محور “حركة 20 فبراير” س: كيف هي علاقة الحزب الاشتراكي الموحد ب”حركة 20 فبراير” ونوعية التفاعل معها؟ ج: أولا “حركة 20 فبراير” فتحت آفاقا جديدة بالنسبة للنضال الديمقراطي في المغرب، وقبل “حركة 20 فبراير” كنا في بلاد، الدولة فيها تسير في مخطط “النموذج التونسي” أو “النموذج المصري”.. وتأتي “حركة 20 فبراير” في سياق الثورات الديمقراطية العربية، والتي هي جزء من هذه المخاضات التي تجري الآن في العالم العربي، وتعبر على أن هناك مرحلة جديدة في البلاد، من خلالها الشعب المغربي بدأ نضالا بأشكال التظاهر والخروج إلى الشارع من أجل إسقاط الاستبداد والفساد.. س: هناك من يرى بأن انخراط الحزب الاشتراكي الموحد في “حركة 20 فبراير” ساهم في خلق إشعاع للحزب، ما رأيكم؟ ج: هذا هو الإشكال! نحن نريد أن ندخل “حركة 20 فبراير” “كي يصبح لنا إشعاع !”. ليس هذا هو هدفنا، هدفنا هو البلاد أولا وقبل كل شيء، وأن نرى بلادنا تتحقق فيها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية وحقوق الإنسان والكرامة، ومن أجل هذا دخلنا، حزبنا ليس له إطلاقا هذه النظرة الضيقة التي تهم ماذا سيربح وماذا سيخسر، ونحن نرى ما تحتاج إليه بلادنا، دخلنا لهذا الغرض، ومازلنا ندعمها لهذا الغرض.. س: ما نوعية علاقتكم مع المكونات الداعمة للحركة، وخاصة “جماعة العدل والإحسان” التي يقال إنها تدعو إلى العمل المشترك والحوار؟ كما نجد قطاعات يسارية لها بعض المواقف الخاصة، كيف تقيمون العمل داخل “حركة 20 فبراير” ضمن هذه المكونات المختلفة؟ ج: دعمنا “حركة 20 فبراير” على أساس بيانها التأسيسي الداعي إلى الملكية البرلمانية والدولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإسقاط الفساد وإلى عملية سياسية سلمية، وضمان حقوق الإنسان بمعناها الكوني... ودعمنا “حركة 20 فبراير” بالحرص على استقلاليتها كحركة للشعب المغربي.. فيما يخص ما قلتموه، نحن سبق أن أصدرنا بلاغا نوضح فيه بأن “حركة 20 فبراير” إذا لم يكن عندها الوضوح اللازم، بمعنى أن تكون أهدافها واضحة ومسطرة على أساس أرضيتها التأسيسية، فلا نعتقد بأنها ستكون قادرة على استقطاب أوسع الفئات الشعبية، بمعنى آخر، اعتبرنا بأن استمرار النضال الديمقراطي هو تقوية “حركة 20 فبراير” والارتباط بها، في نفس الوقت اعتبرنا بأن هذه التقوية وهذه الاستمرارية مرتبطة بالتزام الجميع بالأرضية التأسيسية. س: هل توجهون اتهاما معينا ضد جهة ما تريد الاستحواذ على “حركة 20 فبراير”؟ ج: إذا لم تكن هناك شعارات واضحة، الشعب المغربي يريد التغيير الديمقراطي، ولكن كذلك يريد استقرار البلاد، يريد التغيير الديمقراطي بأقل كلفة ممكنة، والتغيير الديمقراطي الذي من جهة يضمن الديمقراطية ويضمن الاستقرار، وبأقل كلفة ممكنة، هو التغيير الذي يؤسس لقواعد الملكية البرلمانية. من جهة أخرى، نحن نعرف أن هناك من له مشاريع أخرى، وقد لا تنسجم مع الديمقراطية، لذلك الكل مطروح عليه، أن يوضح مواقفه بشكل واضح من أجل الحركة ومن أجل التغيير الديمقراطي المنشود. س: يتهمكم البعض بتحديد سقف مطالب الشعب المغربي؟ ج: لسنا الذين حددوا هذا السقف، بل حددته الوثيقة التأسيسية ل”حركة 20 فبراير”، هذا أولا، ثانيا، بدون تحديد هذا الوضوح، سيكون من الصعب تصور إمكانية توسع الحركة واستقطابها للفئات الواسعة من الشعب المغربي، هذا هو الواقع. ———- محور الحزب س: وقع تأجيل مستمر لانعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد، متى سينعقد المؤتمر؟ ج: الجواب عن هذا السؤال سيحدده المجلس الوطني الذي سينعقد يومي 16 و17 من هذا الشهر (شتنبر) س: تقدم مناضلو الحزب الاشتراكي الموحد بعدة أوراق كأرضيات للمؤتمر القادم، هل ما تزال لهذه الأوراق راهنتيها؟ ج: المجلس الوطني كلف لجنة من مناضلي المجلس الوطني، كي يصيغوا أرضية سياسية تناسب وتنسجم وتعبر عن المرحلة الحالية ومتطلباتها واحتياجاتها، لأنه كما تعلم الأرضيات كلها كانت قد صيغت قبل”حركة 20 فبراير”، وقبل هذه الثورات العربية الديمقراطية الجارية، وبالتالي نحن دشنا بشكل مشترك كحزب، وككل حساسيات الحزب، في إطار هيآت الحزب، في إطار المجلس الوطني، دشنا سلوكا سياسيا نضاليا داعما ل”حركة 20 فبراير”، ويمكن أن أقول إننا دشنا بداية خط سياسي معين، ولم تكن بيننا اختلافات في هذا الموضوع. وعلى هذا الأساس، عقدت اللجنة ثلاث اجتماعات، ومن الممكن جدا، أن تكون هذه الأرضية نهائية بعد خمسة عشر يوما، مع العلم أن قانون الحزب يضمن لكل من لم يتفق مع هذه الأرضية أن يقدم رأيه الخاص. س: عرف الحزب الاشتراكي الموحد من نشأته سنة 2002 (اليسار الموحد)العمل بأسلوب التيارات داخل الحزب الواحد، وهي سابقة تقع لأول مرة في العالم العربي، ما تقييمكم لهذه التجربة؟ ج: الحزب الاشتراكي الموحد حاول ومازال يحاول أن يجدد دمقرطة الحياة الحزبية، واحترام تعدد الآراء والاختيارات داخل الحزب الواحد، وهذا يأتي في إطار تحديث ودمقرطة الفكر السياسي المغربي، يمكن أن نقول إن كل جديد لا يمكن أن يكون ناضجا مائة في المائة منذ البداية، ولكن بشكل عام التجربة إيجابية، وقد مكنت الحزب كي يكون فضاء لكل الآراء الموجودة داخل الحزب، وتتفاعل هذه الآراء فيما بينها، وهي تشكل غنى للحزب. س: يواجه أعضاء الحزب في البرلمان انتقادات من قبل مناضلين ومواطنين بسبب عدم تفاعلهم مع القضايا المحلية لمنتخبيهم.. هل لديكم إرشادات توجهونها لهؤلاء ولكافة منتخبي الحزب؟ ج: منتخبو الحزب لهم علاقة دائمة مع المواطنين، ويحرصون على التواصل معهم، سواء بالنسبة للأستاذ المختار رشيدي بدائرة جرادة، أو الأستاذ عبد النبي الفلالي عن دائرة كرسيف، أو الأستاذ فتح الله حسن ممثلا لدائرة اشتوكة أيت باها، حسب معلوماتي، فهم نشيطون على مستوى البرلمان، وهم من طرحوا من حيث العدد أسئلة قياسية بالمقارنة مع عددهم كمجموعة نيابية، في إطار المجموعة النيابية لتحالف اليسار الديمقراطي.. وبالتالي أعتقد نحن كحزب نعتبر أن برلمانيينا يقومون بدورهم... س: في ظل انحصار الدعم الحكومي للحزب الاشتراكي الموحد، كيف يمول مناضلو الحزب أنشطتهم وكراء المقرات؟ ج: على أي حال، كل الإخوان المتواجدون في المدن، يعرفون كيف يمول الحزب، يمول من خلال المساهمات الشهرية لمناضلي الحزب، في كل مدينة المناضلون يؤدون ثمن كراء المقرات، ويجمعون مسهامات لتمويل أنشطتهم، أي تمويل ذاتي من مساهمات المناضلين. س: هل لدى محمد مجاهد رغبة في الترشح لولاية جديدة على رأس الحزب؟ ج: (يضحك) هذا سؤال استنفذ، لقد جاوبت بشكل واضح وصريح على هذه النقطة، مجاهد لن يكون الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد بعد المؤتمر، وهذا موقف قطعي، لعدة اعتبارات؛ الاعتبار الأول أن قانون الحزب واضح في هذا الموضع، ونحن مطروح علينا كحزب أن نحترم القانون، ثانيا، ثقافتنا الحزبية وقد تكلمت عنها في البداية وهي التجديد والتحديث والدمقرطة والإبداع في الحقل السياسي المغربي، وبالتالي بديهي ألا نعيد إنتاج نفس الأساليب التقليدية، التي تجاوزها العصر، ثالثا، بعد 2004 إلى الآن، بعد سبع سنوات، اعتقد أن كل ما يمكن إعطاؤه قد أعطي كأمين عام، وأعتقد أن الحزب يحبل بعدة طاقات وقدرات، يجب أن يفتح لها الباب كي تساهم.. رغم أن عملنا هو جماعي، ودائما كنت أعتبر نفسي منسقا لمجموعة أكثر من أي شيء آخر. ———- محور العلاقة مع الحكم والحكومة س: ماذا يقع لكم مع الإصلاحات الدستورية، تطالبون بالإصلاحات، ثم ترفضون الإصلاحات المقترحة؟ ج: نحن دائما كنا مطالبين بالإصلاحات الدستورية العميقة، ولكن حينما تكون تعديلات جزئية محدودة، لا تمس جوهر النظام السياسي، لا يمكن أن ندعم أشياء تحافظ على الجوهر، موقفنا واضح، التعديلات التي حدثت منذ الستينات إلى الآن محدودة جدا، ولا تؤثر على جوهر الحكم، وبالتالي لا تفي بغرض إرساء قواعد الديمقراطية. س: تلحون على لجنة وطنية للإشراف على الانتخابات، كيف ترون هذه اللجنة؟ كيفية تشكلها وطبيعة عملها؟ ج: أولا علينا أن نفهم أن تاريخ وزارة الداخلية مع الانتخابات في المغرب ،هو تاريخ التزوير وإخراج الخرائط الانتخابية وفبركة نتائج معينة عبر عدة طرق، إما عبر التزوير المباشر أو عبر آليات أخرى، من الصعب أن نعاود الآن نفس الممارسات، إذا كنا فعلا أمام إرادة حقيقية كي تكون انتخابات حرة ونزيهة، يجب أن تجرى في الشكل الذي يلائم ذلك، وهو ألا تشرف وزارة الداخلية على الانتخابات، وأن تتكلف بذلك لجنة مستقلة، نحن مستعدون للنقاش في هذا الجانب، لا نقول بالضبط كيف هي هذه اللجنة، وممن تتكون، هل قضاة أو أحزاب أو منهما معا أو من شخصيات وطنية، المهم هو لجنة مستقلة عن وزارة الداخلية... التفاصيل يمكن أن تناقش، وليس بالضرورة عندنا معطى مسبق. س: غالبا الحزب الاشتراكي الموحد يسير نحو مقاطعة الانتخابات القادمة، هل تعتبرون المقعد الفارغ كفيل بالدفاع عن الطبقات الشعبية وعن الخيارات الديمقراطية؟ ج: القرار لم يؤخذ بعد، لم نتخذ لا قرار المشاركة أو عدم المشاركة أو المقاطعة، كل ما في الأمر أن المجلس الوطني في دورته السابقة حدد مجموعة شروط نزاهة العملية الانتخابية؛وهي لجنة مستقلة تشرف على الانتخابات، لوائح انتخابية جديدة على أساس البطائق الوطنية، وكذلك مناخ سليم يعبر فعلا على أن هناك إصلاح.. مع الأسف أن هذه الأشياء المطروحة لحد الآن لم يتم التجاوب معها بشكل إيجابي، يبقى المجلس الوطني هو من يحدد الموقف. ما أريد قوله هو أن العملية السياسية الآن أصبحت على هامش المجتمع، يجب أن نعرف