أبرزت الأبناك الإسلامية آليات جديدة في ظل الأزمة المالية العالمية بسبب القواعد التي تقوم عليه، والتي تتمثل أساسا في عدم التعامل بالفوائد البنكية، وفي التمويل المشكوك فيه، بالإضافة إلى المبادئ التي تتعلق بالتعامل بأشياء موجودة تملكها المؤسسة المالية الإسلامية، وتحريم الغرر والميسر، أي المضاربة والمعاملات المشكوكة، هذه الأخيرة التي كانت من بين أسباب دخول القطاع المالي العالمي النفق المسدود. خصوصيات يرى العديد من الفاعلين الماليين والاقتصاديين أن التمويلات الإسلامية تملك خاصيات كبيرة للخروج بأقل الخسائر من الأزمة المالية التي تلقي بظلالها على العالم برمته، بسبب عدم تعاملها بنسب الفائدة التي كانت من بين أسباب الرهون العقارية التي اندلعت في أمريكا، فضلا عن عدم مشاركتها في شراء السلفات، وفي هذا الإطار يرى براين كيتيل الأكاديمي البريطاني أن داو جونز الإسلامي هبط ب0,78 في المائة في حين أن داو جونز العادي هبط ب7 في المائة في تعاملات شهر شتنبر. ففي كتاب صدر أخيرا للباحثة الإيطالية لووريتا نابليوني بعنوان اقتصاد ابن آوى أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي. واعتبرت نابليوني أن مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق، والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية. ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني. وأوضحت أن المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولاياتالمتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة. ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد موريس آلي إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة معتبرا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة).واقترحت للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2 في المائة. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي. التمويلات أكد عبد السلام بلاجي أستاذ الاقتصاد الجامعي أن التمويلات الإسلامية تعرف العديد من المميزات، على اعتبار تركيزها على الإنتاج، ومشاركتها في المخاطرة، وعلى تمويل واقتناء الأصول والخدمات وليس على بيع النقد بالنقد، وعملها في إطار أخلاقي، والعمل في المجال الاجتماعي. وأشار خلال إحدى المحاضرات بخصوص التمويلات البديلة في الرباط، أنه طرحت أمام هذه التمويلات العديد من الشبوهات، ووجدت عدة صعوبات، إذ يعتبر البعض أن لا فرق بينها وبين القروض الأخرى، مضيفا أن البنوك الإسلامية أصبحت مطلبا اجتماعيا، بسبب أن 36 في المائة من المغاربة لا يتعاملون مع الأبناك بسبب القروض الربوية حسب بعض التقارير، وأن هذه التمويلات طرحت في إطار غير ملائم، متسائلا كيف أن المغرب يعمل مع أجانب في إطار اتفاقية تمنع الازدواجية الضريبية ولا تفعل على الصعيد الداخلي، وكشف أن بعض الأطر البنكية تلقوا تعليمات للتعتيم على هذه التمويلات.