الكيان الصهيوني بنفاق ومكر دائم يحول هزائمه إلى انتصارات,وانتصارات غيره إلى هزائم.ويتبجح على أن انتصاراته إنما هي نتيجة حتمية لقدرة قوات جيش دفاعه الذي لا يقهر. أما حين يهزم جيشه, فيعهد بالأمر إلى لجنة تحقيق. لتخدع الجميع بتقرير مضحك ترجع فيه السبب لبعض الأخطاء وبعض التقصير من قبل الضباط والوزراء وقد تطال فيه حتى رئيس الوزراء.أسلوب اعتدنا وأعتاد العالم عليه.ويسارع الخونة والعملاء للأخذ بمضمون التقرير ليتخذوا منه مادة دسمة. ليسيئوا إلى القيادات ولجيوش العربية وفصائل المقاومة بمختلف الوسائط والسبل. في حرب عام 1948 اتهمت الجيوش العربية بالتقصير,واتهمت القيادات العربية بالغباء لأنها لم تقبل بقرار التقسيم.وفي حرب 1956جيرت هزيمة العدوان الثلاثي لقرار الرئيس الأمريكي داويت إيزنهاور الذي لم يكن موافقا عليه, وآخرون عزوه لتهديد الرئيس الروسي بولغانين. وفي حرب 1967أتهمت كالعادة القيادات والجيوش العربية بكل التهم, وعزي انتصار إسرائيل لكون جيشها لا يقهر. أما في حرب تشرين 1973م, وعدوان إسرائيل على لبنان أعوام 1978م و1982م و2006 م, والتي منيت خلالهم إسرائيل بهزائم. وانتصر العرب وفصائل المقاومة, لجأ العدو الصهيوني إلى أسليب الخداع والمناورة والتضليل ليتهرب من الإقرار بالهزيمة. وأتبع أسلوب تشكيل لجان تحقيق, قزمت الهزيمة إلى بعض من تصرفات غولدا مائير وديان و بيغن وشارون وأولمرت وحالوتس ورئيس الأركان. ومع ذلك عادوا لتسلموا المسئوليات والمناصب من جديد. وألقيت بتقارير تلك اللجان في سلة المهملات. والزيف في تقارير مثل هذه اللجان باد للعيان. من حيث أنها تلتف لتهمل وتطمس دور المقاتل والمقاوم العربي. وترجعه إلى فشل وتعثر وأخطاء وتقصير لبعض السياسيين والعسكريين. رغم أن العالم يعرف بأن إسرائيل بحكومتها وأحزابها وجيش دفاعها وقيادتها السياسية والعسكرية بذلوا كل ما يستطيعون ووظفوا كل ما يملكون من خبرات وقدرات وإرهاب. وحشدوا كل جهود إسرائيل والصهيونية والإدارات الأمريكية لتحقيق النصر ودرء الهزيمة. إلا أن جهودهم ذهبت هباء, فالحكمة والحنكة السياسية للقيادات العربية,وصمود وبطولة وثبات وشجاعة وبسالة وعزيمة الجندي العربي, وفصائل المقاومة,هم من انتزعوا النصر وألحقوا الهزيمة بإسرائيل.أما العملاء والخونة فدورهم محصور بجلد جيوشنا وقياداتنا العربية وتحميلهم كل وزر. فإن كان نصرا فيطلوا علينا من خلال وسائط الإعلام المرذول والعميل ليتبجحوا بأنه ليس لنا فيه أي جهد وتضحية وفضل, وإنما هو خطأ من قبل الغير. وإن كان نصر للعدو فيعاودوا الكرة للظهور,ليجلدوا قياداتنا وجيوشنا, ويتهمونهم بكل تهم الفشل والتقصير وسؤ السياسات المتبعة وفساد المسئولين. وهذا باختصار سلوك متبع دائما من الصهيونية والاستعمار والعملاء والخونة وحكومة إسرائيل. لكي يجبروننا على الرضوخ والقبول بعروضهم ومطالبهم بذل. ونبصم لهم بالعشرة صاغرين مستسلمين. والمضحك أن الجاهلين وبعض المفطورين على الصدق والبراءة ينخدعون بهذا الكلام حين يعتبرون إسرائيل بنظامها الديمقراطي, وباحترامها لمستوطنيها تحاسب قيادتها, بينما مثل هذه اللجان هي عندنا مغيبة. ويستنتجون بغباء وجهل على أنها خير دليل على الحرية والديمقراطية في دولة إسرائيل. لا أحد ينكر إن تشكيل مثل هذه اللجان ضروري, إن كان في حالتي السلم أو الحرب.أو في حالتي النصر أو الهزيمة. ولكن بشرط أن تكون تقاريرها موضوعية وشاملة. بحيث تغطي الموضوع من كل جوانبه. لا أن يكون هدفها التحايل على الموضوع, وطمس الحقائق, أو تشويهها أو تغييبها, كما هو الحال المتبع من قبل لجان إسرائيل والإدارات الأمريكية والبريطانية وبعض الحكومات الأوروبية في مثل هذه الأمور. حيث تطمس ألوان لصالح لونهم المفضل.