صباح الثلاثاء 23 اكتوبر 2007 ، وبعدما اطلع باشا مدينة تاوريرت على جزء من الرسالة المفتوحة ، الموجهة إلى عامل اقليم تاوريرت تحت إشراف وزير الداخلية المغربي ، المنشورة بجريدة المساء عدد340 /. حشر أزيد من اثني عشر عاملا بالمعاول والمجرفات... ، للحفر السريع وسط الحديقة العمومية . المعروفة ب " الجاردا بوبليك ".. « Jardin Public » ، المتواجدة على شارع الحدائق الفرنسي ... وذلك قصد التسييج المستعجل للمنزل الذي بناه وسطها بعد تحطيمه لأشجار بها .. ومخافة من وصول استفسار من وزير الداخلية ، لا قدر الله ، حول هذا الاحتلال البشع الذي يَقْدِم عليه الباشا بكل جرأة دون مخافة احد... هذه الحديقة العمومية التي يستولي عليها الباشا اليوم بالقوة . تركها المعمر الفرنسي ، الذي لا نترحم على رحيله ، ولكن نشهد له بتخطيطه المحكم للمدينة و باعتنائه بالمستوطنين آنذاك . ونشهد بعده بأننا والمدينة ككل استفدنا من هذه الحديقة ، وانتفعت منها أجيال ثم أجيال ، ولا احد ترضيه هذه المأساة ..أشجار تفوق الباشا سنا ، تتهاوى أرضا .. وكأن العالم في غفلة من أمره ، و قد خلى من المدافعين عن وجودها ككائن بيننا .. هذه الحديقة العمومية يجب أن تعود كما كانت بأشجارها وظلها بممراتها الجميلة المؤدية إلى الحدائق والبساتين المترامية على ضفاف واد زا ... ويعتذر لها عامل الإقليم وباشا المدينة وكل المسؤولين الذين سبقوهم .. والذين مثلت لهم هذه مدينة تاوريرت البقرة الحلوب وجاء الباشا ليقطع احد ثدييها .. لا أريد التحدث عن هذه الحديقة كذكرى بل يجب أن يتدخل كل المعنيين لاسترجاعها لتعود كما كانت... ونحن صغار كنا نتبع أو نرافق أمهاتنا مساء كل جمعة إليها قصد النزهة أوالراحة ... وكنا سعداء آنذاك ، لان هذا الباشا حينها ، لم يكن متواجدا ، ليحرمنا من فرح الطفولة .. كانت الحديقة العمومية متنفسا جميلا لكل الأمهات .. ولا زالت بعض معالمها واقفة كأشجار التوت الطويلة وأشجار الصفصاف العالية ، وماء السواقي التي كانت تحيط بها ... لم نكن نحلم في يوما ما بان يأتي باشا ما ، ليجهز عليها ، أو نمر عليها وكأننا غُرباء ، وهي تتحول من أشجار ، ربيع وخضرة ، الى اسمنت وطوب ... ولا أظن انه سيخطر على بال احد . بان يتجرا الباشا على إسقاط الأشجار التي كنا نقول عنها : إن ماتت ستموت واقفة ...جلست عند أحداها وقرأت أية الكرسي ، وقلت لو كان جسدي يطاوعني أمام ضخامة هذه الشجرة ، وعظمة تاريخها لدفنتها لتبقى مزارا وشاهدا على دمار المسؤولين للطبيعة ...أن تُسْقط أشجارا بهذه العظمة ، أرضا... وسواء تدخلت الحكومة الجديدة في الإنقاذ، أمْ لم تتدخل . ستبقى جريمة محفورة بالوشم في تاريخ المدينة ... و نعلنها بصراحة بان هذه الحديقة هي ملك للإنسانية جمعاء ويحق لكل الناس في العالم التدخل من اجل إنقاذها ..والعيب كل العيب : أن يموت الباشا لكلاوي بمراكش ، وينتقم لموته باشا تاوريرت ، باستيلائه الفاضح على الحديقة العمومية ..عبدالمالك حوزي نماذج وصور ، وما خفي أعظم