قيوح يعطي انطلاقة المركز "كازا هب"    نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الجيش يعود بفوز ثمين من تطوان    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    وفاة الشاعر محمد عنيبة الحمري مخلفا وراءه "تكتبك المحن"    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تعزز إجراءات محاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    أخبار الساحة    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    مهرجان جازا بلانكا يعود من جديد إلى الدار البيضاء    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراحل التغيرات السوسيوثقافية وانعكاساتها على الشباب


على سبيل المقدمة
الشباب المغربي مكون أساسي من مكونات الهرم التسكاني المغربي بكل تأكيد أطرته محتويات الأبحاث والدراسات المقدمة إليكم في هذه الندوة... وحيث أن الشباب كان في كل المراحل السوسيوثقافية التي سأستعرض تطوراتها،
عنصرا حاسما باعتباره أكثر الفئات العمرية قابلية للتعاطي مع المتغيرات الثقافية وبخاصة تلك التي تكون معبرة عن تطلعاته وقناعاته المستمدة من واقعه الموضوعي سلبا وإيجابا...
غير أن الفعل التربوي والذي يحث على تشجيع الفعل الثقافي وعلى الانفتاح على المعرفة وقضايا المجتمع الجوهرية، يعتبر مطلبا ملحا... والدفع بالممارسات الثقافية التقدمية بين الشباب ضمن أطر اجتماعية جمعيات وتنظيمات مدنية. خاصة أن غياب المؤثرات الفاعلة للمؤسسة التربوية التعليمية في واقع ثقافي مأزوم ومثقفين نهكتهم الأزمة والتراجعات...
فهل في واقع كهذا بكل ما يحفل به من أزمات وتهميش للشباب وتضليل لقدراته الفكرية ومصادرة لإمكانياته... يمكن معه أن نتوقع مستقبلا مزدهرا لمجتمعنا؟؟
وفي زمن يعرف توسعا وانتشارا معرفيا وتسارعا في التغيرات في مختلف المجالات أصبح من المطلوب ليس فقط المطالبة بل المساهمة بقدر كاف ومناسب من المؤسسات التثقيفية الحزبية والجماهيرية لإكساب الشباب مستويات من الذكاء والقدرات الإبداعية ومستويات عالية من المعرفة ومن المرونة والقدرة على المبادرة والتحرك والتكيف لضمان البقاء والتقدم، وهذا يقتضي مغادرة نطاق التقليد، والتطلع نحو الإبداع في مختلف مجالات الحياة وتنمية روح المبادرة لديه وبناء الشخصية المتزنة القادرة على مواجهة كل ما يحفل به الواقع من معيقات ومحبطات وأوهام الإيديولوجية الخرافية الماضوية، وإحقاق الديمقراطية والتحرر من العصبيات الطائفية والقبلية والعرقية... ، وقد لا يحتاج الإنسان لجهد كبير لكي يرى الفروق الساشعة بين معرفة تستند إلى العلم والعقل والمنطق ومعرفة تستند إلى الأوهام فالانغلاق والانكفاء على الذات والاغتراب يجعلنا نواجه التحديات بعقول سلبية هروبية... والانفتاح على الحياة واعتماد العلم والعقل والمنطق في التعاطي مع القضايا والتصدي بعزم وإصرار وبمنهاج علمي لحل المشكلات واستدخال قيم الحرية والعدالة والمساواة كل ذلك سيجعل شبيبتنا تنخرط في الحضارة الإنسانية على أسس متينة تحترم الإنسان وقدراته بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه لأنه لا يمكن تحقيق التقدم خارج أطر الحضارة الإنسانية وما أدركته من تطور وغنى ، وللأسف فإن ما يكبل العقل في مجتمعنا في مجال التنمية الإنسانية ثقافية واجتماعية واقتصادية هو ضعف الإرادة السياسية وضعف التأطير السياسي والثقافي التحرري، في مجتمع تغيب فيه الديمقراطية الحق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي التدبير والتسيير لمختلف شؤون المجتمع... وغياب دور المثقفين في القيام بمهامهم التثقيفية التنويرية... علما أن العوامل الداخلية والخارجية التي تهدف إلى تأبيد حالة التخلف والتقهقر قائمة ومتربصة... فتلك العوامل باتت تؤثر بشكل كبير، فالظلامية والإرهاب من جهة والحروب القائمة