مكنت اتفاقية التعاون التي وقعها المغرب وروسيا في مجال الصيد البحري، على هامش الزيارة الملكية لموسكو الأسبوع الماضي، الأسطول البحري الروسي من العودة إلى استمرار نشاطه في المياه المغربية. ونصت الاتفاقية الموقعة بين الطرفين كما ذكرت ذلك وكالة "إيتار تاس" نقلا عن لجنة الدولة الروسية للصيد البحري أن الاتفاقية تشمل صيد عدد من أنواع الأسماك من بينها الأسقمري في عرض الشواطئ الأطلسية المغربية. وأوضح المصدر نفسه أن الجانب المغربي سيحدد كمية وأنواع الأسماك المصطادة وعدد ونوع قوارب الصيد المستعملة، ويلتزم الطرف الروسي بأداء تعويض سنوي مقابل حق الصيد في المياه المغربية. وجاءت اتفاقية الصيد الجديدة الموقعة بين الرباط وموسكو مؤخرا تتويجا لمسار بحث التعاون الاقتصادي، لاسيما في مجال الصيد البحري، خاصة وأن الخبراء المغاربة والروس اجتمعوا في يناير الماضي بالمغرب لبحث مسألة تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب وروسيا التي انتهت صلاحياتها سنة 1999. وظهرت تفاعلات تجديد المغرب لاتفاقية الصيد البحري مع روسيا بشكل سريع عند الطرف الإسباني، أحد المعنيين المباشرين بملف الصيد البحري، ذلك أن مصادر إسبانية ذكرت نهاية الأسبوع الماضي أن وزارة الدفاع الإسباني ستستثمر 120 مليون أورو بهدف تحديث أسطولها الجوي المكون من 56 طائرة من نوع 18 F. وأوضحت المصادر ذاتها أن مجلس الوزراء رخص الجمعة الماضية لوزير الدفاع الإسباني بصرف 120 مليون أورو (1 أورو يساوي 10 دراهم) خلال الفترة الممتدة ما بين 2002 و2006وذلك بغية تحديث الأسطول الجوي المكون من 56 طائرة مطاردة من نوع (A81 F) خاصة وقد كان الاستعراض العسكري الذي شارك فيه 4000جندي من بينهم 300 امرأة بمناسبة العيد الوطني لإسبانيا فرصة لعرض أنواع الأسلحة الأكثر تطورا في مجال الدفاع الجوي والمشاة التي تتوفر عليها مدريد. وكان أن علقت جريدة لاراثون على هذا الحدث الاستعراضي بقولها إن الجيش الإسباني يُظهر أنيابه للمغرب. وفي نفس السياق كشفت مصادر إعلامية مطلعة مؤخرا أن القيادة العسكرية الإسبانية أعلنت عن عزمها شراء صواريخ باتريوت من ألمانيا وبموافقة الولاياتالمتحدةالأمريكية لمواجهة صواريخ مزعومة قادمة إليها من جارها الجنوبي. ولئن عرفت العلاقة المغربية الروسية تحسنا وتطورا توجت بالزيارة الملكية الأخيرة لروسيا وتجديد اتفاقية الصيد البحري، فإن هذا الملف مازال يشكل إلى حدود اللحظة إحدى نقط التوتر في ملف العلاقة المغربية الإسبانية. ويكتسب ملف الصيد البحري حساسية بالغة لكلا الطرفين، ذلك أن المصايد البحرية المغربية تحتضن في الوضع العادي أكثرية سفن الأسطول الإسباني المتحرك في دول العالم الثالث ويوفر ما يزيد عن 004 ألف وظيفة عمل في إسبانيا. وتكلف عملية إعادة هيكلة هذا الأسطول أمام رفض المغرب تجديد اتفاقية الصيد البحري مع إسبانيا التي انتهت مع نهاية نونبر 1999 ما قيمته 76.1 مليار يورو أي ثلاثة أضعاف التعويض المالي المقدم للمغرب حسب اتفاق 1995. وعلى الصعيد المغربي يعاني هو الآخر من بطالة حادة تفوق %22 حسب التصريحات الرسمية كان قطاع الصيد مرشحا في حالة تجديد الاتفاقية لأن يوفر ما يناهز 150 ألف وظيفة عمل و5.1مليار دولار من العملة الصعبة حسب بعض التقديرات. ولما لم يتم تجديد اتفاقية الصيد البحري مع إسبانيا بعد فشل كل المفاوضات في ذلك تم الإعلان من طرف الحكومة الإسبانية عن إجراءات انتقامية ضد المغرب، وتتالت تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية سواء للإعلام الإسباني أو في جلسات الأسئلة الشفوية بالبرلمان الإسباني، حيث تم تحميل المغرب مسؤولية فشل المفاوضات، وأن ذلك يترتب عليه تغيير العلاقات المغربية الإسبانية واتخاذ إجراءات عقابية بحق المغرب تطال عملية تحويل الديون الإسبانية إلى استثمارات، والمساعدات الإسبانية للمغرب، وكذا المساهمة الإسبانية في تطوير البنيات التحتية. وبموازاة هذه التطورات نجد التحركات الإسبانية المتعددة في مجال دعم جبهة البوليزاريو ومواجهة المواقف المغربية الإيجابية إزاء المقترح الذي تقدم به جيمس بيكر لتسوية ملف الصحراء المغربية، وضمن هذه التحركات نذكر الترخيص لما يزيد عن 150 جمعية مناصرة للبوليزاريو بالتحرك في التراب الإسباني ورفع حجم المساعدات المالية الموجهة لهذه الجبهة الانفصالية تحت مبررات الدعم الإنساني بالإضافة إلى أن طلبات تسوية أوضاع المهاجرين المغاربة رفضت السلطات الإسبانية منها ما يفوق 50% من مجموع الطلبات المقدمة في حين أن نسبة القبول في بعض الدول الأخرى وصلت إلى ما يزيد على 80%. عبد الرحمان الخالدي