1-لقد أثارت تصريحات "بابا" الفاتيكان، حول الدين الإسلامي، ضجة كبيرة في مختلف بلدان المسلمين، أنظمة، وإجراءات سياسية، وأحزابا مؤدلجة للدين الإسلامي. وهذه الضجة غالبا ما تأتي من أناس لا يفهمون من الدين الإسلامي إلا كونه وسيلة لإعطاء الشرعية الدينية لما يقومون به، أو ما يسعون إلى القيام به، مما يحقق مصالحهم الطبقية، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ومع ذلك، فقد كان على "بابا" الفاتيكان أن يستحضر ضرورة احترام معتقدات الشعوب بصفة عامة، ومعتقدات المسلمين بصفة خاصة، باعتبار ذلك الاحترام يعتبر وسيلة نافعة لتوطيد العلاقة بين الشعوب، التي تختلف معتقداتها، لأن الغاية من تلك المعتقدات شأن فردي، حتى وإن كان يتخذ صبغة جماعية على مستوى تمثل القيم الناتجة عن الاقتناع بمعتقد معين.فقد كان علي "بابا" الفاتيكان أن لا ينطلق في إصدار حكمه على الدين الإسلامي من ممارسات المسلمين، ومن تأويلاتهم المؤدلجة لنصوصه، لأن تلك الممارسات، والتأويلات، قد تكون متناقضة مع الدين الإسلامي، أو محرفة له ، بل كان عليه أن ينطلق من نصوص الدين الإسلامي نفسه، وفي مقدمتها: القرآن الكريم، الذي تعامل مع ديانة موسى، وديانة عيسى، على أساس أنهما ديانتان شرعيتان، ولم ينتقد إلا التحريف الذي لحقهما، من خلال ممارسات اليهود، والمسيحيين، كما جاء في القرآن: "وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله"، وكما جاء فيه أيضا: "إن الله ثالث ثلاثة" ومع ذلك، فالدين الإسلامي لم يحط من قيمة اليهود، والمسيحيين، بقدر ما فسح المجال أمام إجراء حوار بين المسلمين، وبين اليهود، والمسيحيين، من أجل تجاوز ما يمكن أن يحدث من صراعات عقائدية، وفي أفق التفرغ إلى نسج علاقات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، بين الأمم، والشعوب، مهما كانت معتقداتهم. وهو ما يمكن أن نستفيده من قوله تعالى: "يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا تعبد إلا الله". ولتوضيح الأمر أكثر، سنحاول مقارنة الفهم الصحيح للدين الإسلامي، مع الفهم المغلوط الذي صار سائدا على يد مؤد لجي الدين الإسلامي، وسيادة الخلط القائم بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، وضرورة إزالة الخلط القائم في واقع المسلمين، وضرورة تحديد من المسئول عن قيام ذلك الخلط: هل هو طبيعة الدين الإسلامي القابل بكل التأويلات؟ هل هو طبيعة الأدلجة التي يمارسها المؤدلجون؟ هل هم المؤدلجون؟ هل هو الأنظمة القائمة؟ وعلى ماذا كان يجب التركيز في حديث البابا؟ هل كان يجب التركيز على الدين الإسلامي؟ هل كان يجب التركيز على أدلجة الدين الإسلامي؟ هل كان يجب التركيز على من وقف وراء إشاعة أدلجة الدين الإسلامي؟ هل يملك "بابا" الفاتيكان حق إبداء الرأي في الدين الإسلامي، وفي المسلمين، وفي مؤد لجي الدين الإسلامي؟ لأننا بمقارنتنا تلك، نحرص على أن نلتمس الإضاءة المفيدة، لأجل تجاوز قيام صراع بين الدين المسيحي الحقيقي، وبين الدين الإسلامي الحقيقي، وسعيا إلى جعل الديانات، جميعا، بعيدة عن الاستغلال الأيديولوجي، والسياسي، من قبل المؤدلجين، أنى كان لونهم.2-وقبل الدخول في تناولها لمقاربة أجوبة ما طرحناه أعلاه من أسئلة، نسجل رفضنا المطلق لإهانة معتقدات الشعوب، أنى كانت، ومنها بطبيعة الحال، اعتقاد المسلمين بالدين الإسلامي، لأن تلك الإهانة لا تعني في العمق: إلا الدخول في الصراع بين حاملي المعتقدات المختلفة. ذلك الصراع، الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى قيام حركة رجعية متخلفة، تقف وراء ارتداد الشعوب إلى الوراء. وهذا الرفض يعتبر بالنسبة ألينا مبدئيا.