أكد المشاركون في الندوة الدولية حول «الخدمات المالية الإسلامية: المظاهر القانونية والاقتصادية والشرعية»، على ضرورة تطوير المالية الإسلامية بالمغرب ودول المنطقة، على اعتبار استقرار هذا النظام وقدرته على استيعاب الصدمات والأزمات ومردوديته الكبيرة. وإضافة إلى دورها الاقتصادي من خلال الوساطة المالية والتوجه إلى الاقتصاد الحقيقي، فهي الأبناك الإسلامية تعنى بالجانب الاجتماعي من خلال إعادة توزيع الموارد وتحقيق العدالة الاجتماعية ومساهمتها في إشراك الشرائح المجتمعية من خلال دخول المؤسسات التمويلية في مشاريع مع الأفراد. ووفق دراسة حول الأبناك الاسلامية، قدمت على هامش الندوة، فإن 65 في المائة أكدوا صلابة المالية الإسلامية في مواجهة الأزمة بسبب مبادئها التي لا تتعامل بالربا بالإضافة إلى قدرتها على ابتكار أدوات تسيير جديدة تتميز بالإبداع والحكامة. ودعا المشاركون في هذه الندوة المنظمة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، بشراكة مع الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي بداية هذا الأسبوع، إلى تطوير الهندسة المالية الإسلامية حيث وصل عدد المؤسسات المالية إلى 450 مؤسسة بحوالي 75 دولة، لا سيما في ظل استمرار الأزمة المالية العالمية والتداعيات الخطيرة على مجموعة من الدول كانت تصنف إلى حد قريب ضمن الاقتصاديات القوية. الاقتصاد الإسلامي يحقق التوازن أكد عبد الرحمان لحلو مدير مكتب أبواب الاستشارات وعضو الجمعية المغربية للبحوث والدراسات في الاقتصاد الإسلامي، أن تأثير الاقتصاد الإسلامي على المؤشرات الماكرو اقتصادية، يتمثل في تحقيقه التوازن بين القطاعين الإنتاجي والمالي. وأكد أن الأبناك الإسلامية سوف تسهم في ارتفاع نسبة الاستبناك، وستساهم في الرفع من السيولة. وقال بأن الهدف من ظهور العديد من الأبناك الإسلامية في مجموعة من الدول هو إيجاد بدائل للربا. وأوضح أن أزمة 2008 نتجت انطلاقا من التفاوت ما بين الأصول الافتراضية التي وصلت إلى 800 تلريون دولار (800 ألف مليار دولار) والمنتوج الخام والذي لم يتجاوز75 مليار دولار. وهو ما يؤكد أن الفرق شاسع ما بين الأصول الافتراضية وما يتم إنتاجه فعليا. ومن الناحية الميكرواقتصادية، تعمل المالية الاسلامية على إنشاء نوع من الرأسمالية الشعبي، إذ سيتم استثمار الودائع من طرف الأبناك بمساهمة المودعين. وتتمثل هذه البدائل في عقود التجارية والعقود التشاركية، والتي تكون مطابقة للشريعة، وظهرت البيوع في الأبناك الإسلامية مرتكزة على ركيزة شرعية وهي الله أحل البيع وحرم الربا، حسب المصدر ذاته، موضحا أن البيع لأجل مطابق للشريعة خلافا لما يجهله العديد من الناس، وبناء على هذه القاعدة بنيت المرابحة. كما أن الركيزة الأخرى التي تعتمد عليها المالية الإسلامية هي اقتسام الأرباح والخسائر مثل المشاركة، وباقي المعاملات مباحة إذا لم يحرمها الشرع. وأشار لحلو إلى العقود التشاركية مثل المشاركة وهي عبارة عن عقود استثمارية، والمضاربة التي تم إدراجها في المنظومة المغربية من خلال مشروع القانون الأخير، وهي تضم طرفا يدخل في شراكة بالمال وآخر