ذلك، بمعنى فئات واسعة من الشعب المغربي لا تنخرط في هذه العملية السياسية، إذا أخذنا كمرجعية انتخابات 2007، ولم يكن حينها قد بدأ الحراك الشعبي، في 2007 كانت 37% كمشاركة، مع سبعة أو ثمانية ملايين غير مسجلين، مع مليون ملغاة... بقينا ندور في حدود 19% من المشاركين، ونحن نعرف أن البوادي تصوت أكثر من المدن، بمعنى أن الفئات الاجتماعية المتوسطة العريضة المتواجدة في المدن لا تشارك، وهي لا تشارك بسبب فقدان الثقة، لأن العملية السياسية لا تفتح الآفاق، لا تضع البلاد أمام تطور ديمقراطي، العملية السياسية تعيد إنتاج نفس أساليب التحكم وهيمنة الدولة وإنتاج النخب الفاسدة، هذا هو الوضع.. ونرى أن هذه العملية قد استنفذت، وأن شرائح واسعة من الشعب المغربي لم تعد مقتنعة بأننا نتقدم من خلال هذه العملية السياسية.. ثانيا، في العالم العربي بأسره، تبين بأن هذه العمليات السياسية سواء في تونس أو مصر أو سوريا أو اليمن.. كانت هذه العمليات تعيش على هامش المجتمع، أي كانت عملية سطحية، مصطنعة، غير مقنعة... وفي أعماق هذه المجتمعات كانت هناك مطالب واحتياجات أخرى، ومخاضات أخرى، وقد نتج عنها ما نتج.. لذلك نحذر من عملية سياسية يكون فيها المزيد من الابتعاد عن عمق المجتمع ومن أجل المجتمع. س: من مناضلي الحزب الاشتراكي الموحد من يعتقد بعض التدخلات ضد مناضليه بمثابة رسالة إلى الحزب، كاعتقال المناضلين الصديق كبوري والمحجوب شنو من بوعرفة، ومنع محمد الساسي من إلقاء عرض عمومي في تاوريرت يوم الأحد 31 يوليوز، وقبل ذلك الزج بنجيبي ضمن معتقلي ملف بليرج..؟ هل لديكم نفس الظنون؟ ج: وكذلك الهجوم الذي تم على مقر الحزب في الدارالبيضاء في 13 مارس، على أي حال، لكل نضال ثمن، له تضحياته، بالنسبة إلينا نضالنا يندرج من أجل مصلحة البلاد، ضمن إرساء أسس الاستقرار والتقدم والتنمية، ونحن مقتنعون بمصلحة بلادنا، وبالتالي كيفما كانت الإشارات المقدمة من طرف الدولة سنستمر في الخط النضالي الذي يخدم مصلحة البلاد ومصلحة الطبقات الشعبية الأساسية. وبالمناسبة احيي معتقلي الحزب وتحية نضالية حارة لرفاقنا في بوعرفة ولكل معتقلي الرأي والاجتجاجات الذين يناضلون من أجل الديمقراطية والكرامة والحرية___________ محور التحالفات س: ما تقييمكم ل”تحالف اليسار الديمقراطي” المشكل من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي؟ ج: يعرف المشهد السياسي المغربي فرزا يوما بعد يوم، وقد حددنا منذ تأسيس “حزب اليسار الموحد” ثلاث مسارات تحالفية؛ المسار الاندماجي، ومسار التحالف مع القوى اليسارية، ومسار التحالف مع كل القوى الديمقراطية.. وقد تمكنا في 2005 من اندماج ثاني داخل الحزب، وجاء الحزب الاشتراكي الموحد، وكذلك في 2003 تم تأسيس “تجمع اليسار الديمقراطي”، ومن داخله تم تأسيس تحالف تجمعه روابط وقواسم مشتركة وقوية، وهو “تحالف اليسار الديمقراطي”.. وهو بالنسبة إلي تجربة إيجابية، ويجب التمسك به، وتطويره والارتقاء به إلى مستوى أعلى.. مطروحة مجموعة من الخيارات حاليا، من بينها فدرالية اليسار الديمقراطي كمحطة نحو الاندماج، لأنه قد بلورنا أرضية سياسية مشتركة، وأرضيات