وعندما نطرح ما صدر مؤخرا عن "بابا" الفاتيكان "المقدس" من قبل المسيحيين الكاثوليك عبر العالم. نستطيع القول ب:ا – إن الفهم الذي انطلق منه البابا لإصدار حكمه على الدين الإسلامي الحنيف، هو فهم مغلوط، قائم على التطابق بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي. وفهم من هذا النوع، يعتبر في حد ذاته مسيئا إلى الدين الإسلامي؛ لأن "البابا" لو استخدم عقله، كما يدعي، لعمل على قراءة نصوص الدين الإسلامي، في مظانها ، وبلغتها الأصلية، أو بالعمل على ترجمتها ترجمة أمينة، قبل قراءتها باللغة التي يفهمها "البابا"، ومناقشتها مناقشة موضوعية مع المختصين بمعرفة الدين الإسلامي معرفة موضوعية، حتى يبني رأيه في الدين الإسلامي على أسس موضوعية، وحتى يصدر حكما مقبولا من المسلمين الحقيقيين، ومن الرأي العام. وهذه الإمكانية، يمكن أن تكون واردة من قبل المسلمين الذين لا يحتكرون المعرفة الحقيقية بالدين الإسلامي، ومن قبل الدارسين الأمناء في كل جامعات الدنيا، الذين يشرفهم أن يجعلوا خبرتهم في معرفة طبيعة الأديان في خدمة "البابا"، وفي خدمة جميع المعنيين بالأمور الدينية. ولكن البابا الذي يعتبر نفسه، بحكم منصبه الديني. يملك المعرفة المطلقة بالأديان المختلفة، مما يعطيه الحق في إصدار الأحكام على الأديان، وعلى المذاهب الدينية المختلفة، التي لا يتفق معها، مما يقوده إلى جلب العداء المطلق له. والى استعداء المسلمين عليه، في كل أرجاء الدنيا. 3- وبناءا على الفهم المغلوط، الذي بني عليه "بابا" الفاتيكان حكمه على الدين الإسلامي، نرى ضرورة بناء الفهم الصحيح للدين الإسلامي، الذي يعني بالنسبة إلينا أن الدين الإسلامي معتقد بمرجعية معينة، تهدف إلى بناء منظومة من القيم النبيلة، التي تتحقق معها كرامة الإنسان الاقتصادية. والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وفي إطار دولة الحق والقانون، ودولة المؤسسات، التي لا علاقة لها بالمعتقدات الدينية، التي تبقى متروكة للمسلمين الذين يمارسون شعائرهم، بدون وصاية من أحد، وكما هي مدونة في الكتب الدينية المتحررة من أدلجة الدين الإسلامي، حتى تبقى تلك الشعائر مصدرا للقيم النبيلة، ولوحدة المجتمع القائم على تجسيد الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. وحتى يصير الدين الإسلامي دين السلام، ودين الحرية، ودين العدل، ودين الاحترام المتبادل بين البشر....الخ. وهو ما يعنى: أن الدين الإسلامي هو دين التعدد، والتطور. مما يجعله دينا صالحا لكل زمان، ومكان، بعيدا عن الجمود، والتخلف الملازمين لممارسة مؤد لجي الدين الإسلامي، الذين يعكسون الآية، فيجعلون الدين الإسلامي دينا للدولة، وللجمود العقائدي، ولتنميط المجتمع، على جميع المستويات: المظهرية، والمسلكية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، واتخاذ "تطبيق الشريعة الإسلامية"، وسيلة لتنميط المجتمع، وفرض ذلك التنميط حتى في كيفية أداء الشعائر الدينية. مما يعتبر بعيدا عن الدين الإسلامي، وعن حقيقته.3- وغياب الفهم الصحيح للدين الإسلامي. وعدم التمييز بينه، وبين الدين الإسلامي، هو الذي يؤدي إلى الخلط الحاصل في ذهن البابا، وفي ذهن كل متتبع لما يقوم به المسلمون، مما يجعل الجميع