أكتب كلماتي هذه وأنا في حالة عصبية شديدة بعدما رأيت في الشارع وعلى صفحات الانترنت من تصرفات همجية لا تعبر إلا عن عقلية أصابها العفن والحقد الأسود لدى الطرفين.ولم تعد كلمة اقتتال داخلي تشفي الغليل، بل هي حرب قذرة بكل معنى الكلمة.. لقد استعملت كل أنواع الأسلحة المتوفرة لدى الطرفين دون أن يعيروا أي أهمية لنتائج هذه المعارك المخزية سياسياً وشعبياً، هناك إصابات بين صفوف المواطنين الأبرياء الأطفال والنساء والشيوخ، هناك إعدامات بدم بارد وعلى الصورة أو على الشكل أو بسبب كلمة دون رحمة ولا تفكير بعواقب هذه الممارسات على مستقبل الوضع الفلسطيني ككل. لقد تمنى الطرفين أن يمتلكوا أسلحة أكثر تطوراً ليس من أجل مواجهة إسرائيل، بل لإيقاع أكبر عدد من الخسائر في الطرف الآخر وما يثير الاشمئزاز أن هؤلاء لو امتلكوا سلاحاً قذراً لاستعملوه ضد بعضهم البعض ( والحدق يفهم).لقد قاموا بخطف عائلات المصابين والشهداء أو القتلى لا أعرف ماذا أقول في هذا المقام.لقد استعملوا كل العبارات النابية التي تعبر عن تربية حاقدة وشاملة ولا تعبر بأي شكل عن أخلاق الوطنيين وأخلاق المسلمين، بل أخلاق قطاع الطرق وعصابات اللصوص وتجار المخدرات.لقد قتلوا الآباء أمام أطفالهم وأعدموا الشباب أمام الناس واسمعوا النساء كلمات نابية يندى لها الجبين..فعلاً إنها معركة قذرة لأسباب أكثر قذارة وأهداف لا يمكن وصفها إلا بالمشبوهة لأننا لم نعهدها من قبل ولكن ما هي هذه الأسباب القذرة.أولاً: عدم القبول بالهزيمة الانتخابية والإصرار على الحفاظ على مؤسسات السلطة التي بنيت على أكتاف أبناء الحرس القديم.ثانياً: العقلية الشمولية التي يتمتع بها الطرف الآخر وهي التي تدفعه لإنكار الآخر بل رفض الآخر ومحاولة إزاحته من الطريق بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة باسم الدين والوطن.ثالثاً: عقلية المحاصصة التي سادت تقاسم السلطة والتي شرعها إتفاق مكة التاريخي الذي ألصق فتح بحماس دون العمل على إرساء قناعات لدى أبناء الحركتين بأنه لا مفر من التزاوج والبديل هو الحرب الأهلية.رابعاً: سياسة الكذب التي وضعت الشارع والرأي العام في حالة ضياع وإحباط شديد لدرجة أن السواد الأعظم من الجمهور أصبح يتمنى الهجرة أو عودة الاحتلال وهذه قمة القذارة أن نوصل شعبنا لهذه الدرجة من اليأس. خامساً: ضعف القيادات لدى الطرفين وجهلها وعصبويتها فأصبح الكبير صغيراً والصغير كبيراً ولم تعد المرجعيات إلا للفرقعات الإعلامية وأصبح التفوه بأي قذارة سيان كانت سياسية أو غير سياسية أمراً طبيعياً (وأصبحت الفوضى في الفوضى نظام).سادساً: استعمال الناس كدروع بشرية ومهاجمة الأبراج والمحلات والمراكز الثقافية والعلمية والجامعات فقط من أجل كسر شوكة الطرف الآخر دون التفكير بقيمة هذه المؤسسات وأنها جاءت حصيلة تعب ونضالات الآلاف من الناس.لقد سقطت كل أعراف الشرفاء ولم تعد قيمة لا لإسعاف ولا لأسير ولا لجريح حتى الشهداء أو القتلى تم التنكيل بهم والأكثر قذارة أن نختلف على مصادر النيران هل هي إسرائيلية، أم فلسطينية؟كيف يمكن لهذا السلاح أن يكون شريفاً إذا أسقط حامليه كل معاني الشرف.رحمة الله على شهدائنا.. وتبقى الحسرة في القلوب.. في قلوب الأمهات وأبناء اليتامى.. ماذا سنقول لهم بل ماذا ستقولون لهم؟؟.. من أجل ماذا قتل أبنائهم ومن أجل من؟؟!!من أجل أن تنتفخ بعض البطون وتتكرش حتى تصبح بلا رقبة.. حتى يركب هؤلاء المرضى السيارات الفخمة . ويجري خلفهم المرافقين.. وحتى يتحول المناضل القديم إلى القائد العام ويتحول الشيخ المجاهد إلى سيادة الوزير. بئس هذه السلطة التي قتلت أبنائنا ورملت نسائنا ويتمت أطفالنا ولم تأت لنا بشئ لا حرية ولا رفاهية ولا كرامة وأضاعت شرف البندقية ودمرت ما يسمى بالشهامة.وتحول الدم الفلسطيني من خط أحمر إلى خط مشاة.صدقت يا مظفر النواب ...ما أسفلنا ونكابر