لازال الحوار الذي دار بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الذي حل بقصر المرادية يوم الأربعاء الأخير، والمنشور على موقع خارجية الولاياتالمتحدة، يثير الكثير من الجدل، خاصة أن كلام تبون تضمن الكثير مما وصفه متتبعون ب"اعترافات" لا تتماشى مع ما يُروج له الإعلام الجزائري الرسمي. وتضمن كلام تبون الطويل خلال حواره مع بلينكن العديد من القضايا، بالرغم من أن النصيب الأكبر كان حول المغرب وقضية الصحراء، ومن بين القضايا الذي تحدث فيها الرئيس الجزائري، تخص إسرائيل والقضية الفلسطينية وبلدان الجوار كتونس وموريتانيا وليبيا. المثير في كلام تبون، أنه نسف الكثير من الادعاءات التي كانت تروج لها وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية وعدد من المنابر الإعلامية التابعة للنظام في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل، حيث يتم الترويج للجزائر على أنها آخر الحصون المدافعة عن فلسطين، وأنها ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال، بل وذهبت بعض المنابر إلى اعتبار أن تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل من أسباب قطع الجزائر لعلاقاتها مع الرباط. فعلى عكس هذه الادعاءات، فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قال في حواره مع بلينكن، بأن الجزائر ليست لديها أي مشاكل أو عداوة مع إسرائيل، والمشكل الوحيد مرتبط بالقضية الفلسطينية، حيث ترى الجزائر أنه من الضروري تنفيذ مقترح الدولتين، دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية، وهو نفس المقترح الذي يدافع عليه المغرب وباقي البلدان العربية، ولا تختلف فيه الجزائر في شيء. وعند استعراض تبون على وزير الخارجية الأمريكية أسباب الخلافات مع الجار المغربي، لم يتطرق لا من قريب أو من بعيد إلى أي سبب له علاقة بإسرائيل، في حين كانت وسائل الإعلام الجزائرية تُحاول تسويق صورة الجزائر المدافعة عن فلسطين والمغرب البلد "المُطبّع"، وأن هذا من أسباب قطع الجزائر لعلاقاتها مع المملكة المغربية، ويتم الاحتفاء بها حتى من طرف العديد من الشخصيات ورجال الإعلام العرب والمشارقة على هذا الأساس. نفي الرئيس الجزائري لأي عدواة أو مشاكل مع إسرائيل، عدا الخلاف المرتبط بالقضية الفلسطينية، يتعارض تماما مع ما يُحاول الإعلام الجزائري التسويق له، ويجعله في مرتبة "المُستغل" للقضية الفلسطينية في مآرب أخرى، من بينها محاولة تلميع صورة الجزائر على حساب المغرب، في حين أن البلدين يتساويان في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والاختلاف الوحيد يتعلق فقط بمسألة "تقديم وتأخير" تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وإضافة إلى إسرائيل والقضية الفلسطينية، فإن تبون حاول في حديثه إظهار الجزائر على أنها البلد "السوي" الوحيد في المنطقة إلى جانب الجار التونسي، في حين أن بلدان أخرى توجد بها مشاكل أو لديها عيوب، ومن بينها ليبيا الغارقة في مشاكل داخلية، وموريتانيا التي وصفها بأنها "ليست بتلك القوة"، للتعامل مع التحديات الأمنية الإقليمية. ويبدو أن هذه الأقوال والتصريحات التي لا يُمكن أن ينظر إليها مسؤولو البلدان المجاورة، كليبيا وموريتانيا ودول أخرى بعين الرضا، فإن الإعلام الجزائري قرر تجاهل تصريحات تبون، خاصة في الشق المتعلق بإسرائيل وبتلك البلدان، وفضل التركيز على المغرب وقضية الصحراء.