بالعمل ويتم اقتسام الخسائر أو الأرباح. مرتكزات التمويل الإسلامي يقوم على منع الفوائد أكد تشام فاروق رئيس قسم العلوم الاقتصادية بجامع وهرانبالجزائرأن العلاقات المالية بين الدول تمثل ما بين 50 و70 في المائة من العلاقات. وأضاف في مداخلة له حول « الاستثمارات في الأسواق المالية الإسلامية» أنه بعد أزمة 2008 كل الدول تبحث عن بدائل للاقتصاد الرأسمالي، مشيرا أن التمويل الإسلامي يقوم على العديد من مرتكزات، تتمثل في منع الفوائد الربوية ومنع المضاربة وعدم الاستثمار في الشركات التي تتعامل بالمحرمات. واعتبر أن الاستثمارات في المؤسسات المالية تصنف إما في الصكوك أو الأسهم أو العقارات، ويمكن للمؤسسات أن تستثمر في هذه الأوجه الثلاث. وبخصوص الصكوك، اعتبر أن إدارة الصكوك والصناديق تتم على أساس المضاربة أو المشاركة أو الوكالة. وفيما يتعلق بالأسهم اعتبر أن استثمارات الأسهم تتمثل في ملكية رأسمال المؤسسة المستثمر فيها على أساس وحدات متساوية القيمة. وأشار إلى الأغراض غير المشروعة المانعة من الاستثمار في الأسهم، وتتعلق بالشركات التي تتاجر في القمار أو الخمور والكزينوهات والشركات التي تتعامل السندات الدين وشركات التأمين التقليدية وإعادة التأمين. وفيما يتعلق بالاستثمار في العقارات، اعتبر أن الأمر يتعلق بشراء العقار أو الأراضي بغرض الحصول على إيراد دوري أو الاحتفاظ بها لغرض توقع زيادة في قيمتها المستقبلية أو الاثنين معا. واعتبر أن التمويل الإسلامي يستشف تشريعاته من القرآن والسنة والإجماع داعيا في الوقت نفسه إلى المزيد من الاجتهاد خاصة أن بعد الأزمة المالية العالمية التي جعلت العالم يبحث عن طرق تمويل جديدة بدل الطرق التقليدية التي تعتمد على الربا والمتاجرة بالديون وهذا ما يتنافى مع مبادئ الإسلام. النظام الإسلامي يستوعب الصدمات قال عبد الله بلهادية أستاذ المالية بجامعة كومار للعلوم والتكنلوجية السليمانية كردستان العراق، إن النظام الإسلامي أكثر استقرارا ويستوعب الصدمات والأزمات إلا أنه يجب الانتباه إلى العديد من النقط الهيكلية في هذا النظام. واعتبر في دراسة له حول « إطار المسرع المالي ضمن ثوابت التمويل الاسلامي» أن الصدمات تكون أكثر قوة في حالة إذا كان الاقتصاد المالي أكبر من الاقتصاد الحقيقي، أي أن الهرم مقلوب، أما إذا كان النظام الحقيقي أكبر من النظام المالي فإن النظام يكون أكثر استقرارا، وبالتالي يسمح ذلك بالحصول على تمويل خارجي. وشدد على ضرورة تقديم الخدمات الإسلامية بشكل تقني خصوصا إلى الغرب وعدم الاقتصار على الجانب الشرعي. واقترح ضرورة تقديم مجموعة من المقترحات حتى لا تسقط المالية الإسلامية في نفس أخطاء النظام المالي العادي. دراسة: يجب تدارك غياب الشبكة البينية بين الأبناك الإسلامية أكدت دراسة همت كل من البحرين والإمارات وقطر والكويت وسعودية خلال الفترة ما بين 1994 و2009 ارتفاع معدل نمو إجمالي القروض يعد تحسنا في نشاط المصارف الإسلامية المختارة ، ومساهمة في الأنشطة الاقتصادية من خلال تعبئة رؤوس الأموال. وبينت الدراسة المقدمة من طرف أمين لخيار أستاذ الاقتصاد بجامعة وهران ، حول