خلف فوز فيلم «كيف ما يقولو» وكلمة مخرجه هشام عيوش حالة من السخط والصدمة لدى فئة عريضة من جمهور الدورة العاشرة لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة، و بعث المخرج برسالة تلاها صاحب الدور الرئيسي في الفيلم عبد السلام بنواشة، عقب إعلان فوزه بجائزة لجنة التحكيم، قال فيها «أهدي الفيلم إلى كل المتليين بالمغرب وأدعوهم إلى ممارسة حقهم الطبيعي والوقوف في وجه النفاق المغربي ودعا إلى تغيير القوانين التي تجرم هذا الفعل في القوانين المغربية». «فيلم» «كيف ما يقولو» من 13 دقيقة الذي قام عيوش بإخراجه وإنتاجه وتصويره وكتابة حواره والذي يعرض بطنجة للمرة الثانية من بين الأفلام التي أثارت السنة الماضية وهذه السنة غضب فئات عريضة من الحاضرين وأدت إلى انسحاب بعضهم من القاعة بالنظر إلى الترويج المفضوح للشذوذ الجنسي. والفيلم تم اختياره للمشاركة من بين 80 فيلما مغربيا اعتبرت لدى كثير من النقاد والمتتبعين أقوى منه طرحا ومعالجة. عن فوز هذا الفيلم قال الفنان والمسرحي عبد الحق الزروالي، في تصريح ل «التجديد» «أنا صدمت من فوز فيلم عيوش بتلك الجائزة، وهو من الناحية المهنية لا يتوفر على سيناريو حقيقي ولا إخراج حقيقي ولا ممثلين حقيقيين، الفيلم بالنسبة إلي رديئ بكل المقاييس ومن جميع مكونات «الفيلم» بالإضافة إلى تلذذه بالعاهات.» وتابع الزروالي أن إعطاء موضوع كهذا الجائزة في الوقت الذي كانت هناك أفلام ذات مضامين وأفكار جيدة يؤكد أن هناك أمر يدبر في الخفاء ومعالم مؤامرة للإجهاز على الذوق السليم بالمغرب. من جانبه قال الناقد والمؤلف السينمائي، عز الدين الوافي، في تصريح ل«التجديد» إن فيلم عيوش يتموقع خارج السياق الثقافي المغربي وهو يبحث عن الإثارة، وأضاف أن الفيلم يعد دعوة شاذة تروم لفت الانتباه والإثارة لا أقل ولا أكثر، وحول عدد الأفلام التي لم تنل جوائز وكانت ذات مستوى أفضل قال الوافي، «ليس كل المتبارين سيكونون منصفين والقاعدة الثانية هي أنه عندما تتغير لجن التحكيم تتغير الجوائز، كانت هناك أفلام جيدة وتستحق جوائز». وعبر عدد من المخرجين في تصريحات ل «التجديد» عن تذمرهم من تكرار مثل هذه السيناريوهات بالمهرجانات التي يرعاها المركز السينمائي المغربي، والتي جرت العادة بالنسبة إليهم بتتويج من لا يستحق وتهميش الاعمال الجيدة، ذات المخرجين الذين اعتبروا أن فيلم الشذوذ كان ضعيفا من الناحية السينمائية ولا ثقل له ولا وزن سينمائي سواء على مستوى السيناريو ولا إضافته للمتلقين، تساءلوا عن الواقفين وراء هذه الاختيارات السينمائية التي يمثل بها المغرب في تظاهرات وطنية ودولية. وعن نتائج التتويج التي أعلنتها لجنة التحكيم قال الحبيب ناصري، الباحث في السينما ومدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، في تصريح ل «التجديد» إن النتائج تعكس اختيارات وتوجه لجنة التحكيم ولو كنا أمام لجنة أخرى لكنا أمام نتائج أخرى، وقال إنه كان يرشح أفلاما أخرى لكنها لم تتوج. وبالعودة إلى الجوائز التي وزعتها لجنة التحكيم، فقد عادت الجائزة الكبرى للفيلم الإيطالي «حمولة» للمخرج «كارلو سيروني»، ويحكي الفيلم عن الدعارة والمتاجرة بالنساء فيها، كما منحت، من بين 52 فيلما قصيرا مثلث 21 دولة من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، تذكارا تقديريا للمخرج الإيطالي «تيري كيليام» عن فيلمه «عائلة بأكملها». وعادت جائزة الإخراج للشريط الكرواتي «مظلة» للمخرج «يوري بافلوفبتش»، فيما منحت جائزة السيناريو للمغربية مريم التوزاني عن فيلمها «الليلة الأخيرة»، ويحكي فيلم التوزاني، الذي لعبت فيه البطولة الممثلة فاطمة الزهراء الجوهري إلى جانب محمد عشاب، حكاية طفلة فقدت والدها، لتصبح تحت رعاية جدها الذي سيحاول ملأ الفراغ الذي خلفه رحيل رب الأسرة. ومنحت جائزة أحسن دور رجالي ل «ريشات أربانا» عن دوره في الفيلم الألباني «ما وراء النهر»، وعادت جائزة أحسن دور نسائي للممثلة التركية «سيم بيندر» عن دورها في فيلم «صمت». هذا و أعلن المهرجان عن تنظيم دورته الحادية عشرة السنة المقبلة في الخامس من شهر أكتوبر 2013، كما ينتظر أن يعلن على خطة لتطوير المهرجان وقد استعان المركز السينمائي في ذلك بلجنة استشارية سبق ل «التجديد» أن أشارت إلى هيمنة توجه واحد عليها. ******************** كواليس من المهرجان حالة من الخوف تهيمن على عدد من النقاد والمخرجين فبعضهم رفض التصريح على غير عادته والبعض الآخر صرح وطالب بعد ذلك معتذرا بعدم ذكر اسمه والبعض الآخر قال صراحة إن ذكر اسمه سيحرمه من دعم المركز السينمائي أو عدم مشاركته في الدورات المقبلة. السيادة اللغوية في التواصل والترجمة كانت للغة الفرنسية بنسبة فاقت 80 بالمائة في فقرات المهرجان في تهميش واضح للغتين الوطنيتين العربية والأمازيغية خاصة هذه الأخيرة التي لم يكلف المنظمون أنفسهم عناء كتابة ولو حرف واحد منها على المطبوعات أو الوثائق. أثار عدد من المتتبعين احتكار مقدمين إعلاميين لصفقة تقديم أشغال المهرجان طيلة السنوات الأخيرة دون غيرهم من الإعلاميين كما هو الشأن بالنسبة لصفقات الاستضافة بالفنادق. جانب من رسالة الدعوة إلى حرية الشواذ جانب من رسالة هشام عيوش تمكن موقع «اون مغاربة» من التقاط صورة لها، وحصلت «التجديد» على نسخة منها، حين أخرجها بطل الفيلم بعد ما اعتلى منصة الحفل. واستنكر متتبعون لغة الرسالة متسائلين حول ما إذا تم استغلال مهرجان طنجة إلى منبر لترويج الشذوذ، مستغربين ما تشير إليه معطيات الرسالة الموجهة للجمهور من أن مخرج فيلم «كيف ما يقولو» قد يكون كتبها قبل إعلان نتائج الفوز التي لا تتم عادة إلا في وقت محدد داخل قاعة الحفل الختامي، وذلك قبل ساعات؟