والمرتقبة وجرائم العدوان والاحتلال الأجنبي آخذة في التصاعد، من جهة ثانية والتدمير الحضاري لمنجزات البشرية في مجالات التنمية وحقوق الإنسان آخذ في التسارع المحموم، من جهة أخرى، ويمكن القول أن العالم يمر بأزمة غير عادية أمام كل هذه المتغيرات الجارفة المطلوب من اليسار أن يعمل بكل ما يمكنه من جهد وتضحية على إطلاق مسيرة ثقافية مقدمة لثورة ثقافية بمنهجية علمية وإبداعية تمكن من القيام بمجموعة من الأدوار تحقيقا للتحرر ولعملية تنموية شاملة للإنسان وقدراته بعيدا عن أي تضليل أو مغالطة أيديولوجية أو افتراء على حقائق التاريخ، فلا يمكن اعتماد البنى الثقافية والاجتماعية الموروثة قاعدة للتحرر والتنمية. لأنها نقيض لقضايا التحرر والمدنية والبناء الثقافي للإنسان... ولقد أكدت العديد من التجارب أن البنى الاجتماعية والثقافية التقليدية اكتسبت بفعل ما يحيطها من قدسية وسلطة القدرة على إفراغ أي مضمون من محتواه، بدعوة الإعجاز أو بافتراء السبق، سواء أكان نتائج أبحاث واكتشافات علمية، أو مضامين نهضوية حداثية فإنها تحولها إلى خطاب تقليدي ماضوي، واستمرت تلك البنى على حالها دون أن يطرأ عليها أي تغير جوهري، ولمواجهة الترسانة التضليلية التي تشتغل على مدار الساعة إعلاميا وبمختلف الوسائط بما فيها المدرسة، ينبغي أن يتسلح الشباب بمناهج علمية نقدية وأن يمتلكوا معارف وأن يوظفوا حضورهم الثقافي والفكري بكل زخم في المعركة من أجل التحرير والتقدم والتنمية والديمقراطية والإنعتاق، بما يمكنهم من مواجهة تحديات العصر في عالم أصبح يتسم بالتعقيد والهيمنة .
مراحل التغيرات السوسيوثقافية الكبرى
عرفت تشكيلتنا الاجتماعية الاقتصادية في تجادل بنيتيها الفوقية والتحتية وتبادلهما التأثير مراحل من التغيرات والتحولات معتمدة إيقاظ عناصر أو شحن عوامل أو إدخال مستجدات أو تعديل معطيات أو القطع مع منطلقات أو الالتفاف حولها... وسنقدم في هذا العرض ملامح كل مرحلة، انطلاقا من المقدمات إلى النتائج... وصولا إلى المرحلة الحالية ومتطلباتها وأدوار الشباب ومهامهم للخروج من الأوضاع المأزقية الثقافية والاجتماعية التي يعرفها واقعنا...
مرحلة خطاب الإحياء، مرحلة تأكيد الذات
مع الدخول الاستعماري وبداية فرض واقع الحال تم الالتفات إلى المخزون الثقافي والبحث عن مقومات للاستقواء والمقاومة لأنه ليس في الأمر حيلة ... إذ ستتم القهقرة نحو ما لدينا من مخزون تراثي وما يدخره من قوة رمزية وسيعكس خطاب الإحياء بكل محتوياته القيمية التي تعبر عنها »السلفية« باعتبارها هي الإطار المرجعي للرؤى والأفكار والتصورات، التي حفل بها هذا الخطاب الثقافي ، لأن الوجود السلفي عميق الجذور في تاريخ المغرب، يعود إلى القرن الثامن عشر. وسيتأكد هذا الحضور في بداية القرن العشرين من خلال إسهامات عدد من شيوخ السلفية في المغرب، مثل أبي شعيب الدكالي الذي تصدر للتدريس ونشر الدعوة السلفية في المراكز الحضرية بعد عودته من المشرق. كما نشير إلى جهود - شيخ الإسلام - محمد بن العربي العلوي، خاصة ما يتعلق بإذكاء روح الحماس لدى قادة الحركة الوطنية... لقد ظهرت السلفية يومذاك باعتبارها حركة تتجاوز الإطار العقدي الضيق الذي لازمها في البداية، لتتحول إلى حركة اجتماعية سياسية هادفة إلى الإصلاح الديني، واضعة في اعتبارها المتغيرات الحاصلة في بداية القرن، ومتطلبات الحاضر. لأن المستعمر كان يستهدف الهوية الوطنية، من خلال »حركة التنصير« التي كانت قاعدة للإعلان عن »الظهير البربري« الذي كان يستهدف بدوره عروبة المغرب و وحدته الوطنية. فكان رد الفعل الوطني هو التمسك بهذه المقومات الثلاثة، والدفاع عنها بوصفها مقومات لا يمكن الفصل بينها. تتميز هذه المرحلة بهيمنة النزعة الوثوقية المفعمة بكل أشكال الإطلاق واليقين، وكذا أحكام القيمة القائمة على سلطة الخطإ والصواب...
