الجديدة: أحمد ذو الرشادحلت يوم السادس من أبريل الجاري، الذكرى الأولى لرحيل الفنانة الشعبية، فاطنة بنت الحسين والتي تنحدر من سيدي بنور، حيث رأت النور سنة 1935، والفنانة فاطنة بنت الحسين تعتبر من رواد العيطة، سيما وأنها خلقت لنفسها نمطا خاصا بها يمتح من محيطها الشعبي والذي يتأسس على الصدق في التعامل والبساطة في الأداء وهي التي أسست لفن العيطة وظلت تقود جوقته طيلة أربعين سنة خلت، مخلفة تراثا شعبيا يتوزع على أكثر من مئة أغنية وعلى رأسها (هذاك احبيبي) والتي اشتهرت بها وأصبحت من مقدمات أغانيها التي تفتتح بها حفلاتها وأعراسها، واشتغلت مع العديد من فناني العيطة واعتبرت إلى جانب الصاحب بلمعطي والشيخ جلول والزياني من أهم رواد الأغنية الشعبية... انخرطت بنت الحسين في الغناء وهي لا تزال شابة يافعة مثلها مثل باقي قريناتها، وتفتحت عبقريتها على النصوص التراثية البدوية، التي كانت تغنى في بادية دكالة خلال المواسم والأعراس وفي نهاية الموسم الفلاحي، ولما علمت أنها منساقة ومنجذبة إلى الغناء الشعبي، رغم أن عائلتها كانت تمانع في ذلك بحكم أن من كانت تشتغل في الغناء وخاصة الغناء الشعبي، كانت توسم بسمات العهر والفساد الأخلاقي، انتقلت إلى اليوسفية في بداية مشوارها، من اجل احتراف فن العيطة وخاصة بعد انضمامها إلى فرقة الشيخ المحجوب وزوجته الشيخة خدوج العبدية، وارتوت من الماية العبدية والإيقاع المسفيوي والذي كان الدعباجي من أهم رواده، وارتوت كذلك من تيمات الحصبة، وخاصة خربوشة والمرساوي والشاليني وعيوط شاوية وحوزية، وظلت هناك قريبة من المنبع إلى أن غيرت وجهتها والتحقت بفرقة أولاد بن عكيدة، والتي ظلت مرتبطة بها إلى أن علقت التعريجة وتقاعدت بعد زيارتها للديار المقدسة، قبل ثلاث سنوات من وفاتها...وأغنت فاطنة بنت الحسين، إلى جانب كل من الحاجة الحمداوية والشيخة عايدة والحاجة سعاد وحفيظة الحسناوية، الفن الشعبي وتراث العيطة والذي كان رافدا من روافد الغناء الوطني الذي كان الفن الشعبي يحارب عبره وبوسائله المد الاستعماري وكانت حلقات الشيخات تعقد، ظاهرها الأفراح والفكاهة والترويح عن النفوس تزامنا مع نهاية الأشغال الفلاحية وباطنها وضع الخطط للتصدي ومحاربة الاستعمار، وإن كان الفن الشعبي قد تم تمييعه لاحقا وألصقت به بعض الصفات التي تسيء إليه.. توفيت فاطنة بنت الحسين يوم السادس من أبريل 2005 بسيدي بنور بعد أن حدث نزيف حاد بدماغها، ورغم أن أهلها نقلوها على وجه السرعة إلى إحدى المصحات الخاصة بمراكش، دون أن يتمكن الطاقم الطبي من تدارك الأمر، ليتم إرجاعها إلى مسقط رأسها حيث انتقلت إلى جوار ربها مخلفة وراءها مجموعة هائلة من الشرائط السمعية والبصرية، ولم تحظ فاطنة بنت الحسين بعد وفاتها، بما حظيت به في حياتها، ما عدا التكريم الرمزي الذي نظمته وزارة الثقافة وجهة دكالة عبدة، خلال فعاليات المهرجان الخامس لفن العيطة المنظم أيام 26 و 27 و 28 غشت 2005 بأسفي، والتي شارك فيها العديد من المجموعات الشعبية، التي عاصرت فاطنة بنت الحسين ومنها، على سبيل المثال فرقة ولد امبارك الخريبكي ومجموعة حادة أوعكي من الأطلس المتوسط، وفرقة أولاد بن عكيدة وأولاد البوعزاوي وغيرهم...