إذا كان غالبية المشردين قد لجؤوا إلى مداخل المساكن ووجدوا الأكلات الساخنة التي تُقدّم لهم من السكان، فإن المأساة كبيرة لدى المختل عقليا بشوارع قرية أركمان والملقب لدى الأركمانيين ب”عْمُّو” حيث يرددها كثيرا، “عمّو” يمشي عاريا إلا من خفيف الملبس وحافي القدمين فوق كل خطر وفي درجة حرارة تبلغ الصفر مئوية أحيانا دون أن يجد من ينقذه من العقلاء. رأيناه لابسا نفسه ومفترشا “الكارتون” فوق الأرض ويلتحف السماء ويقتات على بقايا الفضلات دون أن يجد من ينتشله من واقع مزري..شأنه شأن كثير من المشردين بقرية أركمان وبربوع المملكة عموما0 وخلال حديث “أريفينو”إلى بعض المتشردين اشتكوا أساسا من موجة البرد ومن برد القلوب أيضا ، كما اشتكوا من غياب جمعيات خيرية تحتضنهم إذ تم تركهم بشكل مباشر أو غير مباشر عرضة لتأثيرات البرد الشديد أمام المساجد والساحات العامة، وبمختلف الأزقة والأحياء والشوارع ، ويقتات المشردون في الشوارع من صدقات بعض المحسنين أو بما تجوده عليهم بعض العائلات المجاورة للأماكن التي يفترشونها، ليبادر ذوو الإحسان بمساعدتهم بالقليل من النقود والوجبات المنزلية وبعض الأفرشة، منهم من يلتحفون بالأغطية الرثة المشكلة لطبقات من الأوساخ والروائح الكريهة، ومنهم من يرتدي ثيابا بالية تكاد تستر عوراتهم، الأمر الذي يجعل أجسادهم عرضة لمختلف الأمراض، خاصة أن أجسامهم نحيلة من سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية، ما يزيد من تدهور صحتهم..إذ يستغرب العديد من المواطنين بعدم تحرك الجهات المكلفة برعاية هؤلاء المرضى وأخذهم من أجل العلاج .. فهل من عقلاء لإنقاذهم؟