مرحلة إرهاصات التحول والمراجعة، مرحلة التردد والانتكاسة
هذه المرحلة تميزت على مستوى الإصلاحات بالتردد في الاختيار. وقد حاولت الحكومة الرابعة التي ترأسها عام 1958 عبد الله إبراهيم العمل على إحداث تغيير في البنيات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية من خلال المخطط الخماسي الأول (1958- 1963)، الذي كان يهدف إلى تحقيق إصلاح زراعي من خلال إعادة توزيع الأراضي في البادية، والعمل على تطوير الصناعة المغربية. إلا أن السقوط المبكر لهذه الحكومة في ماي 1960 حال دون تطبيق البرنامج المذكور.غير أن المخططات التي تعاقبت على المغرب بعد ذلك، وضعت بتوجيه وإشراف من الدوائر الرأسمالية ك » البنك العالمي للإنماء والتعمير« حيث استمرت تستمد المضامين الاستغلالية من واقع النموذج الاستعماري والذي كرسته دولة الاستقلال بعد الانقلاب على حكومة الاتحاد الوطني بما أسمته »المغربة« كونه يعبر عن طموحات الحكم في توسيع الهرم المخزني بفئة حديثة النعمة فئة الولاءات التي سيتم الاستقواء بها... مستفيدة من العطاءات والمنات حيث ستهيمن اقتصادياً وسياسياً، وستجمع بين »السلطة والثروة«.
لقد كان للظروف الاقتصادية تأثير مباشر في البنية الاجتماعية، إذ تشير بعض الدراسات إلى ظهور بوادر الأزمة الاجتماعية منذ سنة 1960، واحتدادها مع بداية سنة 1965، وهي أزمة ذات أبعاد مختلفة: البطالة، مشاكل الهجرة، الصحة، السكن والتغذية، التعليم، إلخ، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار كون القطاعات الاقتصادية التقليدية (التي تشمل الزراعة والصناعات التقليدية والتجارة...) لم تكن تساهم إلا بثلث الإنتاج الإجمالي للبلاد، مع أنه يشغل 80 % من اليد العاملة. وقد نجمت عن هذا الوضع ردود فعل كثيرة تمثلت في مختلف أشكال الاحتجاج الاجتماعي، منها الاضطرابات التي اندلعت في عدة مدن مغربية خلال شهر مارس 1965، وكذا الإضرابات العمالية المتوالية والاحتجاجات الطلابية في الجامعات والمعاهد العليا والثانويات، بالإضافة إلى المحاولتين العسكريتين اللتين استهدفتا قلب نظام الحكم.
على المستوى السياسي، كان للحركات اليسارية حضور قوي في هذا السياق العام. ويمكن الإشارة هنا إلى سنة 1959 باعتبارها السنة التي شهدت أول ظهور رسمي ومنظم لهذه الحركة، من خلال تأسيس حزب »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، بعد صراعات قوية داخل حزب الاستقلال الذي كان يمثل يومذاك الهيئة الوطنية الرئيسة في البلاد. وقد قاد هذا الانفصال كلٌّ من المهدي بن بركة وعبد الله إبراهيم، اللذين قاما بمجهود كبير في تأطير وتوجيه هذه الحركة اليسارية الناشئة:
الأول: الشهيد المهدي، من خلال حضوره التوجيهي وقدراته السجالية وديناميكيته التنظيمية وكتاباته التنظيرية، خاصة كتاب "الاختيار الثوري" الصادر سنة 1962، والذي وإن استبعده المؤتمر الثاني للحزب 1962 بقي الوثيقة الرئيسة التي تحدد هوية الاتحاد الإيديولوجية.
