مطالب الاتحاد المغربي للشغل    من احتلال الأرصفة إلى غزو الشوارع.. فوضى الملك العمومي تتوسع بطنجة    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يحقق فوزا عريضا على نظيره الناميبي (8-1)    "‪الأحرار" يفوز بالانتخابات الجزئية بتزنيت    انطلاق جولة الحوار الاجتماعي    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم محسن جمال    الفلاحة المغربية تحظى بإشادة دولية.. ورغبة فرنسية في "تعاون مكثف"    صحيفة دانماركية تروي القصة الكاملة لسفن "ميرسك" المُحملة بالأسلحة لإسرائيل.. كيف مُنعت في إسبانيا واستُقبلت في طنجة    دونالد ترامب يزور الشرق الأوسط ما بين 13 و16 ماي المقبل    بنيس: الرواية أبرزت هوية الفلسطيني.. بلقزيز: المشروع الصهيوني همجي    الحسيمة تتربع على عرش قائمة المدن الأكثر غلاء في المعيشة وارتفاع الأسعار    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    تحلية مياه البحر في المغرب: رهان استراتيجي لمواجهة ندرة المياه وتأمين المستقبل المائي    توقيف تونسي مبحوث عنه دوليًا في قضايا سرقة وقتل وهروب من حكم ب30 سنة سجنا    بتعليمات ملكية سامية.. الفريق أول محمد بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    الفاتيكان يكشف تفاصيل جنازة البابا فرنسيس    جمعية سمايل تعزز التماسك الأسري عبر دورة تكوينية نوعية بفضاء جسر الأسرة بالناظور    جامعة عبد المالك السعدي تشارك في الملتقى الإقليمي للتوجيه بالحسيمة    السعدي يعلن إعداد قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني خلال الولاية الحالية    المغرب تطلق صفقة لتشييد محطة للغاز الطبيعي المسال بالناظور    انهيار صخري جديد يعرقل حركة السير بالطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخبار الساحة    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    الدولار يتراجع لأدنى مستوى في سنوات مقابل اليورو والفرنك السويسري    اعمارة يحث على "الإبقاء على حق الأفراد والمجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام"    الكرملين: بوتين لا يخطط لحضور جنازة البابا فرنسيس    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    "البيجيدي": نخشى أن يتحول مشروع الغاز بالناظور لفرصة "استفادة شخصية" لأخنوش    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنويه مع التوصية بالنشر لبحث الماستر لطالب "أحمد الزيد" في موضوع "المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا "
نشر في أريفينو يوم 02 - 11 - 2020

نوقشت يوم الاربعاء 28 اكتوبر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور التابعة لجامعة محمد الاول بوجدة ، رسالة ماستر تقدم بها الطالب احمد الزيد في موضوع : "المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا :
السياق ، الخصائص ،المحددات."
و تكونت لجنة المناقشة من الاساتذة:
الدكتور محمد الرضواني ،استاذ التعليم العالي ، رئيسا و مشرفا.
الدكتور يوسف عنتار أستاذ التعليم العالي ،عضوا.
الدكتور مصطفى قريشي أستاذ التعليم العالي عضوا.
و قد دامت المناقشة ثلاث ساعات ،ليتم قبول الرسالة مع التنويه ،و منحت لجنة المناقشة نقطة 18,5 على 20 مع توصية بالنشر .
المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا
السياق- الخصائص – المحددات
أحمد الزيد
يتناول موضوع الرسالة مسألة المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا، من حيث سياقها، خصائصها، ومحدداتها.
إن طبيعة الموضوع الذي يتناول المشاركة السياسية في بلد الإقامة، جعلته يكتسب خصوصيات ومميزات وأبعاد خاصة، بالنظر إلى ارتباطه بظاهرة الهجرة وتاريخ الهجرة المغربية نحو هولاندا من جانب. ثم ارتباطه من جانب آخر بسياقات وخصائص بلد الإقامة من حيث طبيعة المجتمع الهولندي ونظامه السياسي وثقافته وقيمه ومعاييره. إن هذه العوامل تمنح أبعادا خاصة لمفهوم المشاركة السياسية ومضمونها وخصائصها.
