في مجتمعنا الكثير من الظواهر المرضية التي أصبحت متفشية بشكل كبير حتى في أوساط تلك الطبقة التي يمكن أن يسميها البعض بالمثقفة. وسأتناول في هذا المقال ظاهرة الحسد والحقد التي أصبح بعض أصحاب النفوس الضعيفة والعقليات المقيتة يمارسونها في السر والعلانية ضد من كتب له النجاح والتألق في حياته المهنية أو أصبح مسؤولا قياديا في إحدى التنظيمات الجمعوية والسياسية والنقابية أو مديرا مسؤولا عن جريدة مستقلة ... وغيرها من المناصب التي يمكن أن تجلب لصاحبها الحقد والحسد من لدن أشخاص لم يجدوا في حياتهم اليومية إلا البحث عن إيذاء ومحاربة من كان التفوق والتألق حليفا له باستعمالهم شتى الطرق المقيتة والأساليب الدنيئة. إنني لأجزم أنه توجد مثل هذه النماذج من الأشخاص بالمئات في مجتمعنا. هناك أشخاص أنانيون مغرقون في اللؤم والدناءة لا يعرفون معروفا أبداً ولايفقهون إلا الكره اللامبرر والحقد الدفين المبنيين أحيانا على تعصب قبلي متخلف أو تنافس غير شريف في نفس العمل أو المهنة أو شعور دائم بمركب نقص. هناك من هؤلاء الحاقدين الذين لا تنبس عنده ببنت شفه ولا تذكره بسوء أبدا بل ولا تعره اهتماما، يبدأ بالتطاول عليك بالهمز فيك واللمز والحط من قدرك دون أي سبب وخصوصا في قارعة المقاهي التي يرتادونها صباح مساء بشكل مرضي خطير من أجل النميمية والغيبة والمس بأعراض الناس الشرفاء ومحاربة المبادرات الجمعوية البناءة والناجحة في المجتمع ومحاولة نشر ثقافة التيئيس والعدمية لأنهم لسبب بسيط لا يعرفون إلا لغة الهدم والتخريب ومهاجمة المناضلين الشرفاء. قد يقول قارئ أن الأمر عادي وأن ظاهرة الحقد والحسد منتشرة بكل المجتمعات، لكن عندما تصبح الظاهرة مرضية وتشكل خطرا متزايدا على الأشخاص وحتى على المجتمع برمته، لا يسعنا هنا إلا أن نتناولها بشكل صريح وجريء للوقوف على مسبباتها وتداعياتها وانعكاساتها السلبية على الفرد والمجتمع. فعلا، قد لا يتعجب البعض من هذه الأشكال، فهذا هو ديدن ابن آدم ذلك المخلوق المسكين العجيب المتقلّب الامزجة والأهواء يسير حين يسيره هواه.. يحقد بدون سبب... ويعادي بدون سبب ... ويكره بدون سبب... قد تتعجب أيها القارىء الكريم أن الحسود والحاقد قد يفجر مخزونه من الكراهية عليك في كل لحظة، ولن يجد متنفسا لتفجير هذه الطاقة السلبية إلا السبّ والشتم والتطاول عليك وممارسة النميمة فيك في كل مجلس وفي كل مكان وزمان، بل ويطلق الإشاعات والأكاذيب ويروجها محاولة منه للنيل منك. ومنهم من يقابل المعروف والخدمات التي أسديت له بالكره والحقد عليك ويعتبرك أسوأ مخلوق على وجه الأرض ويصب عليك جام حقده الأسود ومخزون حسده المرضي. هذا هو، إذن، الحاقد والحاسد الذي امتلأ قلبه حقداً وحسداً. والحل الأمثل لهذه السلوكيات المرضية هي التجاهل التام بتركه لحقده الذي سيأكله. كما قال الشاعر:أصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله وسأسوق في هذا الصدد نموذجين من الأشخاص الذين تعرضوا ويتعرضون لحملة شرسة وممنهجة من طرف الحاقدين والحاسدين. النموذج الأول للأخ "رشيد نيني"، ذلك الشخص والصحافي العصامي، الذي بدأ من الصفر ليحقق نجاحا بارزا ومتميزا في المشهد الإعلامي المقروء بفضل مثابرته وعمله الدؤوب إذ أصبح مديرا لجريدته المستقلة "المساء" التي حققت هي الأخرى نجاحا في ظرف وجيز إذ فاقت مبيعاتها اليومية 85 ألف نسخة بخط صحفي متميز ومستقل بما تحمله هذه الكلمة من معنى. لكن، يتعرض حاليا الأخ "نيني" لهجوم عنيف من لدن بعض الأشخاص والصحافيين (خوك في الحرفة عدوك، كما يقول المثل الشعبي) الذين كادوا أن يموتوا حقدا وحسدا من نجاحاته ومن "مسائه" التي عكرت صفو وحياة هؤلاء الحاقدين. وللتأكيد فلا تربطني أية علاقة صداقة أو قرابة مع الأخ "نيني" ولا حتى سبق لي أن قابلته يوما، لكن ما يجمعنا نحن الإثنين هو حقد الحاقدين وحسد الحاسدين. وسأكون أنانيا لأتحدث عن تجربتي مع ظاهرة الحسد والحقد التي أصبحت هدفا لها بمدينة وادي زم من طرف بعض أصحاب النفوس الضعيفة التي لم تجد ما تشغل به وقت فراغها إلا مهاجمتي وإطلاق كافة أشكال الافتراء والإشاعات التي أصبحت نكتا عليهم وانقلبت ضدهم في العديد من المرات. فقابلت هذه العقليات المتخلفة بالتجاهل خصوصا مع التعاطف الذي أصبحت أحظى به من لدن العديد من الأشخاص والأصدقاء وحتى بعض الخصوم ومختلف الهيئات ومكونات المجتمع المدني بالمدينة، الشيء الذي لم تستسيغه هذه الزمرة القليلة ممن أكلهم الحقد والحسد فأصبحوا يختبؤون بشكل جبان وراء أحد الفروع المحلية لبعض النقابات بالمدينة لصب جام حقدهم علي. وقد فقد هذا الفرع المحلي مؤخرا البوصلة إذ بعد حله لجميع مشاكل الشغيلة التعليمية محليا ووطنيا !!!