وثانيا المرحوم عبد الله إبراهيم الذي استطاع أن يحافظ على توافق مستحيل بين الحضور السلفي والحضور الليبرالي والاشتراكي وبين الجناح النقابي والجناح الحزبي، بخلق اهتمامات ومشاغل جديدة من خلال ما قدمه من برامج تهدف إلى إحداث تغيير في البنيات الاقتصادية والاجتماعية لصالح الأغلبية من الجماهير الشعبية.
هذه المرحلة ستكون بحق مرحلة انتقالية في الثقافة المغربية سينتقل خلالها المثقف المغربي إلى تنويع مصادره الثقافية، من خلال انفتاحه على الغرب والتواصل المباشر معه، مع استمرار النزوع العربي القومي قويا وثابتاً في الوجدان المغربي. ووسط نخبه السياسية التي استمرت في تواصلها مع الشرق وبخاصة مصر الناصرية والشام سوريا ولبنان والحركة الفلسطينية وبلاد مابين النهرين العراق – ولم يكن هذا الانتقال قطيعة مع الجذور على حد تعبير بول شاول -: »ما ينفع المغربي إذا ربح أوربا والعالم كله... وخسر جذوره المشرقية« ومع ذلك فإن هذا الانفتاح جلب معه بعض المتغيرات أسهم فيها كذلك الحضور المشرقي من خلال عملية »الوساطة« في تقريب المادة المعرفية والنقدية الغربية، عبر الترجمة، حيث بدأ الفكر المغربي ينهل من مرجعيات نظرية عقلانية ومنطقية العديد من القيم والمعارف والمنهجيات وما حفلت به من تقنيات تحليلية تفكيكية وتركيبية... وهي مرحلة ستتميز بالانطباعية والبحث في التراث وإقامة مقاربات بين الفكر الغربي والفكر العربي... وكانت هذه المرحلة ضرورية في الصيرورة الثقافية... كمرحلة ضرورية لبناء الذات لو استكملت نموها الطبيعي ولم يتم إجهاضها بفعل الصراع السياسي والقمع الذي سينطلق من بداية الستينيات تصاعديا ليبلغ أقصى درجة الهمجية في سبعينيات القرن الفائت...
مرحلة اشتداد القمع مرحلة فشل الاصطلاحات وبداية البحث عن مخرج مرحلة الخطاب الإيديولوجي
وفي سنة 1975، سيعرف »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية« تصدعاً داخلياً أدى إلى ظهور حزب »الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية«، وسيعلن هذا الحزب في مؤتمره الاستثنائي ومن خلال التقرير الإيديولوجي عن تبنيه للاشتراكية العلمية »منهجية لتحليل المجتمع وتناقضاته وتغيراته لا كفلسفة ومحاولة لتفسير الكون، ولا كمجموعة من النصوص التي تسرد حسب الظروف وتفسر كأنها نصوص من الفقه والقانون«.
وعلى مستوى »الرؤية الثقافية« للحزب، يعلن التقرير أن الهدف هو »خلق ثقافة وطنية تقدمية وشعبية«، وذلك من خلال العمل على بعث »الجوانب المشرقة في تراثنا الأصيل المتعددة منازعه، المتنوعة أشكاله«.
