أجرى المقابلة : ناحوم برنيع وشمعون شيفر الحديث معه يجري في معظمه كمونلوغ متواصل مع قليل من الاسئلة في الوسط: بطن اولمرت مليئة وبشراه على لسانه.يضع امام بوابة من ستأتي بعده مذهبا سياسيا لم يقل مثله ابدا على لسان رئيس وزراء قائم. حان الوقت للخروج من المناطق، يقول، بما في ذلك الضفة و شرقي القدس والجولان. كان بوسع ايهود اولمرت أن يحقق توقيعا على اتفاق سلام مع كل جيراننا، كان هذا على مسافة لمسة.... ولكنه فهم بانه في الوضع الناشيء لن يصدق احد بان دوافعه نظيفة وان من الافضل له ان يستقيل. "حساب النفس مع نفسي سأفعله مع نفسي.... اما الان فبودي في هذه اللحظة أن اجعل حساب النفس لشعب اسرائيل، الذي كنت انا مسؤولا عن سلامته في اعلى المستويات.. "قلت قبل خمس سنوات في مقابلة مع "يديعوت احرونوت" واقولها اليوم انه في نهاية المطاف لدينا فرصة محدودة بالزمن – زمن قصير لدرجة الازمة الفظيعة – في انه يمكننا ربما القيام بخطوة تاريخية في علاقاتنا مع الفلسطينيين وخطوة تاريخية في علاقاتنا مع السوريين. في الحالتين التقدير باننا ملزمون باخذ القرار الذي نرفض حتى النظر اليه على مدى الاربعين سنة الماضية. "نحن نقف امام الحاجة للقرار ولكن غير مستعدين لان نقول لانفسنا، نعم، هذا ما يجب ان نفعله. يتعين علينا الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين، والذي يعني ان ننسحب عمليا من كل المناطق... اذ بدون هذا لن يكون سلام". - بما في ذلك في القدس؟ "بما في ذلك في القدس.... مع حلول خاصة اعرف كيف اراها في خيالي في موضوع الحرم والاماكن المقدسة والتاريخية.... من يتحدث بجدية عن انه يريد أمن في القدس ويريد الا تقطع الجرافات والتراكتورات ارجل الاصدقاء الافضل لهم، مثلما حصل لصديقي القريب المحامي المقدسي شوكي كريمر الذي فقد ساقه لان مخرب على جرافة دهسه، يجب أن يتخلى عن شرق القدس. "من يريد ان يحتفظ بكل منطقة المدينة سيتعين عليه أن يدخل 270 الف عربي داخل جدران في اسرائيل السيادية.... هذا لن ينجح. يجب الحسم.... وهذا الحسم صعب، فظيع، حسم يقف خلافا لمصالحنا الطبيعية، خلافا لذاكرتنا الجماعية، خلافا لصلوات شعب اسرائيل على مدى الفي سنة. "انا اول من اراد فرض السيادة الاسرائيلية على كل المدينة. انا اعترف. انا لم آتِ لان أبرر بأثر رجعي ما فعلته على مدى 35 سنة. قسم كبير من هذه السنوات لم اكن مستعدا لان ارى فيها الواقع بكل عمقه". - أتعتقد انك لو كنت واصلت ولايتك لكان بوسعك الوصول الى اتفاقات؟ "اعتقد اننا قريبيون جدا من الوصول الى اتفاقات". - في الموضوع السوري وفي الموضوع الفلسطيني ايضا؟ "في الموضوع السوري ايضا... ما هو مطلوب لنا اولا وقبل كل شيء هو الحسم... اريد ان ارى اذا كان هناك شخص واحد جدي في دولة اسرائيل يؤمن بانه يمكن صنع السلام مع السوريين دون التخلي في نهاية المطاف عن هضبة الجولان". - يخيل ان مقرري السياسة في اسرائيل يصلون الى هذا الاستنتاج فقط عندما لا يعود بوسعهم الحسم في هذه الامور بأنفسهم. "ليس في حالتي. انا جئت بهذا الاستنتاج عندما كان بوسعي ان احسم..... انا بدات اتصالاتي مع السوريين في شباط 2007، قبل وقت طويل من انقضاض الشرطة والنيابة العامة علي. وعملت على ذلك بصمت. في كل تلك الفترة بذلت جهودا ومبعوثين من طرفي توجهوا الى كل أنواع الاماكن والاشخاص، مجهولين، عملوا بتكليف مني لاقناع السوريين باني اقصد الحديث معهم بجدية. واليوم وصلنا الى نقطة يتعين فيها ان نقول لانفسنا هل نحن نريد صنع السلام ام لا. "ان اقول ان هذا ليس سؤالا بسيطا، إذ يمكن ان يقال، وعن حق ظاهرا، انظروا، 35 سنة، منذ حرب يوم الغفران، ونحن نعيش على الهضبة دون ان يكون خرق لوقف النار. كما لا يوجد هناك احتكاك يومي مع السكان المدنيين، مثلما في المناطق. فلماذا لا نواصل؟ "وأخيرا، كل واحد يعرف، دون الدخول في تفاصيل، بانه عندما كان ينبغي لنا أن نتخذ اعمالا لضمان امننا حيال السوريين، عرفنا كيف نفعل ذلك بجسارة، بخيال، بقوة، في ظل المخاطرات. ومع ذلك علينا أن نرى خطوتين الى الامام". - من كلامك يُفهم ان كل العبء والذنب يقع علينا. "لا. عبئنا علينا. عبئهم عليهم. انا لا اقترح صنع السلام مع سوريا فقط في ظل التنازل عن هضبة الجولان. السوريون يعرفون جيدا عما يتعين عليهم ان يتنازلوا من أجل ان يحصلوا على هضبة الجولان. يتعين عليهم ان يتنازلوا عن علاقتهم مع ايران كما هي؛ عن علاقتهم مع حزب الله، عن تواصل اسنادهم للارهاب الحماسي وارهاب القاعدة والجهاد في العراق. هم يعرفون: هذه الامور اوضحت لهم. "أسأل، لنفترض أنه في السنة – سنتين القريبتين اندلعت حرب اقليمية ووصلنا الى مواجهة عسكرية مع سوريا. لا ريب عندي اننا سنضربهم صدمة على الركبة: نحن اقوى منهم. اقول لكم اسرائيل هي الدولة الاقوى في الشرق الاوسط. نحن يمكننا ان نتصدى لكل واحد من خصومنا ولهم جميعا معا وننتصر. انا فقط أسأل نفسي ماذا سيحصل عندما ننتصر عليهم؟ قبل كل شيء سندفع الاثمان وهذه ستكون أليمة. "بعد ان ندفع ما سندفع، ماذا سنقول لهم؟ هيا نتحدث. وماذا سيقول لنا السوريون؟ هيا نتحدث عن هضبة الجولان. "إذن انا أسأل لماذا الدخول الى حرب مع السوريين، الى الخسائر، الدمار، الاضرار من اجل ان نصل الى ما يمكن ان نصل اليه دون ان ندفع اثمانا باهظة كهذه". - أنت تصف وضعا مأساويا. من جهة حرب فظيعة في البوابة، من جهة اخرى فرصة قريبة للسلام، وفي الوسط تنحية رئيس وزراء. "انا لا اتحدث بتعابير حرب فظيعة. أتحدث بتعابير سلم الاولويات. عندما لا يكون السلام، احتمال الحرب يكون دوما اكبر. نحن اقوياء بما فيه الكفاية مثلما نحن الان. قوتنا اليوم كبيرة وهي كافية لان نتصدى لكل تهديد. علينا أن نحاول ان نرى كيف نستخدم هذه البنية من القوة كي نبني السلام لا كي ننتصر في الحرب. "السؤال هو كيف نفكك هذه المنظومة المعقدة المسماة محور الشر، كيف نفعل ذلك في سياقات سياسية ذكية، مسؤولة، فيها اخذ مخاطرة. "صحيح، في الاتفاق مع سوريا توجد مخاطرة. من يرغب في العمل في صفر مخاطرة، فلينتقل للعيش في سويسرا او في ايسلندا. من يرغب في صنع السلام في الشرق الاوسط عليه أن يفهم بانه ملزم باخذ المخاطر ايضا. انا لا اقترح أخذ مخاطر مجنونة بل مخاطر يوجد امامها فرص لتغييرات دراماتيكية. "اعرف مثلا ماذا سيحصل في السلطة الفلسطينية بعد 9 كانون الثاني 2009. يحتمل أن بمناورة معينة آمل ان تنجح، ابو مازن سيبقى في السلطة. ولكننا نقدر بانه سيكون خطر كبير جدا في اندلاع صدام دموي يحبط كل امكانية للمفاوضات بل وقد يجبرنا على ان نتدخل في المواجهة، مع سفك دماء، مع كل ما يمكن ان ينشا كنتيجة لذلك. "السؤال ليس شخصيا فأنا استقلت وآمل ان تتمكن لفني من تشكيل حكومة باسرع وقت. السؤال هو ماذا سيحصل في هذه الاثناء في محيطنا الفوري، مع شركائنا الذين يمكننا اليوم أن نتحدث معهم – وانا لا اتحدث فقط عن الفلسطينيين. "انا اقول خلافا لشارون انه يجب التفصيل في موضوع الاثمان الاليمة. في نهاية المطاف