بإشرافها على بلوغ ثلث المصابين بكورونا في المغرب، مع ارتفاع موجة الإصابات بشكل جماعي ومخيف، تحولت الدارالبيضاء إلى حاضنة لتفريخ الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وتواصل معها ارتباك السلطات الصحية والمحلية التي لم تجد بدا من إغلاق أزقة وتجمعات سكنية، في محاولات لتطويق انتشار فيروس كان المغرب قد نجح في مواجهته إلى حد بعيد إلى حدود يونيو المنصرم، قبل أن يعيد ترميم صفوفه ويهجم بقوة دمرت معظم أحصنة المنظومة المغربية في مواجهته. وبلغ عدد المصابين بالفيروس التاجي في جهة الدارالبيضاءسطات إلى حدود أول أمس السبت 26801، وهو رقم مهول يتجاوز ما تسجله دول بأكملها كأستراليا ولبنان وكوريا الجنوبية والدنمارك وبلغاريا وكرواتيا وغيرها من الدول التي تواجه الجائحة العالمية، وهو ما يشير إلى الصعود الصاروخي للمغرب في الترتيب العالمي لأكثر الدول إصابة بفيروس كورونا ليصل إلى المركز 40 خلف الصين التي ظهر بها الفيروس التاجي أول مرة في العالم مباشرة، وعلى بعد عدد قليل من الإصابات، ينتظر أن تتجاوزه البلاد في إحصائيات الأحد والاثنين، حيث بلغ عدد الإصابات لحدود أول أمس السبت 84435، مع تحقيق ارتفاع في الإصابات بمعدل 2000 يوميا، في حين يصل عدد الإصابات في الصين 85184، مع تسجيل إصابات بأرقام صغيرة، حيث كان المغرب مستقرا في متوسط لائحة ترتيب الدول في المركز 60 عالميا، قبل أن يقفز بسرعة كبيرة ويحقق أحد أقوى أنشطة الفيروس التاجي في العالم رفقة دول أخرى مثل الهند والبرازيل التي بلغ عدد الإصابات فيها الملايين. وأمام هذا المشهد القاتم، وبسبب ظهور بؤر وبائية بمجموعة من المجمعات السكنية بالدارالبيضاء، لم تجد السلطات المحلية أمامها سوى إغلاق أزقة وأحياء ظهرت بها بؤر وبائية، وذلك بالتنسيق مع السلطات الصحية، التي يبدو أنها بدأت تفقد زمام السيطرة على الوضع الوبائي بالمدينة المليونية، والتي يجيد سكانها التفنن في الإفلات من محاصرة السلطات وتدابير التشديد والمراقبة التي تحاول السلطات فرضها على مجموعة من الأحياء الشعبية، حيث يصف المتتبعون للوضع بالعاصمة الاقتصادية أن تطبيق الإجراءات التي فرضتها الحكومة المغربية على الدارالبيضاء، جاء خفيفا ولم يرق للجدية اللازمة، ولذلك فإن السكان يتجولون بين الأحياء بكل حرية، وبعضهم لا يعلم أصلا أن هناك تشديد وتدابير صارمة مرتبطة بحضر التجول الليلي، حيث يلاحظ خروج السكان إلى ساعات متأخرة من الليل، بدل العاشرة ليلا كما جاء في المقرر الحكومي بخصوص الدارالبيضاء. وواصلت السلطات المحلية التعاطي مع البؤر الوبائية بتطويق بعض الأزقة والأحياء، في محاولة منها للحد من انتشار الفيروس التاجي، بتنسيق مع السلطات الصحية، حيث شهدت منطقة سباتة إغلاق أحد الدروب على مستوى شارع الكومندار إدريس الحارثي، كما جرى التعامل نفسه بإغلاق جزئي لحي طارق بالبرنوصي، وتجمعات سكنية بمنطقة عين السبع على مشارف المحكمة الزجرية الابتدائية، ويتعلق الأمر بكل من حليوة والفضل والبسمة، إلى جانب تطويق أزقة ودروب بمعظم الأحياء الشعبية كالحي المحمدي ومولاي رشيد والفداء وعين الشق والحي الحسني، وهي مؤشرات مقلقة أشارت لها نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية للصحة بجهة الدارالبيضاءسطات في تصريح صحافي مؤخرا، ملمحة إلى إمكانية العودة للحجر الصحي الشامل بالمدينة المليونية، نظرا طريقة انتشار الفيروس بطريقة جماعية، وهو ما يصعب السيطرة عليه، ويرفع عدد الإصابات بشكل مخيف، وهو ما قد يدفع إلى عقد مجلس العمالة بمدينة الدارالبيضاء في دورة استثنائية غدا الاثنين، لمناقشة الوضع الصحي بحضور المديرة الجهوية للصحة، للوقوف على مستجدات الحالة الصحية بالمدينة والإجراءات الممكن اتخاذها بتنسيق مع السلطات المعنية. وبلغ عدد الإصابات في مدينة الدارالبيضاء وحدها 4000 إصابة في أسبوع واحد، وهو أعلى رقم تحققه المدينة، مع تسجيل بلوغها 7085 إصابة في الأسبوعين الأخيرين، معادلة ما حققه ثلثا المدن المغربية من الإصابات، وهو رقم مخيف جدا، بالإضافة إلى بلوغها 58 وفاة نتيجة الإصابة بفيروس كورونا في أسبوع واحد، متجاوزة باقي المدن بعشرات الوفيات، حيث تليها مدينة مراكش ب29 وفاة، ثم فاس ب12 وفاة في الأسبوع الأخير، مما يجعل مدينة الدارالبيضاء بؤرة وبائية كبيرة لفيروس كورونا المستجد.