كلّ المؤشّرات المتوفّرة تُظهر بأنّ المغرب في قلبِ كارثة "صحّية"، فعدّادُ الإصابات بفيروس "كورونا" ماضٍ في تسجيل أرقامٍ قياسية، وعددُ الوفيات في ارتفاعٍ متواصلٍ، بينما لم تقدّم الحكومة أيّ تصوّر للخروج من هذا الوضع المعقّد، الذي يقتضي إعلان حالة طوارئ صحيّة قصوى والعودة إلى إجراءات التّشديد. ومنذ أسابيع يسجّل المغرب أرقاماً "قياسية" في عدد الإصابات المؤكّدة، حيث أصبحت تتجاوزُ معدل الألف إصابة خلال اليوم الواحد، بينما يؤكّد خبراء أنّ المملكة مقبلة على مرحلة "صعبة"، وأن وتيرة انتشار الفيروس الحالية لا يمكن التّنبؤ بتداعياتها على المنظومة الصّحية. وفي خضمّ هذه الأجواء الصّحية الصّعبة، انزوت الحكومة إلى "الصّمت" دون أن تقدّم أيّ توضيحات بشأنِ تطوّر منحى انتشار الفيروس وسطَ المغاربة، بينما يرفضُ قطاعٌ كبير من المواطنين العودة إلى إجراءات "الإغلاق" التّام، الذي تلوّح بهِ الحكومة كورقة أخيرة لمواجهة الفيروس. وعلى الرّغم من أنّ الأمر أصبح جدّياً ويستدعي تدخلاً على أعلى مستوى للتّحكم في منحى تطوّر الفيروس، فإنّ مظاهر الاستهتار ما زالت تملأ شوارع مدن المملكة، حيث يشتدّ الزّحام بين المغاربة، الذين يبدو أنّ الفيروس لم يعد يخيفهم، ولم تعد تدابير الوقاية، التي ما فتئت وزارة الصّحة توصي بها، تجدُ طريقها إلى التطبيق. ويبدو أنّ الحكومة، التي يستفيدُ غالبية وزرائها خلال هذه الفترة من العطلة الصّيفية، لم تعد تتوفّر على أيّ استراتيجية لمواجهة تفشّي الفيروس، ذلك أنّ المقاربة الأمنيّة والزّجرية لمعاقبة المخالفين لتدابير الوقاية لم تعدْ مجدية، وفقاً لعدد من المتتبّعين، وهو ما يقتضي سنّ إجراءات حكومية جديدة لمواجهة الفيروس. وستكون حكومة العثماني بعد انقضاءِ العطلة الصّيفية أمامَ امتحانٍ شاقٌّ مرتبطٌ أوّلاً بتقديم معطيات دقيقة حول الحالة الوبائية، التي باتت تقلق العديد من المواطنين، وكذا سنّ إجراءات جديدة للخروج من الوضع الحالي. وعلى الرّغم من أن وزارة الدّاخلية فرضت إجراءات احترازية متشدّدة من أجل منع انتشار الفيروس، فإنّ الوباء ما زالَ يتربّصُ بمدن المملكة، مسجّلاً في الآونة الأخيرة عدد إصابات قياسيا في صفوف المغاربة، وهو ما يؤرق بال السّلطات التي يبدو أنّها ستكون أمام خيارات متعدّدة لمواجهة الوضع الحالي، من بينها فرض الإغلاق التّام. وإلى حدود اللحظة، لم تقدم وزارة الصحة التفسيرات الكافية بخصوص ظهور العديد من البؤر في مناطق متفرقة من المغرب. وتؤكد وزارة الصحة على ضرورة احترام تدابير الوقاية من "كوفيد- 19″، ومواصلة الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، ووضع الكمامات، والحرص على نظافة اليد، غير أنّ هذه الإرشادات لا تجد لها أثرا على مستوى سلوك غالبية المواطنين المغاربة.