السياقات، التفاعلات والآفاق لقد كشفت التدخلات العنيفة لقوات الأمن في حق المظاهرات السلمية التي نظمتها حركة 20 فبراير في كل من 15 و22 و29 ماي في عدد من المدن المغربية، والتي نتج عنها سقوط أول شهيد في مدينة آسفي بداية شهر يونيو، عن بروز توجه جديد في سلوك الدولة في المغرب في تعاملها مع هذه الحركة، وانتقال تعاطيها مع هذا الملف من وضعية المترقب والمتوجس إلى وضعية المتدخل، وهو ما يتوازى مع تحولات داخلية عرفتها الحركة، وبداية انتقالها إلى مرحلة أكثر راديكالية، تجلت في نقل الإحتجاج من الشارع العام إلى الأحياء الشعبية، وارتفاع جرعة جرأة الشعارات إلى منحى تصعيدي مع الدولة، إلا أن مواقف الدولة سرعان ما تراجعت عن هذا الموقف التصعيدي بالنظر إلى ضغط الخارجي الذي مارسه الإتحاد الأوروبي، ثم أيضا الضغط الداخلي الشعبي بعد وفاة أحد المتظاهرين من حركة 20 فبراير. سياق إقليمي ومحلي متأزم عند انطلاق حركة 20 فبراير، كان سلوك الدولة في المغرب محكوما بعدد من المحددات الإقليمية والمحلية، فعلى المستوى الإقليمي، كان لسقوط النظامين التونسي والمصري تأثير كبير على موقف الدولة من الحركات الإحتجاجية التي عرفها المغرب. فقد أبرزت تجربة كل من الثورة المصرية والتونسية، أن أحد عناصر تأجيج الثورة والتحاق فئات جديدة بالشارع في الاحتجاج وتجذير المطالب، يرجع إلى تزايد قمع الدولة لهذه الحركات، إذ ساهم التدخل الأمني العنيف في قطع إمكانية الرجوع إلى لحظة من أجل التفاوض على حلول وسطية ترضي جميع الأطراف بأقل الخسائر الممكنة. إن مواقف السلطات المغربية – وخصوصا الأجهزة الأمنية- في بداية انطلاق حركة 20 فبراير كانت مسكونة بهاجس الخوف من انتقال عدوى "الثورات العربية" التي عرفتها دول المنطقة، خصوصا وأن الثورة المصرية كانت لها تداعيات عميقة على الوعي والوجدان العربي. لقد أسقطت الثورات العربية عددا من المقولات التي كانت تؤطر وعي وممارسة الفاعلين بمختلف مرجعياتهم وموقعهم. وهي بالأساس ثلاثة مقولات أساسية: أولا: الشعوب ميئوس منها ثانيا: الأنظمة تمتلك من القوة الذاتية ما يجعلها تدافع عن نفسها حتى آخر لحظة ثالثا: سيتدخل الغرب من أجل حماية هذه الأنظمة لأنها تحافظ على مصالحه في المنطقة، مثلما حصل مثلا في التسعينات في الجزائر بعد نجاح جبهة الإسلامية للإنقاذ في الإنتخابات سنة 1992. إلا أن الثورات العربية أسقطت أنظمتها وأسقطت معها أيضا هذه المقولات المضللة، وأبرزت بأن الشعوب العربية ما زالت تمتلك عناصر الفعل، بالرغم من محاولات التدجين، وبأن الأنظمة التي يعتقد البعض بأنها قوية، تتصارع فيها عناصر التناقض الداخلي، سرعان ما تفجرت وطفت إلى السطح وسرعت من عملية التغير، وأخيرا بان الغرب مستعد للتخلي عن حلفاءه من الحكام ما دام أن مصالحه الإستراتيجية لم تهدد. إن حركية الشارع العربي التي انطلقت مع تونس ومصر، ثم انتقلت إلى دول عربية أخرى، في ليبيا والأردن واليمن والبحرين وسوريا، في إطار متتالية تصاعدية أسقطت نظامين من أكثر الأنظمة العربية استبدادا، وما زال عدد من الأنظمة الأخرى مهددا، وتصريحات