أثبتت بعض التقارير أن الأبناك الإسلامية أقل تضررا إزاء عاصفة الأزمة التي ما زالت تحصد الخسائر مشارق ومغارب الكرة الأرضية، مما ساهم في رغبة العديد من الدول العربية والغربية في الاستثمار في هذا القطاع، الذي يعتمد على خيار المشاركة والاستثمار، مقابل نسب الفائدة في الأبناك الكلاسيكية، وهو ما يدفع العديد من الأسر المغربية تتحفظ في التعامل مع هذه الأبناك، فما هي إذن خلفية عدم الترخيص لبنك إسلامي بالمغرب؟ تمويلات إسلامية موجهة للأبناك أفاد مصدر من بنك المغرب أن التمويلات الإسلامية الموجهة للمقاولات سلام واستصناع مازال تراوح مكانها، وهو ما يعني أنها ستلقى نفس سيناريو التمويلات الإسلامية التي دخلت حيز التنفيذ منذ حوالي السنتين وذلك بعد العديد من التأجيلات، وعلى الرغم من أن بعض الفاعلين يؤكدون على أن المغرب خطا خطوة مهمة بإعطائه الضوء الأخضر لهذه التمويلات إلا أن هناك من يرى أن هذه الإجراءات مجرد ذر الرماد في العيون، على اعتبار أن المغرب لم يسمح للأبناك الإسلامية بفتح أبوابها بالمغرب. وأكد منصف ابن الطيبي، الخبير الاستشاري في المالية الإسلامية، أن اللجنة التي شكلتها المجموعة المهنية لأبناك المغرب والبنك المركزي والتي تشتغل على التمويلات الإسلامية الموجهة للمقاولات السلام والاستصناع على وشك الانتهاء من تحديد الطريقة التي يمكن للبنوك المغربية عرض هذه المنتجات المالية البديلة بها وأنه سيتم عرض ذلك قريبا على المسؤولين في بنك المغرب، مع العلم بأن هذا الأخير ينكب أيضا على دراسة الجوانب الضريبية المتعلقة بهذه المنتجات مع الجهات المعنية لتجنب الفشل الذي عرفه طرح المنتجات البديلة الموجهة للأفراد منذ أكتوبر 7002. وأوضح أن نجاح طرح هذه المنتجات في السوق المغربية يتطلب أيضا تجند القائمين على البنوك للترويج لها بالشكل المناسب ووجود إرادة قوية لدى المسؤولين عن الاقتصاد المغربي للاستفادة من هذه الصيغ البديلة في تمويل الاقتصاد المغربي، وهو الأمر الذي لا يمكن الجزم به حاليا في غياب أي مؤشرات تؤكد ذلك. خلفية عدم الترخيص لبنك إسلامي بالمغرب؟ بنك المغرب أعلى سلطة مالية بالمغرب، وعلى لسان عبد اللطيف الجواهري، فإن بنك المغرب لم يرخص للأبناك الإسلامية لأن الطلبات كانت كثيرة بالنسبة للسوق المغربي. وتلقى البنك، حسب الجواهري، طلبات من كل من قطر وأبو ظبي والكويت والبحرين وليبيا، بالإضافة إلى طلب داخلي، مضيفا في جواب سابق له عن الأسباب التي تمنع المغرب من الترخيص لبنوك إسلامية، أنه إذا تم إعطاء ترخيص لجهة دون جهة أخرى فلن يبقى المشكل تقنيا، وسيتحول إلى مشكل سياسي، ولتفادي هذا المشكل، اعتمد بنك المغرب 3 نوافذ إسلامية، مضيفا أن المغرب لا يتوفر على بنوك إسلامية، ولكنه يتوفر على نوافذ إسلامية. الاعتبارات التي قدمها والي بنك المغرب غير مقنعة حسب العديد من المحللين، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول هذا الرفض في الوقت التي تعرف فيه هذه الأبناك تطور على الصعيد العالمي، وبات المغرب استثناء في هذا المجال سواء تعلق الأمر بالدول العربية أو الأوربية. وأوضح ابن الطيبي أن القول بأن أسباب عدم إعطاء الضوء الأخضر لبنك إسلامي بالمغرب يرجع إلى تلقي طلبات كثيرة لإنشائه وأن المغرب اعتمد خيار فتح نوافذ تتجلى في المرابحة والإجارة والمشاركة، هي أسباب غير موضوعية، لأن المطالبة بفتح هذه الأبناك بالمغرب ترجع إلى ما يقارب من 02سنة، حيث حاولت العديد من المؤسسات المالية الإسلامية ذلك وعلى رأسها مجموعة دار المال الإسلامية ومجموعة دلة البركة وبيت التمويل الكويتي وبعض رجال الأعمال المغاربة كميلود الشعبي والمرحوم مولاي علي الكتاني رئيس مجموعة بنك الوفاء سابقا وغيرهم. وأكد أنه قد يكون السبب