تعيش حركة 20 فبراير مخاضا حادا وعميقا، يصل حد الأزمة، هذه حقيقة ثابتة، وكل منكر لها، إنما يؤكد جهله بحقائق الأمور، ويقع في أحضان الدغمائية والمثالية الخالصة. لكن ما المقصود بالمخاض الأزموي لحركة 20 فبراير؟ تلك هي المسألة… بعض المثقفين والمناضلين والمحللين يسرعون الخطى صوب تحليلات واستنتاجات لطبيعة الوضع الفبرايري مفضية إلى خلاصات منسجمة مع منطلقاتهم الحلقية تارة، والمائعة طورا، والمنهية لحركة 20 فبراير أخيرا. وبهذا يؤكد كل هؤلاء أنهم يمارسون عملية إسقاط لرغباتهم وتصوراتهم المقولبة للربيع الديمقراطي المغربي وفق قالبهم النظري/السياسي القبلي الجامد. والنتيجة، الوصول إلى إصدار أحكام وتقديم اقتراحات بديلة للحركة وللحراك الشعبي. هناك بديهية منطقية مؤداها أن الأزمة تدخل صلب كل نسق فكري ونظري، وفي كل حركة اجتماعية وتاريخية، والأزمة هنا تجل دائم لقانون التناقض، والخير يحمل في أحشائه على الدوام بذرة الأزمة والتعقيد. إن حركة 20 فبراير باعتبارها حركة تاريخية، إنطلقت وشقت لنفسها مسارا على امتداد ما يقارب السنة( 20 فبراير2012 ) انطلقت بأرضية تأسيسية وبأهداف محددة، وبأشكال تحرك معلومة. خلل هذه التجربة فعل قانون التناقض فعله، لتصل إلى راهنها الأزموي الحالي. ولفهم طبيعة المخاض الذي تعيشه حركة 20 فبراير، لا بد من المرور حتما بالتمييز بين : العام والخاص، الثابت والمتغير، الجوهر والعارض. إن شابات المغرب وشبابه حين تواصلوا وحددوا أرضيتهم التأسيسية بالشعار والأهداف والآليات الميدانية، حددوا بذلك عام وثابت وجوهر الحركة، وتجربة الحركة هي خاصها ومتغيرها وعارضها. إن المستوى الأخير هو شكل الحركة الميداني النضالي، أما جوهرها وثابتها وعامها فهو أرضيتها التأسيسية. هنا التاريخي والظرفي، والمتسرعون هم وحدهم المنطلقون من الظرفي لإصدار أحكام منقلبة على الطبع التاريخي للحركة الفبرايرية. لنعد لطرح السؤال : ما هي طبيعة المخاض الأزموي الذي تعيشه حركة 20 فبراير؟ انطلقت الحركة كما تمت الإشارة إلى ذلك أعلاه بمبادرة من شباب وشابات المغرب على مواقع التواصل الاجتماعي، حددوا يوم 20 فبراير 2011 يوما للتظاهر، وبانطلاقة التجربة الميدانية في مدن وقرى الوطن، أخذت طابعها الشعبي، وبالتحاق القوى السياسية والجمعوية بنضالها أخذت طابعها الجماهيري، وبتطور التجربة، انتقلت الحركة من حركة شباب 20 فبراير إلى حركة 20 فبراير، وهنا ضرورة رفع لبس يطال توصيف الحركة بكونها حركة شعبية جماهيرية، إن الحركة شعبية ..