ويتأكد استمرار الحضور السلفي في الواقع الحزبي من خلال العديد من التعابير التوفيقية التي تقدم من جهة تطمينا ومن جهة أخرى تعلن مطلبا نقديا ورؤية تساؤلية؟ من خلال الصيغ التالية: »الجوانب المشرقة في تراثنا الأصيل المتعددة منازعه، المتنوعة أشكاله« والقول بل والتنظير ل »خصوصية المجتمع المغربي«
ولقد تبادلت التأثير عوامل شتى في هذه المرحلة المتميزة بتغيرات سوسيولوجية عميقة ستهيمن على الثقافة والفكر في المغرب إلى جانب الحصيلة السلفية موروث الماضي، الاتجاهات العقائدية والإيديولوجية الكبرى، المتمثلة أساسا في الماركسية والوجودية، والبنوية بكل ما تحمله من مناهج وتصورات ونخص بالذكر المنهاج المادي الجدلي والمادي التاريخي وما يحملانه من قيم الصراع والثورة وقيم التغيير والتمرد. وكان نموذج المثقف المهيمن في هذه المرحلة هو »المثقف العضوي«. لكن بفعل عوامل ومؤثرات سوسيوثقافية متمثلة في معطيات لا واعية يمكن توصيفها بكونها )سلفية وقبلية وحتى طائفية... (من مظاهرها: التشنج عند المغايرة، ورفض الآخر المختلف، ورفض الحوار والممانعة وتعطيل آلية الإصغاء والاستماع ... سيأخذ هذا )الخطاب – السلوك( »الخطاب الإيديولوجي« في الانتشار في الأوساط الشبيبية والطلابية حيث سيحيد عن جدليته وعلميته وسيجد ضالته في النموذج الفكري الستاليني الدغماتيقي القوي في رفضه والذي تطغى عليه الحماسة الإيديولوجية، القائمة على التقديس والمقايسة الصورية والنسخ المباشر لمحتوى النص بغض النظر عن واقعه، مع تغليب آليات القراءة الإيديولوجية الإسقاطية. وإن كانت هناك اجتهادات لبعض المنظرين حاولت أن تتجاوز هذه المعيقات والمتطبات بالدعوة إلى التحليل الملموس للواقع الملموس والتي دشنها )الشهيد عمر بنجلون( إلا أن هذا المسار الفكري لم يصبح نهجا ثقافيا عاما ولا طريقة للممارسة الحزبية بل بقي الكثير من الشباب والحزبيين رهينة للخطاب الإيديولوجي وأحكامه. وما يترتب عنها من رفض وتقديس للذات وتعالي عن الآخرين، الأمر الذي سيد الشكليات وقدس المحفوظات وأنتج العمى الفكري والسياسي، وقد نتج عن هذا التوجه السوسيوثقافي كائنات ببعد واحد اهتمت بتجليات وظواهر التخلف والأزمة ولم تستطع أن تدرك حقيقة الواقع والعوامل الفاعلة فيه وكيفية تغييره... وكردة فعل حصل توجه جهة الغرب لفئات اجتماعية ذات انتماءات بورجوازية حيث لعب عامل المثاقفة مع الغرب دور كبير في هذا التحول، من خلال الاتصال المباشر التي ستقيمه تلك الفئات من المثقفين المرتبطة بفرنسا وكذا باقي المستغربين والذين كانوا يبدون وكأنهم مشدودين أكثر إلى قيم الليبرالية والعلم والتقنية والاختبارية، مع نزوع واضح إلى المناهج الظاهراتية والبنيوية والتركيبية ومع سيادة ميول انتهازية وبرغماتية وما شابه... ورغم أن الاعتقاد الذي كان سائدا يراهن على هؤلاء لأجل بلورة توجه ثقافي ديمقراطي نضالي يمكن التلاقي معه في أكثر من مفصل ومحطة؟؟ شكلوا قوة احتياط تقنوقراطية تنظم الاستغلال ومستفيدة من الهبات والعطاءات...
