فتحت ساكنة الصحراء الشرقية مؤخرا لائحة التوقيعات من أجل المطالبة باسترجاع أقاليم الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة،من طرف الجزائر عبر الشبكة العنكبوتية من خلال موقع" الفايسبوك" الشهير، ولقد لقيت إقبالا كبيرا باعتباره الوسيلة الوحيدة على الأقل إلى حد الآن للم شمل أبناء الصحراء الشرقية والمتنفس الأرحب لفتح نقاش أوسع عبر الإنترنيت للتعبير عن معاناتهم الإنسانية والاجتماعية التي دامت نصف قرن، بعد سلبهم قسرا أراضيهم وخيراتهم، وتشريدهم عن ذويهم ، بعدما شهدت المنطقة انتفاضات متكررة لقبائل الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة على مدى سنين، ولا يزال تذمر سكان هذه المناطق متواصلا يتم التعبير عنه جماعات أو فرادى بداخل هذه الأراضي مما يعرض الكثير منهم إلى المضايقات والزج بهم في السجن لمدة طويلة، كما حصل للمغاربة الثلاث الذين ينحدرون من الصحراء الشرقية الذين أدانتهم محكمة الجنايات ببشار بالجزائر بعشر سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، بعد ماعبروا عن انتمائهم للوطن الأم من خلال تسريب منشورات سرية تدعو إلى تعبئة الساكنة من أجل تحرير الصحراء الشرقية من الاغتصاب الجزائري و التمست النيابة خلال مرافعتها تسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين الخمسة مع إخضاعهم لفترة مراقبة أمنية مدة عشر سنوات وحرمانهم من الحقوق المدنية والوطنية،حيث اعتبرت أن هذه القضية«ليست قضية عادية، بل جريمة واغتيالا للإحساس بالوطنية» هذه الانتفاضات والتعبيرات الساخطة على الوضع القائم بهذه المناطق كانت ولا زالت مستمرة ضد النظام الجزائري العسكري القابض بيد من حديد على الوضع بالجزائر والخانق لحرية الشعب الجزائري الشقيق في العيش الكريم والتعبير عن رأيه بكل حرية سواء في الوضع الداخلي المتأزم أو في القضايا المرتبطة بالحدود مع المملكة المغربية، عبر هؤلاء المواطنون المغاربة بعين صالح وبشار والقنادسة من قبائل معقيل وبني هلال والزناتيين والطوارق وأولاد أشبل، وذوي منيع وجرير وغيرهم المنتشرون عبر مناطق الصحراءالمغربيةالكبرى التي تعرف بمناطق توات والساورة وتيديكلت الممتدة على مساحة تقدر بحوالي: مليون ونصف الكلم مربع (1.5 كلم2) عبروا عن مغربيتهم وولائهم للعرش العلوي من خلال تنظيم تظاهرات في هذه المناطق وعبر الكتابة على الجدران، بحيث تعرض الكثير منهم إلى القمع والتنكيل، والزج بهم في دهاليز السجون الجزائرية الرهيبة، ورغم ذلك استمر «النضال السري» لمغاربة الصحراء الشرقية في صمت عبر توظيف مختلف الطرق والوسائل ومن ضمنها حاليا وسائل الإعلام المكتوبة وشبكة الإنترنيت التي سهلت مأمورية تنسيق التحركات بين جميع الصحراويين المغاربة سواء المتواجدون في الصحراء الشرقية الكبرى المغتصبة أو في مخيمات تندوف أوفي مختلف بقاع العالم، مما يسر من تأجيج الوضع بالمخيمات عن طريق تبادل المعلومات والأفكار بين الأهالي والمناضلين الشرفاء الذين لا يقبلون بديلا عن العيش إلا في وطنهم المغرب وهو ما أحرج جنرالات الجزائر وضايق مسعاهم في طمس حقيقة الوضع بالصحراء الشرقية الكبرى سواء بداخل مخيمات العار أو بباقي مناطق هذه الأراضي المغتصبة.