اتهم خبيران اعلاميان عربيان مشاركان في مهرجان الجنادرية غالبية الفضائيات العربية بتكريس الثقافة الغربية في المجتمعات العربية والمساهمة في الترويج لنمط الحياة الغربية وتقويض اللغة العربية باستخدامها للهجات المحلية. واوضح الخبير الاعلامي المصري الدكتور حمدي حسن أبو العينين ان حرب الخليج الثانية كشفت عن الضعف الكبير الذي تعاني منه وسائل الاعلام العربية وضرورة تطويرها لمواكبة التطورات والمتغيرات العالمية وحشد الرأي العام العربي في تحديد المواقف السياسية. وقال ان هذه الحرب تمثل أحد الاختبارات المبكرة للنظام العالمي الجديد وفعالياته السياسية والعسكرية والاعلامية على الأرض العربية وساعدت في التطورات المتلاحقة لصناعة التلفزيون الذي قام بدور تاريخي غير مسبوق في المنطقة العربية بنقل وقائع هذه الحرب للجمهور العربي. وحذر الدكتور أبو العينين من الخطر الذي يتهدد اللغة العربية الفصحى جراء تكريس القنوات الفضائية العربية للهجات المحلية لتأكيد وجود الثقافات الفرعية داخل الثقافة العربية لافتا في هذا الصدد الى شيوع هذه اللهجات وما تسببه لتقويض اللغة العربية التي تعد أحد أسس الوجود العربي. ومن جهته بين الخبير الاعلامي السعودي الدكتور عبد القادر طاش ان الفضائية العربية الجديدة باللغة الانجليزية جاءت مخيبة للآمال العربية وأصبحت أداة تنقل مفاسد الغرب وموبقاته بعرضها لأفلام وبرامج أجنبية مفخخة بسموم ثقافة التغريب للمجتمع العربي. والمح الدكتور طاش الى دور القناة الانجليزية الجديدة ومدى مساهمتها في التصدي للحملة الاعلامية العالمية الشرسة ضد الأمة العربية والاسلامية وابراز الصورة الحقيقية للعقيدة الاسلامية وفكرها وقيمها وثقافتها للعالم مشيرا الى اهمية فتح آفاق للحوار والتفاهم العقلاني مع الآخرين بدلا عن الانجراف مع التيار والاختراق الثقافي الغربي. واشار الدكتور طاش الى ظاهرة التنامي المذهل لعدد القنوات الفضائية العربية التي بلغت في وقت قصير 140 قناة فضائية وتزايد عدد المشاهدين العرب لها وارتفاع نسب عدد ساعات المشاهدة للفئات العمرية وخاصة الشباب. وتناول تفاصيل دراسة علمية حديثة اشارت الى أن نسبة 69 في المائة من الجمهور العربي يشاهدون الفضائيات لمدة أربع ساعات يوميا و31 في المائة منهم يشاهدونها لمدة ثلاث ساعات يوميا و34.5 في المائة لمدة ساعتين و15 في المائة لمدة ساعة واحدة يوميا فيما بلغت نسبة نمو الذين يقتنون أطباقا لالتقاط البث الفضائية حوالي 12 في المائة سنويا. ولفت الانظار الى التشابه الكبير بين برامج القنوات الفضائية العربية التي تتبع نسبة 40 في المائة منها للحكومات فيما تتبع النسبة الباقية منها لهيئات وشركات خاصة عربية وأجنبية مشتركة وتتسم معظم برامجها بالسطحية والتسلية والترفيه الرخيص. وتوقع الخبير الاعلامي اختفاء البرامج الثقافية التي تشكل حاليا نسبة 13 في المائة من برامج شاشات الفضائيات العربية لتحل محلها برامج منوعات غربية بينما لا تتجاوز حصة برامجها وتقاريرها الاخبارية نسبة 5 في المائة فقط. واعتبر الاعلام الفضائي العربي أنه يعاني من أزمة هوية حادة في ظل العولمة الاعلامية بسبب استناد ثقافة العاملين بها على معايير وقيم غربية لا صله لها بالثقافة العربية والاسلامية ولا تراعي خصوصيات الثقافة الوطنية للشعوب العربية ودخول مستثمرين عرب في هذا المجال همهم الأول تحقيق فوائد تجارية ربحية دون اعتبار للجانب المعنوي. وأشار الى أن بعض وسائل الاعلام العربية تعمل حاليا وفق استراتيجية تسويقية تغفل الجانب التثقيفي والتوجيهي وتنأى عن الاصطباغ بأي توجهات فكرية أو سياسية لضمان جذب الجمهور والمعلنين وعدم التعرض للنفوذ الرقابي السياسي والسلطوي. وقال الدكتور طاش أن شدة المنافسة التجارية بين القنوات الفضائية العربية جعلها تتنازل نسبيا عن توجهاتها الثقافية والتوجيهية وتقديم مواد اعلامية استهلاكية تتسم بالاثارة والتشويق مما تسبب في ارباك الاعلام العام في العالم العربي. وفيما يتعلق بايجابيات الفضائيات العربية اعترف الدكتور الخبير الاعلامي السعودي بمساهمتها في تأسيس بنية تحتية لصناعة اعلامية عربية يمكن استثمارها في بعث نوع جديد من الهوية العربية خلال السنوات القادمة وصياغة فلسفة اعلامية تنبثق من عقيدة وفكر وقيم الأمة العربية وتراعي خصوصياتها وتلبي تطلعاتها المستقبلية. وشدد على أن الأمة العربية لن تتقدم في عصر العولمة ما لم تتخلص من التبعية والتقليد للغرب وتبني نموذجها الحضاري الفريد حتى تستطيع المحافظة على كيانها وهويتها الثقافية والحضارية في ظل التنافس الحضاري والتدفق الحر للمعلومات. (كونا) ميدل ايست اونلاين