يعتقد بأن ما يقوم به بعض ممن ينسبون أنفسهم، وأفعالهم، إلى الدين الإسلامي، بقيام التطابق بين الدين الإسلامي، وبين الممارسات المحرفة له، مما نسميه بأدلجة الدين الإسلامي، وذلك التطابق هو المغالطة الكبرى، التي يقع فيها المسلمون بصفة عامة، ويقع فيها الدارسون من المسلمين، ومن غير المسلمين، بصفة خاصة . ولو كلف هؤلاء أنفسهم عناء التمييز بين حقيقة الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، لما طابقوا بينهما. ولما وقعوا في الخلط المؤدي إلى القيام بالممارسات المسيئة إلى الدين الإسلامي.4- ولذلك نرى من الضروري العمل على إزالة الخلط القائم بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، بالقيام بحملة إعلامية، توضيحية، تستغل فيها كافة وسائل الإعلام السمعية البصرية، والمقروءة، والمسموعة، يتصدى فيها علماء الدين الإسلامي، ممن لم يتورطوا في عملية الأدلجة، وممن لم يبيعوا ضمائرهم للأنظمة القائمة، على أساس الاستغلال الإيديولوجي للدين الإسلامي، من قريب، أو بعيد. بالإضافة إلى فتح نقاش سياسي واسع حول أدلجة الدين الإسلامي، ودور تلك الأدلجة في تكريس تحريف الدين الإسلامي، وباعتبار تنميط المجتمع على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. والعمل في أفق تجريم تحريف الدين الإسلامي بواسطة الأدلجة، نظرا لكون استغلاله إيديولوجيا، وسياسيا، مخالف للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكونه حقا لجميع المسلمين، يتم السطو عليه من قبل مؤدلجيه الذين ينصبون أنفسهم أوصياء عليه.5- وللوصول إلى تكريس التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، نرى ضرورة تحديد: من المسئول عن تحريف الدين الإسلامي، حتى تتبين الغاية من ذلك التحريف، ومن أجل تمهيد الطريق أمام التمييز بين حقيقة الدين الإسلامي، وحقيقة أدلجة الدين الإسلامي.ومن وجهة نظرنا، فإن تسهيل عملية الأدلجة، يرجع إلى:أ-أن النص الديني الإسلامي حمال أوجه، مما يجعل تأويله من الصعوبة بمكان، كما يدل على ذلك قوله تعالى: "وما يعلم تأويله إلا الله" ومع ذلك فمؤدلجو الدين الإسلامي يعملون على تأويله، بما يحتمل ، وبما يخدم مصلحة المؤولين ،سواء كان ذلك التأويل في خدمة تأبيد الاستبداد القائم، أو في خدمة السعي إلى فرض استبداد بديل. وهذا النوع من التأويل لا يكون إلا لتحقيق غرض إيديولوجي. أو سياسي. ولذلك، كان يجب تجريمه لإساءته إلى فهم النص الديني، والى المسلمين الذين يعانون من ذلك التأويل المغرض، وإلى جميع الناس على وجه الأرض.ب-الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، التي تحصل على شرعيتها من خلال أدلجة الدين الإسلامي، بواسطة جيوش المؤدلجين، الذين توظفهم عادة هذه الأنظمة، للقيام بعملية الأدلجة تلك، مما جعل عملية الدين الإسلامي هما يوميا، في المدارس، والمعاهد، والمساجد، وبواسطة وسائل الإعلام السمعية / البصرية، والمقروءة، من أجل تنصيب الأنظمة القائمة وصية على الدين الإسلامي، ونائبة عن الله في الأرض.