مراتب متأخرة في تصنيف هذا المؤشر، بينما تحتل تونس ومصر على التوالي المرتبة 39 و46. ويقيس مؤشر العولمة الدرجة التي سجلت ب 62 بلدا تمثل ما يناهز 85 في المائة من سكان العالم وأزيد من 95بالمائة من قوته الاقتصادية في مجال الاندماج في النظام التجاري والمالي والسياسي والتكنولوجي العالمي. وذكر مكتب الصرف في العدد الأخير من نشرته الإخبارية أن إيرادات الاستثمارات والقروض الخاصة الأجنبية تراجعت خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2002 بنسبة 85,1بالمائة حيث انتقلت من 31,75 مليار درهم خلال سنة 2001 إلى ما ينهاز 4,72 مليار درهم فقط خلال سنة 2002، كما تراجعت نفس الإيرادات بنسبة66,5 في المائة مقارنة مع المعدل المسجل خلال الفترة نفسها من السنوات الخمس الأخيرة 1997/2002. ويتضح أنه رغم شعارات الانفتاح والانخراط في مسلسل العولمة فإن هشاشة الاقتصاد الوطني وارتهانه إلى المداخيل الاستثنائية المرتبطة بالخوصصة، فضلا عن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تحكم على المغرب بمزيد من الانكماش. محمد أفزاز