مرتبطة بالانتخابات، برامج انتخابية شاملة، بلورنا كذلك موقفا مشتركا من “حركة 20 فبراير” ودعمها، وموقفا مشتركا من مقاطعة الدستور، إذا هناك تاريخ غني بالعمل المشترك والثقة المتبادلة فيما بيننا كمكونات ثلاث، وسنعمل في الحزب الاشتراكي الموحد على المزيد من الارتقاء بهذا العمل وتمتين الثقة المتبادلة فيما بيننا.. س: رغم حرصكم على التعاون مع أحزاب اليسار، ودعوتكم للعمل المشترك، استغرب البعض عدم مشاركتكم في لقاء لأحزاب اليسار بدعوة من “الحزب الاشتراكي”، وحضور “الاتحاد الاشتراكي” و”التقدم والاشتراكية” و”جبهة القوى الديمقراطية” و”اليسار الأخضر” وقد اجتمعوا وأصدروا بيانا.. عدم مشاركتكم لا يسير في الاتجاه الذي تحدثتم عنه، ما السبب؟ ج: نحن حزب جدي أولا، لا نريد أن نقوم بسلوك ليس له هدف واضح، ثانيا، نعرف أن هناك خمسة أطراف ولنا علاقات ثنائية مع ثلاثة، مع حزب “الاتحاد الاشتراكي”، ومع “التقدم والاشتراكية” و”الحزب الاشتراكي”.. ثالثا، وأي لقاء من هذا القبيل يراد له النجاح وتحقيق الأهداف المبتغاة منه يجب أن تسبقه مشاروات.. لم يكن هذا التشاور المسبق. رابعا، مثل هذه الاجتماعات كانت في 2007، ولم تعط، وتلاشت، والأهم من هذا كله، هو أننا مختلفون بعد ظهور “حركة 20 فبراير” وبعد التصويت على الدستور، ومن بعد هذه الاصطفافات الحادة القائمة الآن، وهي ليست اختلافات بسيطة، إذا هناك مقاربات فيها اختلاف عميق ما بين جناح محسوب على اليسار وهو يدعم عمليا ما تطرحه الدولة، وهناك جناح معارض، ويعتبر بأن هذا الطريق الرسمي لا ينتج إلا الخيبة والنكسات.. ونحن مع اليسار المعارض ومع قوى مدنية ديمقراطية نطرح طريقا آخر، وهو طريق الإصلاح الحقيقي.. أما طريق الدولة فيقود إلى إنتاج نفس الأوضاع، ويعرض البلاد إلى المخاطر... هناك اختلاف حقيقي، كان بالأحرى أن تكون هناك نقاشات ثنائية، كي نتبين هل هناك عمليا نقاط التقاء أو لا يوجد ذلك.. نحن عندما ندخل أي عمل نكون جادين فيه، ولا تكون عندنا حسابات ضيقة، اعتقد بأن السياق الذي جرى فيه اللقاء ممكن تحكمه سياقات ظرفية، وربما الهدف منه ليوجه البعض إشارات.. س: من خلال بيان الحزب الاشتراكي الموحد في 29 غشت المنصرم، ضد بيان الحكومة الذي يعارض من يشكك في مصداقية الانتخابات، يرى البعض أنكم من خلال بيانكم ساندتم حزب “العدالة والتنمية”، ما رأيكم؟ ج: أولا بيان الحكومة ليس يعارض فقط، هو يهاجم بقوة الجهات والأشخاص، تكلم عن الجهات والأشخاص أسطر عليها التي تشكك في نزاهة الانتخابات، ويضع هؤلاء الناس في خدمة أعداء الوطن، هذا هو الخطير.. أنا لا أعتقد أن البيان موجها “للعدالة والتنمية”، البيان موجه للجهات (بالجمع) والأشخاص. ثانيا، الجميع يعلم أنه لنا مع “العدالة والتنمية” اختلاف كبير، كما أن هذا الحزب يدعم توجهات الدولة وقد رأينا كيف دعم الدستور، وكذلك هو ضد احتجاجات “حركة 20 فبراير”. وفعلا، إذا لم تتوفر شروط النزاهة في الانتخابات، فهي فعلا لن تكون نزيهة، وواضح أن كل المؤشرات والمعطيات الحالية تدل أنها لن تختلف عن سابقاتها. ———– محور الوضع الاجتماعي س: ما رأيكم في العمل النقابي، خاصة بعد تحييد أي دور فعال ومؤثر لها في “حركة 20 فبراير”؟ ج: على أي حال بعد بداية “حركة 20 فبراير”، لا حظنا وتابعنا مجموعة من الخطوات قامت بها الدولة، مع بعض الأحزاب والنقابات والإطارات المدنية، وقد كان الهدف منها هو نقص الدعم ل”حركة 20 فبراير”، ومحاولة عزلها عن محيطها الطبيعي المتمثل في الأحزاب الديمقراطية والنقابات والإطارات المدنية.. هل نجحت الدولة في هذه الخطة؟ إلى حد ما أعتقد أنها نجحت في جزء منها، ولكن كيفما كان الحال، تبقى الحركة العمالية بالنسبة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل على الأقل، وبالنسبة للقطاعات داخل الاتحاد المغربي للشغل، لها مواقف مساندة، ورأينا أنه كان عندها موقف مشرف في “حركة 20 فبراير” وفي الموقف من الاستفتاء على الدستور.. إشكالات الحركة النقابية عميقة، من الصعب مناقشتها في هذا الحوار.. نحن كنا طرحنا في مرحلة وهو مطروح إعادة هيكلة الحقل النقابي بما يقوي هذا الحقل ويجعله قادرا على الدفاع عن مطالب المأجورين وعموم الكادحين.. على أي حال هذا الملف يبقى دائما مطروحا. ويحتاج إلى إعادة البناء على أسس الديمقراطية والنفس النضالي والاستقلالية.. س: كيف ترون الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد في إطار احتمال تقليص حجم صندوق المقاصة وخلق صندوق للتضامن ما زال هلاميا، وفي ظل عجز الميزانية وارتفاع متطلبات الإنفاق العمومي؟ ج: الوضع الاقتصادي والاجتماعي يسير من السيئ إلى الأسوأ، هناك ما هو بنيوي مرتبط ببنية الاقتصاد المغربي، وبنية توزيع الثروة الوطنية.. دائما نطالب بتغيير هذه البنى، هي بنى تقليدية، يسيطر عليها اقتصاد الريع، المصالح والامتيازات والفساد، وهي بنى تعرقل تقدم الاقتصاد المغربي، ومرتبطة بطبيعة النظام السياسي المغربي.. الجديد في المرحلة الحالية هو أن هناك أزمة عالمية. الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط والتي فيها شركاء للمغرب، الشركاء الأساسيين، هؤلاء يعيشون الآن أوضاع أزمة مزمنة، ولا يبدو أن هناك مخارج في مدى منظور لهاته الأزمة العميقة التي يعيشها الغرب الرأسمالي، ويعيشها معه العالم أجمع.. هذه الأزمة ترمي بظلالها وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، وفي تقديرنا فالسنوات القادمة ستكون صعبة بالنسبة للاقتصاد المغربي، وبالخصوص بالنسبة للطبقات الشعبية الأساسية وبالنسبة للكادحين.. لذلك، حينما نطرح بناء أسس الدولة الديمقراطية الحداثية، ونطرح كذلك عملية سياسية سليمة وإسقاط الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.. نحن نطرح مخرجا وبديلا، وكيفية توفير الشروط للمواجهة والتصدي وتوفير شروط المناعة للبلاد ضد هذه التأثيرات الصعبة القادمة.. مع الأسف أن الخيار الرسمي، هو خيار ترقيعي يفتقد لبعد النظر، يفتقد للنظرة الإستراتيجية... أعطيك مثالا، حينما تكون هناك أوضاع اجتماعية صعبة، وتكون البلاد فيها استقرار وشروط الديمقراطية، بها التداول السلمي على السلطة، فيها القرار السياسي مرتبط بصناديق الاقتراع.. كيفما كانت الأزمة الاجتماعية، فإن البلد سيتمكن من الخروج من هذه الأزمة، ولن تتحول