ولذلك فهذه الأنظمة القائمة مسئولة مسئولية مباشرة عن إشاعة أدلجة الدين الإسلامي، مما يعتبر سرقة لهذا الدين، وتحريفا له، لخدمة أهداف أخرى، غير تحقيق كرامة الإنسان. ج مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين يعلمون أنهم يحرفون كلام الله عن حقيقته، ومع ذلك يستمرون في عملية التأويل المغرض لكلام الله، خدمة للأنظمة القائمة من أجل تأبيد استبدادها، أو من أجل العمل على فرض استبداد بديل. ومسؤولية هؤلاء المؤدلجين تبقى بادية للعيان، لأنهم يتعمدون تحريف كلام الله عن مواضعه، لتحقيق أهداف آنية، وزائلة، أو لخدمة أغراض سياسية، لا علاقة لها إلا بممارسة تضليل المسلمين، واستغلالهم لتحقيق أهداف مؤدلجي الدين الإسلامي. د الأحزاب السياسية الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، التي لا تتحمل مسئوليتها في فضع، وتعرية ممارسة أدلجة الدين الإسلامي، وتشريحها، وبيان خطورتها على مستقبل المسلمين، وعلى مستقبل البشرية، في مشارق الأرض ومغاربها، وعدم قيامها بإيجاد السيل الضرورية المؤدية إلى قيام التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، في أذهان ، وفي مسلكيات الجماهير الشعبية الكادحة، وعدم المطالبة بالعمل على اعتبار أدلجة الدين الإسلامي، جريمة ضد الإنسانية. ولو قامت بذلك كله، ومنذ زمن بعيد، وانطلاقا من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ومن الواقع العيني للجماهير الشعبية المعنية بالنضال الديمقراطي التقدمي، واليساري. وقد كان المفروض أن تحول بين الجماهير الشعبية الكادحة، وبين هذا المد الهائل لأدلجة الدين الإسلامي.6- وقد كان على "البابا" وقبل الإدلاء بتصريحاته، في محاضرته عن الدين الإسلامي، أن يسعى إلى امتلاك الفهم الصحيح للدين الإسلامي، ولأدلجة الدين الإسلامي، من أجل التمييز بينهما في تصريحاته المختلفة، التي يفترض فيها احترام الدين الإسلامي. وقد يلتمس البعض العذر ل "البابا"، لكونه يجهل الإسلام، ويجهل معرفة حقيقة الدين الإسلامي، ونحن في تعاملنا مع "البابا" لا نلتمس له العذر، لأن مثله يفترض فيه أن يكون عارفا بدقائق الأمور، بما فيها حقيقة الدين الإسلامي، وحقيقة أدلجة الدين الإسلامي، حتى يكون في تصريحاته تجاه الدين الإسلامي موضوعيا، وحتى لا يثير غضب، واحتجاج المسلمين، في كل بقاع الدنيا، وحتى تكون تصريحاته وسيلة لتكريس الاحترام بين الأديان، ومن أجل أن يتوجه بموضوعية أيضا إلى مؤد لجي الدين الإسلامي، ليستنكر ما يقومون به عبر العالم، من عمليات إرهابية، ومن استغلال للدين الإسلامي في الأمور الإيديولوجية، والسياسية، تماما كما فعل القرآن الكريم، الذي لم ينتقد ديانة عيسى، بقدر ما انتقد التحريف الذي لحقها، كما انتقد التحريف الذي لحقه ديانة موسى. فقد جاء في القرآن: "وقالت اليهود عزير الله وقالت النصارى المسيح ابن الله" وجاء فيه أيضا : "ان الله ثالث ثلاثة". فنقد ممارسة المسلمين التحريفية ،لا تعتبر إساءة إلى الدين الإسلامي، وقد أنتج المسلمون في تاريخهم الطويل، والعريق، الكثير من الممارسات التي أساءت إلى الدين الإسلامي، وأهم تلك الممارسات، تحويل الدين الإسلامي إلى مجرد إيديولوجية، ومجرد وسيلة لتحقيق أهداف سياسية زائلة. يمكن الوصول إليها عن طريق القيام بعمليات إرهابية. ولكن التوجه إلى نقد جوهر الدين الإسلامي كمصدر للقيم الدينية السامية التي تتحقق معها كرامة الإنسان، يعتبر إساءة إلى المسلمين جميعا. لأنه يمس جوهر عقيدتهم. وقد كان على "البابا" أن يتجنب نقدا من هذا النوع، سعيا إلى تجنب قيام صراع ديني. لا يمكن أن يجر البشرية إلا للتخلف في مستوياته المختلفة، كما حصل في الحروب الصليبية. وانطلاقا من هذا التصور، فقد كان على البابا أن يقود معركة تحرير الدين المسيحي من الأدلجة، التي طالتها لعدة قرون، والتي لازالت مستمرة إلى يومنا هذا، ومن قبل أعتى دولة في العالم، الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ومن قبل رئيسها "جورج بوش". وتبعا لذلك، فقد كان عليه أن يدعو إلى تحرير جميع الأديان السماوية من الأدلجة، حتى لا تقوم قائمة للدولة الدينية. وأن يدعو جميع دول المسلمين، وفي جميع أنحاء العالم. إلى وضع برنامج لإعداد الأجيال الصاعدة، وتربيتها، على احترام عقيدة المسلمين، وعدم استغلالها في الأمور الأيديولوجية، السياسية.