وشكلت هذه المقدمات أسسا سوسيوسياسية وسوسيوثقافية مهدت لظهور حركة يسارية جذرية في المغرب لكن بتنويعات عدة من الماركسية- اللينينية مرورا بالماوية إلى التروتسكية... ، وقد لا يتسع المجال هنا لتقديم رصد بامتداداتها وتوالداتها المختلفة، وما آلت إليه بفعل التحولات لكنها تبقى قوة منتمية إلى الأسرة اليسارية ولكن بعضها ذات ميول عدمية ومنغلقة ومتياسرة، وهناك قوى من أصول يسارية مع كثير من الإلتباس المعرفي عند التحديد، لكن أصبحت أطرها التنظيمية محكومة بقيادة يمينية تدعي أن مرجعيتها مستمدة من الاشتراكية ؟؟... ومع ذلك ينبغي أن نميز ضمن هذا المسار عند نسج أي علاقة تحالفية الحركات المناضلة، وبخاصة ما يكمن من إمكانيات كفاحية في شبيبتها إذا وجدت المحاور المقنع، مع التأكيد على أنه مهما اختلفنا حول مكونات اليسار وأجنحته فقد شكلت شبيبة أحزابها وتياراتها الشبيبية منذ بداية السبعينيّات العمود الفقري والمؤطر الأساس للتنظيمات التلاميذية والطلابية والشبيبية والتي ستنفرز منها بعض النخب المثقفة والفئات العمالية أو المستخدمة التي انتظمت في الأحزاب اليسارية وبالمركزيات النقابية، والتي وجدت في النظرية الماركسية معيناً على فهم الواقع وتحليله، والمطالبة بتغييره. وقد تطور توجه محدد ( ) يمكن إبرازه فيما يمكن أن نطلق عليه الخطاب الثقافي النقدي الإيديولوجي، يتمثل فيما عرف من تطور نسبي للصحافة الفكرية والأدبية، خاصة في شكل ملاحق ثقافية مثل "المحور الثقافي" و"العلم الثقافي" وكذا تقاليد الحوار الفكري الرصين التي لم تتجاوز بدايات التأسيس... الأمر الذي أدى إلى بروز نوع من الصراع بين الخيارات الفكرية والعقائدية المختلفة، ودفع النظام إلى إدراج الثقافة ضمن الهاجس الأمني واستن سياسة قمعية على قاعدة اجتثاث الفكر الاشتراكي العلمي وإحلال الثقافة الرجعية جهازا قمعيا وتضليليا استمر يلعب أدواره البشعة من خلال المؤسسات التي اختلقها النظام لتقوية أداء هذه الثقافة الإسلاموية وتمتينها وتم الإجهاز عن الفلسفة وعلم الاجتماع بل وكل المناهج العلمية ومحاصرة الفكر التقدمي وفرض الرقابة على كتب العلوم الاجتماعية والأدبية والفلسفية... وهكذا تم إجهاض التحولات الثقافية التقدمية وتقاليد البحث والنقد والحوار ولم يسمح لها بالتجدر لتشكل قاعدة قيمية اجتماعية فانهارت إذ لم يكتمل نضجها كثيراً... فتحول النقاش والمساجلات إلى شكل من المهاترات والمزايدات حتى في أوساط اليسار حيث أخذ ببعض الدعاة يتحدثون عن كيفية إدراج هذا التراث ضمن المنظومة الفكرية لليسار ووصل هذا النقاش إلى مستويات مربكة ومحيرة للمناضلين الشباب فاتحة أبواب التضليل على مصرعيها وجاعلة الطريق سالكة إلى انتصار اليمين والفكر الظلامي والسقوط في هوة التيهان تمهيدا لما سيعرفه الواقع من ترد وشعبوية...، بل يمكن أن يقال أنها شكلت وتشكل دعامة معززة لنتائج الكبح والفرملة الذي عرفه الدينامية الاجتماعية والمتعدد الأبعاد تربويا ثقافيا وسياسيا وتنمويا... وكنتيجة موضوعية لهذا التردي الثقافي والفكري الملازم للانتكاسات وفي تفشي الاختلالات النظررية واضطراب الرؤية الفكرية وفقدان شروط الوضوح النظري ستعرف فئة من اليسار وأفراد منه أولئك الذين لم يكونوا ينطقون إلا رفضا،- والذين كانت برامج الأحزاب بالنسبة لهم إما إصلاحية أو تحريفية - مسخا جعلهم يتحولون أداة في خدمة النظام المخزني. ناهيك عن الفئات التي )تيامنت( نتيجة فشل مشاريعها البلنكية الانقلابية والتي سقطت سقوطا مريعا في أحضان النظام...
تأثير التحولات العالمية - وعوامل وتزامن ذلك مع التحولات الجارفة التي ستحدث بفعل سقوط التجربة السوفياتية حيث تراجعت قوى اليسار ليتراجع ما بقي من الخطاب الإيديولوجي والخطاب النقدي الإيديولوجي، وبدأ "خطاب التجريب". إذ سيصبح المثقف المغربي التقدمي منذ أواسط التسعينيات حائرا.
