تشهد محافظات الضفة الغربية تصاعداً ملحوظاً لهجمات عصابات المستوطنين التي تستهدف الفلسطينيين، من خلال استهداف أملاكهم ومنازلهم ومحاصيلهم الزراعية، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم بتدريب وتسليح هذه الجماعات، بضوء أخضر من الحكومات الصهيونية الداعمة للاستيطان. وكان آخر هذه الاعتداءات، إقدام مستوطنين من مستوطنة (عتنائيل) جنوب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربيةالمحتلة فجر أمس، على إحراق مركبة عمومية في قرية «أبو العسجا» جنوب مدينة دورا، وخط شعارات عنصرية على جدار منزله. كما يواجه المزارعون الفلسطينيون في مدن الضفة الغربية تصاعداً خطيراً في اعتداءات المستوطنين خاصة في موسم قطف الزيتون من خلال اقتلاع الأشجار أو حرقها أو منع المواطنين من الوصول لأراضيهم. ويتوجه الفلسطينيون المتضررون من هذه الاعتداءات عادةً إلى المحاكم الإسرائيلية لتقديم شكاوى ضد المستوطنين، إلا أن 99 % من هذه القضايا تقفل وتقيد ضد مجهولين. الأركان الثلاثة ويؤكد الخبير في شئون الاستيطان عبد الهادي حنتش، تصاعد جرائم واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، معتبراً أنها «جرائم إرهابية من الدرجة الأولى تهدف إلى ترويع المواطنين واقتلاعهم من أراضيهم وطردهم منها». وقال لصحيفة "فلسطين" التي تصدر في غزة: «إن أعمال العنف الاستيطانية تسير بشكل ممنهج ولا ترتبط بنسبة الهدوء من قبل الفلسطينيين، بل هي جرائم منظمة تنظمها عصابتان رئيسيتان وهما (جباية الثمن) وعصابة (التلال)، التي ترصد لها ميزانيات من قبل الحكومة الإسرائيلية لتشجيع أعمال الإرهاب ضد الفلسطينيين». وشدد على أن جيش الاحتلال يعد الركن الثاني من بعد المستوطنين في نشر الإرهاب في الضفة الغربية من خلال تأمين الحماية لهم، فيما يكمن الركن الثالث في القرار السياسي الإسرائيلي الذي يدعم هذه العمليات من أجل تحقيق أهداف سياسية. وأضاف: «منذ قبل عام 1948، وتنتشر العصابات اليهودية التي تنشر الإرهاب بين الفلسطينيين، وجميعنا يعرف مجازر نفذها مستوطنون كجريمة تفجير فندق داود في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وغيرها من الجرائم». وأكد أن ذلك له تداعيات خطيرة وكثيرة من حيث حجم الهجمات التي قد تؤدي إلى مذبحة كما حصل في الخليل عام 1994. وأوضح أن هذه العصابات مدربة تدريباً عسكرياً على يد جنود الاحتلال، ويمتلكون وسائل الإرهاب والقتل والقمع، كما أنها تدفع المستوطنين الجدد للقيام بأعمال إجرامية كحرق المركبات الفلسطينية ورشقها بالحجارة وقطع الطريق عليها. واعتبر أن هذه المجموعات اليهودية باتت «تمثل تهديداً إرهابياً كبيراً على الوجود الفلسطيني»، مشدداً على ضرورة مواجهتها بمخطط عربي وفلسطيني يلعب دوراً سياسياً وإعلامياً في الساحة الدولية على المستويين الرسمي والشعبي. ودعا حنتش السلطة الفلسطينية لتوفير الأمن والسلامة للمواطنين الفلسطينيين في قراهم ومدنهم وبيوتهم وأراضيهم الزراعية، محذراً من نتائج استمرار جرائم العصابات الاستيطانية. كما طالبها بضرورة توظيف أجهزتها الأمنية لحماية المواطنين من قطعان