لا شيء يؤرق رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، حاليا، أكثر من الاجتماع رفيع المستوى المنتظر عقده مع أعضاء الحكومة المغربية في فبراير المقبل، الذي يعول عليه لوضع نقطة النهاية لمجموعة من الأزمات التي وضعتها أمام نيران المعارضة اليمينية وتحت ضغط العديد من الحكومات المحلية، وهو الأمر الذي دفعه إلى الإلحاح طلب لقاء الملك محمد السادس، دون أن يتلقى أي رد إيجابي رسمي من القصر الملكي، الأمر الذي ازداد تعقيدا بسبب تطورات قضية الصحراء. وكان سانشيز يريد لقاء الملك خلال الموعد الأول للقمة في 17 دجنبر 2020، وهو الأمر الذي أكدته ماريا خيسوس مونتيرو وزيرة التشغيل والناطقة الرسمية باسم الحكومة، لكنه لم يتمكن من ذلك، إلا أن الأمر يبدو أصعب الآن بسبب الموقف السلبي لإسبانيا من اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية يوم 10 دجنبر، وهو اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن تأجيل الاجتماع رفيع المستوى. وسبق لوسائل إعلام إسبانيا أن تحدثت عن "غضب" الملك محمد السادس من دعوة بابلو إغليسياس، النائب الثاني لرئيس الوزراء الإسباني ووزير الحقوق الاجتماعية، لإجراء استفتاء تقرير المصير بالصحراء عقب تدخل الجيش المغربي في "الكركارات" لإعادة فتح المعبر الحدودي الذي يربط المغرب بموريتانيا، وهو الأمر الذي دفع وزيرة الخارجية أرانتشا غونزاليس لايا إلى التبرؤ من تلك التصريحات والتأكيد على أنها آراء شخصية لإغليسياس باعتباره رئيسا لحزب "بوديموس" لا بصفته الحكومية. لكن غضب الرباط مصدره هذه المرة الحكومة الإسبانية نفسها وتحديدا التصريحات الصادرة عن وزيرة الخارجية، والتي أكدت اتصالها بأعضاء في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن من أجل التراجع عن قرار ترامب عند تقلده السلطة رسميا، على اعتبار أن قضية الصحراء "لا تقبل الحلول الأحادية"، وهو ما يفسر عدم تأكيد الحكومة المغربية لحدود اليوم الموعد الجديد للاجتماع على الرغم من أن نظيرتها الإسبانية أعلنت رسميا إنه سيكون في فبراير. وحتى إن تم الاتفاق على الموعد الجديد للاجتماع، فإن لقاء سانشيز بالملك يبقى إلى حدود اللحظة غير وارد، حيث لم تُصدر وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة المغربية، أي بلاغ بهذا الشأن كما لم يصدر بلاغ مماثل عن قصر "لامونكلوا" الحكومي الإسباني، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان البرود الكبير الذي كان بين الملك ورئيس الوزراء الإسباني في بداية تولي هذا الأخير للسلطة، والذي تعود جذوره إلى سنوات قبل ذلك. وحسب صحيفة ABC الإسبانية فإن العلاقة المتوترة بين الملك وسانشيز ترجع إلى سنة 2011 حين كان عضوا الأخير ضمن فريق المعهد الديمقراطي الوطني المكون من 5 أشخاص، المكلفين بمراقبة الانتخابات التشريعية التي تلت إقرار الدستور المغربي الجديد، وحينها تحدث تقريرهم عن مجموعة من السلبيات مثل شراء الأصوات وانعدام السيطرة على تمويل الحملات الانتخابية وضعف مشاركة المجتمع المدني في الحياة السياسية، وهو ما أغضب العاهل المغربي الذي كان حريصا على نجاح تلك المرحلة. وبعد أن أصبح رئيسا للوزراء، فضل سانشيز كسر العرف المتبع في العلاقات الدبلوماسية بين المملكتين، بأن تكون زيارته الرسمية الأولى خارج بلاده للمغرب، حيث فضل زيارة فرنسا أولا بعد توليه منصبه في يونيو 2018، الأمر الذي أخر لقاءه الأول بالملك إلى نونبر من العام نفسه، لكن هذا اللقاء أسهم في تحسين العلاقات بشكل كبير خاصة في مجال الهجرة والموقف من ملف الصحراء، لدرجة أن سانشيز كان هو من أقنع العاهل الإسباني فليبي السادس بإلغاء فكرة زيارة سبتة ومليلة في يوليوز الماضي. وأتت تطورات الوضع في الصحراء في وقت غير ملائم بتاتا بالنسبة لسانشيز، الذي يلح على لقاء الملك للحصول على ضمانات بخصوص العديد من القضايا الشائكة، على رأسها قضية المهاجرين غير النظاميين الذين سبب وصولهم إلى جزر الكناري بأعداد قياسية أزمة غير مسبوقة هناك، ثم موضوع استكمال المغرب عملية ترسيم حدوده البحرية لتشمل مياه الأقاليم الصحراوية، وكذلك قرار الرباط إغلاق الحدود البرية مع سبتة ومليلية منذ 13 مارس الماضي.