1. الرئيسية 2. اقتصاد صناعة السيارات الكهربائية في المغرب تثير قلقا في أوساط شركات أوروبية وتدعو الاتحاد الأوروبي لإجراءات حمائية الصحيفة – بديع الحمداني الأربعاء 26 فبراير 2025 - 9:00 تزايدت المخاوف داخل أوساط الشركات الصناعية الأوروبية بسبب التوسع السريع لصناعة السيارات الكهربائية في المغرب، حيث أصبحت المملكة قاعدة إنتاجية لشركات صينية ضخمة، ما دفع مسؤولين أوروبيين إلى مطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض إجراءات أكثر صرامة لحماية الصناعة المحلية من المنافسة المتزايدة. وفي هذا السياق، دعا بيلو رودريغيز، رئيس مجموعة موندراغون الصناعية الإسبانية، الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز مستويات الحماية لصناعة السيارات في منطقة اليورو، في مواجهة الواردات القادمة من المغرب، حيث تقوم شركات صينية بتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية وتصديرها إلى أوروبا بأسعار تنافسية. وأعرب رودريغيز، وفق ما نقلته صحيفة "إلباييس" عن قلقه من تأثير هذا الوضع، مشيرا إلى أن قطاع السيارات الأوروبي يواجه تحديات كبيرة، ليس فقط من الولاياتالمتحدة التي تفرض رسوما جمركية مرتفعة، بل أيضا من الصين التي تستفيد من قدراتها الإنتاجية العالية وتكاليفها المنخفضة، إضافة إلى التهديد الذي تُمثله الواردات القادمة من المغرب من صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. وأوضح رئيس مجموعة موندراغون أن هناك ضرورة لوضع "قواعد أكثر عدلا" حسب وصفه، في التعامل مع المنافسة الصينية، بحيث لا تقتصر استجابة الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية، بل تشمل أيضا سياسات دعم وتشجيع الصناعة الأوروبية لمواكبة التطورات المتسارعة في السوق. وشدد رودريغيز على أن الشركات الصينية تستفيد من استراتيجيات تجارية مرنة، حيث تتحكم في حصة الأغلبية في المشاريع المشتركة داخل الصين، بينما تمتلك السيطرة الكاملة على فروعها في أوروبا، ما يمنحها ميزة تنافسية غير متكافئة وفق تعبير المتحدث. ويأتي تصريح رودريغيز بعد عدد من التقارير الإعلامية الدولية التي أشارت إلى أن الصراع الأوروبي والأمريكي والصيني القائم على صناعة السيارات الكهربائية، قد يكون المغرب من أبرز البلدان المستفيدة منه، خاصة في مجال استقطاب الاستثمارات الصينية التي ترغب في تفادي الرسوم الجمركية الأمريكية والأوروبية على صادراتها في هذا المجال. وكان الاتحاد الأوروبي، قد أعلن في أكتور الماضي عن فرض رسوم جمركية على جميع وارداته من السيارات الكهربائية الصينية، حيث صوت 10 أعضاء لصالح القرار مقابل 5 أعضاء ضده، في حين امتنعت 12 دولة عضوة في الاتحاد عن الإدلاء بصوتها في هذا القرار المثير للجدل والانقسام في أوساط الأوروبيين. وتضمن القرار النهائي للاتحاد الأوروبي، برفع الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية من السيارات الكهربائية الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي، من 10 في المائة فقط إلى 45 في المائة، وسيدخل هذا القرار حيز التنفيذ ابتداء من فاتح نونبر المقبل، وسيبقى ساري المفعول لمدة 5 سنوات. وبررت الأطراف الأوروبية الداعمة للقرار، بكون أن الشركات الصينية المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية تتلقى دعما سخيا من بكين، على عكس الشركات الأوروبية، مما يجعل الأوروبيين في منافسة غير عادلة مع نظرائهم الصينيين. غير أن هذا القرار "السلبي" من وجهة نظر الصين، قد يكون مفيدا لبعض الدول الأخرى التي ترغب في التأسيس لصناعة قوية في مجال السيارات الكهربائية، وعلى رأسها المغرب، الذي قطع أشواطا مهمة في هذا القطاع، ويرغب في استقطاب العديد من الاستثمارات الصينية في هذا المجال. وفي ظل هذا القرار من الاتحاد الأوروبي، فإن الصين ستكون مضطرة للبحث عن حلول أخرى لتجاوز الرسوم الأوروبية والأمريكية، ومن بينها الحلول المطروحة، هي التوجه للاستثمار في دول ترتبط مع أوروبا وأمريكا باتفاقيات التبادل التجاري الحر، مثل المغرب، من أجل تصدير سياراتها وقطع السيارات الكهربائية دون خشية من الرسوم الجمركية. وفي هذا السياق، سبق أن قال ياسين عليا، الاستاذ في العلوم الاقتصادية، في حديث مع "الصحيفة"، إن العلاقات المغربية الصينية على المستوى الاقتصادي، شهدت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، ولا سميا في قطاع صناعة السيارات الكهربائية، حيث التقت "رغبة مشتركة" بين الصين والمغرب في زيادة الاستثمارات الصينية بالمغرب في هذا القطاع. وأضاف عليا، بأن الاجراءات التي اتخذتها أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية على الصادرات الصينية من السيارات الكهربائية، والتي تتمثل في إزالة الاعفاءات الضريبية أو رفع قيمتها، دفع الصين إلى التفكير في الاستثمار في المغرب من أجل الاستفادة من اتفاقيات التبادل الحر التي تجمع الرباط بأوروبا وأمريكا، وبالتالي تجنب الضرائب الأمريكية والأوروبية التي تهدف إلى حصر النمو الصيني المتصاعد في قطاع السيارات الكهربائية. وتلتقي هذه الرغبة الصينية، وفق الخبير الاقتصادي المذكور، مع رغبة المغرب في التأسيس لصناعة قوية في مجال السيارات الكهربائية، ولا سيما أن هناك توجه في المغرب نحو الطاقات النظيفة، وامتلاكه لاحتياطات هامة في المعادن التي تُستعمل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وبالتالي يرغب في إنشاء صناعة قادرة على الاستجابة للحاجيات المستقبلة، خاصة أن أوروبا تتجه نحو التوقف عن الاعتماد على سيارات الوقود. لكن رغبة المغرب المشتركة مع الصين في مجال صناعة السيارات الكهربائية، لا تعني توجه المغرب للاعتماد بشكل كامل على بكين في هذا المجال، حيث ترغب الرباط أيضا في استقطاب استثمارات غربية في هذا القطاع، من دول مثل فرنسا وألمانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية، في إطار سياسة "تنويع الشركاء". وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي ياسين عليا، إن المغرب -بخلاف عدد من البلدان الإفريقية التي مالت بشكل أكبر نحو الصين في مجال الشراكات الاقتصادية والاستثمارية- يريد الإبقاء على مسافة حياد مع جميع الأطراف، كتوجه تبنته المملكة المغربية للحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع، وهو ما يُفسر إلى حدود اليوم عدم توسع الاستثمارات الصينية بشكل أكبر في المملكة مقارنة ببعض الدول الإفريقية.