تنبع أهمية الموضوع من مجموعة من الإعتبارات:
1- إن المغرب يعد من بين 15 دولة الأولى في العالم المصدرة لأكبر عدد من المهاجرين. فمغاربة الخارج يمثلون %10 من مجموع سكان المغرب، وهو ما يعادل أكثر من 5 ملايين مهاجر مغربي. إن هذا المعطى يفرض إيلاء اهتمام خاص بالجاليات المغربية في الخارج على المستوى الأكاديمي ، من خلال تناول المواضيع والقضايا المرتبطة بهم على مستوى الدراسات والأبحاث الجامعية.
2- لقد ركزت الدراسات الأولى التي تناولت الهجرة المغربية إلى أوروبا على دراسة المجال والتغيرات السوسيوديمغرافية والتأثيرات السوسيواقتصادية الناتجة عن الهجرة في المناطق الأصلية للمهاجرين. فعلى مستوى تخصصات العلوم الإجتماعية، تبقى الجغرافيا هي الحقل العلمي الذي أولى اهتماما بهذا المجال، في الوقت الذي لم تخصص فيه حقول معرفية أخرى اهتماما كافيا بظاهرة الهجرة وما يرتبط بها من مواضيع وقضايا، على غرار العلوم السياسية والقانونية وعلم الإجتماع.
3- إن الدراسات والأبحاث التي اهتمت بالهجرة المغربية وقضاياها ركزت على بلد المنشأ (البلد الأصلي)، وأغفلت دراسة قضايا المهاجرين المغاربة في بلدان الإقامة.
4- إن لدراسة أماكن وبلدان استقرار الجاليات المغربية في الخارج أهمية بالغة للوقوف على التطورات الكبرى التي تعرفها هذه الجاليات على الكثير من المستويات ومنها الإندماج والمشاركة السياسية. كما أنها تسمح بتسليط الضوء على خصوصيات وميزات كل جالية على حدة، بعلاقة مع خصائص وخصوصيات بلد الإقامة.
5- في 14 ماي 2019 تم الإحتفال بذكرى مرور 50 سنة على إبرام إتفاقية جلب العمال المغاربة بين المغرب وهولاندا ، والتي تم توقيعها في 14 ماي 1969. وبهذه المناسبة احتفلت الجالية المغربية بهذه الذكرى من خلال عقد ندوات، تنظيم معارض، وكذلك إصدار أبحاث ومؤلفات تتناول تاريخ الهجرة المغربية في هولاندا. إن رمزية هذه الذكرى تشكل دافعا للبحث في تطور المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا.
6- تعد هولاندا من البلدان التي تحتضن أحد أكبر الجاليات المغربية في أوروبا، بحيث يناهز تعدادها حوالي 410.000 نسمة. وهو ما يشكل دافعا إضافيا لدراسة خصائص هذا البلد من جهة، وخصائص وتحولات الجالية المغربية في هولاندا من جهة أخرى، وخصوصا على مستوى مشاركتها السياسية.
7- إن موضوع المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا يعد مؤشرا ومقياسا للتطورات والتحولات التي عرفتها الجالية المغربية في هولاندا، مكانتها، ومدى تأثيرها في المجتمع الهولندي.
تتمثل الإشكالية المحورية لهذه الدراسة في تحديد مظاهر تطور المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا، خصائص سلوكهم السياسي، ثم العوامل والمححدات التي تفسر طبيعة وحدود مشاركتهم السياسية.
وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات التي سعينا للإجابة عنها من خلال هذا البحث، وأهمها:
– ماهو السياق والإطار العام للمشاركة السياسية لمغاربة هولاندا؟
– ما طبيعة مشاركتهم السياسية قبل منح حق التصويت للأجانب في هولاندا سنة 1985؟
– إلى أي حد شكل منح حق التصويت للأجانب، دافعا ومحفزا لتطور المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا؟
– ماهي خصائص السلوك السياسي لمغاربة هولاندا؟
– ما هي مظاهر تطور السلوك السياسي لمغاربة هولاندا؟
– هل يمكن الحديث عن وجود نخبة سياسية من أصل مغربي في هولاندا؟ وما هي خصائصها؟
– ماهي محددات المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا والعوامل المؤثرة فيها؟ هل هي محددات ذاتية؟ أم هي مرتبطة ببلد الإقامة؟ أم لها علاقة بالبلد الأصلي؟
وعلى ضوء بعض الإشكالية المحورية، وما تفرع عنها من تساؤلات، طرحنا ثلاث فرضيا رئيسية:
أولا: إن منح حق التصويت للأجانب سنة 1985 شكل حافزا مهما لتشجيع وتعزيز وتطور المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا.
