تواصل التحويلات المالية للجالية المغربية نحو بلدها الارتفاع بشكل كبير، دون أن تتمكن السلطات المالية والخبراء الاقتصاديون من تفسير الظاهرة. وحسب مؤشرات المبادلات الخارجية بنهاية شهر شتنبر المنصرم، الصادرة عن مكتب الصرف، فقد بلغت التحويلات 71.8 مليارات درهم، مقابل 50.4 مليارات درهم في الفترة نفسها من السنة الماضية. ويتجلى من المعطيات الرسمية أن تحويلات الجالية سجلت ارتفاعاً بحوالي 42 في المائة ما بين 2020 و2021، أي بزيادة قدرها 21 مليار درهم. وكانت التحويلات التي قامت بها الجالية في السنوات الأربع الماضية في حدود 50 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى، لترتفع السنة الجارية بشكل ملحوظ وغير مسبوق، وتتجاوز إجمالي ما تم إرساله السنة الماضية بأكملها (68 مليار درهم). ويأتي هذا الارتفاع عكس توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي وبنك المغرب، أفادت بانخفاضها في ارتباط بتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد في بلدان الإقامة خلال السنتين الماضية والحالية. ويعتقد أن هذه الظاهرة مرتبطة بدافع التضامن بين الجالية وذويها في المغرب، ناهيك عن عدم تمكن الكثير من المغتربين من زيارة المملكة خلال عطلة الصيف، وبالتالي عملوا على إرسال تحويلات مالية مهمة، جزء منها كان موجهاً لمصاريف السفر. وخلال آخر ندوة صحافية لوالي بنك المغرب، أبدى عبد اللطيف الجواهري حيرته من هذه الظاهرة، وكشف إحداث لجنة تضم بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية والمديرية العامة للضرائب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب ومكتب الصرف لفهم أسباب هذا الرقم القياسي من التحويلات. وحاولت الجريدة الحصول على قراءة عدد من الاقتصاديين المغاربة لهذه الظاهرة، لكنهم فضلوا عدم التسرع في طرح تفسيرات أولوية، إلا أن أغلبهم يتحدثون عن عامل التضامن بين الجالية وذويها في المغرب، وعن أن المغتربين الذين لم يتمكنوا من زيارة البلاد لسنوات أرسلوا تحويلات مباشرة أكبر. وتدعم تحويلات الجالية رصيد المغرب من العُملة الصعبة الضرورية لاستيراد السلع والخدمات الأساسية، وقد ارتفعت في وقت تضررت موارد قطاع السياحة بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا. ويُعتبر المغرب ثاني بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تلقي التحويلات المالية من جاليته المقيمة في الخارج بعد مصر؛ فيما يقدر عدد أفراد الجالية بأكثر من 5 ملايين مغربية ومغربي منتشرين بالخصوص في أوروبا. متابعة