إلى أزمة سياسية، وهو ما يحدث مثلا في اليونان واسبانيا والبرتغال.. ولكن في بلادنا نحن، وفي بلدان الجنوب، حينما تغيب الديمقراطية، فالمشاكل الاجتماعية بالضرورة ستأخذ أبعادا سياسية، لأن المشكل في آخر المطاف هو مشكل سياسي عميق ويجب أن يوجد له حل من أجل أن يتم نتجاوز باقي المشاكل، ونجد الحلول للقضايا الاجتماعية والاقتصادية.. س: في نفس الإطار، نريد موقفكم من قضايا اجتماعية ملحة، كالتعليم، حرية الإعلام، محاكمة الصحافيين، الوضع الثقافي في ظل احتدام الصراع والتناقضات بين فاعلين في المجال..؟ ج: التعليم موضوع كبير، من المواضيع المجتمعية الكبرى، ووضعه مع الأسف يسيء على كافة المستويات، من الناحية الكمية وخصوصا من الناحية النوعية، الجودة تتراجع سنة بعد أخرى، كل ما يبذل لم يمكن من استعادة القطاع لعافيته، مازال المشكل الكبير في عدم وجود تناسق وتناغم بين التعليم مع سوق الشغل، كذاك مازال التعليم لا يلعب دوره في إشاعة القيم الكبرى للديمقراطية والحداثة والتسامح وحقوق الإنسان.. مازال التعليم يحمل قيم متناقضة، وفي بعض الأحيان يحمل قيما تقليدية.. إذن الموضوع مازال مطروحا على جدول أعمال النضال الديمقراطي في البلاد. بالنسبة لحرية الإعلام، أنا دائما أقول أن الإعلام هو انعكاس مباشر لطبيعة السلطة السياسية ولبنيتها، يوجد هناك جنوح للتحكم والهيمنة السياسية بشكل عام، وينعكس ذلك بشكل واضح في الإعلام، إعلام الرأي الوحيد، حتى عندما يكون انفتاح يكون محدودا ومحسوبا ومدروسا ولأغراض ضيقة.. الإعلام ليس في خدمة الشعب المغربي ودافعي الضرائب، بل في خدمة الرأي الوحيد. بشكل عام، المناخ العام للحريات وحقوق الإنسان، انفتاح الحقل الثقافي.. كل ذلك محكوم بثوابت الوضع السياسي، لا حظنا بعد ظهور “حركة 20 فبراير” الهجوم الذي وقع على المناضلين، العنف ضد المتظاهرين، تغليط الرأي العام، الحملة الدعائية ضد “حركة 20 فبراير” ومناضليها، لا حظنا استعمال العنف بقوة ضد عدة مظاهرات، سواء ل”حركة 20 فبراير” أو للمعطلين أو لرجال ونساء التعليم.. وأدت إلى استشهاد كمال العماري في آسفي.. وهناك مناضل ضمن صفوف حزبنا هو عبد العزيز الرامي في تاوريرت مازال طريح الفراش، وقد تم ضربه وكسر عموده الفقري بسبب مشاركته في”حركة 20 فبراير”... هناك مناخ عام مناف للحرية والحق في التعبير عن الرأي والتظاهر، واعتقالات الصحافيين، والرغبة الجامحة في التحكم في الإعلام، وبيان الحكومة الأخير يوضح بشكل لا لبس فيه أن الدولة تبحث عن الرأي الوحيد. س: كلمة أخيرة حرة، ثم رأيكم في الإعلام الإلكتروني الذي أصبح متنفسا للتعبير عن الرأي والإخبار. ج: نحن الآن أمام تحول عميق في مجال الإعلام، نحن في مرحلة يتم فيها تحول كبير جدا، والذي ستكون له أبعاد في المستقبل حول الإعلام والتواصل، وهذا يدفعنا نحن كمناضلين وكفاعلين أن نقوم ونغير أساليب عملنا انطلاقا من هذا التحول العميق الموجود على أرض الواقع، وأتمنى لكل العاملين في هذا المجال التوفيق ومراكمة الخبرات بما يخدم إعلاما حرا مستقلا يدفع بلادنا في اتجاه الدمقرطة والتحديث والتقدم والتنمية وضمان الحقوق أجرى الحوار مصطفى لمودن