وإذا كانت مقتضيات القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان الدولية، قد متعت نظريا الأطفال بحماية خاصة، حيث تنص المادة 24 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه «يتعين على أطراف النزاع أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر الذين تيتموا اوافترقوا عن عائلاتهم بسبب الحرب وتيسير إعالتهم وممارسة دينهم وتعليمهم في جميع الأحوال ...» إذا كان الأمر كذلك، فإن سلطات الاحتلال تقتل الاطفال وتحول الطفولة الفلسطينية إلى هدف للأسلحة المحرمة دوليا، بل وتعمد إلى تكسير عظام الأطفال، كما حدث زمن الانتفاضتين الأولى والثانية. أكثر من ذلك، فإن قتل الأطفال وإذلالهم، من أجل اغتيال روح الوطنية فيهم، كان دوما جزءا من عقيدة الحرب الإسرائيلية. وقد كان إسحاق شامير وأرييل شارون يتلذذان بهذه السلوكات، على اعتبار انها جزء من استراتيجية الحفاظ على التوازن الديموغرافي بين الاسرائليين والفلسطينيين. ب: جرائم القتل الجماعي والإبادة الجماعية للجنس البشري: ومن تكسير عظام الأطفال إلى جريمة إبادة الجنس البشري والقتل العمد اللذان يعتبران من أهم مرتكزات قيام إسرائيل، حيث يلازمان تاريخ وجودها منذ أن جلبت العصابات الصهيونية وجمعت في ارض فلسطين التاريخية وتم تمكينها من السلاح من جانب القوى الاستعمارية والحركة الصهيونية العالمية. وتواصلت هذه السياسة وأضحت عقيدة سياسة وعسكرية إسرائيلية ثابتة ومن مستلزمات الكيان الإسرائيلي، لم يقتصر على ممارستها في حروبه القدرة في الثلاثينيات وأعوام 1948 و1956 و1967 و1973 و1982، ولكنها استمرت سلسلة متواصلة وأصبحت جزءا من يوميات القمع الصهيوني. فما مر يوم لا يسمع فيه العالم عن إطلاق النار من جانب قوات الاحتلال وسقوط قتلى أوجرحى أو إلقاء القبض على مواطنين فلسطينيين او اعتقالهم وغالبا دون محاكمة في اطار ما يسمى بالحجز الاداري. وفي العام 1982 غزت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأراضي اللبنانية ونفذت واحدة من أبشع المجازر في التاريخ المعاصر في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين. وأثبتت الصور التي تناقلتها وكالات الأنباء والمحطات التلفزيونية، الطبيعة الدموية والقمعية لإسرائيل كما كشفت وحشية الاحتلال، حيث قتلت اسرائيا حوالي00 17 فلسطيني من المدنيين العزل من أطفال وشيوخ ونساء واغتصب الغزاة الصهاينة نساء العرب ودنسوا الشرف الإنساني بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، بعد ان قتلت أكثر من 17 الف لبناني وفلسطيني في نفس العدوان. ولم تكن صبرا وشاتيلا إلا محطتين جديدتين في التاريخ الدموي لإسرائيل، انضافتا إلى مجازر الإسرائيلي من دير ياسين ومجزة الأقصى ومرورا بمجزرة الخليل ووصولا إلى العدوان على غزة التي نفذها المستوطن غولدشتاين. وفي جميع محطات تثبيت الاحتلال تظل جريمة إبادة الجنس البشري من جانب دولة إسرائيل ثابتة وفق المواد 27 و31 و32 و33 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب التي تمنع قتل الأشخاص الخاضعين للاحتلال أو تعنيفهم أو تعريضهم لفضول الجماهير أو للاغتصاب أو إكراه النساء منهم على الدعارة، حيث تنص المادة 32 من الاتفاقية على مايلي: «تحظر الأطراف السامية المتعاقدة صراحة جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها. ولا يقتصر هذا الحظر على القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه أو التجارب الطبية