ثانيا: من أهم خصائص السلوك السياسي لمغاربة هولاندا أنهم يشاركون بشكل ضعيف في الإنتخابات، وأن تصويتهم يساري، أما اختيارهم الحزبي فيتمثل في حزب العمل (PVDA).
ثالثا: تتأثر المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا بعوامل ومحددات ذاتية أو مرتبطة بالبلد الأصلي، وأخرى لها علاقة ببلد الإقامة.
ومن أجل الإحاطة بكل هذه العناصر والجوانب الأساسية في هذا البحث، إرتأينا الإستعانة بتصميم ثلاثي وفق التقسيم التالي:
– الفصل الأول: الهجرة المغربية في هولاندا، من بلد المنشأ إلى بلد الإقامة
المبحث الأول: الإطار العام للهجرة نحو هولاندا
المبحث الثاني: خصائص بلد الإقامة
– الفصل الثاني: المشاركة السياسية لجالية هولاندا
المبحث الأول: تطور المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا
المبحث الثاني: السلوك السياسي لمغاربة هولاندا
– الفصل الثالث: محددات المشاركة لمغاربة هولاندا
المبحث الأول: العوامل المرتبطة ببلد الإقامة
المبحث الثاني: المحددات الذاتية والعوامل المرتبطة بالبلد الأصلي
إن الإعتماد على تصميم ثلاثي من خلال تقسيم موضوع البحث إلى ثلاثة فصول، كان ضروريا من أجل الإحاطة بكل الجوانب والسياقات المفيدة والأساسية لفهم طبيعة المشارحكة السياسية لمغاربة هولاندا، مظاهرها، تطورها وتحولاتها، خصائصها، ثم العوامل المؤثرة فيها. ولذلك خصصنا الفصل الأول لتناول الهجرة المغربية في هولاندا، ثم خصائص بلد الإقامة.
إن تتبع التطور التاريخي للهجرة المغربية نحو هولاندا، أسبابها، وخصوصياتها، ثم دراسة وفهم مراحل تشكل الجالية المغربية، تطورها، أجيالها، وخصائصها، يكتسي أهمية بالغة في فهم الكثير من جوانب هذا البحث، فيما يتعلق أساسا بهوية هؤلاء المغاربة على مستوى المشاركة السياسية في هولاندا، وانتقالهم من صفة "العمال الضيوف" إلى وضعية "المواطنة"، وما يرتبط بذلك من تطور فيما يتعلق بطبيعة مشاركتهم السياسية، وتحول واضح على مستوى سلوكهم السياسي، تبعا للتحولات التي مرت بها أجيال الجالية المغربية في هولاندا.
كما أن خصائص بلد الإقامة من حيث طبيعة المجتمع الهولندي، بنية الدولة، وخصوصيات النظام السياسي، والثقافة السياسية، أثرت بشكل واضح على سياسات الحكومة الهولندية بخصوص قضايا الهجرة واندماج المهاجرين، ومن ثم على بنية الفرص السياسية التي وفرتها لتشجيع الإندماج السياسي وتعزيز المشاركة السياسية للمهاجرين.
إن ما يميز هذا البحث هو الإعتماد بشكل كبير على المراجع الأجنبية سواء باللغة الفرنسية، الإنجليزية، أو الهولندية، في ظل قلة إن لم نقل غياب المراجع باللغة العربية التي تتناول موضوع المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا. وهو ما فرض بذل مجهود شاق لترجمة عدد من الأبحاث والدراسات والتقارير التي أنجزها أساسا باحثون هولنديون، إما بشكل إنفراداي، أو في إطار عمل جماعي لصالح مؤسسات أو مراكز أبحاث ودراسات هولندية مثل "المجلس العلمي للسياسات الحكومية WRR"، "المكتب المركزي الهولندي للإحصاء CBS"، "مركز الدراسات الثنية IMES"…، إلى جانب دراسات أخرى أنجزها باحثون غير هولنديون.