ورغم المقاومة التي أبدتها حركة اليسار أخضعت البلاد لاختيارات سياسية استغلالية وقهرية أخذت في النمو منذ انقلاب الستينيات والتي استمرت في التصاعد عبر سنوات السبعينيات والثمانينيات وصولا إلى تسعينيات القرن الفائت ليبدأ مسار العزلة النسبية عن حركة التحرير العرببة، وعن الثقافة والصراع الثقافي ويبدأ وإلى الآن جني الثمار المرة والفارغة لنهج كبح الدينامية الاجتماعية – الثقافية الأمر الذي أدى إلى ركود في الحياة الثقافية، خاصة مع تعرض المثقفين لشتى أنواع المضايقات، والتي تمثلت أساساً في توقف كثير من المجلات والمنابر الثقافية التي كان لها دور أساسيّ في توجيه الحركة الثقافية ليس في المغرب فقط بل وفي العالم العربي.
وبطبيعة الحال فقد فعلت التغيرات التي عاشها العالم وتعيشها الشعوب العربية نتيجة الاختلالات التي تستفحل بيوما بعد يوم في كل البلدان التي تعرف التدخلات والحروب بعل الهجومات والتدخلات العسكرية نتيجة السيطرة الإمبريالية كقطبية واحدة ووصول الرأسمالية إلى كونها أعتى قوة مهيمنة وأمام ضعف وتراجع اليسار عنت إلى السطح قوى تدعو إلى الرجوع إلى الماضي إلى ما تسميه المنبع الصافي إلى التراث إلى حلم دولة الخلافة وجعلت منها محفزات للمقاومة لاستقطاب الشباب والرأي العام على قاعدة الاستعدادات العامة التي تنشرها المدرسة والتنشئة الوالدية والاجتماعية والوسائط الإعلامية كل ذلك يبني مرتكزات لشخصية محمومة في هويتها وانتمائها مشكلة بديلا دنيويا وأخرويا للحياة الفانية ولمشاعر الإنهزام المتراكمة وعلى اكثر من صعيد وسقوط العديد من المشاريع المجتمعية من الدولة القومية الوحدوية إلى الدولة الاشتراكية إلى الدولة الديمقراطية ... مبرزة أن ما قامت به من عمليات إرهابية هي مؤشرات على طريق الانتصار، لتحقيق مشروع دولة الخلافة على ربوع هذه الأرض مع تصفية وإنهاء كل من سيقاوم هذا المشروع... وهكذا يصبح هذا الخطاب الواهم والعنيف يدغدغ عواطف السيكوباتيين والفصامييين ... وفي نفس الآن تتسابق تنظيمات سياسية مدنية لأجل الاستيلاء على محتوى ومضمون هذا الخطاب الإسلاموي وكل هؤلاء مبهورين من التفاف الكثير من المواطنين ومن كل الفئات العمرية كهولا وشبابا ومراهقين حوله والحقيقة أن ذلك مرده للتنشئة الاجتماعية وللمشاعر المسابقة ولمرحلة الجزر التي نعيشها وهذا ما جعل النظام بدوره يتبنى الأصالة والمعاصرة كإيديولجيا
مرحلة المعاودة والتراجعات مرحلة التسابق على الحقل الديني
الاستخدام الإيديولوجي الأصالة والمعاصرة أو التقليد والحداثة:
وتعرف المرحلة الراهنة بدءا من مرحلة سقوط وهم التناوب... واحتلال الأحزاب والحركات الإسلاموية مواقع في الأوساط الشعبية، وفي الساحة السياسية كتعبير عن شعور بالهزائم وتقهقر في الزمن نحو سنوات غابرة ممجدة جعلت الحنين قويا للماضي على اعتبار أنه المنقذ وهكذا بدا البعض دعوته الدينية مكفرا من ليس معه متحكما في الهيئة وفي الوجدان، وعمل البعض الآخر على إيهام الناس بأن الإسلام هو الحل وأنه لا خلاف حول الديمقراطية )الشورى (... والكلل مجمع على أن الأصالة والمعاصرة وجهان لعملة واحدة...
