أبدت حكومة الوفاق الليبية، المنبثقة عن اتفاق الصخيرات بالمغرب والتي تحظى باعتراف دولي، ارتياحها لموقف الدول المغاربية بخصوص الأزمة الليبية، موجهة شكرها لوزراء خارجية جميع تلك الدول عقب الاجتماع الطارئ بشأن تطورات الوضع الليبي الأخيرة، الذي احتضنه مقر الجامعة العربية بالقاهرة أول أمس الثلاثاء. لكن الثناء الليبي الذي شمل إلى جانب "جميع الدول المغاربية" كلا من قطر والسودان، والذي أزعج مصر التي لم يشملها "الشكر" رغم أنها كانت صاحبة الدعوة لهذا الاجتماع، لا يعني أن جيرانها المغاربيين يقفون في صف واحد بخصوص "المخرج من الأزمة"، وهو الأمر الذي زادته تعقيدا تركيا مؤخرا، من خلال رغبتها تأسيس حلف يضم الجزائروتونس تمهيدا للتدخل العسكري ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. تونس: "لا تحالفات" وكانت تونس المحطة التي أعلنت خلالها تركيا عن رغبتها في تأسيس تحالف يضم الجزائر أيضا، تمهيدا لتدخلها العسكري في ليبيا، إذ جاءت دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان مباشرة بعد لقائه بنظيره التونسي قيس سعيد ومناقشتهما تطورات الوضع الليبي، ومن تونس أيضا جاء تأكيد وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا طلب بلاده دعما عسكريا رسميا من أنقرة. لكن تونس لم تنتظر طويلا قبل إعلان رفضها "الخطة التركية" معلنة انسحابها من التحالف حتى قبل أن يتأسس فعليا، إذ يوم الخميس الماضي أعلنت الرئاسة التونسية، التي يمنحها الدستور صلاحيات واسعة في مجالي الخارجية والدفاع، أن "تونس لن تقبل بأن تكون عضوا في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق"، مشددة على "سيادتها الترابية". وخلال لقائه بأردوغان قال الرئيس التونسي إن مرجع بلاده بشأن النزاع في ليبيا هو "القانون وليس أزيز الطائرات"، موردا أنه "كان المنطلق في القضية الليبية هو الامتثال للشرعية الدولية التي تبقى بطبيعة الحال هي المرجع، ولكن لا يمكن أن تستمر هذه الشرعية الدولية من دون نهاية". الجزائر: "حفتر يقود عدوانا" وإن كان الموقف التونسي من التحالف مع تركيا ومن إمكانية التدخل العسكري في ليبيا يبدو محسوما، فإن الجزائر التي لا تزال تعيش على وقع احتجاجات الحراك رغم انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا جديدا، لم تبد أي رد فعلي سلبي تجاه العرض التركي المتزامن مع وفاة قائد الأركان السابق أحمد قايد صالح، واختيار اللواء سعيد شنقريحة خلفا له. غير أن بداية العام حملت معها الجديد بخصوص الموقف الجزائري، وذلك بإعلان الخصومة العلنية لقوات حفتر عبر وكالة الأنباء الرسمية، الذي أوردت في إحدى موادها أمس الأربعاء أن سنة 2019 شهدت "انتكاسة حقيقية لمسار التسوية في ليبيا، الذي تعثر بفعل العدوان العسكري الذي تشنه المجموعات المسلحة بقيادة الضابط المتقاعد خليفة حفتر منذ شهر أبريل على العاصمة طرابلس، مما وجه ضربة موجعة لكل المساعي الوطنية والدولية لإخراج البلاد من الأزمة التي تعصف بها منذ 2011". وتابعت الوكالة الجزائرية أنه "في الوقت الذي علقت فيه الآمال لتحقيق هذا الانفراج في خضم بوادر التوافق الكبير بين أطراف الأزمة لتنظيم حوار وطني شامل وتثمين بنود الاتفاق السياسي لسنة 2015، (في إشارة إلى اتفاق الصخيرات)، وكذا الجهود الدولية والتوجه إلى انتخابات عامة في البلاد، عاش الليبيون خيبة أمل خلال السنة المنصرمة، بفعل هذه الحرب المفاجئة التي أرجعت عقارب الساعة الى الوراء وأغرقت البلاد في وضع معقد، صعب من رسم ملامح مخطط الحل النهائي". المغرب: "لا للخيار العسكري" وعلى الرغم من علامات الاستفهام الكثيرة التي خلفها قرار تركيا "إبعاد" المغرب عن تحالفها الجديد، إلا أن المملكة قررت أن لا تعلق على هذه الخطوة التي تأتي في إطار الإعداد للقاء قريب بين رجب طيب اردوغان والملك محمد السادس، في الوقت الذي جددت فيه الخارجية المغربية دعمها لحكومة الوفاق الوطني التي شهدت الأراضي المغربية ميلادها سنة 2015. وظل المغرب محافظا على دعمه الدبلوماسي لحكومة فايز السراج في طرابلس ولمخرجات اتفاق الصخيرات الذي تبنته الأممالمتحدة، لكنه في المقابل لم يبد حماسا لأي خطوة عسكرية لحسم الأمور ميدانيا، وهو ما برز من خلال تصريحات الوزير المنتدب في الخارجية محسن الجازولي خلال مشاركته يود 9 دجنبر الماضي في اجتماع وزاري لدول الجوار الليبي بالعاصمة الإيطالية روما، حين أورد أن "على المجتمع الدولي أن يبدي زخما تضامنيا أكثر قوة في دعمه لليبيا، وأن يتحدث بصوت موحد وقوي من أجل تجنب اندلاع حرب أهلية والتوصل بذلك لمخرج سياسي". وعبر الوزير عن رفض المغرب المبدئي لأي تدخل خارجي في ليبيا، على اعتبار أن التدخلات الخارجية في الأزمة "تعيق إبرام اتفاق بين مختلف الفرقاء الليبيين"، موردا أن لها "تأثيرا على المستوى الداخلي والإقليمي"، قبل أن يضيف أن "المسلسل السياسي يشكل أفضل حل للأزمة الليبية ويظل السبيل الأمثل لمعالجة جميع القضايا بين مختلف الأطراف الليبية، بحيث أن الخيار العسكري لا يمكن إلا أن يزيد الوضع في ليبيا تعقيدا ويؤثر على استقرار وأمن مواطنيها".