كما تم الإستعانة بكم من الأرقام والإحصائيات والجداول لتدعيم محتوى هذه الرسالة وإغناء مضمونها.
ولذلك مر إنجاز هذه الرسالة بمجموعة من الخطوات والمراحل، كتجميع المراجع، وتصنيفها، ترجمة أهم الفقرات والأفكار والجداول ذات العلاقة بموضوع البحث ووضعها في ملفات خاصة موزعة على لفصول والمباحث، صياغة أهم الأفكار، وتجميعها حسب كل جانب من جوانب البحث، ثم وضع التصميم المناسب، والذي بالإعتماد عليه بدأت مرحلة الصياغة النهائية.
على مستوى آخر تمت دراسة المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا انطلاقا من رؤية مقارنة مع أهم المجموعات الثنية في هولاندا، والمتمثلة في: الأتراك، السورينام، والأنتيل، من أجل الوقوف على أهم خصائص المشاركة السياسية والسلوك السياسي لمغاربة هولاندا، وقياس التفاوت بين هذه المجموعات الثنية الأربع على مستوى الكثير من مظاهر وخصائص ومحددات المشاركة السياسية.
لقد توصلت من خلال هذه الرسالة إلى مجموعة من الإستنتاجات والخلاصات تتمثل في التالي:
– شكل منح حق التصويت في الإنتخابات البلدية للأجانب سنة 1985 دافعا وحافزا للمشاركة الإنتخابية على المستوى المحلي للمهاجرين بشكل عام، وللمغاربة بشكل خاص. فمنذ سنة 1986 أصبح الناخبون المغاربة يقبلون بانتظام على التصويت في كل الإستحقاقات الإنتخابية المتعاقبة.
انطلاق من ذلك فإن منح حق التصويت يعد فاصلا بين مرحلتين من المشاركة السياسية.
– في المرحلة السابقة على منح حق التصويت للأجانب، تمثلت المشاركة السياسية لمغاربة هولاندا من خلال نشاطهم في المنظمات الإثنية، "كجمعية العمال المغاربة في هولاندا" و "الوداديات"، إلى جانب هيئات الإستشارة والتشاور مثل "مجالس المهاجرين" و "الهيئات الإستشارية الوطنية".
لقد شجعت الحكومة الهولندية إنشاء هذه الهيئات ومنحتها التمويل والدعم المالي في إطار المنظور السائد آنذاك حول الإقامة المؤقتة للمهاجرين في هولاندا وفكرة عودتهم إلى بلدانهم الأصلية. ومن هنا أطلق عليهم في الوثائق الرسمية مصطلح "العمال الضيوف".
– في مرحلة ما بعد منح حق التصويت للأجانب سنة 1985، شارك الناخبون المغاربة في تسع استحقاقات إنتخابية على المستوى المحلي ما بين سنتي 1986 و 2018. وفي عشر استحقاقات إنتخابية تشريعية ما بين 1986 و 2017 (يحقق التصويت والترشح في الإنتخابات التشريعية للحاصلين على الجنسية الهولندية).
كما شهدت انتخابات البرلمان الأوروبي سنة 2019 مشاركة كثيفة للناخبين المغاربة بشكل لم يسبق له مثيل.
– تبرز الأرقام والإحصائصيات والأبحاث تفاوتا في نسب مشاركة المغاربة المغاربة في مختلف الإستحقاقات الإنتخابية. فقد أقبل الناخبون المغاربة على التصويت بنسب معقولة في بعض المحطات الإنتخابات، فيما كانت نسب مشاركتهم ضعيفة وهزيلة في محطات أخرى (مثلا 1986، 1990، 2002، 2014).
إن ضعف الإقبال على المشاركة في هذه الإنتخابات يمكن تفسيره بعوامل مختلفة تتراوح بين ماهو ذاتي، ما يرتبط ببلد الإقامة، وما يتعلق بالبلد الأصلي.