سنضطر الى الانسحاب من المناطق... ولقاء تلك المناطق التي تتبقى لدينا سنضطر الى اعطاء تعويض في شكل اراضي من داخل دولة اسرائيل بنسبة واحد الى واحد الى هذا الحد أو ذاك. "الهدف هو محاولة الوصول لاول مرة الى ترسيم خط حدود دقيق بيننا وبين الفلسطينيين، بحيث ان كل العالم، الولاياتالمتحدة، الاممالمتحدة، اوروبا، سيقول هذه هي حدود دولة اسرائيل، نحن نعترف بها وندرجها في قرارات رسمية في المؤسسات الدولية. هذه حدود اسرائيل وهذه هي الحدود المعترف بها للدولة الفلسطينية. "يحتمل أن يستغرق تطبيق الاتفاقات وقتا. يحتمل أن تكون حاجة لجهود كثيرة لنضمن الا يكون ارهاب من هناك او تهديدات. كلنا نفهم ذلك. ولكن قبل كل شيء علينا أن نتوصل الى اتفاقات. ما الخوف؟ ممَ نحن خائفون؟ من يعتقد بجدية باننا اذا جلسنا على تلة واحدة واحدة وغيرها، وفي مائة متر اضافية فان هذا سيجعل الفرق في الامن الاساسي لدولة اسرائيل؟ يمكننا أن ندخل كيلومترين آخرين فيكون مدى الصواريخ 10 كيلو متر اخرى، مثلما حصل في غزة التي اخليناها حتى آخر متر، ولا يزال التهديد قائما. "انا لا اقول اننا اخطأنا بخروجنا من غزة. انا اجحد الجلد الذاتي كما اجحد الدعوة الى احتلال غزة من جديد. الاثمان التي سندفعها في هذا الامر لا تساوي أي منفعة نستمدها منه. "هل حقيقة انه لم يتحقق حتى الان تسوية بيننا وبين الفلسطينيين هو نتيجة عناد اسرائيل؟ لا. لا يجب ان يكون شك في هذا الامر. لاسفي ليس للفلسطينيين الشجاعة، القوة، التصميم الداخلي، الرغبة والحماسة اللازمة. اذا لم نصل الى تسوية، فاني بكل الاحوال لن اكون مستعدا لان تلقى التبعة على اسرائيل. هي ستلقى اولا وقبل كل شيء على الطرف المضاد". - هل صحيح ان الجيش الاسرائيلي يناشدك السير نحو اتفاق مع السوريين، مع كل الاثمان المنطوية على ذلك؟ "في الموضوع السوري أنا أعكس موقفا له اسناد لدى كل محافل الامن. ولكني لا اتقاسم هنا مسؤوليتي ومواقفي مع احد ولا اتغطى بمواقف الاخرين. انا اقول رأيي. "نحن نطرح المخاوف كل الوقت. لماذا؟ لان المخاوف الوحيدة التي ننصت لها هي المخاوف التي جربناها، وليس المخاوف التي لم نجربها بعد. ذات مرة التفكير بان تقف فرق الدبابات السورية على الهضبة ويكون بوسعها الدخول في دولة اسرائيل اخافتنا حقا. اما اليوم فنحن نعيش في واقع آخر. لدينا الادوات لمنع هجوم بري دون احتلال متر واحد في سوريا ولدينا ادوات اخرى نحن يمكننا ان نحسم بها مثل هذه المعركة اذا ما نشأت حيثما تنشا، بالمسافات التي تصل اليها. اثبتنا ذلك. والسوريون ايضا يعرفون ذلك". - قلت ان قوة الردع الاسرائيلية تعززت ولكن هذا لا يمنع ايران من مواصلة بناء السلاح النووي. "يوجد فرق هائل بين تصدينا للمشكلة الايرانية وتصدينا للمشكلة الفلسطينية، السورية واللبنانية. هؤلاء هم جيراننا الفوريون. ما يمكننا ان نفعله معهم لا يمكننا ان نفعله مع الايرانيين. "ايران هي قوة كبيرة جدا، تشكل تهديدا على الاسرى الدولية. وهي المسؤولة عن التصدي اساسا للموضوع الايراني. جزء من جنونا الكبير وفقدان التوازن هو الحديث الذي يطلق هنا عن ايران. نحن دولة فقدت المقاييس تجاه نفسها. "الافتراض بانه اذا لم تعرف امريكا وروسيا والصين وبريطانيا والمانيا كي تعالج الايرانيين فاننا نحن الاسرائيليين نعرف، نحن نفعل، نحن نعمل، هو مثال على فقدان التوازن. "اقول هيا يا جماعة نكون اكثر تواضعا. ان نفعل ما نحن نعرف فعله ويمكننا فعله وان نفعل في مجال قدراتنا الحقيقية