عدد من المسؤولين الأمريكيين بأن هناك أنظمة عربية أخرى مهددة، دفعت المسئولين في المغرب إلى التوجس من أن تنتقل حركة 20 فبراير، من حركة إصلاحية سلمية، تطالب بالتغيير السلمي والتداول السلمي على السلطة ومحاربة الفساد والإستبداد، إلى حركة ثورية تتغيى "إسقاط النظام"، كما تم ذلك في عدد من الدول العربية الأخرى، مما جعل من سلوك الدولة في البداية مترددا في إبداء موقف واضح بخصوص هذه الحركية، خصوصا أمام تذبذب مواقف الفاعلين السياسيين من هذه الحركة ومشاركة بعض القوى السياسية الفاعلة في المجتمع بشكل رمزي، وبهدف الضغط وليس إسقاط النظام، وقد يتجلى هذا التوجس، أساسا عدم إقدام الدولة على استعمال العنف ضد المتظاهرين، وفتح الإعلام العمومي أمام عدد من رموز الحركة، وتجاوب الدولة مع عدد من مطالب الحركة. الترقب ثم العزل عن المجتمع لقد بقيت مكونات حركة 20 فبراير محصورة في فئة الطبقة الوسطى المثقفة، وجزء محدود من الفئات المحرومة، فقدرتها على التمدد في الأوساط الشعبية والفقيرة كان محدودا بشكل لافت، بالرغم من تنظيمها لمسيرات في قلب الأحياء الشعبية في عدد من المدن المغربية، ولم تستطع إدماج الفئات الأكثر هشاشة والأكثر فقرا، علما أن نسبة الفقر تتجاوز 14 في المائة من عدد السكان، أي ما يناهز 7 ملايين شخص تحت خط الفقر. ليتم طرح سؤال، لماذا لم تلتحق المئات من الألوف من المحرومين بهذه الحركة التي ترفع مطالب جدية في الإصلاح؟ الإجابة على هذا السؤال مرتبط بشكل أساسي في الشروط الذاتية والموضوعية التي تحيط بحركة 20 فبراير، جعلها غير قادرة على استقطاب النخب السياسية والمدنية وأيضا عموم الشعب. فعناصر الضعف الذاتية والموضوعية التي تعاني منها حركة 20 فبراير هو الذي جعل العديد من القوى السياسية والحقوقية تنفر منها. السبب الأول في تقديري الذي دفع الفاعلين المؤسساتيين إلى تفادي الإنخراط في حركة 20 فبراير يرجع بالأساس إلى الإلتزامات التي تربطهم بالدولة، والخوف من تأزيم الوضع والإتجاه نحو النموذج التونسي والمصري، والإقتناع بأن إمكانية التغيير من داخل المؤسسات القائمة ما زال واردا، باعتبار أن النظام السياسي المغربي، ما زال يحضى بقدر معين من المصداقية، على خلاف بعض الأنظمة العربية الأخرى التي فقدت مصداقيتها عند شعوبها، وبالتالي فقدت كل إمكانية للإصلاح من داخل المؤسسات، وبالتالي فكل خروج للشارع يعني عمليا الدعوة إلى إسقاط النظام، وهو ما لا يتناسب مع الإيمان بالتغيير من داخل المؤسسات. السبب الثاني، مرتبط بغموض حركة 20 فبراير، سواء على مستوى الخطاب او المكونات، خصوصا مع التضخيم الإعلامي لحضور العدل والإحسان والنهج القاعدي داخل هذه الحركة، أو أيضا من خلال الصراعات الداخلية التي كانت تخرج إلى العموم، مثل الصراعات داخل بعض التنسيقيات المحلية كالدار البيضاء والرباط، وكشف بعض الأسرار الخاصة بزيارات خاصة لبعض رموز أعضاء الحركة لبعض السفارات الأجنبية، وعلاقة بعضهم بشخصيات سياسية واقتصادية، والشفافية في تدبير الموارد المالية التي كانت تصل من طرف الداعمين للحركة وأساسا من