– إن مستوى مشاركة وإقبال الناخبين المغاربة في كل الإستحقاقات الإنتخابية المتعاقبة ، هو أقل وأضعف مقارنة بالأتراك.
– على مستوى سلوك تصويت الناخبين المغاربة، تظهر مختلف الدراسات والأبحاث أن تصويتهم يساري. أما فيما يتعلق بالإختيار الحزبي فمنذ سنة 1986 إلى حدود سنة 2014 ، حظي حزب العمل (PVDA) بثقة ودعم الناخبين المغاربة سواء في الإنتخابات البلدية أو التشريعية. يليه حزب اليسار الأخضر (Groen Links)، ثم الديمقراطيون 66 (D66).
– منذ سنة 2010 بدأت شعبية حزب العمل لدى الناخبين المغاربة في الإنخفاض والتراجع، ليظهر ذلك بوضوح في الإنتخابات التشريعية 2017 ثم الإنتخابات البلدية 2018.
لقد عاقب الناخبون المغاربة هذا الحزب بسبب تغير مواقفه وسياساته وخطابه حول الهجرة والإندماج والبعد الثقافي للهوية الوطنية الهولندية. وتزامن ذلك مع بروز حزب جديد ذو خلفية هجرة هو حزب (Denk) الذي حظي بتصويت ودعم الناخبين المغاربة والأتراك بشكل قوي في انتخابات 2017 و 2018.
إن التصويت لحزب (Denk) يشكل تحولا واضحا في السلوك الإنتخابي للناخبين المغاربة.
– في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أجريت سنة 2019، سيشهد سلوك تصويت الناخبين المغاربة، وسلوكهم الإنتخابي بشكل عام تطورا من نوع آخر. لقد شهدت هذه الإنتخابات تعبئة غير مسبوقة بين المغاربة لدعم مرشحة حزب العمل (Kati Piri) لضمان مقعد لها في البرلمان الأوروبي، نظير انخراطها في دعم حراك الريف.
لقد صوت الناخبون المغاربة بكثافة لصالح (Kati Piri)، ودعوا بالمقابل إلى عدم التصويت لمرشحة حزب (Denk) المغربية نادية الوحداني.
لقد شكل ذلك عقابا لهذا الحزب الذي لم يدعم حراك الريف.
إن التصويت لكاتي بيري يعد تحولا جذريا وعميقا في سلوك التصويت الناخبين المغاربة، فلم يعد العامل الإثني يلعب دورا مؤثرا في توجيه تصويتهم. غير أنه بالمقابل لم يكن التصويت لكاتي بيري يعني دعما لحزب العمل.
– أدى الإنخراط السياسي لمغاربة هولاندا إلى بروز وتشكل نخبة سياسية فتية لازالت في طور النمو والتطور. ويمكن التمييز في إطارها بين جيلين:
يتمثل الجيل الأول في سياسيين مارسوا العمل السياسي في المغرب قبل هجرتهم إلى هولاندا. ولذلك فإن نشاطهم السياسي، إلى جانب تركيزه على الحياة السياسية الهولندية، تميز بإيلاء اهتمام خاص للوضع السياسي في البلد الأصلي.
أما الجيل الثاني فيمثله سياسيون هاجروا إلى هولاندا في سن صغيرة نسبيا أو ولدوا بهولاندا. سياسيو هذا الجيل لم يمارسونشاطا سياسيا في المغرب، وأمضوا مسارهم الدراسي في هولاندا، وهم يركزون على الحياة السياسية الهولندية.
– بخصوص العوامل المؤثرة على المشتاركة السياسية للمهاجرين، أو محددات المشاركة السياسية، فقد ركزت الدراسات حول المشاركة السياسية للمجموعات الثنية في هولاندا على ثلاث مقاربات رئيسية: تنطلق المقاربة الأولى من العوامل المرتبطة ببلد الإقامة، المقاربة الثانية تهتم بالعوامل الذاتية المرتبطة بالمجموعة الثنية نفسها، أما المقاربة الثالثة فتولي أهمية للعوامل ذات العلاقة بتأثيرات البلد الأصلي.