، قرر التفرغ لمهاجمتي وجعلي موضوع الساعة في بياناته التي كان بالأحرى أن تتطرق لهموم ومطالب رجل التعليم واختلالات المنظومة التربوية والدفاع عن المدرسة العمومية ...، الشيء الذي يؤكد أن هذا الفرع أصبح خارج الزمن النقابي وأصبح يغرد خارج السرب. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قام بعض أعضاء هذا الفرع بالاعتداء جسديا على بعض العاملين بإحدى الإعداديات بالمدينة: الاعتداء الأول ضد عون دون أي سبب من طرف واحد من أعضائه، والاعتداء الثاني لعضو آخر ضد مدير نفس الإعدادية بعد شتمه وسبه وانتهاك حرمة السبورة النقابية التي حاول نزعها من مكانها. وعلى إثر ذلك أصدرت كافة الفروع المحلية لجميع النقابات التعليمية المتواجدة بالمدينة بدون استثناء بيانات استنكارية ضد هذه الممارسات اللامسؤولة وعبرت عن تضامنها اللامشروط مع الأطر التربوية والإدارية العاملين بالإعدادية وتم فتح تحقيق في الأمر من طرف لجنة نيابية وقفت عن كثب على الممارسات اللامسؤولة لبعض أعضاء هذا الفرع، الشيء الذي دفعهم إلى التخبط بشكل عشوائي محاولة منهم لتحويل أنظار الرأي العام المحلي الذي مقتهم ولعن ممارساتهم وسلوكياتهم المنحطة والبعيدة عن العمل العمل النقابي الشريف. ولأنني غادرت هذه النقابة منذ سنة 2006 لأسباب متعددة سوف أعود إليها مستقبلا إذا اقتضت الضرورة ذلك لفضح المستور إذ قررت نشر بعض الحقائق لاحقا، والتحقت مؤخرا بنقابة أخرى بحيث انتخبت من ضمن أعضاء مكتبها الوطني وأسست فرعا محليا لها بالمدينة لقي تعاطفا كبيرا من طرف الشغيلة التعليمية، ولأنني أحظى باحترام وتقديركبيرين سواء بالمؤسسة أو المدينة بفضل تفاني وإخلاصي في عملي الذي يشهد به التلاميذ والآباء قبل رؤسائي المباشرين، قررت هذه الفئة الحقيرة من الحاقدين والحاسدين محاربتي بشتى الوسائل بل قد وصل حد الحقد والحسد إلى اعتراض سبيلي ومحاولة الاعتداء على جسديا من طرف أحدهم – الذي سأقدم به شكوى قضائية بالمناسبة مع إحضار بعض الشهود - ناهيك عن التهديدات المتكررة التي أتلقاها والتي أحملهم المسؤولية كاملة في حالة تعرضي لأي مكروه مستقبلا. أما عن الافتراءات والأكاذيب الواردة في ما يسمى ب "بيان" هذا الفرع، فلن أنجرف للرد عليها سواء في هذا المقال أو في إحدى بيانات نقابتي التي أربأ أن تنزل لهذا المستوى الدنيء والتي لن أستغلها – كما يفعلون – لأغراض شخصية ضيقة ولتصفية حسابات بعيدة كل البعد عن العمل النقابي الجاد والمسؤول. وقبل أن أختم أعلن التحدي – ولو أنني أعلم مسبقا أنهم لن يجرؤوا لرفع التحدي لأسباب أعلمها ويعرفونها - وأعطيهم حرية الاختيار بين مواجهة جماهيرية علنية نستدعي لحضورها جميع مكونات المجتمع المدني بالمدينة و بين مواجهة في أعمدة إحدى الصحف أو مجموعة "باد" PAD على الأنترنيت – وهم السباقون لذلك - لتبيان الحقيقة كاملة ولنشر بعض الملفات التي يمكن أن تؤدي بعضهم إلى داخل السجن. وخير ما يمكن الختم به في هذا الموضوع هو أن هناك من الأشخاص من أصبح الحسد والحقد مرض مزمن يلازمه ويعاني منه بحيث أنصحه بعيادة طبيب نفسي للعلاج وأطلب الله العلي القدير أن يشفيه، ومنهم من يلجأ إلى الحقد والحسد لأنه يشعر بمركب نقص وإحساس بالدونية اتجاه الآخرين الذين تفوقوا عليه فيدفعه حسده وحقده لمحاربتهم ومهاجمتهم في يقظته ونومه وأحلامه وكوابيسه لعله يستطيع أن يوقف مسيرتهم الناجحة ويلهيهم عن أعمالهم وأغراضهم والتشويش عليهم. ومهما يكن ففي كلتا الحالتين، الحاسد والحقود إنسان بغيض ودنيء ومكروه داخل المجتمع إذ يعتبر بمثابة ورم سرطاني يجب استئصاله من الجسم حتى يصبح سليما معافا. أنجاكم الله من الحاقدين والحاسدين ونطلب لهم الشفاء العاجل.