والعلمية والتي لاتقتضيها المعالجة الطبية للشخص المحمي، ولكنه يشمل أيضا أعمال وحشية أخرى سواء قام بها وكلاء مدنيون أو وكلاء عسكريون». وفي حالة الحرب على غزة وسعت إسرائيل مجال القتل وإبادة الجنس البشري وصعدت من حدتها «وأبدعت» في مناهج هذا القتل، حيث يلجأ جيش الاحتلال إلى تجميع السكان المدنيين وقصفهم وإبادتهم كما حدث في عدد من الدور السكنية، هذا فضلا عن القصف العشوائي الجوي والبري والبحري وقصف المناطق المحمية والامنة بمقتضي القانون الدولي الانساني. ويعتبر المسؤولون الإسرائيليون مدانين لممارستهم هذه الجريمة وفق المواثيق التالية: الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة بلاهاي في 18 اكتوبر 1907؛ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المؤرخة في 9 دجنبر 1948؛ اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب. - البروتوكول الاول الملحق باتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة -الاتفافية الدولية بعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية -اتفاقية حقوق الطفل لعام 1990 ووفق النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية باعتباره أحدث وثيقة دولية تتوج ما راكمه التقنين والتشريع الدولي لحماية المدنيين من شراسة الحروب ومجرميها، فإن الابادة الجماعية- حسب المادة السادسة من هذا النظام المعروف بنظام روما- تعني اي فعل من الافعال التالية «التي ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية هلاكا كليا او جزئيا: -قتل افراد الجماعة -إلحاق ضرر جسدي و عقلي جسيم بأفراد الجماعة -إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها هلاكها الفعلي كليا او جزئيا -فرض تدابير تستهدف منع الانجاب داخل الجماعة -نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى». ولسنا في حاجة مرة اخرى الى التدليل على ان هذه الافعال هي نفسها التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة (أنظر المؤطر رفقته ببعض اشكال الابادة الجماعية التي لحقت هذه الشعوب على يد الاحتلال الاسرائيلي منذ 1947 ). وكما يشهد على ذلك عدوان غزة ، فإنه كلما تقدم العالم من حيث التشريع ومن حيث الممارسة في التخفيف من آلام الحروب كلما ازدادت بشاعة القتل الاسرائيلي بحق المدنيين. 1947- مذبحة بلدة الشيخ: 600 قتيل 1948- مذبحة ديرياسين: 360 قتيلا 1948- قرية أبوشوشة: 90 قتيلا 1953- مذبحة قبية بقيادة شارون : 67 قتيلا 1956- مذبحة قليقلة: 70 قتيلا 1956- مذبحة خان يونس: 250 قتيلا 1982- غزو لبنان: 17 ألف و 500 قتيل 1982- مذبحة صبرا وشاتيلا بلبنان : 1700قتيل مدني اعزل في الاغلب اطفال ونساء على إثر انسحاب المقاومة الفلسطينية من لبنان بعد حصار ومقاومة فلسطينية لبنانية دامت 88 يوما 1990- مذبحة الأقصى: 21 قتيلا 1994- مذبحة الحرم الإبراهيمي:20 قتيلا 1996- مذبحة قانا: 106 قتيل اكثر من نصفهم اطفال احرقتهم الطائرات الاسرائيلية في قاعدة للامم المتحدة 2002- مذبحة جنين: 200 قتيل 2006- مذابح في لبنان في عدوان يوليوز وتدمير الاف المنازل والتجهيزات الاساسية والخدمية واستعمال للاسلحة المحرمة دوليا بما فيها القنابل الحارقة والانشطارية والفوسفورية. الى جانب ذلكن بالطبع ثمة القتل اليومي للفلسطينيين منذ اغتصاب فلسطين ومصادرة اراضيهم وتدمير الاف القرى الفلسطينية واعتقال الالاف منهم في اطار الحجز الاداري، اي دون محاكمة ودون تهمة.