المستوطنين، وتنظيم حملات إعلامية دبلوماسية في مؤسسات المجتمع الدولي لفضح جرائم المستوطنين، وتحميل (إسرائيل) المجازر واعتداءات المستوطنين بحق المواطنين. جرائم إرهابية من ناحيته، أوضح رئيس الحملة الشعبية لمواجهة الاستيطان في الضفة الغربية جمال جمعة، أن اعتداءات المستوطنين زادت وتيرتها بشكل كبير ضد المواطنين الفلسطينيين، من خلال حرق ممتلكاتهم ومركباتهم وقطع الطريق عنهم خلال ذهابهم إلى أراضيهم، ورشقهم بالحجارة، بالإضافة إلى إطلاق الحيوانات البرية على المزارعين لمنعهم من جني محاصيلهم الزراعية. وقال ل«فلسطين»: «هذه الاعتداءات تأتي عادة بحماية من الجيش الإسرائيلي الذي لا يتدخل بالمطلق، وإذا ما طلب منه التدخل يحمي المستوطنين، وإذا ما طلب منه اعتقال المعتدين، يقيد الجريمة أنها بافتعال مجهولين». كما بيّن أن هذه السلسلة لا تكتمل إلا بالضوء الأخضر من الإدارة الإسرائيلية السياسية التي تحاول فرض حالة من عدم الاستقرار في الضفة الغربية، وأضاف: «إن (إسرائيل) تفتعل هذه الحوادث والجرائم والمشاكل بين الفلسطينيين والمستوطنين بشكل دائم لإيهام العالم أن الفلسطينيين يضيقون على المستوطنين في حياتهم داخل المستوطنات». ولفت النظر إلى أن هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي، مؤكداً أنها تعد جزءا من سياسة الصهيونية العالمية «الماضية في تهجير الناس وردع صمودهم عبر دولة المستوطنين في الضفة الغربية، التي لا تطبق عليها حكومة الاحتلال أيًا من قوانينها أو قراراتها، بل تمنحها حرية تنفيذ جرائمها بشكل مباشر باستهداف المواطنين». وأوضح أن الهدف من هذه الاعتداءات، ترويع المواطنين وإجبارهم على ترك منازلهم وقراهم والفرار إلى المدن المجاورة لها، مشيراً إلى أن الدعم الأمريكي اللامتناهي، شجع المستوطنين على تنفيذ جرائمهم، ولا تزال واشنطن لا تتخذ موقفًا حازمًا إزاء الإرهاب اليهودي. وأضاف: «كان المستوطنون قديماً ينفذون اعتداءاتهم وانتهاكاتهم بأنفسهم بمعزل عن الجهات الرسمية الإسرائيلية، ولكن اليوم الاعتداءات والجرائم تتم بالتنسيق مع قوات الاحتلال، التي عملت على تسليح المستوطنين وتدريبهم عسكرياً، ومنحتهم الضوء الأخضر للقيام بذلك». وأكد أنه ومنذ عام 2001، اشتدت الهجمة الاستيطانية ضد المواطنين من حيث استهداف المساجد والأراضي الزراعية والقرى ومهاجمة الناس، فضلاً عن حرق الحرث والمحاصيل الزراعية، في تطور نوعي لمستوى الإرهاب الاستيطاني في الضفة والقدس المحتلة. ونبه جمعة على أن المواطنين يدافعون عن أنفسهم أمام المستوطنين عبر وسائل بدائية وأساليب التضامن الجماعي، على الرغم من أنهم (المستوطنون) عادةً يتجهزون بأحدث أنواع الأسلحة، وتابع: «إن المستوطنين جبناء ولا يمكنهم مهاجمة عدد كبير من المواطنين مهما كانت استعداداتهم القتالية، ولكن الخطورة تكمن عندما يشكلون مجموعات». وشدد على ضرورة تسويق اعتداءات المستوطنين على كافة الحركات الشعبية في العالم ومحاصرة (إسرائيل) سياسياً، الأمر الذي يتطلب قطع كافة العلاقات مع الاحتلال، مطالباً بتشكيل لجان حماية شعبية بدعم لوجستي ومادي من القيادات الفلسطينية لحماية المواطنين.