لم ينس أبناء الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة قضيتهم الأساسية ، بحيث تأسست في مستهل الستينات" لجنة تحرير الصحراء" أو ما كان يطلق عليها" بجبهة تحرير الصحراء الكبرى" التي رفعت ملتمسا لجلالة الملك الحسن الثاني آنذاك أكدت فيه استماتة نضالها حتى تحرير باقي أجزاء التراب الوطني، وطالبت بتوزيع أمثل لتمثيلية ساكنة الصحراء الشرقيةوالغربية وموريتانيا بوزارة الدولة المكلفة بشؤون موريتانية والصحراء آنذاك، وتوفير شروط الاشتغال من أجل التعبئة والنضال على مختلف الجبهات. وكان قد وقع على جملة من هذه المطالب آنذاك كل من السادة:عبد الكريم التواتي، عبد العزيز قاسم التواتي، العبادلة ماء العينين(الساقية الحمراء) ليدات ماء العينين(الساقية الحمراء) المهدي بن عبد الجليل التيندوفي، البلعمشي أحمد يكن التيندوفي، الطالب البشير القندوسي، المامون بن مصطفى القندوسي، مولاي الشريف العلوي (العين الصفراء)، الحاج البكاسي، البكري محمد، الحاج شماد، الزاوي الجر يري، غربال الحمياني، لكبير العموري المختار بن أمانة الله التيندوفي، الغازي بوجمعة الجر يري، لفضيل السنيني لمنيعي، بوشنتوف محمد التواتي، الأمير محمد علي التاركي. وواصلت "الهيئة الوطنية للدفاع عن مناطق الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة" التي تأسست سنة 1978 بمعية صحيفة "السلام" تبنيها الدفاع عن الصحراء الشرقية ،ولم تكثف من نضالاتها على مستوى الأصعدة الداخلية والخارجية إلا في العشرية الأخيرة من الألفية الثالثة، حيث فتحت صحيفة" السلام" نقاشا واسعا حول هذه القضية، وربطت اتصالاتها مع أبناء هذه المناطق في داخل المملكة وخارجها، ونشرت مختلف المذكرات التي وجهتها الهيئة إلى جلالة الملك،ومذكرات أخرى في نفس السياق إلى الدولة الفرنسية وإلى الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة، وإلى دولة الولاياتالمتحدةالأمريكية وإلى دولة السودان ، ورفعت دعوة قضائية إلى المحكمة الدولية بلاهاي(08/02/2007)، كما جالست مختلف الهيئات السياسية الوطنية، وبعض الوزارات ذات الصلة بالموضوع وبعض الشخصيات الوطنية المشهود لها بمعرفتها بتفاصيل قضية الصحراء الشرقية، من أجل الحصول على دعم حكومي وسياسي وشعبي للتسريع بكشف حقيقة قضية الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة من طرف الجزائر، وطالبت الهيئة الحكومة بتدريس التلاميذ والطلبة الخريطة المغربية الأصلية التي تضم كل أجزاء التراب الوطني من سبتة ومليلية والجزر الجعفرية بالبحر الأبيض المتوسط إلى الكويرة بالجنوب ومن المحيط الأطلسي إلى تخوم الصحراء الشرقية المغتصبة (الساورة ،توات ، تيديكلت) ، كما طالبت بتمثيلية لأبناء هذه الأراضي في الحكومة المغربية.إلا أن هذا الجهد النضالي الذي كان سيتوج بعقد مؤتمر(25/26/27غشت 2006) يعرف أكثر بتفاصيل هذه القضية، ويجمع ولأول مرة على طاولة نقاش واحدة وبشكل مباشر، ويصل الرحم بين أبناء الصحراء الشرقية المغتربين منهم والقاطنين بالمملكة المغربية، والمتواجدون بالجزائر الباقون على عهدهم بالانتماء إلى المملكة ، ينتظرون فرصة عودة أراضيهم إليهم وعودة أرضهم كاملة إلى وطنهم المغرب.هذا المؤتمر الذي تضافرت من أجل إنجاحه العديد من الأطراف المؤمنة بعدالة قضيتنا والذي كان قاب قوسين أو أدنى من انعقاده، إلا أن ذلك لم يتم وأصبح المؤتمر في خبر كان،وخيب أمل ساكنة المنطقة التي رأت في انعقاده بوثقة أمل لرد الحق إلى أصحابه أوعلى الأقل كانت فرصة ولأول مرة لساكنة الصحراء الشرقية من أجل الجهر بالحقيقة كاملة أمام الرأي العام الدولي.وللتعبير عن إرادتهم القوية في استرجاع هذا الحق المغصوب من طرف الجزائر ومن أجل إرجاع الحدود كما كانت عليه قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر والمغرب معا،وكانت المنطقة قدعرفت تنظيم العديد من المظاهرات الشعبية سنة 1953 بكل من عين صالح وبشاروتندوف ولعبادلة رفعت خلالها الأعلام المغربية وصور الملك الراحل محمد الخامس، طالبين العودة إلى وطنهم المغرب.