الرئيس لعدم استعداد السلطات المالية من أجل المضي قدما في اتجاه الترخيص لبنك إسلامي بالمغرب، في الوقت الذي تتجه دول أوربية إلى الاستثمار في هذه النوعية من الأبناك، هو غياب وجود رؤيا واضحة للمسؤولين المغاربة في هذا المجال، حيث إنه لم يتم إلى حد الساعة الاستعداد لذلك، لأن الكثيرين من القائمين على الشأن المالي بالمغرب ما زالوا يعتبرون بأن الترخيص للبنوك الإسلامية يعني بأن البنوك الأخرى غير إسلامية، وهم يعلمون جيدا أن هذه الأخيرة تتعامل بالربا المحرم طبقا للشريعة الإسلامية. وقد يكون من الأسباب أيضا وجود عوامل تقنية لا تشجع القائمين على الأبناك بالمغرب للترحيب بالبنوك الإسلامية، كضرورة التعامل وفق نظام مصرفي يتطلب إدخال تعديلات كثيرة على النظام القائم وخصوصا فيما يتعلق بنظم العمليات والمعلومات والتسويق والمراقبة، حسب ابن الطيبي، مضيفا أن ذلك يستوجب استثمارات مهمة وتكوين وتأهيل للموارد البشرية الضرورية قد لا ترى البنوك القائمة حاجة ماسة إلى ذلك في الوقت الراهن باعتبار أن جل المقاولات تتعامل وفق التمويلات التقليدية ولا تجد حرجا في ذلك، فضلا على أن المواطنين لديهم حسابات بمختلف البنوك القائمة وهم لا يطالبون بشكل ملح يستدعي فتح أبناك إسلامية مع استثناءات قد تكون قليلة. الأبناك الإسلامية يعرف الاقتصاد الإسلامي تطورا كبيرا خلال الآونة الأخيرة، إذ وصل حجم تداولها إلى 007 مليار دولار، وأثبتت مناعة كبيرة في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالأخضر واليابس بمختلف بلدان المعمور، وفي هذا الإطار أبرز ابن الطيبي أنه حسب التقارير الدولية، فإن الأبناك والمؤسسات المالية الإسلامية بصفة عامة تضررت أقل من الأبناك والمؤسسات المالية التقليدية من الأزمة المالية الحالية، حيث إنها بعيدة كل البعد عن الربا والمضاربات العقارية والاحتكار في تعاملاتها، وأنه من الطبيعي بعد انتقال الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية، أن تتضرر الأبناك الإسلامية أيضا لأنها تتعامل مع مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاعات الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية. وفي سياق آخر، أكد ابن الطيبي بأن فرنسا في إطار الإجراءات التي اتخذتها للخروج من الأزمة المالية العالمية وتطوير المنطقة المالية لباريس لجعلها الأكثر جاذبية في أوربا، ولم يستبعد ابن الطيبي إنشاء أول بنك إسلامي قريبا في فرنسا. النظام البنكي دافع الجواهري بشدة على مناعة النظام المالي إزاء الأزمة الاقتصادية، وأوضح خلال الأسبوع الماضي في ندوة صحفية أن المغرب ضمن الدول القلائل التي عرفت صمود النظام المالي. بينما هناك تقارير دولية تؤكد أن المغرب ضمن أكبر المتضريين من الأزمة وأنه لم يتعامل بنجاعة مع هذه الأزمة. تقرير لمركز المالي العالمي ستاندر أند بورز أشار خلال السنة الماضية أن النظام المالي بالمغرب ضمن المجموعة الثامنة الأكثر خطورة من بين 01 مجموعات، والمجموعات الأولى هي الأقل خطورة. وعلى صعيد آخر، وفي الوقت الذي تحقق فيها الأبناك المغربية نتائج قياسية خلال السنوات الماضية، يرى العديد من المحللين أن ذلك يأتي على حساب الزبائن، حيث نسب الفائدة مرتفعة، وهناك صعوبات كبيرة لمعرفة ما هي حيثيات الحصول على القروض، مما يجعل العديد من الأسر تدخل في دائرة مفرغة من حيث تسديد هذه الديون. وعلى الرغم من الأبناك الكثيرة التي تناسلت بشتى مدن المغرب، فليس هناك تنافس بينها، على اعتبار أن المجموعة المهنية لأبناك المغرب تحدد مسار الاشتغال، ويجد المواطن أمامه كما هائلا من المؤسسات البنكية، ولكن المنتوجات تتشابه، بالإضافة إلى أن الأبناك لا تولي اهتماما كبيرا بالاستثمار، ويغلب عليها الطابع التجاري.