مجلس دعم حركة 20 فبراير، وغياب رؤية واضحة إزاء سقف المطالب والمواقف، والخروج بقرارات يتهم بعض الأعضاء بأنه تم تهريبها، ثم أخيرا الصراع بين أعضاء الشبيبات الحزبية المشاركة في المؤسسات وشبيبات الأحزاب والتنظيمات المحظورة (شباب حزب النهج القاعدي وشباب العدل والإحسان)، والشباب الغير مسيس من جهة ثالثة، وهذه كلها عوامل ساهمت في إعطاء انطباع بعدم قدرة الحركة على تدبير صراعاتها الداخلية، نظرا لعدم قدرتها على بلورة خطاب وممارسة متجانسين، تجعل الجمهور الواسع من المجتمع يقتنع بصوابية هذا الخيار. نتيجة لهذه العوامل، انقسمت مواقف الفاعلين السياسيين والنقابيين والمدنيين في المغرب من حركة 20فبراير إلى ثلاثة مواقف، تمليها حسابات اللحظة وموازين القوى: الموقف الأول: مؤيد، عبرت عنه الأحزاب والجمعيات الحقوقية اليسارية الغير مشاركة في الحكومة، بشقيها المعتدل والراديكالي (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، النهج القاعدي، اليسار الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة)، وبعض النقابات وأغلب مكونات التيار الأمازيغي، وعدد من عائلات المعتقلين السلفيين على خلفية أحداث 16 ماي بالإضافة إلى فعاليات جمعوية محلية، إلا أن الحجم الفعلي لهذه التيارات وتأثيرها تعتبر محدودة، بالنظر إلى ضعف تجذرها في المجتمع. الموقف الثاني: مؤيد، عبرت عنه جماعة العدل والإحسان، باعتبارها التنظيم الإسلامي الأكثر قوة من الناحية العددية، ويشتغل من خارج المؤسسات، لقد كانت مشاركة جماعة العدل والإحسان في بداية حركة 20 فبراير رمزية ومحدودة، إذ تم دعم حركة 20 فبراير على المستوى المحلي، وتم تفادي أي تصعيد من شأنه أن يعرقل المؤسسات الحيوية في البلد، مثل مثلا الدعوة إلى الاعتصام أمام البرلمان أو القصر الملكي، وأيضا تم تفادي مشاركة القيادات الوطنية للجماعة، والاكتفاء بمشاركة رمزية لبعض رموز القيادات الوسطى، إلا أنه منذ مسيرات 22 ماي دخلت الجماعة في مواجهة مباشرة مع الدولة، ما زالت تداعياتها تتفاعل حاليا. الموقف الثالث: رفض تأييد هذه الحركية ولكنه لم يتعارض معها، وقرر التكامل معها، عبرت عنه الحركة الإسلامية المشاركة في المؤسسات، خصوصا حزب العدالة والتنمية وروافده، فقد قرر الحزب وحركة التوحيد والإصلاح والمؤسسات الشريكة لهما عدم المشاركة في مسيرات 20 فبراير رسميا، بالرغم من مشاركة بعض القيادات من الحزب في المسيرات بصفتهم الشخصية، ولكن في نفس الوقت لم يتم معارضتها، وتم إطلاق مبادرة "نداء الإصلاح الديمقراطي"، الذي تم تجميع كل التنظيمات الموازية من الحزب والحركة، وكان يعتبر بمثابة آلة الضبط الغير مباشرة لجميع الأعضاء بقرار عدم المشاركة، والإنخراط في الدينامية الموازية التي استفادت من الأجواء المصاحبة للحركية التي أحدثتها حركة 20 فبراير. إن قرار عدم مشاركة إسلاميي المؤسسات في حركة 20 فبراير، أو المشاركة الرمزية لبعض رموزه، مرتبطة أساسا بثنائية ضبط التوازن بين القوى الشبابية الصاعدة والدولة، من جهة وعدم الإنخراط في سيرورة التأزيم ودعم الإستقرار من جهة