الحييّ من أسماء الله تعالى التي لم ترد في كتاب الله تعالى وإنما ثبتت في الصحيح من السنة النبوية، من حديث يَعْلَى بن أمية رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ (الفضاء الواسع الخالي من الشجر) بِلاَ إِزَارٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلّم : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ). وكذلك من حديث سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وآله وسلّم قال: (إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا). معناه: الحييُّ أصل معناه في اللغة من الحياء، وهو صفة خُلقية رقيقة وحالة نفسية حميدة تعتري الإنسان فتحمله على فعل كل جميل وتمنعه من ارتكاب كل قبيح شرعيّ أو عقليّ أو عرفيّ مما تكرهه النفوس وتنفر منه الطباع السليمة.وفي البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ) . وهو شعبة من الإيمان كما في الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان). وقد كان النبيّ عليه الصلاة والسلام أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها،إلا أنه كان لا يستحي من الحق . والله سبحانه وتعالى الحييُّ الذي لا يفضح عباده عند المجاهرة بالمعصية، فيُسبل عليهم ستره الجميل ويُمهلهم ويَقبل توبتهم ويوفق مُحسنهم ويسمع دعاءهم ولا يخيِّب رجاءهم. وحياء الربّ تعالى (كما قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين): "لا تدركه الأفهام ولا تكيّفه العقول فإنه حياءُ كرم وبرٍّ وجود وجلال، فإنه تبارك وتعالى حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً ويستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام، وكان يحيى بن معاد يقول : "سبحان من يذنب عبده ويستحيى هو، وفي أثر : من استحيى من الله استحيى الله منه". من أثر معرفة اسم الله الحييّ على العبد: إذا عرف العبد ربه الحييّ واستشعر اطّلاعه عليه في السّر والعلن استحيا من الله تعالى أن يراه على معصية. وإذا خلوت بريبة في ظلمة*** والنفس داعية إلى عصيان فاستحيِ من نظر الإله وقل لها*** إن الذي خلق الظلام يراني وقد بيّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم حقيقة الحياء من الله عزّ وجلّ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلّم قال: ( اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ، قَال: قُلنَا يَا رَسُول اللهِ إِنَّا لنَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ للهِ، قَال: ليْسَ ذَاكَ وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ البَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ المَوْتَ وَالبِلى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَل ذَلكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ ).