في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن تقارب مهم بين إسبانيا والمغرب يزداد بوتيرة تصاعدية منذ السماح لسفن الصيد الإسبانية باستغلال المياه المغربية للصيد بشكل مؤقت، يأتي ملف المهاجرين المغاربة الذين تعرضوا لحريق خطير بإحدى زنازن مفوضية الشرطة بمدينة مالقة بالجنوب الإسباني أواخر الأسبوع الماضي، ليخلف نوعا من الارتباك في صفوف الرأي المحلي بالبلدين بشكل خاص. أعلنت جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا فرع الأندلس، أن الجمعية تعتزم رفع دعوى قضائية ضد مندوبية الحكومة الإسبانية بالمدينة، محملة إياها المسؤولية عما حدث للمهاجرين المغاربة داخل مفوضية الشرطة الإسبانية. وقالت الجمعية في بيان توصلت "التجديد" بنسخة منه إن عجز المندوبية عن تأمين تطبيق المساطر القانونية التي توضح ظروف الاعتقال والشروط الأمنية الواجب توفرها فيه يحملها المسؤولية كاملة عما وقع، مضيفة بأن نائب المندوبية ملزم بتقديم استقالته بسبب عدم أهليته للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه. وأدانت الجمعية في البيان ذاته الطريقة التي تم بها التعتيم على هذه الفاجعة، وكذلك السرعة التي تم بها التخلص من باقي المهاجرين الذين أصيبوا بدرجات أقل من الحريق المذكور، في تجاهل تام للمساطر والقوانين المعمول بها في هذا الموضوع. وتساءلت الجمعية عن الكيفية التي قبلت بها السلطات المغربية استقبال هؤلاء المهاجرين في ظل الظروف والملابسات التي تم الحديث عنها من قبل والمتعلقة بتجاوز المساطر القانونية الجاري بها العمل. وعبرت الجمعية عن شعورها بالأسف "للهدية" التي قدمتها السلطات الإسبانية للمغرب في أعياد الميلاد بعد الجميل الذي قدمه المغرب لإسبانيا بعد كارثة غاليسيا. الحريق الذي شب في مفوضية الشرطة الإسبانية أضاف قتيلا آخر قبل يومين ليصل بذلك عدد القتلى المغاربة إلى ثلاثة أشخاص، في حين يبقى أربعة آخرون في غرفة العناية المركزة في حالة وصفها الأطباء المشرفون على علاجهم بالخطيرة. فكل هؤلاء الضحايا يعانون من حروق من الدرجة الثالثة بحيث يعانون من تشوهات جسدية رهيبة، بالإضافة إلى تأثير تلك الحروق سلبا علي تنفسهم، كونهم يعانون من مشاكل كبيرة في التنفس. بل أكثر من ذلك ، فالقتلى الذين راحوا ضحية الحريق المذكور لم يتمكن المسؤولون من التعرف على هوياتهم بسبب التشوهات الكبيرة التي تعرضوا إليها. لكن ما يثير استغراب الجميع هو الصمت المطبق الذي ميز رد الفعل الرسمي المغربي. فمع توالي عمليات قتل المغاربة في الخارج، التزمت الخارجية المغربية بغض الطرف عن مختلف هذه الوقائع المؤسفة، واختزلت دورها في مثل هذه القضايا الخطيرة في تقديم التعازي لعائلات الضحايا. وفي هذه القضية بالذات، تقدم محام إسباني يدعى خوسي تشينسو بمبادرة رفع شكاية في الموضوع للسلطات القضائية لرفعها لفتح تحقيق يكشف ملابسات الموضوع. وهذا المحامي الإسباني قام أيضا بزيارة للقنصل المغربي المعتمد بإشبيلية وقدم له التعازي في وفاة المهاجرين المغاربة! واكتفت نزهة الشقروني الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، بالقول بأن السلطات المغربية تتابع تطورات ملف الحريق (الذي أودى لحد الآن بحياة 3 مغاربة) عن كثب عبرالقنصلية المغربية إلى غاية التعرف على ملابسات الحادث بشكل كامل! ومعلوم أن حريقا شب بمفوضية الشرطة بمدينة مالقة بجنوب إسبانيا نهاية الأسبوع الماضي أودى بحياة ثلاثة مغاربة، في حين يبقى أربعة آخرون في حالة خطيرة. وكانت سلطات الأمن الإسباني ألقت القبض على هؤلاء المهاجرين واعتقلتهم بمفوضية الشرطة، تاركة لهم المجال للاحتفاظ بوسائل إشعال النار (قداحات) بدعوى أنها حالة تعامل استثنائية مع المهاجرين السريين المغاربة! وكانت مصادر طبية إسبانية بمالقة احتجت على الطريقة التي تعامل بها المسؤولون الأمنيون مع الأطباء المعالجين، بسبب رفض هؤلاء تقديم المعلومات الكاملة من ملابسات الحادثة. أحمد حموش