ونحن لا ننكر على "بابا" الفاتيكان حقه في إبداء رأيه في الدين الإسلامي، ولكن ذلك الرأي يجب أن يبنى على معرفة دقيقة بالدين الإسلامي، وبالمذاهب التي تكونت بفعل اجتهاد المسلمين في فهم النصوص الدينية الإسلامية، وبالأحزاب السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي في تاريخيتها، وفي راهنتيها، وماذا ترتب عن ذلك في المراحل التاريخية المختلفة، وعلى مستوى الواقع الذي نعيشه، حتى يستطيع إبداء الرأي الموضوعي في كل ذلك، وحتى لا يسيء إلى المسلمين الذين لا يسعون إلا إلى السلام، ولا يربطهم بغيرهم إلا الاحترام المتبادل، كما جاء في القرآن الكريم: "يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا ، وبينكم أن لا نعبد إلا الله" ولا يأخذون إلا بقوله تعالى: "لا إكراه في الدين".وكيفما كان الأمر، فنحن لا يمكن أن نتقبل ما صدر عن "بابا" الفاتيكان، ولا يمكن أن نقبل منه الإساءة إلى عقيدتنا، التي نعتبرها أكثر تطورا من ديانة عيسى، ومن ديانة موسى، بل ننتظر منه الإنكباب على معرفة عقيدة المسلمين معرفة حقيقية، حتى يتأتى له احترام معتنقيها، الذين لعبوا دورا كبيرا في التحول التاريخي في العصور الوسطى لصالح البشرية، وأبدعو أشياء استفادت منها البشرية جمعاء، بقطع النظر عن معتقداتها، وعن الأماكن التي تتواجد فيها.والخلاصة: أن على "بابا" الفاتيكان أن يتجنب الفهم المغلوط للدين الإسلامي، وأن يعمل على امتلاك الفهم الصحيح لهذا الدين، وأن لا يخلط بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي. وأن يساهم، ومن موقعه الديني، على إزالة الخلط بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، من خلال العمل على إزالة ذلك الخلط بين الدين المسيحي، وبين أدلجة الدين المسيحي، وليس بالإساءة إلى عقيدة المسلمين، وأن يعمل على تحميل المسئولية لمن وقف وراء أدلجة الدين بصفة عامة، ووراء أدلجة الدين الإسلامي بصفة خاصة، سواء تعلق الأمر بالأنظمة، أو المؤدلجين، أو بالأحزاب السياسية. محددا: على ماذا يجب التركيز في حديثه عن الدين الإسلامي، حتى لا يسيء إلى المسلمين، وحتى يستحق من المسلمين التقدير، والاحترام في إبداء رأيه في الدين الإسلامي، وفي المسلمين على حد سواء.فهل ننتظر من "بابا" الفاتيكان أن يتجنب، مستقبلا، الإساءة إلى عقيدة المسلمين، حتى لا يتحول كلامه إلى وسيلة لإعطاء الشرعية لزعيمة الإرهاب الدولتي العالمي: الولاياتالمتحدةالأمريكية، وربيبتها إسرائيل؟هل ينفتح على المسلمين حتى يكسب ودهم، واحترامهم؟أما اعتذاره، بعد الذي صدر منه، فلا يكفي، بعد أن حول المسيحية إلى دين للهمجية الرأسمالية، وتعامل مع الدين الإسلامي كدين للتخلف، والبداوة، التي صار يتمثلها مؤدلجو الدين الإسلامي، ويعتبرونها جزءا لا يتجزأ منه. والواقع: أن الدين الإسلامي في فهمه المتجدد، والمتطور، أكثر تقدما من المسيحية، والدليل: أنه لا رهبانية في الإسلام. وإلا لما كان صالحا لكل زمان ومكان.