وكان أب الأمة المغربية الملك محمد الخامس طيب الله ثراه قد استقبل بعد ذلك وفدا يمثل أبناء منطقة الصحراء الشرقية سنة 1957 أكد لهم فيها ثبات المغرب على إعادة الأراضي التي هي بحكم التاريخ مغربية، والتي تمثل معاهدة “لآلة مغنية” (18 مارس 1845) إطارا مرجعيا لها، وهي المعاهدة التي وقعها المغرب مع فرنسا بعد هزيمته بمعركة أيسلي في 14 غشت 1844 بسبب دعمه لثورة الأمير عبد القادر الجزائري، ونصت هذه المعاهدة على استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب وتركيا إبان استعمار هذه الأخيرة للجزائر، لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر من بعد. وقد نجم عن هذا الخلاف الحدودي مواجهات عسكرية بين البلدين (أكتوبر 1963)، وتم احتواء النزاع بعد تدخلات دولية، إلا أن المشكل المتعلق بالصحراء الشرقية بقي عالقا خصوصا بعد اكتشاف الحديد بتند وف، إضافة لاستغلال النفط والغاز الطبيعي بالصحراء الشرقية. وتجددت المطالب المغربية بضرورة تسوية المشكلة، ليكتسي النزاع بعدا دوليا تداخلت فيه المصالح الأجنبية ورغم ذلك استمرت المفاوضات بين الطرفين (يفران في 15 يناير 1969) ثم مفاوضات(27 مايو 1970 )و مفاوضات( 15 يونيو 1972). وهذا ما ثبت في الوثائق المفرج عنها مؤخرا في اسطنبول بتركيا( 52 مليون وثيقة التي قد تمتد بعد ترتيبها على مسافة 16 كلم)و التي تؤكد بالدليل القاطع عن استمرارية روابط البيعة بين السلطان و القبائل في الصحراء الشرقية و الصحراء الغربية (الأممالمتحدة و محكمة العدل الدولية بلاهاي ) وكان الغرض من تهدئته للاضطرابات التي شهدتها الصحراء الشرقية المغربية الكبرى إلى عدم التشويش على الثورة الجزائرية التي كانت على مشارف الظفر بالحرية والاستقلال”. هذا الموقف التضامني دفع بالعديد من قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية إلى المطالبة بالسلطان محمد الخامس رحمه الله كملك واحد لمنطقة المغرب العربي الكبير (تصريح المرحوم فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية). وهكذا تقرر تأجيل المطالبة بالصحراء الشرقية إلى ما بعد استقلال الجزائر.وإبان استقلال هذه الأخيرة، سارع الملك الراحل الحسن الثاني إلى مطالبة حكام الجزائر باسترجاع الأراضي المغربية التي اقتطعتها فرنسا الاستعمارية للجزائر بدون أي سند تاريخي أو شرعي، واستقبل سنة 1962وفدا يمثل قبائل الصحراء الشرقية بمدينة فاس وقال لهم: “إننا سنحمل هذا الأمر على عاتقنا" إلا أن بعد حصول الجزائر على استقلالها أصرت على معاكسة التاريخ ونكست كل تعهداتها والتزاماتها التي التزمت بها أمام الجزائريين أولا وأمام المغاربة قاطبة وأمام الرأي العام الدولي. إن الجزائر لم تكتف بأن تنكث كل تعهداتها في هذه القضية فحسب، وإنما استبقت إلى معاكسة المغرب في استرجاع صحرائه الغربية المغربية بدعمها للبوليساريو في حملة اختطافات واسعة غير مسبوقة لأبناء الصحراء المغربية ابتداء من منتصف السبعينات شملت الأطفال والنساء والشيوخ، مسنودة في ألاعيبها الشيطانية بمن يستغلون خيرات الجزائر النفطية التي تعبث بها طغمة قليلة من حكام الجزائر دون حسيب ولا رقيب، بعدما سيطرت على الشعب الجزائري باستعمالها كل وسائل الترهيب والتعذيب والتنكيل وخلق ما يسمى" بالقاعدة " التي لم تكن سوى صنيعة النظام الجزائري كوسيلة لإسكات كل من سولت له نفسه الجهر بحقيقة أوضاع الشعب الجزائري المتردية، رغم ما يدره النفط والغاز من مداخيل خيالية لم تنعكس بالإيجاب على وضعية الشعب الجزائري الشقيق. كل هذه المفوضات والتنازلات لم تفض إلى ما يرجع حق المغرب في أرضه وما ينفع الشعبين الجزائري والمغربي في إطار اتحاد المغرب العربي الكبير الذي ما فتئ المغرب يجعله الحل الأمثل لتنمية وتقدم وتطور المنطقة المغاربية، وجعلها قوة اقتصادية وبشرية مهمة في شمال إفريقيا.