أخرى، مما جعل هؤلاء الفاعلين يلجئون إلى عملية نقد مزدوج، نقد لحركة 20 فبراير من أجل الإعلان عن برنامج إصلاح واضح تتعاقد فيه مع الشعب من خلال المؤسسات، ونقد للدولة في تعاملها مع هذه الحركة، خصوصا بعد القمع التي تعرضت له. لقد كانت الدولة تراقب عن كثب هذه الدينامية، وكانت تقوم كل مرة ب"جس النبض" لمعرفة المستوى الذي يمكن أن تصله الحركة، وكانت أجهزة الأمن والاستعلامات تعمل على استباق الأحداث ومعرفة ما يدور في أذهان الفاعلين، سواء من أعضاء حركة 20 فبراير أو الفاعلين الذين يمكن أن ينخرطوا أو يدعموا هذه الحركة، ولهذا فموقف الدولة "السلبي" الذي برز في المرحلة الأولى، كان مرتبطا بمحاولة تقييم حجم وأداء هذه الحركية ومدى قوتها، وبالتالي كانت الدولة "متسامحة"، بهدف ترك المجال أمامها لل"تنفيس" عن الضغط الممارس من طرف الدولة. استجابة جزئية للمطالب: وقد توازى مع رد فعل الدولة "البارد" للمتظاهرين في بداية الحركية، والذي يظهر في ظاهره بأنه "لا مبالي"، القيام بمجموعة من الإجراءات الجزئية التي تهدف إلى بناء الثقة، تجلت أساسا في الاستجابة لبعض مطالب الحركة، لمحاولة إعطاء الانطباع بأن الدولة تريد التغيير من سلوكها السلطوي وبأنها تريد فعلا المصالحة مع الذات. في هذا السياق تم إطلاق ورش الإصلاحات الدستورية، تمثلت في تشكيل لجنة ملكية لتعديل الدستور، من خلال المرتكزات السبع التي وضعها الخطاب الملكي ل 9 مارس، وأيضا عبر إفراج جزئي للمعتقلين السياسيين، خصوصا المعتقلين الخمسة على خلفية خلية بلعيرج، وبعض المعتقلين السلفيين، وتأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمصادفة على بعض الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والقضاء على الميز ضد المرأة، ثم الزيادة في أجور الطبقة العاملة عبر الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 2300 درهم في الشهر (حوالي 250 دولار)، وزيادة 600 درهم للموظفين في القطاع العمومي، والوعود في الزيادة في منحة الطالب لتصبح 2000 درهم عوض 1300 درهم حاليا، وأيضا عبر فتح الإعلام العمومي أمام وجوه سياسية ونقابية وحقوقية معارضة كانت في المرحلة السابقة محرومة من الظهور على وسائل الإعلام العمومي. إن هذه الإجراءات السياسية، هي في العمق تعديلات شكلية لا تمس في العمق جوهر السلطوية عند الدولة ولا تناقش عمق الإشكال المرتبط بسواء توزيع السلطة والثروة داخل المجتمع، واحتكار مجال الفعل عند طبقة قليلة خارج المؤسسات والهياكل المنتخبة هي التي تقوم بالحكم في الحقيقة، فيما سماها بعض الباحثين بالدولة السرية التي تحكم المغرب، ولهذا فإن هذه الإجراءات في الحقيقة لا يمكن قرائتها إلا في سياق العمل على عزل حركة 20 فبراير عن القوى السياسية والمجتمعية التي يمكن تلتحم بها، فالإصلاحات الدستورية رسالة للأحزاب السياسية بأن الدولة عازمة على إجراء إصلاحات دستورية تعقبها إصلاحات سياسية عميقة، تقطع مع أشكال السلطوية، كما أن الدولة قامت بتوجيه رسالة للنقابات التي كانت تحتج من أجل المطالبة بالزيادة في الأجور عبر تحقيق هذا المطلب