المالية الإسلامية والتنمية الجهوية نموذج منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ضرورة تحسيس العملاء والأفراد بهذا النظام وتدارك غياب القضايا التنظيمية والشبكة البينية بين الأبناك، بالإضافة إلى التحدي الرئيس والممتثل في تحويل النموذج الحالي الإسلامي إلى سياسات من خلال ممارسات أكثر تنسيقا وإطار عمل مشترك ونظام تسوية المنازعات واعتبر لخيار أن الاقتصاد الإسلامي نموذج شامل للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويؤكد على القيم المجتمعية ويسهم في محاربة الفقر. واعتبر أن مستوى نمو المصرفية الإسلامية في دول المجلس التعاون الخليجي تناهز 7 في المائة بين عامي 2002 و2009 وتقاوم بشكل ملحوظ التباطؤ العالمي الحالي. مؤكدا أن هناك صلة وثيقة مباشرة بين التنمية المالية والنمو الاقتصادي ، ومع ذلك فإن النقاش حول العلاقة السببية بين التنمية المالية والنمو الاقتصادي لا زال مستمرا. عدد المؤسسات حاليا 450 في حوالي 75 دولة كشف رشيد لالي أستاذ بكلية الاقتصاد والتسيير والتجارة بجماعة عبد الرحمان ميرة ببجاية بالجزائر أن عدد المؤسسات المالية حاليا يبلغ 450 مؤسسة بالقارات الخمس توجد بحوالي 75 دولة، برقم معاملات يبلغ 1000 مليار دولار، وأن وتيرة ارتفاع الأبناك الإسلامية مستمرة. بالإضافة إلى سوق الصكوك الذي يبلغ136 مليار دولار. وأنه من الناحية الماكرواقتصادية فإن هناك مجموعة من العوامل التي ساهمت في المالية الإسلامية، وتتعلق بالمداخيل البترولية وارتباط العديد من الدول بالإسلام وإرادة بعض المسؤولين خصوصا بالغرب. ومن الناحبة الميكرواقتصادية، كان للمردودية الكبيرة للمالية الإسلامية دور في انتشارها، فضلا عن استقرارها ومساهمتها في التنمية المستدامة. ووفق دراسة همت مجموعة من الخبراء والأساتذة والصحافيين المتخصصين، فإن 78 في المائة منهم يعتبرون أن نسبة الفائدة هي التي أدت إلى الأزمة العالمية، و72 في المائة أكدوا أنها ناتجة عن غياب الأخلاق في المعاملات المالية. واعتبر العديد من المستجوين أن المالية الاسلامية تحترم الأخلاق على المستوى الاقتصادي والمالي، و65 في المائة أكدوا صلابة المالية الإسلامية في مواجهة الأزمة بسبب مبادئها التي لا تتعامل بالربا بالإضافة إلى قدرتها على ابتكار أدوات تسيير جديدة تتميز بالإبداع والحكامة، وأغلبية المستجوبين يؤكدون على ضرورة إطلاق اسم إسلامية على هذه التمويلات بدل الاقتصار على بديلة أو أسماء أخرى.معتبرا أن المغرب مثلا أطلق عليها أبناك تشاركية. وأشار في مداخلة له حول «المالية الإسلامية لنجدة الأزمة الرأسمالية المالية المعاصرة» إلى مجموعة من التخوفات مثل غياب إطار مشترك تنظيمي وغياب نظام مراقبة بالإضافة إلى المعلومات الضعيفة التي تبين هذا النظام. وقال بأنه في ظل المديونية وتعمق الأزمة المالية فإنه بإمكان المالية الإسلامية أن تشكل حلا بديلا إلا أنه يجب إنجاز العديد من الأمور المرتبطة بها. بعد الأزمة المالية زاد الاهتمام بالأبناك الإسلامية اعتبرت رقية شرون أستاذة بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجماعة الحاج