ولهذا أتى التقرير ليتجاهل ويطمس ويغيب ويعتم على الحقائق كي لا يثير ردود الأفعال.ومن هذه الحقائق:1.أن العدوان الإسرائيلي على لبنان. كان مخطط,ومنسق مع الإدارة الأمريكية وحكومتي السنيورة والمالكي, وبعض الأنظمة العربية, ليكون بمثابة ضربة مساعدة لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق.بهدف فك طوق هزيمتها وتعثرها وفشلها. وليحقق لإدارة بوش أيضا نوعا من الاختراق على جبهة مشروع الشرق الأوسط الجديد المتعثر هو أيضا.واختطاف الجنود الإسرائيليين إنما أتخذ ذريعة ليكون بمثابة نقطة الصفر لبدأ العدوان.فالخطط موضوعة, والأوامر والعمليات العسكرية والقوى والوسائط معدة ومتخذة ومقررة وموزعة سلفا منذ زمن بعيد. وليس ردة فعل كما يشير إليه التقرير.2.وأن العدوان لو نجح كما كان مخطط له. لطور باتجاه هجوم إسرائيلي أمريكي مشترك بهدف احتلال سوريا ولبنان, وإسقاط النظام الإيراني وتدمير مشروعه النووي, والتخلص من فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق.وإغراق المنطقة بأتون صراعات طائفية ومذهبية.بحيث يكفل إرساء مشروع الشرق الأوسط الجديد, بما يضمن تحقيق المشروع الصهيوني بإقامة دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل.واستعمار الوطن العربي من قبل المحتل الأمريكي من جديد. يسرق النفط والخيرات ومكنونات الأرض. وينصب العملاء والخونة حكاما على الجماهير, يأتمرون بأمره على أنهم مرتزقة وفاسدين وعبيد. ويعيد بناء الأحلاف العسكرية لتطويق روسيا والهند والصين.3.وإن أولمرت وحكومته وضباط جيشه لم يقصروا بشيء. ولكن شجاعة وبطولة وصمود حزب الله ورجال المقاومة باغت وأذهل الجميع وجعلهم يقفون كالخبالى حيارى. فعزيمة وصمود رجال المقاومة لم يهن ولم يلن. وإنما لان لإصرارهم كل الأسلحة الذكية والغبية المصنعة من جميع أشكال الحديد, وأحرق جميع مخططاتهم بعود ثقاب.4.وإن سوريا بشعبها وقيادتها ورئيسها هم الأقوى لأنهم أصحاب حق, وأنهم يعدون لكل أمر عدته, ومتكلين على الله وحده. بينما الخونة والعملاء متكلين على بوش وأولمرت.وسوريا هي من هزمت التتر المغول والصليبيين. وستبقى الصخرة التي ستتحطم عليها كل قوى الاستعمار والاستكبار إن حاولوا إعادة الكرة من جديد.5.وسوريا هي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة . وهي المعادلة الأصعب. وحل هذه المعادلة لن يتحقق بفرضيات كامب ديفيد وأوسلو وودادي عربة وخارطة الطريق. وإنما بسلام مشرف يكفل إعادة الحقوق والأرض لأصحابها دون لف أو دوران. 6.والشعوب العربية والإسلامية ما عادت لتحسب حسابا سوى لله وحده. وتجهد لكسب رضاه.ولن ترضخ لمحتل مهما جاء باستعراضات القوة والإرهاب والتخويف.7.والجيش الإسرائيلي فقد هيبته منذ حرب تشرين التحريرية وعدوان 1982م. وزال سحره وانكشفت براقع زيفه.ومع هزيمة الجيش الأمريكي لم يعد يحسب له أي اعتبار.8.ويحلق الهيبة والخوف والرهبة من قلوب الشعوب والجماهير لأية قوة مهما كانت قوية حين تصادق وتوطد علاقاتها وتنسق خططها مع الخونة والعملاء. ولن تحصد سوى الهزيمة. فالعملاء والخونة داء وبيل وشر مستطير على أوطانهم وحتى على الأصدقاء.9.والتقرير غيب دور بوش وتشيني ورايس وبولتون وبعض الأنظمة العربية ودور السنيورة والمالكي وعملاء لبنان وفلسطين والعراق في المشاركة بالعدوان على لبنان. والذين ظنوا أن عدوان أولمرت سينقذ بعضهم, وسيجعل البعض الآخر فاعلين ومؤثرين في كل الأحداث. رغم أن بولتون وغيره أماط اللثام عن تواطئهم مع أولمرت بعدوانه. 10. والتقرير صيغ بأسلوب بحيث يجعله يحتاج أيضا إلى لجنة تحقيق لتحقق في مضمونه وتضع النقاط على الحروف, وهذا ليس ببعيد. وسيأخذ كامل أبعاده لو شكلت على غراره لجنة تحقيق أمريكية تكشف أبعاد هزيمة إدارة الرئيس بوش في العراق. 