فقط قبيل فاتح ماي، كما قامت الدولة أيضا بتوجيه رسالة إلى الجمعيات الحقوقية والمدنية بان الدولة تريد القطع مع ماضي خرق حقوق الإنسان، عبر إحداث المركز الوطني لحقوق الإنسان وإسناد مهمته لشخصية يسارية، وأيضا عبر جزء إطلاق المعتقلين السياسيين والمصادقة على بعض الإتفاقيات الدولية. بعد هذه الإجراءات الإستباقية الهادفة إلى عزل حركة 20 فبراير عن محيطها الحيوي وعزلها عن القوى الاجتماعية الممكن أن تتحالف معها، عبر تشجيع تباعدها عن الأحزاب السياسية والنقابات العمالية وتعميق التناقضات الداخلية بين مكوناتها بهدف إضعافها وتهميشها عن التأثير في المجتمع وفي الفئات العريضة التي تكونه، خصوصا في صفوف الفئات المهمشة والتي لم تستفد شيء من "العهد الجديد" و"الإنصاف والمصالحة" غير التهميش والتفقير والإستبداد، انتقلت الدولة حاليا إلى سياسة المواجهة المباشرة مع الحركة. إن دخول الدولة في صراع مع حركة 20 فبراير عبر استهداف رموزها وقياداتها بالعنف، يراد به إضعافها وإنهاك قوتها، وهو مسار جديد يأتي بعد تقدير السلطات الأمنية في المغرب بأن قوة حركة 20 فبراير ستبقى في حدود معينة وأنها محدودة الانتشار، ومعزولة عن النخب الحرجة في المجتمع التي تشكلها فئة المثقفين ورجال الأعمال، وغير مسنودة بالشرائح الواسعة من المحرومين، بعد تمكن الدولة من شراء النخب السياسية والاقتصادية والفكرية، وضمان ولاءها للدولة. آفاق علاقة الدولة وحركة 20 فبراير... إن أفق علاقة الدولة بحركة 20 فبراير تنبئ عن مخاض لمرحلة جديدة، يمكن التعبير من خلال ثلاثة سيناريوهات ممكنة: السيناريو الأول، يتجلى في تراجع نفوذ وتأثير حركة 20 فبراير وموتها التدريجي، بعد تلقيها ضربات موجعة من طرف النظام، وهذا مرتبط أولا بقدرة الدولة على ضمان استمرار عزل الحركة عن القوى المجتمعية الأساسية في المجتمع، وخصوصا النقابات العمالية والحركات الإسلامية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، خصوصا في جانبه الحقوقي، وأيضا بتفجير للتناقضات الداخلية وتعميق الخلافات والرؤى بين أعضاء الحركة. السيناريو الثاني، هو انتصار الحركة الساحق على الدولة في الأفق القريب، وتصاعد كبير لشعبيتها في المجتمع نتيجة وقوع أخطاء فادحة من طرف الدولة، مثل قتل أو اعتقالات كثيرة في صفوف الحركة، مما سيجلب التعاطف الشعبي معها، وميلان كفة القوة في اتجاهها، وتأسيس موازين قوى جديدة تكون لصالح الحركة، يمكن أن تؤدي إلى تغييرات عميقة في بنية النظام السياسي المغربي. السيناريو الثالث: وهو تحول تدريجي في موازين القوى لصالح القوى الشبابية في الأفق المتوسط، وتوازن بين مراكز القوى على المدى البعيد، بحيث يصبح لا غالب ولا مغلوب في معادلة تكون فيه جميع القوى حذرة من المخاطرة بالنظر على التكلفة العالية للاستقرار ووضعية الديمقراطية الهشة، والحاجة على تأسيس نظام ديمقراطي يربط بين المسؤولية والمحاسبة، وفي نفس الوقت يحتفظ بمكانة رمزية وتاريخية وسيادية للمؤسسة الملكية، على غرار تجارب سياسية أخرى، ويسمح ببروز قوى سياسية شبابية ذات قيم ومبادئ جديدة.