في الوقت الذي تمعن فيه الآلة العسكرية الصهيونية في تقتيل وتشويه جثث إخواننا الفلسطينيين واللبنانيين في مجازر رهيبة كانت آخرها وأبشعها مجزرة قانا الثانية التي ارتكبها الصهاينة صباح يوم الأحد 30 يوليوز 2006 وقتلوا فيها عشرات الأطفال والنساء، وفي الوقت الذي أصدر فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمره بإلغاء جميع مظاهرالاحتفال التي تقام خلال عيد العرش المجيد، والاكتفاء بالتظاهرات الرسمية، تضامنا مع الشعبين الشقيقين اللبناني والفلسطيني، شذت القناة الثانية عن هذا الأمر السامي وظلت خارج السياق الإعلامي العربي، ورقصت على إيقاع جراح شهداء قانا الثانية. دوزيم منذ بداية العدوان لم تواكب ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أحداث دامية باستثناء الإشارات غير الشافية في النشرات الإخبارية وبقيت القناة على حالها تبث البرامج ذات الطابع الترفيهي والغنائي، وتواكب أنشطة المهرجانات والسهرات الغنائية أكثر من مواكبتها لأحداث لبنان وفلسطين، فقد أصرت قناة عين السبع على أن تقدم النسخة الثالثة من برنامج ''استوديو دوزيم''، وخصوصا سهرته النهائية التي تزامنت فقرات منها مع القصف الصهيوني لقانا، وأعيدت زوال يوم أمس في عز الألم العربي والإسلامي، وفي وقت لم تجف فيه بعد دماء شهداء هذه المجزرة الصهيونية الرهيبة، وبالرغم من تعالي أصوات داخل قناة عين السبع وخارجها من توقيف هذا المسخ الفني، قبل بدء العدوان على لبنان، إلا أن إدارة القناة لم تأبه بكل الانتقادات التي وجهت إلى البرنامج وإلى الخطورة التي أضحى يشكلها مثل هذا النوع من البرامج على الشباب المغربي، والتي تحفل بكل مظاهر التمييع وسلخ الشباب عن هويته وأولويات واهتماماته وصرفه عن قضايا هذا الوطن العربي الجريح. وهكذا ظلت ''دوزيم'' طيلة ستة أسابيع تقدم كبسولات يومية وسهرات الرقص والغناء كل سبت، غير عابئة بما يتعرض له إخواننا في الدولتين الشقيقتين. وحينما سألنا أحد المشرفين على برنامج ''استوديو دوزيم'' عن رأيه في ذلك، أجابنا: ''إننا نتضامن مع الشعب اللبناني باستضافتنا لفنانين لبنانيين''، والواقع أن قناة عين السبع دأبت منذ سنوات على استقبال فنانين لبنانيين من الدرجة الثالثة والرابعة، وسعت إلى ''لبننة'' كل سهراتها الفنية وغير الفنية، وكان آخر هؤلاء الفنانين (أمل حجازي، دينا حايك، رامي عياش ..) الذين لو أرادوا التضامن مع محنة بلادهم لما فروا من حرب لبنان وقدموا للمشاركة في مثل هذه السهرات الهابطة، في مثل هذا الظرف الاستثنائي، ولو كان القائمون على ''استوديو دوزيم'' يعون ما حولهم ويستشعرون هذا البعد الإنساني، لما قال عماد النتيفي، المنشط الدائم لسهرات ''دوزيم'' أثناء تقديمه لرامي عياش في '' البرايم'' ما قبل الأخير: ''احنا ما كنديروش السياسة''. وإذا كان معدو برنامج'' استوديو دوزيم'' يرون أنهم يتضامنون مع لبنان وفلسطين في نشرات الأخبار، وأن البرنامج ناجح ويحقق أعلى نسب المشاهدة في القناة، وأنه لم يتلق أية انتقادات، فإن الحاج يونس أحد أعضاء لجنة التحكيم، انتقد المستوى الفني الضعيف الذي ظهر به المشاركون في هذه النسخة، كما اعتبرت كثير من الفعاليات والصحف أن تجربة هذا البرنامج انزاحت عن المقصد الفني العام، وانخرط في عملية هدم شامل وطمس واضح للإبداعات الحقيقية للشباب المغربي وذلك بإخضاع المتسابقين لعملية استنساخ مشوه لكائنات بشرية (الرولوكينغ) وإجبارهم على تأدية عروض إيحائية راقصة و''ناقصة''وارتداء ألبسة كاشفة وفاضحة وكراء شريحة من الجمهور تنط ''طربا'' مع كل ''جرة كمنجة''، وتشتري بثمن بخس الوهم من تلفزيوننا الذي انتقدته مؤخرا الفنانة حياة الإدريسي في حوار لها لإحدى المجلات المغربية حين اعتبرت أن التلفزيون المغربي ''يدفع بالشباب في متاهات الوعود الكاذبة، وأنه لا معنى أن يقوم التلفزيون بإلباس بعض الشباب ملابس جميلة وتسعى لإيهامهم بأنهم نجوم الفن مع أن الواقع يحفل بالكثير من المغاربة الذين يعيشون وضعا من أبسط أوصافه أنه مؤلم''. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر من داخل دوزيم ل''التجديد'' أن القناة تلقت من المشاهدين المغاربة إبان بث البرنامج المذكوراتصالات كثيرة تحتج على إدراج ''استوديو دوزيم'' فقرات مخلة بالحياء، لا تراعي قيم الأسرة المغربية ولا تكترث بما يقع لشعب لبنان، كما لم ينف مصدر مطلع من ''دوزيم'' خبر الفتاة المشاركة التي طردتها القناة الثانية دون إخبار أسرتها بعد ضبطها متورطة في فضيحة أخلاقية بأحد الفنادق التي ينزل فيها المشاركون. كما لم يوضح من قبل كيفية سماح اللجنة بتمرير أغنية شاركت بها مغربية مقيمة بكندا، تعتبر الشعار الفني للشواذ الفرنكفونيين. سعيد دهري(نقلا عن التجديد)31/7/2006