لخضر بباتنة الجزائر أن ظهور الأبناك الإسلامية ساهم في ارتفاع مؤشرات التنمية، وزاد الاهتمام بهذه الأبناك بعد الأزمة المالية، وبات ينظر إليها كحل بديل. وهي تتميز في بعض خدماته المالية باقتسام الخسائر والأرباح ووظائفها إما أنها تعتمد على رأس مال من قبيل الودائع والاستثمار فيها، أو لا تعتمد على راي مال مثل الوكالة أو إصدار الشيك. وإضافة إلى دورها الاقتصادي من خلال الوساطة المالية والتوجه إلى الاقتصاد الحقيقي، فهي تعنى بالجانب الاجتماعي من خلال إعادة توزيع الموارد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتجميع الأموال مثل الصدقات والزكاة واستثمار الأموال المجمعة. وقالت بأن الأبناك الإسلامية توفر العديد من الصيغ التمويلية مثل المشاركة والمضاربة والسلم والاستصناع والمزارعة والاستثمار المباشر والمساهمة في رأس مال الشركات بالإضافة إلى البيع المؤجل والقرض الحسن والوكالة والكفالة. دعوة إلى صناديق مختصة في تقديم القرض الحسن دعا عبد الكريم العيوني من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المؤسسات المالية المغربية إلى تأسيس صناديق مختصة في تقديم القرض الحسن، والتفكير في مقترحات تروم استفادة المواطنين من هذه الصيغة التمويلية. وأكد العيوني خلال الندوة الدولية حول «الخدمات المالية الإسلامية : المظاهر القانونية والاقتصادية والشرعية»، المنظمة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، بشراكة مع الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، ضرورة إصدار صكوك على الصيغة الوقفية. وقال خلال تقديمه لدراسة فقهية وقانونية حول «التمويل باستخدام الديون في المؤسسات المالية المعاصرة» إن العديد من المواطنين يلجؤون إلى القروض ويتم اقتطاع ذلك من أجورهم، بسبب المنتجات المرتكزة على الديون. واستطاع المهندسون الماليون التركيز على الديون وعلى أدوات تتميز بالإغراء من أجل دفع الأفراد للاستفادة منها. تطوير هندسة الاقتصاد الإسلامي اعتبر محمد الوردي من الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي ضرورة تطوير هندسة الاقتصاد الإسلامي، مع استحضار الضوابط وتنزيلها على أرض الواقع بالإضافة إلى مواكبة المستجدات. وقال الوردي بأن الاقتصاد الإسلامي مرتبط بالاقتصاد الحقيقي، وأي صيغة لابد أن تمر من خلال السلع والخدمات. وأوضح أن التمويل الإسلامي يهم تقديم السلع أو الخدمات أو وسائل الدفع مع تأجيل البدل المقابل أو بدون بدل معتبرا أن خصائص هذا التمويل حقيقية وأخلاقية ومتنوعة وتحقق النماء. وبأن التمويل يكون إما تبادليا أو تشاركيا. وفيما يتعلق بالمرتكزات الشرعية، اعتبر الوردي أن العقيدة تمثل الأساس الفكري والفلسفي للاقتصاد الإسلامي، الذي يراعي القيم الأخلاقية ويقصد بها البواعث النفسية التي يتبنها المتعاملون. وقال بأن استحضار مقاصد الشريعة والالتزام بفقه الأولويات تشكل منطلق أساسي لأي عملية إصلاح أو تجديد. وبخصوص المخاطر الاقتصادية للربا، حذر الوردي من أن الربا تؤدي إلى هدر الموارد الاقتصادية والابتعاد عن أصول المكاسب وإلى تضاعف المديونية وارتفاع التضخم.