11. والتقرير تجاهل جهود دعم السنيورة وتيار الأكثرية في دعمهم لعدوان إسرائيل على لبنان ولو كان من باب رد الجميل. وهذا عيب ونكران للجميل من قبل واضعي التقرير.12.والتقرير وكأنه يقول باختصار. جئت يا بوش ويأو لمرت ليعين ويساعد كل منكم الآخر في محنته فخرجتم خائبين وألحقت بجيوشكم هزائم من العيار الثقيل.لو كانت لجنة التحقيق نزيهة, لوصفت عدوان أولمرت على لبنان بأنه إرهاب, وعدوان غير مبرر, يفرض على إسرائيل محاكمة قادتها. لأنهم شنوا حربا غير مبررة, لخدمة بوش وعملاء لبنان وفلسطين والعراق. ولا تخدم إسرائيل في شيء. فغباء أولمرت واضح حين قرر أن ينقذ إدارة بوش وهو من تنقذه الإدارات الأمريكية طيلة ستون عام. ولكن واضعي التقرير نأوا بأنفسهم عن الحقيقة المرة. وتهربوا من تفسير واضح. لتبقى الأمور ضبابية. فهم يعرفون أن أحزاب إسرائيل بدأت تعيد توليفتها من جديد بعد فوز الديمقراطيين وهزيمة الجمهوريين. حتى لا تباغتهم الانتخابات الأمريكية بنتائجها المتوقعة عام 2008م. ويعرفون بأن حزب الليكود يريد أن يمزق المنشقين عنه. والذين شكلوا حزب كاد يما لأنهم افقدوه الدور والهيبة لسنين. ويعرفون بأن إسرائيل باتت أشبه بقشة في مهب الريح بعد إفلاس المشروع الصهيوني. وأن غطرسة القوة غير ذات نفع وجدوى, وما عادت تفيد. وخاصة بعد الالتفاف الجماهيري الكبير حول سوريا ورئيسها بشار الأسد (حفظه الله ورعاه) من قبل شعوب العالم والأحرار وكافة العرب والمسلمين.المضحك حين يقارن المرء بين ما ورد في تقرير لجنة فينو جراد الإسرائيلية, وواقع إدارة بوش المهزومة التي تتهرب من تشكيل لجنة تحقيق, وتخر صات رئيسها يستخلص النتائج التالية:•أن التقرير يحمل نتائج الهزيمة والإخفاق والفشل إلى القيادتين السياسية والعسكرية. بينما يتهرب الرئيس جورج بوش من تحمل مسئولياته,وتبعات قراراته,ليحمل المسئولية إلى أخطاء أستخباراتية , وإلى جنود أمريكيين مأمورين وليسوا بأصحاب قرار.•وأن التقرير جاء ليجمل صورة الجيش والجندي الإسرائيلي على حساب القيادتين السياسية والعسكرية. بينما يحاول الرئيس جورج بوش وإدارته أن يجملوا صورتهم على حساب الجيش الأمريكي وكرامة وقيم المجتمع الأمريكي والدستور الأمريكي.•وأن التقرير قصد منه أيضا أن لا يزيد في متاعب الكيان الصهيوني وانقساماته و تشظياته. لذلك ترك الساحة فسيحة للبقاء لمن يود البقاء رغم إدانته. واستقالة من يريد أن يستقيل. فالتقرير ماهو سوى أسلوب من أساليب امتصاص النقمة داخل المجتمع الإسرائيلي, والتفاف حول الهزيمة لتحييرها لأطراف أخر. بحيث تكون معطياته قابلة للأخذ والرد والتأويل, وتعدد التفاسير, ليكون سلاحا في يد أية حكومة مقبلة, في تعاونها مع الإدارة الأمريكية, والخونة والعملاء وأنظمة العمالة والتواطؤ والفساد, وحكومة فؤاد السنيورة إن كتب لهم البقاء في تسلم مقاليد السلطة والشرعية وسدة الحكم.ختاما نقول التقرير محزن ومبكي لكل من شارك فيه,وشارك في العدوان على لبنان.ويخفي قتامة مستقبل إسرائيل والخونة والعملاء. ووصمة عار في جبين كل من تعاون ويتعاون مع المحتل إن كان في فلسطين أو العراق أو أي مكان.أو يحتفظ معهم بعلاقات صداقة وود متجاهلا أنهم مجرمين وقتلة وإرهابيين.أو يسعى لتحتل بلاده من جديد,أو ينسق مع محتل أمريكي أو فرنسي أو بريطاني أو إسرائيلي وأثيوبي وغيره ليحتل وطنه, أو يتآمر على سوريا ورئيسها. ومع ذلك فالتقرير دليل على أن فصائل المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين بات نصرها وشيك وقريب. السبت 5/5/2007م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم البريد الإلكتروني: [email protected]