فيما يتعلق بالمحددات المرتبطة ببلد الإقامة، يتم التركيز أساسا على نظرية الإندماج ونظرية بنية أو هيكل الفرص السياسية من جانب، ومن جانب آخر على السياق والنقاش السياسي والعمومي وتأثيراته على المشاركة السياسية للمهاجرين.
عموما يمكن القول أن هيكل الفرص السياسية في هولاندا، مقارنة ببلدان أخرى يبقى جيدا ومحفزا على المشاركة السياسية والإنتخابية أساسا، بالنظر إلى منح حق التصويت منذ سنة 1985 للأجانب، وجود مساطر ميسرة للتجنيس، سياسات وهياكل قوية لمحاربة التمييز وترسيخ المساواة في المعاملة، ثم نظام انتخابي وحزبي يسمح بتأسيس أحزاب المهاجرين.
ولذلك فإنه رغم حدة النقاش العمومي والسياسي حول الهجرة والإندماج، المجتمع المتعدد الثقافات، الهوية الوطنية الهولندية، الإسلام والتطرف، المغاربة…، ورغم صعود اليمين المتطرف والشعبوية، وتنامي الإستقطاب ورغم تأثير كل ذلك على مستويات المشاركة الإنتخابية للمهاجرين، إلا أنه لم يؤثر بشكل جذري وقوي على بنية الفرص السياسية في هولاندا، والتي لازالت ملائمة ومحفزة على الإنخراط السياسي.
على مستوى العوامل والمحددات الذاتية، أثبتت مجموعة من الدراسات تأثير الهوية الإثنية، الرأسمال الإجتماعي، والرأسمال البشري على مستوى المشاركة السياسية للجالية المغربية في هولاندا.
وركزت هذه الدراسات على منظور المجتمع المدني الإثني من خلال دراسة المنظمات الإثنية، روابطها، شبكاتها، وكثافتها. وتوصلت إلى أن المجتمع المدني الإثني للمغاربة في هولاندا، ضعيف، محدود، وغير متماسك. وهو ما يؤثر سلب على الثقة السياسية والمشاركة السياسية، عكس الأتراك مثلا الذين يتمتعون بمجتمع مدني إثني قوي، منظم، متماسك، وفعال. لذلك فالثقة السياسية لديهم عالية، وهو ما يؤثر إيجابا على مستوى مشاركتهم السياسية الذي يفوق كل المجموعات الثنية الأخرى في هولاندا.
أما بخصوص العوامل المرتبطة بتأثيرات البلد الأصلي، فإن سياسات ومواقف المغرب بخصوص الإندماج و المشاركة السياسية لمغاربة الخارج في بلدان الإقامة، شهدت بعض التغييرات الرمزية التي تصب في اتجاه عدم معارضة الإندماج، بعد أن كان المغرب وإلى حدود التسعينيات يتبنى موقفا معارضا للمشاركة السياسية لمغاربة الخارج بشكل صريح.
إن ما ينبغي التأكيد عليه في الأخير هو أن الجالية المغربية في هولاندا عرفت تطورات وتحولات هائلة على مستوى طبيعتها، تكوينها، أجيالها، خصائصها، ومؤهلاتها. إن هذه الجالية لم تعد تتكون من عمال ضيوف أميين، غير مؤهلين. إن الأمر يتعلق بجيل ثاني وثالث مزداديبن في هولاندا، متعلمين، وهم يتمتعون بمواطنة كاملة، فهم حاصلون على الجنسية الهولندية إلى جانب جنسية بلدهم الأصلي.
وانطلاقا من ذلك يتوجب الإستعانة بسياسات جديدة أكثر واقعية، وأقوى من حيث الفعالية، وأكثر ملاءمة لخصوصيات هذه الأجيال الجديدة من مغاربة العالم. وهذا يعني الحاجة إلى البحث عن صيغة جديدة للحفاظ على الروابط التي تجمع بين مغاربة العالم وبلدهم الأصلي، دون التأثير بشكل سلبي على اندماجهم في مجتمعات بلدان الإقامة، ومشاركتهم العامة، والسياسية فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.