ومهما حاول هؤلاء المتنافسون من أحزاب إسلامية وحزب المخزن الجديد القديم أن يقدموا إمكانية التوليف تلك فالعلاقات التي يريدون إقامتها في إطار هذين النسقين من التقليد والحداثة أو التراث والمعاصرة ففإن تلك العلاقة تبقى متعاكسة تماما بل ومتناقضة وتتنافى مكوناتها بل وتتصادم في تناقض حاد مخرجاتها ونتائجها تتجسد في الكثير من المعضلات منها انتفاء العقل والنقد واختلال الرؤية للعالم واختزالها عندما تكون في وضعية أن تعتقد أو تؤمن بمجموعة من الأفكار إيمان التسليم دون حجة أو برهان وأن تتخلى عن حقائق علمية مؤكدة...أو عندما تكون في وضعية الخائف المستسلم والذي لا خيار له إلا التقبل والتواكل والاستسلام للأحكام والخضوع للمسيطر والمهيمن من الأفكار والتصورات والقيم... وصولا إلى الزهد في الحياة واعتبارها بلا قيمة... بل هناك مستويات من المذهبة والتأثير التي تصيب الجماعة بنوع من الفصام الاجتماعي...
كما تعطي المسيطر الإمكانيات ليتمادى في الاستيلاء والاستحواذ على السلطة والثروة باعتباره وحده يعرف التوفيق بين التقليد والحداثة ويعرف كيف يشرعن للأصالة مادامت تخدم أهدافه في السيطرة والهيمنة وتصبح الحداثة مجرد مظاهر وإسراف في الاستهلاك واستخدام لما تنتجه وتتوصل إليه المعارف الإنسانية في شتى المجلات علوم وتكنولوجية ومعلوميات... واستخدام آخر هذه المنتجات كآليات للاستحكام والتسييج سواء تعلق الأمر بوسائل الرفاه... أو بوسائل المذهبة والتحكم من إعلام وتكنولوجية المعلوميات أو وسائل القمع والسيطرة ...
وفي غياب تحولات عميقة معرفية وثقافية مستندة إلى العلم، وغياب مراجعة عميقة وجريئة للمثن الديني، وغياب مدرسة علمانية محايدة فإن مذهبة الأطفال والمراهقين والشباب وتشريبهم سيبقي الفكر الإسلاموية المرجعية الوحيدة التي يتم استدخالها كأحد العناصر الأساسية للهوية " ومما جاء في دراسة للتوجهات المستقبلية للتدين بالمغرب 2009/ 2010، أن " مستوى التدين سيعرف استقرارا، وستعرف النزعة الاستهلاكية تزايدا وسينتشر بين الفئات الوسطى المزيد من مستويات اللامبالاة، وستتزايد الدروشة لدى الفئات الفقيرة والمحرومة التي تنتظر المخلص... وبالنسبة لهذه الفئة سيعرف الجانب التعبدي صعودا ويعرف الجانب السلوكي المرتبط بالأخلاق تراجعا، مما يعكس توترا ما بين البعد الأخلاقي والبعد التعبدي لديهم... كما أن التطرف بمختلف مظاهره المعبرة عن هوية محمومة ومغايرة ورافضة للآخر سيسود بين عناصر منظمة أو متحزبة إسلامويا... وتشكل الفئات المتخرجة من التعليم ببرنامجه الحالي خزانا لكل احتمالات التطرف... ويلاحظ أن المجتمع يتدحرج جهة مواقع التخلف باضطراد
ووفي ظروف نهضة اليسار قد يتفاقم التناقض والصراع على قضايا الهوية والقيم في الحياة العامة بالمغرب ما بين التيار المدافع عن المرجعية الإسلاموية والتيار العلماني الذي ينبغي أن يبرز ويتموقع في الأوساط الجماهيرية، علما أنه في الوقت الحالي يلاحظ للأسف الشديد أن الفكر الإسلاموي أصبح يغزو مواقع اليسار التي كنا نعتقد أنها حصينة وذلك راجع للفقر المعرفي الذي أصبح يتفشى بين المناضلين من جهة ونتيجة بعض الحذلقات التي لا علاقة لها لا بالاشتراكية ولا حتى بالفكر الليبرالي المتنور...والتي تستغل هذا الفراغ المعرفي مستندةً إلى تصورات أوهامية ومختلة منهجيا ومنهزمة وتبريرية وعلى كل المستويات.
ملاحظة
مساهمة الأستاذ المحجوب حبيبي عضو الكتابة الوطنية للحزب في الملتقى الوطني التحضيري للشبيبة الطليعية بمركب البشير بالمحمدية،
اليوم الثاني بجانب الأستاذ نور الدين الزاهي:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.