1. الرئيسية 2. آراء الدولةُ الإنسانيّة! أحمد إفزارن الأثنين 27 مارس 2023 - 20:36 * تُحيلُ على الثقافة الإنسانية التي يتشبَّعُ بها بلدُنا، في علاقاتِه مع العالم.. وهذا ما يجعلُ البلدَ يحظى بمكانةٍ خاصة، في أضواءِ سياسة الانفتاح والتعايُش والتنمية الدبلوماسية إلى جانب التعامل السّلمي.. دلوماسيةٌ إنسانية فعالة تُنبّه لضَىرُورة الأخذ في الاعتبار التعاونَ والتشارك وفسحَ المجال للحيّز الإنساني، وتلبيةِ احتياجات المستضعفين.. إنّ بلادَنا تَحظَى بعادةٍ عمُوميّة، على الصعيدِ الشعبي: الكُلُّ في المغرب مِضياف، كريم، طيّب، خيّر... صفاتٌ مُشتركةٌ بينَ مختلفِ الفئاتِ الاجتماعية.. ومهما كانت الصعوبات، المغاربة يُولُونَ أهمّية خاصّة للضيوف.. وهذه العادةُ في ذاتِها جذّابة.. تدخلُ إلى كلّ القُلوب.. وتجعلُ العالَمَ يتكلمُ بإيجابية عن هذا الشعبِ المِضياف.. عادةٌ مُنتَشرةٌ في المُجتمع، قِمّةً وقاعِدة.. إنها "العادةُ الإنسانيّة"! عادةٌ كَرَميّةٌ في كلّ مكان، بالبوادي والحواضِر.. ولا يمنعُنا الفقرُ من إبداءِ رُوحِ الكَرَم.. كرَمٌ مَغربي يُطلَقُ على عدةِ تسميّاتٍ منها: الأرْيَحِيّة، البَذْل، الجُود، السّخاء، العَطاء، الفَضْل... إنهُ الكَرَمُ المغربي! سُمعةّ طيّبةٌ بلا حُدود.. دولةٌ إنسانيّة! دِبلوماسيةٌ إنسانية! سَمِّها ما شئتَ.. ومهما تغيّرت التّسمياتُ، يبقى التّطبُّعُ واحِدا، في كلّ ربُوعِ "المملَكةِ المَغربية".. هذا أكرَمُ شعبٍ في العالٓم.. هي ذي "الثقافة الإنسانية"، وفيها كُلّ ما هو مُرتبطٌ بحقوق الإنسان.. ونصلُ إلى حقوق الإنسان.. والاستِهلالُ بالقانون: * رغمَ القانُونِ الدولي، و"مَحكمةِ لاهَاي"، و"الإعلانِ العالمي لحقوق الإنسان"، ما زال العالَمُ لَم يتّعِظ.. والدولُ الكُبرى تتَعاملُ وكأنّها فوقَ القانون.. والإنسانيةُ في حَيْرةٍ من أمرِها: ما العملُ لتطبيقِ القانُون الدّولِيّ؟ إنّ "الدّولةَ الإنسانيةَ" لا تَجهلُ ما لها وما عليها، ولكنّ مَنطقَ القُوّة يُشَكلُ عَرقلةً لحمايةِ "حُقوقِ الإنسان".. ظاهِريًّا، "الدولةُ الإنسانية" تُولِي كامِلَ الأهمية لحقوق الإنسان.. وتُركّزُ في مَناهجها التّعليمية والتربوية على تنشئةِ الطفولة المُواطِنة، الاجتماعيةِ والإنسانية.. أمّا عمَليًّا، تجِدُ مُتّسَعًا للتّهرُّب.. والهٓدف من المُناورة: الابتِعادُ من بناءِ وطَنٍ مُحَصَّنٍ للوَطنيّة والمُواطَناتيّة، ومن تنشئةِ أجيال مُتناغِمة مُتكاملة في مَدارِ الحِصنِ المُجتمٓعيّ المُتعايِش.. وهذا التباعُدُ بين الواقعِ والخيال، كثيرا ما يُقفزُ عليه، ويَتمُّ خرقُه.. ويبقى المُشكلُ الإنسانيّ على حالِه، لا يتغيّر.. * فأين هي الإنسانية؟ هل فاتَ الأوان؟ أم لا زال مُمكنًا تطبيقُ الحقوق الإنسانية؟ وهذا الدورُ الفرديّ المُهمّ يَنبنِي على تنشئةٍ في عُمقِها إنسانيّ، وفي شكلِها اجتِماعيّ.. وفي هذه البيئة، تهتمُّ مُؤسّساتُ الدولةِ بالإنسان، وبتطوِيرِه في مُحِيطهِ الأُسَرِيّ، وتَربيتِه الاجتماعيّة اليومية.. وتعتَني "الدّولةُ الإنسانيةَ" ببِناء الفردِ ذي العُمقِ الإنساني، للتّفاعُل والاندِماج، من أجلِ أن يكُونَ الإنسانُ راشدًا فاعِلاً في مُجتَمعِه، مسؤولاً خَدُومًا لمَصالحِ المُجتَمع.. وتَهيِئةُ الفردِ لهذه المسؤولية الاجتماعية، تمُرّ بالتّهيِئةِ لدَورهِ المُستقبليّ، في سياقِ التضامُن والتماسُك.. وهذا يُيَسّر للفَردِ الاندماجَ في الحياةِ الاجتماعية.. إنّها مَرحلةٌ حاسِمة في تأهيلِ الطفل للحياة الإنسانية المُقبِلة.. * وما الإنسانيةُ المَنشُودة؟ هي التّشبُّع بالرّوحِ الإنسانية، من حيثُ التعامُل الإيجابي مع كلّ الناس، كي لا يكونَ المرءُ مُجرّدَ كائنٕ بيُولوجِيّ، بل مشحُونًا بالعُمقِ الإنساني في تنشِتِه الأخلاقية التي تُكسِبُه إنسانيتَه.. من هُنا تتَجَسّدُ الخطواتُ الأولى الرئيسيةُ للفَردِ في بنائه التّنشِئوِيّ، أخلاقيًّا ونفسانيًّا وتفاعُليّا مع الآخر، منَ الزّاويةِ الإنسانية.. وهكذا ينشأ الفردُ على تَعَوُّد كيفيةِ التواصُل بين إنسانٍ وإنسان، وِفقَ الآداب والأخلاقِ والقِيّمِ الإنسانية التي تُشكّلُ مَمَرّا إقناعيّا بينَ الناس، على أساسِ أبعادٍ اجتماعيةٍ إنسانية.. * أين القِيّمُ الإنسانية؟ يُقالُ في زمنِ المادّيات: الإنسانيةُ تراجٓعت واضمَحَلّت.. فأيُّ دَورٍ للإنسانية؟ ماذا أصابَ الإنسانية؟ كيف يتمُّ اختزالُها في الجَبَرُوت؟ هل القُوةُ نيابةٌ عن الإنسان، في دعمِ الإنسانية؟ كيف أصبحنا مبهُورين بالقُوةِ التّكنولوجية، لدرجةٍ جعَلَت الإنسانَ يُهَرولُ خلفَها، وكأنّ قوةً أكبر حَوّلَتهُ إلى هدفٍ للإنسان على الأرض؟ أهذا هو هدفُنا؟ أين الإنسانية؟ أين التّعايُش الإنساني؟ هل القوةُ هي السعادة؟ هل السلامُ القَويُّ هو الأمنُ والأمان؟ وأيةُ قُوّة هذه تقومُ على تدمير إنسانٍ لإنسان؟ وكيف يكون الإنسانُ إنسانًا إذا تخَلّى عن حالِه الإنسانيّ؟ أين روحُ الاحترام المُتبادٓل؟ أليس أجدَى أن نَقتدِي بالمَودّة كي نقتادَ بها إلى مَحَبّةٍ وتسامُح؟ هل السلامُ المُسلّح هو السّلام؟ هل فعلاً يَضمنُ للجمِيع استمراريةَ السلام؟ متى يَنتهِي قانونُ الغابِ في العالَم؟ * البَحثُ عن إنسانيةٍ مَسؤولة! هذه تقُودُ إلى المَسؤوليةِ الاجتِماعية.. وتُكَوّنُ الشخصَ على مهارات تُؤدّي إلى تحقيق الأهدافِ التي يتوخّاها المُجتمع، في أضواءِ حُقوقٍ وَواجبات.. وتقُودُ إلى قِيّم التّعاوُن والتآزُر والتّطوُّع وغيرِها من قيّم كرامةِ الإنسان.. وإلى تثبيتِ أغراسِ الضميرِ الإنساني، في التّعامُل بين الناس.. التّنشئةُ الإنسانيةُ تعنِي الاهتمامَ بالإنسان، وبِتطوُّره في بيئته اليومية، مِن أجل أجواءَ منّ التضامُن والتّماسك والاندماجِ في الحياة الاجتماعيةِ الإنسانية.. * دورُ الدولة الإنسانية: هذا ينصُّ عليه "الإعلانُ العالمي لحقوق الإنسان".. وقد وردَ في ديباجتِه: "لِكُلِّ إنسانٍ حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دُونَما تمييزٍ من أيِّ نَوع، ولا سِيّما التّمييز بسبَب عُنصريّ، أو اللّون، أو الجِنس، أو اللّغة، أو الدِّين، أو الرأي، سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثّروة، أو المَولد، أو أيِّ وَضع آخر".. هذه الديباجةُ تَختزلُ حُقوقَ الإنسانِ التي صَادق عليها المغرب.. إنّها حقوقٌ أساسيةٌ لا يَجوزُ المسُّ بها.. وهي مُلازِمةٌ لكلّ إنسان، بِغضّ الطّرفِ عن هُويته، أو مكانِ وُجوده، أو لُغتِه، أو ديانتِه، أو أصلهِ العِرقي أو أيّ وضعٍ آخر... وتُعتبرُ هذه الحقوقُ قانونيةً، مَحليّا ودوليًّا، وتنطبقُ على كلّ الدّول، وجميعِ الناس.. وتخضعُ للقانُونِ الدّولِي.. وتُوجدُ في "لاهاي" بهولندا "المحكمةُ الجنائيةُ الدولية، وهي مُؤهلةٌ لمُحاكمةِ الأفراد المتّهَمين بجَرائمِ الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم، الحرب، وجرائمِ الاعتداء.. * "الدّولةُ الإنسانية" تُشكلُ، في وقتِنا الراهِن، أهمَّ استِثمار تنمَوِيّ للتواصُلِ بينَ الأُمَم.. وتُشكلُ أخلاقياتُ الكرَمِ المَغربيّ رصيدًا إنسانيّا جذّابًا.. يُمكِنُ إيداعُه في مَخزُونِ شَراكاتٍ وتَحالفات، من أجلِ ثورةٍ لفائدةِ الإنسانية.. في الحاضِرِ والمُستقبلِ الإيجابيّ المُشتَرَك! [email protected]